إذا كانت الأسس والقواعد التى تبنى عليها الخدمة العسكرية قوية ومتماسكة استمرت لأزمنة طويلة ،وإذا كانت هشة انهارت. يقول الله عزوجل (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهاربه قى نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين) سورة التوبة آية 110
ومن تلك الأسس :
- اختيار المجندين: يخضع المجندون لفحوصات واختبارات دقيقة لتحديد لياقتهم البدنية ،وقدراتهم العقلية ،والذهنية ،والجسدية،كما يطلب منهم شهادات للوقوف على أخلا قهم ،وسلوكهم الاجتماعي.
- العقيدة والإيمان: بالعقيدة الراسخة، والإيمان القوى فإن الرجل العسكري لا يتزعزع مهما تعرض للمصائب، والنكبات، يقول الله تعالى (إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان) سورة النحل آية 106. وبقوتهما وقف النبي صلى الله عليه وسلم متحديا المشركين فقال لعمه أبو طالب): (والله ياعمي لو وضعوا الشمس فى يميني، والقمر فى يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه).
- الضبط والربط: هما الإطاران اللذان يحددان للمجندين السلوك والتصرفات الفردية والجماعية ،ويحدان من نزعة التمرد عن النظام، وعصيان الأوامر، داخل المؤسسة العسكرية وخارجها.
- ترويض الإرادة: لكل منا إرادته الخاصة، ولا يسمح لأحد أن ينازعه فيها، ولكن هناك من يجنح إلى العنف وسوء الأخلاق وقياس الأمور وفقا لإرادته هو ،ولكن فى الخدمة العسكرية تروض الإرادة لتكون لصالح الجميع ،ولمصلحة الوطن.
- الطاعة :هى تنفيذ الأوامر الصادرة عن قناعة، ورضي، على أن لاتتعارض مع القيم الدينية، و الأخلاق، والأعراف الاجتماعية، وأن لا تكون فى معصية، أو إثم. وإنه إذا لم يتمثل العسكري للطاعة فإنه ينزع إلى التحدي والمخالفة، مما يقلل من هيبة المؤسسة ،واحترام الآمرين، يقول الله عزوجل .: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم) سورة النساء آية58. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق) ويقول: ( لاتختلفوا فتختلف قلوبكم).
- نبذ صفة حب الذات -الأنا: هذه الصفة تدفع إلى حب النفس، وتفضيلها، والظهور بها ولو على حساب الآخرين وتنمى صفة البخل والشح.
- الإيثارعلى النفس: إنه من أسمى الدوافع الإنسانية التى تتماسك بها اللحمة ،ويلتم بها الشمل،وقد أثنى الله تعالى على الأنصار عندما آثروا المهاجرين على أنفسهم على الرغم مابهم من قلة فى السكن والمعاش، يقول عز من قائل:( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوقى شح نفسه فأولئك هم المفلحون) سورة الحشر آية 9 .
- التضحية وبذل النفس: يجب أن يربى عليها العسكريون حتى تكون عادة متأصلة فيهم، فيندفعون طواعية إذا ما داهم الخطر بلادهم أو بلاد الإسلام، فيحفظون بلادهم، وينصرون المستضعفين. يقول الله عزوجل:(ومالكم لاتقاتلون فى سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالمي أهلها وأجعل لنا من لدنك ولينا وأجعل لنا من لدنك نصيرا) سورة النساء آية 74 .
- احترام السلطة، والنظم، والقوانين: السلطة تتمثل فى الأعلى رتبة، أما النظم فهى السلوك، والقيم الأدبية، والأخلاق، وأما القوانين العسكرية، والمدنية، فبها يضمن المجند حقوقه، ولا يتجاوز حقوق الآخرين، كما أنها تحافظ على كينونة المؤسسة العسكرية التى ينتمي إليها، وأي تهاون فى ذلك الثالوث يؤدى إلى الفوضى،والانحلال.
- تنمية وشيجة الولاء لله عزوجل، ثم للرسول صلى الله عليه وسلم، وللوطن: يجب أن ينصهر الجميع على اختلاف مناطقهم ،وقبائلهم فى هذه الوشيجة فيكون معبود هم هو الله عزوجل ،ورسولهم محمد صلى الله عليه وسلم ،ودينه الإسلام، ووطنهم الذى ينتمون إليه ويحدد هويتهم هو- ليبيا-.
