مجلة ليبية متخصصة في الشؤون الدفاعية

ماليزيا | الإستحواذ على طائرات هليكوبتر متوسطة متعددة المهام من طراز ليوناردو AW149 من إيطاليا.

ماليزيا | الإستحواذ على طائرات هليكوبتر متوسطة متعددة المهام من طراز ليوناردو AW149 من إيطاليا.

أعلنت الحكومة الماليزية عن مبادرة كبرى لاستئجار 28 طائرة هليكوبتر متوسطة من طراز AW149 بموجب عقد مع إيطاليا، ممثلة في ليوناردو، بقيمة 3.4 مليار دولار على مدى 15 عامًا. أعلن…

للمزيد

كوريا الجنوبية | شركة هانوا أيروسبيس تعتزم إنتاج المزيد من قاذفات الصواريخ المتعددة من طرازK-239 Chunmoo للجيش الكوري الجنوبي.

كوريا الجنوبية | شركة هانوا أيروسبيس تعتزم إنتاج المزيد من قاذفات الصواريخ المتعددة من طرازK-239 Chunmoo للجيش الكوري الجنوبي.

وفقًا لما أوردته DealSite في 15 نوفمبر 2024، وقعت شركة هانوا أيروسبيس الكورية الجنوبية عقدًا بقيمة 342.3 مليار وون (حوالي 244.852.412,47 دولارًا أمريكيًا) مع إدارة برنامج المشتريات الدفاعية (DAPA) للمرحلة…

للمزيد

رومانيا | التخطيط للإستحواذ على أكثر من 40 مركبة هجومية برمائية من طراز AAV-7A1 أمريكية الصنع.

رومانيا | التخطيط للإستحواذ على أكثر من 40 مركبة هجومية برمائية من طراز AAV-7A1 أمريكية الصنع.

تتقدم القوات المسلحة الرومانية في خططها للحصول على مركبات هجومية برمائية إضافية من طراز AAV-7A1 من الولايات المتحدة. يأتي هذا في أعقاب إعلان وزارة الخارجية الأمريكية في يوليو 2023، والذي…

للمزيد

ألمانيا | التعهد بتسليم 4000 قطعة من ذخيرة متسكعة نوع HX-2 Karma إلى أوكرانيا.

ألمانيا | التعهد بتسليم 4000 قطعة من ذخيرة متسكعة نوع HX-2 Karma إلى أوكرانيا.

أعلنت ألمانيا رسميًا عن تعهدها بتسليم 4000 ذخيرة متسكعة لأوكرانيا، مما يمثل خطوة مهمة في تعزيز قدرات كييف الدفاعية. أكد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس لصحيفة بيلد في 18 نوفمبر…

للمزيد

عندما نكتب عن تاريخنا الحربي تاريخ جهاد الليبيين فإننا نستلهم العبر من الماضي لنربطه بحاضر أمة دفعت الكثير من التضحيات في سبيل حريتها ودفاعاً عن أرضها ولا نسوقه لمجرد الحديث عن الماضي والذكرى فحاضرنا إمتداد لماضينا والتذكير به واجب وطني ليبقى رصيد كفاحنا المسلح

ضد عدونا دافعاً للحفاظ على وحدتنا الوطنية ووحدة أرضنا , برزت خلال مرحلة الجهاد الليبي ضد المستعمر الإيطالي بعض المعارك المفصلية كصفحات مشرفة في التاريخ الوطني الحربي ومن بينها "معركة جندوبة" الملحمة الوطنية التاريخية التي بذل فيها الليبيون أرواحهم رخيصة لأجل دينهم ووطنهم ووحدة أراضيهم في 23.3.1913 والتي أمتزجت فيها دماء أبناء الغرب والجنوب الغربي الليبي من كل المناطق والقبائل فداءاً لأجل الوطن.
إختلفت تسمية المعركة عند الرواة فالكثير منهم يطلق عليها إسم معركة الأصابعة لكنها عرفت في أغلب المصادر التاريخية بإسم جندوبة وكذلك سماها الإيطاليون ومهما يكن من أمر التسميات فإن جندوبة هو الإسم الأشهر لهذه المعركة التاريخية الفاصلة التي رفض فيها الليبيين الأحرار المهادنة والإستسلام للمستعمر وفضلوا المواجهة المسلحة التي نذكرها عنها اليوم بشرف وإعتزاز لنستذكر أحداث حقبة تاريخية أليمة ولكنها مشرفة سطر فيها أبناء ليبيا تاريخهم المشرف .

