يقصد بالأدبيات كل تلك السلوكيات التي تظهر الإحترام المتبادل بين العسكريين والدالة على مدى الجدية والإنضباط في تعاملهم فيما بينهم وهي تعتبر بمثابة قواعد السوك العامة المتبعة بين العسكريين في جميع أنحاء العالم يتعلمها العسكري في المدارس
والأكاديميات العسكرية وتصبح جزءاً من حياته اليومية بها تتحدد معالم العلاقة بينه وبين قادته وبينه وبين زملائه ضمن إطار منظم لايختلف عليها أحد في مظهرها بل إنها تعد من سيمات العسكرية الناجحة ومقياس لمدى الإلتزام بالأعراف العسكرية التي تقود في النهاية لجيش منضبط مدرب يستطيع أن يخوض معارك الشرف والكرامة دفاعاً عن الوطن والأمة.
يأتي الضبط والربط العسكري على رأس أولويات الأدبيات والتقاليد العسكرية العالمية ويشكل مع الروح المعنوية والعمل بروح الفريق ثلاثية متداخلة تكون عادة السبب الأول لنجاح أو فشل أية مؤسسة عسكرية وكونه الأبرز والأهم يعتبر وجوده في المؤسسة العسكرية حجر الزاوية في نجاح القيادة وفعاليتها نحو تحقيق أهدافها إذ أنه لايقتصر فقط على أساس محدد من الأداء الفني للخدمات والوظائف وتنفيذ المهام والواجبات بل يتعداها إلى السلوك الشخصي للأفراد والضباط ولذلك تتوقف قيمة أي وحدة عسكرية على مدى تحلي أفرادها بالانضباط والتقاليد العسكرية والخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة .
يعد الضبط والربط مظهراً أساسياً من مظاهر الحياة العسكرية وعلامة فارقة على الجدية في التعامل بما يظهر مدى الإحترام وحسن التصرف والولاء للسلطة القانونية واحترام وتقدير الرؤساء وتنفيذ الأوامر والتعليمات العسكرية بنصها وروحها بكامل الرضا دون أي حرج بما يكون نتيجته حسن أداء العمل والمهام، وهو طبع متقدم يغرس في النفس ويصقل بالتدريب المستمر ليكون إيجابياً قائماً على الإقتناع وليس سلبياً يقوم على الخوف من العقاب وتكون نتيجته تحقيق مستوى راقي من الأداء الفردي والجماعي في مختلف الظروف.
ليس الإنضباط بمفهومه الواسع حكراً على المؤسسة العسكرية بل أنه أسلوب عمل متبع في كثير من المؤسسات العامة المدنية بإعتباره نظام حياة مرتبط بتنفيذ اللوائح والقرارات الممزوجة بالقيم والآداب العامة والتقاليد ولذلك تقاس كفاءة المؤسسات والمنظمات مدنية كانت أم عسكرية بمدى ضبطها وإلتزامها بتعاليمها وتقاليدها التي تغرس فيها روح الطاعة والإلتزام وقدرتها على تنفيذ واجباتها، وخاصة عندما يكون الباعث على التقيد بمباديء الضبط والربط الاقتناع والرغبة في العمل وليس الرهبة أو الخوف من العقاب.
*أسس الانضباط العسكري:
يقصد بأسس الانضباط العسكري مجموعة العوامل التي تهدف إلى خلق القناعة لدى الأفراد العسكريين بما يحقق ضمان قوة الانضباط في نفوسهم وضمان ثباته واستمراره وهذه الأسس هي:
- الفهم الصحيح لمفهوم العقيدة العسكرية.
- حب الوطن والتفاني في سبيل الدفاع عنه.
- الثقة المتبادلة بين الآمر والمرؤوسين وتنمية وتبادل الإحترام والتقدير فيما بينهم.
- التدريب المستمر علي الضبط والربط العسكري والإنصياع للأوامر والتعليمات برضى تام.
- العلم والمعرفة والقدرة على الإبداع.
- توقيع العقوبة العاجلة على المخطيء وعدم تركه يتمادى في ممارساته الخاطئة حتى لايكون مصدراً للسلبية والإنحراف داخل المؤسسة العسكرية.
*مقومات الضبط والربط العسكري :
- الطاعة: تعتبر أهم ركن من أركان الضبط والربط العسكري ويقصد بها الطاعة التامة المبنية على اقتناع الأفراد بالعادات والتقاليد العسكرية وممارستها والأخذ بها دون أية مماطلة أو إعتراض.
- القدوة الحسنة: يجب أن يتحلى القادة على كافة المستويات بالضبط والربط فإذا كان الرؤساء يضرب بهم المثل الأعلى في الضبط والربط سيكونون قدوة حسنة لمرؤوسيهم.
