والتطوير ورقة بحثية منشورة في المؤتمر العلمي الأول للجيش الليبي LMSC 201 من الأمور التي لايمكن التغاضي عنها في الظروف الراهنة للبلاد هي الوضعية الأمنية والفنية التي تمر بها مستودعات الدولة الإستراتيجية للأسلحة والذخائر، وما في حكمها، حيث أنها وقعت أثناء حرب التحرير تحت طائلة التدمير والتخريب.
فلهذا رأينا لزاماً علينا كضباط فنيين ومتخصصين في هذا المجال، تسليط الضوء على المضاعفات التي نتجت عن ذلك والخطورة التي تشكلها مخلفات المواد لهذه المستودعات، بعد تفجيرها والحلول الناجعة لتلافي هذه الأخطار.وبما أن موضوع بحثنا هو المستودعات الإسترايجية للأسلحة والذخائر فعرجنا أيضاً على الأمور الفنية التي تساهم في رفع مستوى الكفاءة والأداء بهذه المستودعات مع ذكر بعض الأمور الفنية التي لم تراع في السابق سواءً أثناء التصميم أو الإنشاء كما تطرقنا إلى عدة أمور فنية هي من صميم عمل فنيين التسليح والذخيرة وهي تعتبر مساهمات في كيفية جمع الأسلحة والذخائر من المواطنين ووضعها تحت السيطرة الأمنية والفنية، واقتراحات بإنشاء معامل فنية خاصة لغرض قياس المواصفات والمعايير والجودة للأسلحة والذخائر، وما في حكمها، المراد توريدها في المستقبل كما هو متعارف عليه وحلول للاستفادة من المخزون الموجود حالياً داخل هذه المستودعات .
مقدمة :
من أكبر التحديات التي تواجه البلاد في الوقت الحالي هي كيفية السيطرة على المستودعات الإستراتيجية للأسلحة والذخائر وما في حكمها سواءً التي لا زالت في الخدمة او التي تم تدميرها أثناء حرب التحرير علماً بأن عدد هذه المستودعات 23 مستودع منها 5 عاملة والباقي في حكم المدمرة بالإضافة إلى كمية المخلفات التي نتجت عن ذلك من جراء قصف قوات الحماية الدولية (الناتو) أو بفعل الطابور الخامس كما حدث في المنطقة الشرقية أنظر الصورة رقم (1) .
العملية المثلى لتفادي انتشار هذه المخلفات والتأكد من عدم وقوعها بين أيدي عابثة والأصل في ذلك عدم تكرار مأساة الأضرار التي لحقت بالشعب الليبي من جراء مخلفات الحرب العالمية ولازالت بعد 67 عام من نهايتها .
وإن كمية هذه المواد تفوق حجم مخلفات الحرب العالمية في ليبيا مئات المرات والمجهودات التي قامت بها الأمم المتحدة في إطار إزالة هذه المخلفات والمراحل التي مرت بها .
ومما لا يخفى على الأذهان أن هناك مواد تشكل خطورة على البيئة ومخزون المياه الجوفية إذا لم يتعامل معها باحتراف ومهنية وذلك بتفكيك تركيبتها الكيميائية ومعالجة نسبة السمية بها مثل بودرة النبالم التي توجد في أغلب المستودعات وهي الآن على هيئة أكداس الرمل بعد ان تم تفريغها والاستيلاء على الحافظات التي كانت تغلفها في بداية الثورة ، وهي عرضه للرياح التي تبعثرها نظراً لعدم وجود أماكن مغلقة يتم فيها السيطرة عليها نخشى وصولها إلى المياه الجوفية.
ولابد لنا بناءً على ذلك التطرق إلى الصعوبات التي تعاني منها المستودعات
الموجودة بالخدمة والحلول الفنية والتقنية والأمنية لرفع مستوى أداءها وعدم تجاهلها كما كان في السابق حيث أنه كان يتم التركيز على الجانب الأمني على حساب الجانب الفني .
ومن هذه التحديات أيضاً عملية جمع الأسلحة والذخائر والأفكار المقترحة للمساهمة في الحد من أخطارها.
الطـــــريقة:
إن خطورة هذا الأمر تتلخص في الأتي:
أن المستودعات التي تم تدميرها موزعة على ثلثي رقعة البلاد وبفعل قصف قوات التحالف الدولي لها وإن هذا التدمير لم يكن بشكل كامل بل إن عملية الانفجار بالتعاطف والمعروف لدى صنف الهندسة هي التي أدت إلى قذف أغلب الذخائر إلى مسافات طويلة ومساحات شاسعة دون أن تتأثر المادة المتفجرة بها، الأمر الذي قد يجعل منها مصدراً للمغرضين والفضوليين ، علماً بان هذه المستودعات التي تم تدميرها لا تتمتع بأي نوع من الحماية أو الرقابة الأمنية بغض النظر عن تلك الكميات التي تصل في بعض هذه المستودعات إلى تعبئة عشرات الشاحنات.
