إن الطريق إلى دمشق ما زالت طويلة نوعاً ما؛ وذلك لما نرى من تقاعس المجتمع الدولي في تحمل مسؤوليته تجاه الوضع السوري، ولقد كان اجتماع الجامعة العربية بالدوحة أكثر انتعاشاً حيث شغل كرسي سوريا رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب، وقد أكد المجتمعون على حق الجيش الحر في التسليح،
هذا وقد استهدف الجيش الحر المطار بعشرات الصواريخ بعد اليوم الذي أصاب فيه طائرة إيرانية تحمل أسلحة للأسد مما أدى إلى احتراقها، وقد أحدثت في المطار دماراً كبيراً، وقد قام الجيش الحر بقطع الطريق الرابط بين دمشق ومحافظة درعا في الجنوب السوري فواجهت هذه المحافظة وابلاً من القصف خوفاً من كونها بداية لتحرير كامل للجنوب السوري، وذلك ما تطمح له المعارضة السورية، وقد ركز قصف صواريخ سكود على الشمال، هذا في حين يبقى الغرب الذى أبدى استعداده لدعم الجيش الحر بالسلاح متردداً، ويريد ضمانات بعدم وصول هذا السلاح إلى أيد غير مرغوب فيها لدى الغرب، وقد راهن الجيش الحر منذ البداية على الحرب الميدانية ليتحقق ما يريده السوريون، ورغم سعي بعض الأطراف من الغرب كروسيا إلى التأكيد على الحل السلمي الذي تضاءل حجمه الحقيقي بعد تعنت النظام الأسدي في تحقيق مطالب السوريين لمشروعه، ولقد رأى الجيش الحر أن ما يعرقل الحل السلمي هو صواريخ سكود والبراميل المتفجرة وغيرها التي تدمر الأخضر واليابس، وكذلك تعمد النظام ومن يناصره النظر بعين واحدة وذلك بإلقاء اللوم على المعارضة متمثلة في الجيش السوري الحر، بينما لا ترى ما ذكر وغيره من الدعم الروسي والإيراني، وما يفعله النظام الأسدي من الإعدامات الجماعية للمنشقين والمعارضين وكدلك الإعداد لتفجيرات يتهم بها المعارضة التي يراها مدعومة من العالم، وفى الحقيقة أن العالم لو دعم هذه المعارضة لأنقد آلافاً ممن يموتون أو يهجرون إلى المخيمات، ولا يصل إليهم من المساعدات العالمية الا القليل.
هذا النظام الذي قصف المساجد وقتل المصلين فيها وقصف العديد من المدن عشوائياً شمال سوريا وجنوبها يبرئ ساحته، ويتهم المعارضة في كل ما يقوم به، ومن جهة أخرى يعمل الجيش الحر على بسط السيطرة بالكامل على المدن التي حررها مثل الرقة وغيرها، كما يعاني السوريون الأمرين من جراء الحصار على المدن السورية لتفشي الأوبئة والفقر المدقع وعدم الأمن فيها من جراء تحرير هذا الكم من المدن وبالأخص في الشمال والشرق السوري يمهد هذا العمل إلى عودة المعارضة السياسية ممثلة بالمجلس الوطني السوري، وكذلك الائتلاف الوطني، وعلى رأس هذين التكتلين الحكومة الجديدة التي خرجت بعد مخاض عسير وفي وقت صعب يعيشه السوريون في الداخل والخارج.
ومن الواضح لمن ينظر إلى الشاشة ويطلع على الفيديوهات المسجلة من ساحة المعركة بشاعة الصورة التي لا تمثل إلا الدمار والخراب ولا تظهر إلا الأموات والأشلاء، وعلى كل هذا يواجه السوريون فريقاً متكاملاً من المتهكمين والهازئين من حق هؤلاء في التصريح بمطالبهم، أولئك الذين يدعمهم بشار الأسد وأعوانه، وهم من يسمون بالشبيحة، فهم منتشرون داخل المدن والقرى حتى إننا نجد إحدى المدن وهى السويداء تصدر بياناً تتبرأ من الشبيحة من أبناء مدينتهم الذين يقتلون الأبرياء والعزل من الشعب السوري، فهذا مثال احتذى حذوه العديد من المدن، وبعد قطع طريق درعا دمشق وبداية تحرير مدينة داعل جنوب دمشق صرح النظام الأسدي أن هذا الفعل تصعيد خطير في الأزمة، وخرج وزير إعلام النظام الأسدي مصرحاً بأنه ورئيسه سيدافعون إلى آخر قطرة دم، لينقلب هذا النظام من المهاجم المباغت ليصبح مدافعاً، والفرق بينهما شاسع.
وقد احتجز أفراد من الجيش الحر واحداً وعشرين عنصراً من قوة فض الاشتباك المتمركزة بالجولان، وما هو إلا وقت قصير حتى تم تسليمهم بشكل آمن، ومرت أزمتهم على خير، ما أدى إلى ارتياح الأمين العام للأمم المتحدة وغيره من المسؤولين، وتتكون القوة الدولية في الجولان من ألف عنصر مسلحين بأسلحة خفيفة منذ عام 1974، وهي تتمركز هناك لمراقبة منطقة وقف أطلاق النار بين سوريا والعدو الصهيوني، كما شكلت الأمم المتحدة فريقاً للتحقيق في جرائم السلاح الكيماوي الذي يعتقد أن النظام الأسدي قد استعمله ضد السوريين مع تحذير العالم النظام الأسدي من عدم محاولة استخدامه ضد المدنيين، وأبدى بوادر لطمأنة العالم بأن هذا السلاح ما زال مخزناً وبحالة جيدة، ولا تصل إليه المعارضة، هذا كله والعالم يريد أن يعلم مصير هذا السلاح بعد الأسد، وقد عين السويدي آكي سيلستروم رئيساً للبعثة الفنية المستقلة المشكلة من الأمم المتحدة للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي، وإن عمل البعثة سيتسم بطابع فني، وستضم خبراء فقط للتحقق من استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.
وقد قصفت الألوية التابعة للجيش السوري الحر مراكز التموين والإمداد الخاصة بالجيش النظامي، كما أن الجيش الحر قد استولى على ما يقارب 70 % من الموارد النفطية ليقوم النظام الأسدي برفع الحظر على المشتقات النفطية الإيرانية، فهي المورد شبه الوحيد له الآن.
وفي الطريق إلى دمشق يستمر الجيش الحر في الاستيلاء على مقرات ومواقع للجيش النظامي، من بينها اللواء 138 القريب من كتيبة السهوة للدفاع الجوي والتي تم تحريرها في وقت سابق ليتم بهذا العمل السيطرة على شرق درعا بالكامل، ويستقبل الجيش الحر كل يوم أعداداً كبيرة من المنشقين عن الجيش الأسدي، ويشتكي قادة الجيش الحر في الجبهات من نقص السلاح النوعي الذي تتم به السيطرة على المواقع المهمة التي يرابط فيها نظام الأسد.
وعلى كل فإن هذه الطريق قد اتضح مسارها، وتبين للعالم أجمع أن النظام الأسدي لا يحتاج سوى وقت قصير جداً ليرحل عن سوريا الحبيبة ويتم وقف نزيف الدم الذي أضحى سيولاً في شعاب الأرض السورية المباركة.
{facebookpopup}