بعد خروج تركيا من البلاد الليبية وتخليها عنها للمستعمر الإيطالي وفقاً لمعاهدة أوشي 1912م الموقعة بين تركيا وإيطاليا والتي بمقتضاها سلمت تركيا طرابلس وبرقة الى ايطاليا وسحبت قواتها التي كانت مع المجاهدين وبناءاً على المعطيات الجديدة تقدمت حكومة الولاية بطلب للحكومة المركزية في إيطاليا طالبة الإذن بإستخدام القوة ضد تجمعات مقاتلي حركة المقاومة الليبية التي تحتشد في منطقة جندوبة حتى يتم كسر شوكتهم والقضاء عليهم وصدر الأمر فعلياً بتاريخ الواحد والعشرين من شهر مارس 1913م وخلال هذه الأثناء كانت القوات الإيطالية قد أكملت تجهيزاتها للتوجه نحو أماكن تجمع قوات المجاهدين والبدء في عملية عسكرية واسعة للقضاء على المقاومة الليبية والإنتقال تنفيذ مرحلة أخرى ضمن مراحل خطة إستعمار ليبيا.

أعلنت قيادة المجاهدين حالة النفير والتعبئة العامة وإستنفرت مقاتلي القبائل الليبية الذين توافدوا على المنطقة من الجبل والمنطقة الغربية والجنوب الغربي لليبيا وأختيرت المنطقة الممتدة من بير مداكم شمالاً مروراً بالرابطة ثم جندوبة التي تقع أعلى الجبل كمنطقة تحشد لقوات المجاهدين ويمكن القول بأن المنطقة محصنة طبيعياً وتصلح تعبوياً لتكون منطقة تحشد خاصة وأن قوات المجاهدين أستنفرت مقاتليها من أماكن متفرقة للمشاركة في القتال والجهاد في سبيل الله والوطن.

كان مقر حكومة المجاهدين عقب سقوط طرابلس في يفرن وكانت جندوبة بمثابة خط الدفاع الأهم في المنطقة ولذلك كثف المجاهدين من تواجدهم بها تحسباً لأي هجوم تقوم به القوات الإيطالية بإتجاه الغرب لأنه في حالة حدوث أي إختراق فإنه من الممكن أن تسقط يفرن بين فكي كماشة القوات الإيطالية المتواجدة بالساحل والعزيزية والمتمركزة بمنطقة الجبل وكان ذلك بالفعل هو ما حدث بعد إنتهاء العمليات القتالية في المنطقة.

ولذلك تنبهت القوات الإيطالية لأهمية الموقع الإستراتيجية وبادرت بالتقدم نحو لإحتلاله وحرمان قوات المجاهدين من السيطرة عليه وإستغلاله لأن السيطرة على هذا الموقع تفتح باب السيطرة الكاملة على منطقة جبل نفوسه وبالتالي سقوط كامل المنطقة الغربية وما يليها لاحقاً بيد الإيطاليين.

كانت قيادة قوات المجاهدين تتوقع أن يكون الهجوم الإيطالي بشكل كامل على طول خط المواجهة أي من منطقة الحوض غرباً إلى الأصابعة في الجنوب الشرقي مروراً بمنطقة بئر الغنم وبئر مداكم والرابطة أي علي مسافة تقدر بثلاثمائة كيلومتر وكان هذا الإستنتاج والتوقع خاطئاً فليس هناك جيش يستطيع خلق جبهة مواجهة بهذا الإتساع تختلف في تضاريسها وهيئتها وتحتاج لعمليات لوجستية كبيرة لم يكن الإيطاليون مستعدون للقيام بها في ظل وجود الكثير من التهديدات .

