تعتبر ظاهرة التضخم من أكثر الظواهر ألاقتصادية شيوعا وانتشارا ويكثر الحـديث عنها في كثير من وسائل الإعلام وهي ظاهره تثير القلق لرجال الأعمال والمستثمرين وتقلق بشكل أكثر الموظفين أصحاب الدخول الثابتة فهم أكثر المتضررين من تبعاتها والمتعارف عليه بين الناس إن التضخم هو الارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية والواقع إن للتضخم أشكالا كثيرة واختلف خبراء الاقتصاد في تعريف مصطلح التضخم وإيجاد مفهوم موحد لـه ويستخدم مصطلح التضخم عـند ارتفاع أسعار المواد الاساسية والكمالية في الأسواق يعرف بتضخم الأسعار .
ويستخدم عند ارتفاع قيمة الاجور والأرباح ويعرف بتضخم الدخل . ويستخدم عند ارتفاع تكاليف الإنتاج ويعرف بتضخم التكاليف . وأيضا عند الإفراط في خلق ارصدة مالية ويعرف بالتضخم النقدي .
وفي مقالنا السابـق على صفحات هذه ألمجله ( الشؤون الاداريه ولاستراتيجية ) تحدثنا عن علاقة الشؤون الاداريـة بالاقتصاد الوطني ومدى ارتباطهما ببعض من حيث أن الشؤون الاداريه تمثل الجانب العسكـــري في اقتصاد ألدوله والاقتصاد يمثل الجانب المدني في القوات ألعسكريه وبالتالي الاقتصاد له تأثير مباشر على الخطط ألعسكريه على جميع المستويات ( استراتيجيه -تكتيكيه -أداريه ) .
التضخم الإداري من الناحية ألعسكرية رغم الارتباط الوثيق بين الجانب ألعسكري والجانب المدني في النواحي ألاقتصاديه والماليه إلا انه من الناحية ألعسكريه نلاحظ إن التضخم الإداري له بعض الخصوصيه حيث توجد فكـرة متداولة في الجيوش عموما إن الشؤون الادارية ومن خلال نشاطها في التامين المادي تميل في اغلب الأحيان إلى التضخم من خلال الزيادة في حجم المتطلبات بما لا يتلاءم مع حجم القوات التي تقوم الشؤون الاداريه بمعاونتها ولهذا يكون للتضخم تأثير مباشر على أوضاع القوات ألمقاتله والقـوات الاداريه ألمعاونه كما يؤثر على مرونة هذه القوات وتحركاتها والسيطرة عليها .
أهم أسباب التضخم الإداري
1. ألثوره الصناعية :
نتج عن ألثوره الصناعية تطور هائل في الوحدات ألعسكريه ألمقاتله والمعاونه وفي حجم المـــعدات ألعسكرية وأنواعها المختلفة والمعقدة مما تطلب زياده كبيرة في حجم القوات الاداريه التي يكون عـــــــلى عاتقها تكوين ومعاونة قوات تكتيكية حديثة وأسراب من الطائرات المتطورة وقطع الأسطول البحــــــري التي في حاجة دائمة إلي كميات ضخمة من جميع أنواع الوسائط ألماديه وبشكل مستمر ويترتب على ذلك زياده كبيرة في حجم المخصصات ألمالية لتغطية هذه المتطلبات وهذا قد يوقع الشؤون الاداريه في مشكلة التضخم الإداري .
