هناك بعض التساؤلات التي تدور في عقول أبناء الوطن ومن الطبيعي أنت تراودهم هذه التساؤلات وهي : - من يشرع للقوة العسكرية أن تتحرك للقتال ؟
- ومتى يحق لها فعل ذلك ؟
- وكيف يتحقق ذلك عملياً ؟
الإجابة عن الفقرة الأولى من التساؤلات هي من حق واضعي عقيدة الدولة في جانبيها السياسي والعسكري وعادة ما تكون السلطة السياسية العليا في البلاد هي التي حالة إعلان الحرب وفق الاجسام السياسية التي تصنع القرار في الدولة ، أما إجابة التساؤل (متى) فهي من حق القيادات والمسئولين عن عقيدة الدولة في جانبها السياسي حيث تحدد الاخطار والمسائل التي تستدعي التحرك ومباشرة القتال ليتحدد بعدها الوقت الذي ستبدأ فيه القوة العسكرية بالعمل والتنفيذ ، أما الإجابة عن التساؤل الثالث (كيف؟) فهي من حق القادة العسكريين وصناع العقيدة العسكرية والقتالية في الجيش الذين يرسمون للقوات العسكرية والقادة باختلاف مستوياتهم الأسلوب الأمثل للوصول للأهداف بأقل الخسائر المادية والبشرية ويكون ذلك بإختيار الأسلحة والأساليب التي تساهم في تسهيل حركة القوات العسكرية وتذلل لهم الصعاب لاداء مهامها متحاشية خرق القيود العقائدية الدينية والسياسية والأخلاقية وقواعد القانون الدولي الانساني والقانون الدولي العام.
وبناءاً على ما تقدم نجد أن العقيدة العسكرية تُكون مجموعة المبررات والمنطلقات الإنسانية والدينية والأخلاقية والقناعات الفكرية. المنضبطة التي تمنح المشروعية للقوات العسكرية للقيام بعمل ما.
ويبقى السؤال الأهم وهو لماذا نقاتل ؟ ولمن يجب أن يوجه هذا السؤال ؟
هذا السؤال تجيب عنه العقيدة العسكرية ويجب أن تكون إجاباتها محللة ومبينة للكثير من المعضلات التي قد تؤدي إلى فهم خاطئ لمدلولات العقيدة العسكرية ويجب ان لا نسئ فهمها ونخلطها بالعقيدة الدينية التي جوهرها التوحيد كاناس ندين بالاسلام والحنيفية السمحاء وهناك عدة إجابات مشروعة للشق الاول لهذا التساؤل منها :
*للدفاع عن الأمة والوطن والثروات والمقدرات والمكتسبات .
*لنصرة المظلومين وإعانتهم على استرجاع حقوقهم المسلوبة.
*لإعلاء كلمة الله.
*للدفاع عن الأنفس والأعراض والأموال.
*للدفاع عن الحق والعدل والحريات العامة.
*لاسترجاع الحقوق المسلوبة.
وبالمقابل هناك إجابات مستبعدة وغير مشروعة تستبعدها العقيدة العسكرية ومنها:
*القتال للاستيلاء على الشعوب والثروات والتوسع الإقليمي .
*القتال لإكراه الناس على قبول دين معين أو نظم سياسية محددة .
*القتال لإكراه الناس على قبول التعايش وفق نظم اجتماعية واقتصادية محددة.
*القتال لكسب الأمجاد الفردية أو القومية.
وهذا السؤال يجب ان يوجه للمسئولين والساسة قبل القيادة العسكرية فالحرب جزء مهم من سياسة الدول وتعتبر آخر صور الحلول المتاحة لفض المنازعات الداخلية والخارجية لكنها في عالم اليوم تقفز لتكون اولها لتطيح بالسلم والامن الوطني والاقليمي والدولي.
واضعي عقيدة الدولة في جانبها السياسي هم من يتحمل مسؤلية الحرب واستمرار التقاتل والتناحر بالدرجة الأولى وعلى الرغم من إختبائهم دائماً وراء صف القيادات العسكرية إلا أنهم هم من يقع عليهم عبء تلك المسؤلية كاملة أدبياً وقانونياً وتاريخياً.
لأن الحرب والإقتتال سينشأ عنهما في الغالب إزهاق أنفس وإراقة دماء ينبغي أن تكون الدوافع والأهداف التي يشرع من أجلها القتال تستحق التضحية وبذل الأنفس ودماء المقاتلين التي ستراق على أرض المعركة ستكون رخيصة لأجلها ، وبذلك تكون مهمة العقيدة العسكرية هي منع إهدار القيم الإنسانية والأخلاقية التي شرع بموجبها القتال وتجنيب من لا يعنيهم القتال ويلات تلك الحروب أي محاولة حصرها على المؤمنين بها والداعمين لها وعدم الزج بكامل الوطن لأتونها ، إلى جانب عدم ترك الحرية للمحاربين لفعل ما يشاؤون من استمرار القتل والإفناء أو التمثيل بالجثث أو الإعتداء على الأعراض أو تعذيب للأسرى ما ينتج حقداً وكراهية يطول أمدهما بما يجعلهما وقوداً لإستمرار التنازع والقتال والثأر الذي سيسود الفكر الجماعي لمن شردوا وقتلوا وكانوا واهليهم وقودا للحرب وزج بهم في اتون صراعات لا تنتهي.
لكل ذلك تحتاج الدول والجيوش للعقيدة العسكرية لأنها تمنع البغي والظلم وتصون المصالح وغايتها كيف تحمي الجيوش دولها وأممها وتضع قواعد الاشتباك الضامنة لبقاء القيم الإنسانية والأخلاقية في الحرب.