وصف الأرض وهيئتها :تتميز منطقة الحوض الواقعة إلى الغرب من سهل الجفارة بتضاريسها المختلفة بشكل عام فهي عبارة عن سهول تتخللها بعض الأحراش والهضاب وخاصة غربي بئر الغنم حيث تمتد من الشمال الغربي حتى الجنوب الشرقي وتسمى المنشار وكذلك منطقة بئر مداكم التي لا تختلف في تضاريسها كثيراً عن منطقة الحوض أما الرابطة الواقعة عند قدم الجبل فتنقسم إلى قريتين شرقية وغربية وبها غابات نخيل حول عين تاقنيت وإلى الشرق والجنوب منها مرتفعات جبل نفوسه حيث منطروس الأسود أما الأصابعة فهي تتموضع أعلى الجبل وأرضها منبسطة تتخللها بعض القمم  مثل الهنشير الطويل وهنشير المرعاش.

خططت القيادة الإيطالية فعلياً للمواجهة مع قوات المجاهدين على أحد محاور الجبهة الرئيسية وهو محور بئر مداكم وجندوبة وفي الوقت ذاته تقوم بشن عمليات إغارة مفاجئة تتخللها أعمال المناورة وتحريك بعض وحداتها نحو المواقع الأخرى على طول الجبهة مع توجيه ضربات لمفارز المجاهدين على المحاور الأخرى أثناء الهجوم لعزلها عن أية عمليات للإسناد وقطع الإمدادات عنها وحرمانها من الدعم اللوجستي المقدم لها من قوات المجاهدين المتمركزة في المناطق القريبة.

توزيع قوات المجاهدين : كان توزيع قوات المجاهدين حسب ذكر أحد الضباط الليبيين أنها كانت موزعة على المحاور الآتية :

1) المحور الأول وهو محور هنشير أبوزيد وكان عدد المقاتلين المتمركزين به عدد ألفان 2000 مقاتل مسلح بقيادة الشيخ أحمد السني والشيخ خليفة بن عسكر.

2) المحور الثاني وهو محور متمركز في منطقة الحوض ويبلغ تعداد المقاتلين فيه ثلاثة آلآف 3.000 مقاتل مسلح بقيادة كلاً من الشيخ سليمان بن ساسي والشيخ محمد الوحيشي والشيخ عريبي قرادة والشيخ محمد بيري والشيخ محمد بن سعيد وصالح أفندي الخضراوي.

3) المحور الثالث وهو محور قبرزايد وبير مداكم ويبلغ تعداد المقاتلين فيه ألفان 2.000 مقاتل مسلح بقيادة الشيخ محمد بن عامر المقرحي والشيخ محمد بن الحاج حسن والشيخ محمد الويفاتي.

4) وحدة الخيالة وتضم عدد مائتين وخمسون 250 فارس مقاتل بقيادة الشيخ محمد بن عمر البوسيفي وهذه القوة تتميز بسرعة التحرك والإنقضاض عند الحاجة.

5) القوة المرابطة عند منطقة بئر الغنم ويبلغ تعدادها ألف وخمسمائة 1.500 مقاتل مسلح بقيادة الشيخ سوف المحمودي.

6) القوة الإحتياطية ويبلغ قوامها عدد ألف 1.000 مقاتل تحت قيادة الشيخ أحمد الشرع وهي قوة مخصصة للدفع بها نحو أي من المحاور الأخرى عند الطلب.

7) قوات الدفاع المحلي المرابطة بمنطقة الرابطة الشرقية ومنطروس وقوامها عدد ألف 1.000 مقاتل مسلح بقيادة الشيخ سليمان الباروني.

وبذلك بلغ مجموع قوات المجاهدين على مختلف المحاور أحد عشر ألف وسبعمائة وخمسون 11.750 مقاتل مسلح مابين فارس وراجل على طول خط المواجهة البالغ طوله حوالي ثلاثمائة كيلو متر وأغلب هذه القوات لم تكن مدربة بل كانت من الرجال والشباب القادرون على حمل السلاح والمشاركة في القتال من مختلف القبائل والبلاد الليبية الواقعة في الغرب والجنوب الغربي وهي بذلك تعطينا صورة واضحة عن الشعور والحس الوطني لأولئك الرجال الأفذاذ تلبية نداء الواجب خاصة بعدما أنسحبت تركيا من المشهد الليبي تاركة الليبيين لمواجهة مصيرهم مع عدو طالما حلم أن ينقل المعركة في الأرض الليبية لأبعد من مدى مدافع أسطوله.