2. فشل التخطيط الإداري :
إن فشل القاده الإداريين في وضع تخطيط ناجح أو القصور في أي جانب من جوانب التخطيط هو من أهم أسباب التضخم الإداري وفشل التخطيط عادة يأتي من حالتين إما من تخطيط غير واقعي أو تخطيط مبالغ فيه وفي الأغلب يحدث التخطيط المبالغ فيه على اثر تخطيط غير واقعي وذالك عند حدوث قصور في التخطيط لأي عمليه عسكريه يترتب عليه مشاكل في الشؤون الاداريه يكون لها بالغ التأثير على سيـر العمليات ألعسكريه ولحل هذه المشاكل يوضع تخطيط يتسم بالمبالغة يتم عل أثره تخصيص موارد ماديه كبيره يغلب عليها ألمبالغه والتبذير وبالتالي التخطيط الغير واقعي يؤدي إلى تخطيط مبالغ فيه
3.الافتقار إلى الكفاءة الاداريه :
إن الاعتقاد السائد الذي يميل إلى تكليف أفراد من ذوي ألخبره المحدودة للعمل في الوحدات الاداريه وعدم وضع برامج تدريبيه فعاله ومتقدمه ترفع من كفاءة العسكريين العاملين في الجهاز الإداري يجعل هذه الوحدات غير قادرة على تنفيذ مهامها بالشكل المطلوب وبدوره يؤدي إلى تدني مستوى التخطـيط الإداري مما يجبر الشؤون الاداريه على طلب أعداد اضافيه من الأفراد لتغطية العجز الناتج عن تدنـي مستوى الآداء أضف إلى ذالك ماتتطلبه الإعداد الزائدة من الأفراد من موارد اضافيـه تساهم في خلـق التضخم الإداري .
4. الافتقار إلى الضبط والربط الإداري :
الضبط والربط الإداري لا يعتبر موضوعا مستقلا عن الضبط والربط الذي من المفروض إن يتصف به جميع العسكريين على جميع المستويات والمقصود هنا الضبط و الربط على الأوجه الاداريه من قبـل القاده الإداريين ومرؤوسيهم في السلم و الحرب وبالافتقار إلى هذه السمات الاساسيه في الجهاز الإداري تنهار كل مقومات التخطيط و التنظيم والسيطرة ويتفشى الفساد بكل أنواعه من إهمال و اختلاس و رشوه و محسوبيه والشواهد من التاريخ العسكري كثيرة على سبيل المثال بلغت الكميات التي سرقت من إحدى مستودعات الجيش الأمريكي في الحرب ألعالميه ألثانيه إلى 15 % من مجموع الاحتياجات وفي موقع أخر تم وضع وصلات سريه في خطوط أنابيب الوقود لسرقته وقد اشتهرت في ذالك الوقت ظاهرت بيع الوقود في السوق السوداء من قبل العسكريين ويتم سرقة الصناديق التي تحتوي مواد هامــه وثمينة وبعـض الصناديق بعد نقلها إلى ألاف الأميال وجدت مملوءة بالحجارة مما اجبر الجيش الأمريكي لوضع علامــــات مبهمة على هذه الصناديق حتى لأيتم التعرف على محتوياتها تفاديا للسرقة . وفي هذا الشأن قال الجنرال بالـمر وهو احد قادة الجيش الأمريكي (( اشد ماينتابني الفزع حينما أفكر فيما حدث من فشل متكرر في تلك ألحلقه الاخيره من حلقات السلسلة الاداريه فقد كان صنع المعدات باهظ التكاليف وقد شحنت ونقلت إلى مسافة 5000 ميل بالسكك ألحديديه والسفن والعربات ثم أرسلت إلى القوات وحملها في أخر الأمر عدد كبير من الجنود إلى قمم جبال كوريا وكم من مره بدد هذا الجهد العظيم بلا أي اكتراث كما يتلاشى عــود ثقاب محترق نتيجة للإهمال ألناشي عن عدم الشعور بالمسؤليه من أولئك الأفراد الذين تتوقف حياتهـم على المحا فضه على هذه المعدات صالحه )) .
