هناك عدة تعريفات في الكتابات العسكرية العالمية للتكيتك، ويجدر بنا عرضها قبل تحديد المقصود علميا بالتكتيك، الذي يعتبر ركنا أساسيا من نظرية فن الحرب، التي تشمل الإستراتيجية والعمليات والتكتيك. يقول ماوتسي تونغ أن "دراسة القوانين الموجهة للحرب والتي تتعلق بأوضاع الحرب الجزئية فهي مهمة علم الحملات وعلم التكتيك".
ويقدم الجنرال أندريه بوفر تعريفه الخاص فيقول: " التكتيك عبارة عن فن استخدام الأسلحة في المعركة للوصول إلى المردود الأقصى". ويقدم الفكر العسكري السوفييتي التعريف التالي للتكتيك "يقوم التكتيك بدراسة القوانين الموضوعية التي تحكم الأعمال القتالية، كما يقوم بتطوير أساليب إعداد وتوجيه القتال في البر والبحر والجو".ومن استقراء التعريفات المتعددة للتكتيك، والتي يقدمها مفكرون عسكريون تتباين المفاهيم السياسية والأيديولوجية والإستراتيجية، ويظهر أن هناك قاسما مشتركا أعظم بينها جميعا، ألا وهو تعلّق التكتيك، كعلم في دراسته أو كفن في تطبيقه، بأعمال القتال المباشرة فوق مختلف ساحات الإشتباكات الحربية في البر أو البحر أو الجو، وذلك سواء من حيث الإعداد المباشر لهذه الإشتباكات القتالية أو من حيث التنفيذ العملي لها.
والواقع إنه عندما تلتقي قوات الطرفين المتجابهين فوق ساحة المعركة، تحاول كل قوة منها أن توجّه إلى الأخرى أكبر قدر من الضربات وأن تحتمي في الوقت نفسه قدر المستطاع من ضربات القوة الأخرى المضادة لها. وهي في سبيل تحقيق هذين الغرضين تجري الحركة اللازمة لطبيعة كل منهما، وبهذا يمكن القول أن أسلوب إعداد وتنظيم وتنفيذ عمليات الضرب والحماية والحركة يشكل مضمون أو جوهر التكتيك، وأن مختلف أنواع الأسلحة ووسائل الحماية والحركة تمثل، بالإضافة إلى العنصر البشري المادي والمعنوي، الوسائل التكتيكية التي تنفذ بواسطتها الأعمال أو الأنشطة التكتيكية. وعنصر الأسلحة هو أبرز الوسائل التكتيكية وأكثرها حركة وتغيّرا في مجرى التاريخ لعسكري، ويترتب على هذا التغير تغير وسائل الحماية والحركة أيضا، وبالتالي تغير أساليب التكتيك أي أن تطور السلاح يؤدي إلى طرق إدارة القتال وفن الحرب عامة. ونظرا للأهمية الكبيرة التي يحتلها عنصر الأسلحة ضمن وسائل تنفيذ التكتيك، نجد أن هناك عادة ميلا لدى بعض العسكريين إلى المبالغة في تقدير الدور الذي يلعبه السلاح في االتكتيك، ولكن السلاح مهما كانت قوته وحداثته لا تظهر فاعليته أو لا يعطي مردوده الأقصى، إلا ضمن الأسلوب التكتيكي الملائم وبشرط توفر الكفاءة البشرية في الإستخدام وارتفاع معنويات مستخدميه.
وقد أدى تطور الأسلحة ومعدات ووسائل النقل والحماية الحديثة إلى زيادة ارتباط التكتيك بالعلم والتقنية، وزيادة احتياج الجيوش إلى الجنود الفنيين المتفهمين للأسس العلمية والتقنية التي تحكم عمل تلك الأسلحة والمعدات المتطورة، ولكن أهمية التقنية الحديثة وتأثيرها على التكيتيك لا تنفي أن الإنسان هو في النهاية مستخدم السلاح ومبتكر أساليب القتال الملائمة له وللظروف المعينة التي يقاتل فيها وإن المعنويات وعدالة أهداف القتال وكفاءة الحشد النفسي تلعب دورا بالغ الأهمية في الإفادة من السلاح وتنفيذ التكتيك بكفاءة. ويرتبط التكتيك بالإستراتيجية ارتباط الجزء بالكل والخاص بالعام، وذلك لأن التكتيك ليس إلا تطبيق الخطة الإستراتيجية العامة على جزئيات الإشتباك أو القتال. والخطة الإستراتيجية لا تتحقق إلا من خلال النجاحات التكتيكية، لذلك فإن التكتيك يتبع الإستراتيجية لا العكس، بحكم أن الخاص يتبع العام. إن التكتيك هو علم اكتشاف حركة القوانين الموضوعية التي تتحكم في إعداد وإدارة أعمال القتال الجزئي خلال مرحلة تاريخية معينة من مراحل تطور قوى الإنتاج وتقنية التسليح والحماية والحركة والفكر العسكري المرتبط بها جميعا، وهو في نفس الوقت فن تطبيق هذه القوانين الموضوعية على الحالات الخاصة والمتنوعة والمتغيرة للإشتباكات والمعارك المختلفة في البر والبحر والجو، أي أنه علم في معرفته وإعداده العقائدي أو المنهجي المسبق وفن في تطبيقه العملي المتغير، وهو يشكل مع الإستراتيجية والعمليات وحدة عضوية متكاملة ولا يختلف عنها إلا في جزئية أو خصوصية حقل النشاط الذي يعمل فيه وحدوده الزمانية والمكانية .
(من الموسوعة السياسية والعسكرية للدكتور فراس البيطار)