تولى قيادة هذه القوات كبار رجالات الحركة الوطنية في ذلك الوقت الذين قادوا المرحلة وما تطلبه ذلك من تضحيات إلى جانب ضباط أتراك وليبيين .

وفي مواجهة قوات المجاهدين حشدت القوات الإيطالية حوالي 40.000 ألف أربعون ألف مقاتل معززين بالكثير من رجال الباندات المحلية وكان تشكيل القوات الإيطالية كالآتي :

1) القوة الرئيسية ومقر قيادتها غريان وكانت مهمتها التقدم ومواجهة قوة المجاهدين والتمركز في منطقة جندوبة.

2) قوة العزيزية وكان واجبها التقدم نحو منطقة بير زايد وبير مداكم ومنطروس الأسود والرابطة الغربية ومحاولة عزل تقدم قوة المجاهدين نحو جندوبة .

3) قوة الزاوية وكان واجبها التقدم نحو منطقة بئر الغنم.

4) القوة الإحتياطية وتتكون من القوات الإيطالية المتمركزة في كلاً من زوارة والعجيلات وكان واجبها التقدم عند الحاجة إليها عبر منطقة الحوض والوطية وتقديم الدعم والإسناد للقوات المتقدمة عبر مناطق وقرى جبل نفوسه.

ســير المعركة :

كانت خطة القيادة الإيطالية تقضي بتوجيه قوة من تبودات نحو وادي جندوبة في اتجاه الأصابعة أما القوة الثانية فتتحرك من العزيزية في محاولة لتطويق مواقع المجاهدين في منطروس والرابطة الغربية وذلك بهدف السيطرة على الجبل تمهيداً للتوغل في دواخل طرابلس وبناءاً على ذلك إكملت القوات ترتيباتها وإستعداداتها اللوجستية للدخول في المعركة والمواجهة مع قوات المجاهدين .

بدأ المعركة وفق الخطة المعدة عند الفجر على مراحل حيث بدأت المرحلة الأولى بمشاغلة قوات المجاهدين لتشتيتها عن الهدف المحدد للقوة الإيطالية والبدء بتنفيذ ضربات التمهيد المدفعي على الحد الأمامي لقوات المجاهدين عند الرابطة وجندوبة وكان القصف المدفعي قوياً ومتواصلاً بغية تشتيت القوة وإضعاف روحهم المعنوية.

وعند حوالي الساعة السادسة صباحاً تحولت القوات الإيطالية لتنفيذ المرحلة الثانية وهي الأهم وذلك بالتقدم نحو مواقع المجاهدين في كلاً من الرابطة وجندوبة تحت الإسناد المدفعي المباشر وتولى تنفيذ هذا الجزء من الخطة الجنرال الإيطالي لكويو القائد العام للقوات الإيطالية بتوجيه المجهود الرئيسي نحو مواقع المجاهدين في جندوبة ومايليها من مواقع والدفع بها مباشرة لمحاولة إختراقها وضربها ، بينما تولى الجنرال بوتويمولي قيادة المجموعتان الأخريتان وكان هدفه التقدم نحو مواقع المجاهدين في الرابطة ومنطروس الأسود.