إن الإهمال والسرقة من اكبر المشاكل ألمسببه في التضخم الإداري ولتلافي هذه المشاكل يتم تخصيص إمكانيات ماليه وماديه تتسم بالمبالغة الشديدة ولا تتفق مع حجم القوات والاحتياج الفعلي في السلم أو الحرب وأحيانا تكون ألمبالغه مقصوده من ضعاف النفـوس لتحقيق مكاسب شخصيه لبعض الأفراد ويبدأ الفساد الإداري في كيفية تأمين المواد من حيث أنواعها ومواصفاتها وأسعارها وفساد عند الاستلام والتخزين من حيث الكميات مدى مطابقتها للمواصفــات المطلوبة وفساد في إمداد الوحدات بها من حيث توفرها في بعض الوحدات بشكل زائد عن ألحاجه ألفعليه يجعلها عرضه للتلاعب والاختلاس ولا يصل وحدات أخرى أدنى حاجاتها الاساسيه من هذه المواد وهــذا نتاج طبيعي في غياب الواعز الديني والأخلاقي والوطني وفي الافتقارالى الضبط والربط العسكري وعدم وجــــود رقابه صارمة وعقاب رادع .
السيطرة على التضخم الإداري والحد من أثاره :
للسيطرة على التضخم لابد من الوقوف على حقائق والوصول إلى بيانات محدده تساعـد على توضيـح الأسباب ألفعليه لظاهرة التضخم الإداري وتقييم مدى فاعلية ألمتابعه والرقابة على سير الشؤون الاداريه على جميع المستويات ( ألاستراتيجيه والتعبويه والتكتيكية ) مع وضع نضام مراقبه وتقييـــم يخضع إلى منظومة معلومات دقيقه تتابع وتقيم تنفيذ الأعمال الاداريه حسب الخطط والأهداف ألمحدده . يمكن أن نحدد بعض الإجراءات التي من شأنها الحد من ظاهرة التضخم أو التقليل من أثارها :
1. الدقه و الوضوح في تحديد الأهداف ألاستراتيجيه والتكتيكية والاداريه مع تحديد الأولويات على ضو الإمكانيات ألماليه والماديه المتاحة ومدى ملاءمتها للمتطلبات الاداريه .
2. تكليف كوادر أداريه متخصصة ذات كفاءة عاليه للعمل في جميع مستويات الشؤون الاداريــه ووضــــع برامج تدريب وتأهيل تواكب التطور الهائل والسريع في جميع القطاعات ألعسكريه ويجب أن تتغير النظره السائده في عقول أغلب القادة بأن الأعمال الاداريه غير ذات أهميه ويمكن لأي شخص مهما يكن مسـتوى كفاءته وتأهيله وتخصصه وحتى قدرته الصحية أن يقوم بهذه الأعمال وبعد ذلك تتحمل الشؤون الاداريه النقد الدائم على تبعات أي أخفاقات .
3. وضع نظام صارم للرقابة والمتابعة من خلال قياده أداريه تتسم بالكفاءة والنزاهة ولها ألقدره والسيطرة على مرؤوسيها والتأثير عليهم من اجل أدا واجباتهم بكل ثقة وحماس دون إغفال جانبيين مهمين في هـــذا الشأن هما ( الثواب و العقاب ) يجب أن يميز الفرد الذي يتفانى في آدا واجباته بكل إتقان وإخلاص مـن خلال مكافئته بالترقية والهدايا والشكر والاوسمه والأنواط وعدم التهاون مع المخلين بقواعد الضـبط والربط وخاصة عندما يصل إلى حد جرائم الاختلاس والسرقة والإهمال والمحاباه وتوقع في خقهم اشد العقوبات وهي كثيرة وشامله في القانون العسكري لو أخذت طريقها إلى التنفيذ بعيـدا عن المصالح ألشخصيه والمحاباه والقرابه والصداقة .
خلاصة القول إن الشؤون الاداريه لا يمكنها القيام بواجباتها الاداريه على جميع المستويات وبشكل ألامثل بعيدا عن التضخم الإداري الابوضع نظم وقواعد لتقويم الانحرافات واعتماد خطط تدريبيه لتأهيل كوادرها وتكليف الأكفاء في مناصب قياديه مهمه يكون بوسعهم التخطيط الوافي والتنفيذ الناجح والمتابعة ألدقيقه.
{facebookpopup}