- المدح والاستحسان وتقدير الفرد: إن إظهار الاستحسان والمدح من المستوى الأعلى سواء كان فردياً أو جماعياً وتقدير الأعمال الجيدة يؤثر تأثيراً كبيراً في تقوية أواصر الضبط والربط ، والفرد إذا شعر بأن له قيمته وأنه مقدر على عمله فإنه يتقبل كل ما يؤمر به ويشعر بالثقة في نفسه وفي قادته وفي الأوامر الصادرة إليه.
- الثواب والعقاب: يتطلب الضبط والربط أن يؤدى كل واجبه على أحسن وجه ويمكن أن تغرس الحاجة إلى الضبط والربط في الفرد، بالالتجاء إلى إحساسه وإدراكه، وذلك بأن يكون الضبط والربط مشوقاً إليه وفي الحالات القليلة التي لا يفلح فيها الالتجاء إلى إدراكه يكون الالتجاء إلى العقاب الذي يجعل الفرد يقدر الحاجة إلى الضبط والربط.
- تحديد الواجبات والمسؤوليات: من أهم مقومات الضبط والربط مراعاة الفروق الفردية عند تصنيف الأفراد وتحديد الواجبات والمسؤوليات بما يتلائم مع طاقة الأفراد وقدراتهم.
في كثير من الأحيان يكون ليس هناك بد من توجيه الأفراد في المؤسسة العسكرية نحو الإلتزام بالتعليمات المنظمة لعملهم والتحلي بالضبط والربط من إستخدام القوة والحزم والسلطة الممنوحة قانوناً للأقدم والأعلى رتبة وليس ثمة ضرر في ذلك مقارنة بالنتائج المرجوة من ذلك داخل المؤسسة العسكرية بما يعكس روح النظام العسكري المطلوب التقيد به والثمار التي تجنى من وراء ذلك.
*أهم مظاهر الضبط والربط العسكري :
- السلوك الفردي القويم للأفراد داخل وخارج الثكنات والمعسكرات.
- المظهر الحسن للأفراد والمحافظة على الأوامر والتعليمات الخاصة بالزي العسكري واحترام وتقدير شرف الإنتماء للمؤسسة العسكرية.
- الطاعة المباشرة للأوامر وتجنب التردد في تنفيذها.
- كفاءة الجنود في تأدية واجباتهم والهمة العالية في تنفيذ أعمالهم بصورة تبعث على الفخر والحماس.
- احترام الأفراد لقادتهم وزملائهم وإشاعة روح الود في التعامل بينهم.
- المحافظة على الأسلحة والمعدات في جاهزيتها والشعور بأنها جزء لا يتجزأ من شرف العسكري وكرامته.
- تقبل الجنود للتقاليد العسكرية والابتعاد عن العادات المدنية السابقة والعمل بروح الفريق دائماً.
*العوامل التي تؤثر في رفع مستوى الضبط والربط العسكري:
من أهم العوامل التي تؤثر في رفع مستوى الضبط والربط داخل المؤسسات العسكرية ما يلي:
- الروح المعنوية : وهي حالة نفسية عقلية وعاطفية تجعل الفرد يظهر شعوره الخفي في نفسه، فتراه يسمو وتعلو مقوماته الروحية والنفسية ليعانق السماء فخراً وعزة بالله ودينه ووطنه مؤمناً ببذل الغالي والنفيس في سبيله عن إيمان وعقيدة .
- الحماس : وهو المجهود الذي يقدمه الرجال لأداء أعمالهم بدافع قوي يفوق الطاعة فيكون إعتزاز الفرد بما يقدمه خدمة لدينه ووطنه وأهله هو الدافع لكل عمله.
- الفهم الجيد لمعنى التقاليد والأدبيات العسكرية : وهو ما يؤدي لقبول تنفيذ الأوامر العسكرية الصارمة بروح قوية وإطاعة تامة بما يولد الثقة عن رغبة وإقتناع والشعور بأن الجميع أفراد متعاونون لتنفيذ واجباتهم.
*أهداف الضبط والربط العسكري :
- دعم المحافظة على هيبة المؤسسة العسكرية وبالتالي هيبة الدولة بإعتبار أن المؤسسة العسكرية عنوان لقوة الدولة وعزتها.
- رفع الروح المعنوية للعاملين في المؤسسة العسكرية.
- المحافظة على النظام العسكري والالتزام بالقوانين والتعليمات العسكرية وضمان عدم الخروج عليها وارتكاب مخالفات انضباطية وفقاً لقواعد الضبط والربط العسكري.
- تنمية روح الفريق لدى الأفراد في المؤسسة العسكرية.
- سرعة الاستجابة للأوامر وتنفيذها بدقة متناهية مع الصدق والأمانة في العمل.