بعد التمهيد المدفعي المستمر لمدة ثلاثة ساعة على مواقع المجاهدين والذي أتسم بالقوة إندفعت القوات الإيطالية على ثلاثة محاور حيث تقدمت القوة الرئيسية نحو تبادوت بمعاونة قوة الإسناد الأولى بقيادة العقيد بوتريمولي وفي الوقت ذاته تقدمت قوة الإسناد الثانية بقيادة فابري نحو منطروس الأسود والرابطة وقوة المجاهدين المتمركزة عند قدم الجبل بين بير مداكم والرابطة ، تنبه المجاهدون لتقدم القوات الإيطالية فقاموا بدفع جزء من قوتهم لتنفيذ مناورة دقيقة كان الهدف منها تطويق القوة الإيطالية وضربها في جانبيها للحد من سرعة تقدمها وحرمانها من مساندة القوة الرئيسية لكن الجنرال بوتويمولي غير وجهة مجموعة الإسناد الأولى من التقدم نحو منطروس الأبيض إلى جهة الجنوب وذلك لإحباط عملية المناورة التي يقوم بها المجاهدين ونتيجة لذلك وجدت قوات المجاهدين نفسها في مواجهة مع القوات الإيطالية من الطرفين بعد أن أندفعت نحو عمق القوات الإيطالية بمسافة كافية مما جعلها تقع بين فكي كماشة محكمة من القوات الإيطالية وكان الخروج من ذلك المأزق هو اللجوء للإنسحاب الفوري فأضطروا لفعل ذلك وإتجوا جنوباً.

وبذلك تمكنت القوة الإيطالية بالفعل من إحباط محاولة محاولة الإلتفاف والتطويق وحسب قول أحد الرواة من المشاركين في المعركة لاحقاً أن في فشل عملية المناورة والإلتفاف على القوات الإيطالية كان سببه أن القوات الإيطالية وجهت نيرانها نحو مؤخرة قوات المجاهدين المتمركزة في الأصابعة بقوة للتخفيف من وطأة ضربات المجاهدين وقوتها فحدثت ربكة لقوات المجاهدين وأعتقدوا أن مواقعهم الخلفية تتعرض لهجوم قوي من العدو ففضل المجاهدين الإنسحاب في محاولة منهم لحماية معسكرهم ومواقعهم الخلفية التي تعتبر ملاذهم الآمن ونقاط دعمهم اللوجستية.

أستغلت القوات الإيطالية نجاحها وبادرت لتطوير الهجوم والتقدم وأستمرت في الضغط على محور الأصابعة بمساندة مباشرة من قوة الإسناد التي تحولت لمعاونة قوة المجهود الرئيسي وأستمر القتال ضارياً ومحتدماً حتى الساعة الخامسة مساءاً تقريباً حينها بدأت الذخيرة تنفذ قوات المجاهدين وقرر القادة التراجع نحو الهنشير الطويل لإعادة التموضع في الخط الدفاعي الأول لقوة المجاهدين والذي يطلق عليه تسمية خط الموت كما قرر باقي القادة الإلتحام بهم والدفع بالقوة الباقية في المواقع التي فوق الجبل لإعادة التمركز كذلك في الخط الدفاعي.

وفي أثناء ذلك قرر القائد الشيخ محمد بن عمر البوسيفي القيام بمشاغلة العدو وتغطية إنسحاب قوات المجاهدين فجمع حوالي ثلاثمائة مجاهد متطوع وتصدى للقوات الإيطالية المتقدمة بكل قوة بعد أن ترجل العديد منهم عن فرسه وتمترسوا بالأرض ليقدموا درساً رفيعاً في التضحية والإيثار والإستشهاد دفاعاً عن أرض الوطن خاضوا مقاومة شرسة ضد الإيطاليين في قتال غير متكافيء أستشهد خلالها عدد كبير منهم -لايزال التاريخ الوطني وذاكرة الموروث الشعبي تذكر بطولة أولئك الرجال الأشاوس الذين قدموا حياتهم فداء لبلدهم وأرتوت بدمائهم أرض جندوبة الطاهرة حيث يذكر المثل الشعبي "الحي أيروح من جندوبة" دلالة على العدد الكبير الذي  أستشهد في تلك المعركة ما جعل الرواة والمؤرخين يطلقون عليه تسمية خط الموت.

وكانت نتيجة ذلك تمكن بقية قوات المجاهدين الذين كانوا ضمن هذا المحور من الإنسحاب بأمان نحو يفرن حيث إلتحمت بالقوة التي ترابط هناك.

عمليات محور الرابطة منطروس الأسود:

دفع فابري بقوة الفرسان نحو منطقة منطروس الأسود للقيام بعمليات الإستطلاع لكنها تعرضت لهجوم مباغت فور إقترابها من مواقع المجاهدين مما جعل فابري يدفع بكامل قوته لمساندتهم وتوفير الدعم اللازم لتقدمهم حيث تقدمت القوة في تشكيل قتالي على محورين القوة الأولى وتتألف من باندة بافوني وباندة الساحل في المقدمة ثم وحدة المدفعية المحمولة على الإبل يتبعها العساكر الإرتريون والقوة الثانية تتألف من القوات الإيطالية التي عادة ما تكون في مؤخرة القوات.