- العاطفة الوجدانية: يشعر العسكريون بعاطفة جياشة تجاه بعضهم البعض تجعلهم متقاربين، ويتقاربون أكثر فأكثر كلما مرت السنين وهم فى نفس السلاح، أو جمعتهم المشاريع، والمناورات، والدورات العسكرية،أو داهم عدو بلادهم.
- الشجاعة والإقدام : الإنسان شجاع بطبعه، فهولا يرضى الظلم، وانتهاك حرماته وفى الخدمة العسكرية يتم تنمية ذلك بتعميق الواعزالديني، والتدريب على مجالدة العدو، وفى نفس الوقت العمل على الحد من التهور فهو نقيض للشجاعة، ويؤدي إلى الظلم والعدوان، الذى حذرنا الله تعالى منه فقال: (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) سورة البقرة آية 189.
- الأمانة، والكتمان، والسرية: إن التهاون فى التقيد بهذه الضوابط يفتح باب الخيانة لله عزوجل، ثم للرسول صلى الله عليه وسلم، ومن بعد للوطن، يقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) سورة الأنفال آية 2. والعسكري مؤتمن على كل شئ فى وحدته فيجب عليه أن لايخون .
- التعليم ،والثقافة: يجب الاهتمام بالجانب التعليمي - النظري، والعملي - الحرف اليدوية - لكى يكون لدى العسكري مورد رزق بعد انتهاء عقده، وبالثقافة التى تهذب من سلوكه، وأخلاقه الاجتماعية، ويستعان فى ذلك بأولي العلم ،والخبرة .
- القدوة الحسنة: يقول الله تبارك وتعالى: (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) على االمجندين أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، و بالصحابة الكرام، وبقادة المسلمين، ليكونوا قدوة للآخرين فى السلم والحرب، أخلاقا، وسلوكا، ومعاملة، ومنهجا، وأسلوبا للحياة الدنيا والآخرة وعلى الذين يعلمونهم أن يكونوا على خلق كريم.
- الاقتصاد والتقشف: يقول الله عزوجل: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) سورة الأعراف آية29 . يجب الإنفاق على المؤسسة العسكرية فى غير إسراف، وعلى الأخيرة أن تحافظ على ذلك حتى لايتعود منتسبوها على البذخ، والمعيشة الرخوة، ومن مميزات الجيش هوالتعامل وفقا للقياسات والمدد المحددة، وأى تجاوزات يتم المحاسبة عليها، وأن ذلك يجعل العسكري يشعر بواجب المحافظة على كل شئ ،وبه تتم المحافظ على الجاهزية القتالية ،وتسريع النفير للوحدات.
- التدريب، والرياضة: إن التدريب على كافة الأعمال الإدارية، والقتالية، وعلى السلاح استعمالا، وحفظا، وصيانة يؤدى إلى إيجاد المهارات والكفاءات العالية على أن لايتم التركيز على جانب دون الآخر. وبالرياضة المستمرة، والمصاحبة للتدريب تتم المحافظة على اللياقة البدنية للمنتسبين، وتبعدهم عن الخمول، والكسل والترهل فى أجسادهم كما أن ذلك يساعد على تنشيطهم ذهنيا والرفع من روحهم المعنوية .
- المعسكرات والثكنات العسكرية: هى العنوان المميز للمؤسسة العسكرية ولهذا يجب أن تبنى على أسس سليمة تتوفر فيها الشروط الصحية، والتعليمية والترفيهية، وان تحاط بوسائل الأمن والأمان، وأن يلحق بكل معسكر مسجد يؤدى فيه المنتسبون صلواتهم، ويتلقون فيه الثقافة الدينية.
ما واجب الدولة حيال المؤسسة العسكرية -الجيش؟
على الدولة أن تراعي الأتي :
- عدم حشر الجيش فى القضايا السياسية، والانتماءات الحزبية، وان تجعل قضيته العليا هى حماية الدين، والأرض، والعرض.
- عدم تشتيت جهوده، وتدمير قدراته، والدخول به فى صراعات لاتعود على الوطن بفائدة مع عدم تقييده بمدرسة حربية (شرقية -أوغربية) فيكون تابعا لفكرها.
- عدم حرمانه من مواكبة التطورات الثقافية، والعلمية، والصناعية، والتشجيع فى المساهمة فيها جميعا فقد تتفجر من وراء ذلك قدرات، وإبداعات ،وخاصة فى مجال الاختراع، والصناعة مما يعود على الوطن ،والجيش بخير.
وبتكامل هذه الأسس، يتم بناء الرجل العسكري الصالح فيكون للدولة جيش،أوجيوش يعتمد عليها فى حماية الأرض، والعرض.