إزدادت حدة العمليات القتالية بمجرد تقدم القوة الأولى نحو الحد الأمامي لقوات المجاهدين التي نجحت في صد الموجة الأولى من الهجوم وتحت ضغط المقاومة الباسلة بدأ الإيطاليين في سحب مدفعيتهم خشية وقوعها في يد المجاهدين ولتخفيف وطأة الهجوم الذي يشنه المجاهدين وإعطاء فرصة للقيادة بإعادة تنظيم وتنسيق الهجوم ولكن بلا جدوى.

في منتصف النهار وصلت للمجاهدين قوة دعم من القوات المتمركزة في وادي قطيس لمساندتهم مما عزز موقفهم ورفع روحهم المعنوية فإزدادت بذلك حدة القتال وتمكنت قوة المجاهدين من تحقيق النصر في هذا المحور مما أضطر القوات الإيطالية للإنسحاب تحت حماية قوة الفرسان التابعة لها.

في المساء رجع المجاهدين إلى أماكن تمركزهم في منطروس الأسود والرابطة وكانت بقية قوات المجاهدين المرابطة هناك في حالة إضطراب وفوضي أثر وصول معلومات تفيد بأن القوة الإيطالية إخترقت المجاهدين في محور الرابطة وتتقدم نحوهم على محورين لحصارهم والإيقاع بهم وبناءاً على ذلك تقرر سحب قوة المجاهدين من الرابطة على الرغم من إحرازهم النصر فيها إلى محور الأصابعة لأن نتيجة المعركة الفاصلة تتقرر فيها نتيجة لموقعها الإستراتيجي الذي يشرف على كامل المنطقة.

مع حلول الظلام باشر المجاهدين في نقل جرحاهم وتنفيذ عملية الإنسحاب الكامل بشكل غير منضبط وغير منظم فأغلب المقاتلين توجهوا نحو قراهم ومناطق سكناهم فأنسحب مقاتلي مناطق القبلة والأصابعة جنوباً نحو قرى الجبل وتبعهم البقية وفي صبيحة اليوم التالي حاول الشيخ سليمان الباروني جمع شتاتهم ليقيم خطاً دفاعياً بمنطقة سفيط على مشارف يفرن من جهة الجنوب إلا أن أهل البلدة إعترضوا على جعل منطقتهم منطقة مواجهة وتجنيبها الدمار وويلات الحرب وبذلك إنهار الخط المزمع إقامته قبل أن يتكون وفشلت بالتالي خطة الباروني في إعادة تجميع وتنظيم قوات المجاهدين وواصل المنسحبون مسيرهم نحو مناطقهم وقراهم وأستغلت القوات الإيطالية نجاحها في إجتياح الأصابعة وما خلفها وواصلت تقدمها غرباً دون أن يعترض طريقها أحداً وبذلك إنتهت المواجهات التي دارت بين القوات الإيطالية والمجاهدين فيما يطلق عليه بالحرب الطرابلسية.

نتائج المعركة :

1) سقوط جندوبة وإنسحاب قوات المجاهدين يعني نهاية المقاومة في تلك المنطقة ونجاح القوات الإيطالية في إجتياح كامل مناطق الجبل وصولاً للمناطق البعيدة نوعاً ما ووقوعها تحت سيطرتهم التامة.

2) الإنسحاب غير المنطم لقوات المجاهدين نحو وجهات مختلفة يعطي إنطباعاً بأن قوة المجاهدين لم تكن تخضع لقيادة فاعلة تعمل وفق تعليماتها وأوامرها وبالتالي فغياب الإنضباط له آثار سلبية عديدة في العمليات العسكرية ويؤدي إلى نتائج غير مرضية وهذا ما حصل لقوة المجاهدين التي غابت عنها سيطرة القيادة بشكل تام وباتت تصرفات أغلب المحاور بشكل عفوي لا يخضع للتخطيط المسبق لتلافي ما قد يحدث من مشاكل إدارية وتعبوية.

3) كان لفقدان التواصل بين المحاور الأثر الكبير في إرباك قوات المجاهدين وعدم تقديرها للموقف بشكل جيد ما نتج عنه عدم إتخاذها لقرارات صائبة ومناسبة وحرمهم من إستغلال النجاح والنصر الذي حققوه خلال العمليات القتالية.

4) فقدت القيادة الإيطالية العديد من رجالها وقادتها فقد سقط الجنرال كانتوري خلال المعركة ما يدل على شدتها وقوتها وكالعادة قلل الإيطاليون من خسائرهم وحسب المصادر التاريخية والرواة تكبد الجانبين خسائر كبيرة في الأرواح .

الدروس المستفادة :

1)أهمية الإنتماء والشعور بالواعز الوطني بين أبناء المناطق والقبائل الليبية :

عززت معركة جندوبة التلاحم والتكاتف بين المجاهدين الليبيين الذين هبوا من مناطق فزان والقبلة وغرب طرابلس والجبل والوقوف صفاً واحداً ضد عدوهم بهدف الدفاع عن بلادهم ودينهم دون النظر لإختلافاتهم الجهوية والمناطقية والقبلية مما عزز تلاحمهم وتكاتفهم وروحهم المعنوية في حربهم ضد عدوهم.

2) أهمية القيادة العامة في العمليات العسكرية :

تولت قيادة العمليات هيئة مشتركة موحدة مكونة من الضباط الليبيين وبعض الضباط الأتراك وزعماء القبائل والمشايخ من القيادات الوطنية الليبية وكان لذلك الأثر الكبير في جمع مقاتلي قوات المجاهدين وتلبيتهم نداء الواجب تحت راية واحدة.

3) أهمية إختيار ميدان المعركة وطبوغرافية الموقع بما يوافق القدرات القتالية والتعبوية للقوات المتحاربة:

حيث كان لموقع جندوبة الإستراتيجي لأهمية الكبرى في فتح الباب على مصراعيه للقوات الإيطالية للمضي قدما في إحتلال الجبل والسيطرة عليه.

4) أهمية تقديم المساندة الإدارية والدعم اللوجستي:

وكان لذلك الأثر الكبير في صعوبة الإخلاء للخطوط الخلفية ونقص التزود بالذخيرة وإدامة قوات المجاهدين بما ساهم في إتخاذ قرار الإنسحاب  وسقوط جندوبة وفشل إقامة الخط الدفاعي في سفيط.

4)أهمية تنفيذ العمليات العسكرية المختلفة خلال مراحل المعركة :

نفذت قوات المجاهدين خلال أحداث المعركة جملة من العمليات العسكرية كان أهمها مناورة التطويق التي نفذها المجاهدون بنجاح كبير ولولا تنبه القوات الإيطالية للعملية وإفشالها بسرعة لكان نجاحها سبباً في إحراز النصر على العدو مع الفارق الكبير في العدد والعدة .

 

 

 

 

 

 

 

Pin It

تقييم المستخدم: 1 / 5

Star ActiveStar InactiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive
 

المتواجدون بالموقع

1193 زائر، وعضو واحد داخل الموقع

تصفح أعداد مجلة المسلح

 

 

خدمة التغذية الأخبارية لمجلة المسلح

 

 

رابط الصفحة المنوعة facebook

 

 

مواقيت الصلاة وحالة الطقس

 


booked.net

 

 

قائمة البريد

أشترك فى القائمة البريدية لأستقبال جديد المجلة

كلمة رئيس التحرير

جيش بلادي

جيش بلادي

من جغرافيا متناثرة لوطن مُمزّق.. بعدما دبّ اليأس في النفوس وانحسرت المقاومة باستشهاد رمزها، واستباحة…

للمزيد

الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30

 

 

كلمة مدير التحرير

على هامش الذكرى...

على هامش الذكرى...

الحياة مليئة بالتجارب التي غالبا ما تترك آثارا عميقة في دنيا الشعوب، إذ ليس غريبا…

للمزيد