هذا إذا أضفنا إلى ذلك كمية الذخائر بالمستودعات التي لم يتم تدميرها وعددها حوالي 5 مستودعات بإجمالي 230 دشمة منها 100 دشمة لازالت ملئ بالذخائر من مختلف الأعيرة وخاصةً الثقيلة منها كالقنابل والصواريخ زد على ذلك كمية تقدر بحوالي 300 شاحنة مخزنة بالعراء، غير التي لم نقف عليها، وجميع هذه الدشم تم نزع نظامها الأمني بالكامل ويتمثل في إزالة موانع الصواعق وسرقة معدات الإطفاء وتخريب الأقفال والأبواب والضعف الشديد بالحراسة حتى تاريخ إعداد هذا البحث.
وتجاهلت الجهات المسئولة هذه الأخطار تماماً ولم تقم بأي إجراء يصب في هذا الاتجاه وخاصةً بالمنطقة الشرقية التي توجد بها المستودعات العاملة الإجراءات:
وهذه البيانات جميعها تم التحقق منها ميدانياً بل حتى مجهودات الأمم المتحدة والشركات التي فازت بالمناقصات لم يتم الاستفادة من أغلبها لعدم وجود خطة دقيقة من ناحية والحجج الأمنية الواهية من ناحية أخرى فغادرت بعض الشركات التي تم تكليفها على نفقة الأمم المتحدة البلاد دون بذل مجهودات تذكر لهذا الغرض [إزالة المخلفات] مثل شركة J.o.p رغم بقائها على الأراضي الليبية فترة طويلة.
النتـــــائج :
ومما سبق يتضح الآتي:
- هناك كمية كبيرة من المخلفات الخطيرة التي نتجت من تفجير الأسلحة والذخائر تقدر بمئات الشاحنات دون حماية.
- هناك مستودعات بالخدمة لا تقل خطورةً لاحتمال تسرب ذخائرها لضعف حراستها.
- هناك كميات من الذخائر ذات الأعيرة الثقيلة مخزنة بالعراء يجب إدخالها في حال صيانة المخازن.
- يوجد كمية كبيرة من الذخائر فقدت صلاحيتها يجب التخلص منها بإعدامها عن طريق اللجان المختصة.
- جميع المستودعات فقدت تأمينها الفني مثل موانع الصواعق ومعدات الإطفاء والأقفال والأبواب التي تم تخريبها.
- لم يتم أي إجراء لتامين هذه المستودعات حتى هذا التاريخ والإجراءات التي تمت بالمجهود الذاتي تعتبر تلفيقية.
- إذا لم يتم الاهتمام بالعسكريين القائمين بواجب التأمين الأمني والفني سوف يؤثر ذلك على الروح المعنوية، وبالتالي فقد المصداقية بالقادة وقد يصل الأمر إلى تخليهم عن الواجب.
- الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه المستودعات تم تأمينها منذ بداية حرب التحرير بالمجهود الذاتي وإن هذه الفترة كانت بدون إمكانيات ولم يصحبها أي نوع من الصيانات للمقرات أو أماكن الحراسة وفصل الشتاء على الأبواب.
- أغلب هذه المستودعات تقع في مناطق نائية بعيدة عن العمران ولا تتوفر فيها سائر الخدمات مثل مصادر المياه والكهرباء والاتصالات.
مقترحات وحلول أمنية وفنية لمعالجة الموقف الحالي:
- مراعاة التخصص وتكليف الجهات المختصة وتأهيل فرق لذلك.
- تأمين المستودعات التي تحتوي على كميات من الذخائر بشكل فوري .
- تأمين المخازن فنياً وذلك بتزويدها بموانع صواعق وأجهزة إنذار ومعدات إطفاء معدة لهذا الغرض.
- التخلص من الذخائر المكدسة بالعراء بإدخالها المخازن الفارغة وتوفير الإمكانيات لذلك.
- إعدام الذخائر التي انتهت صلاحيتها .
- الذخائر التي لازالت بحالة جيدة [ تغليف مصنع ] يمكن استبدالها او بيعها للدول الراغبة في ذلك مثل السودان ولنا مثال على ذلك.
- في حال الحاجة إلى مستودعات بديلة لتلك التي تم تدميرها يمكن استرداد المستودعات التي تم الاستغناء عنها في السابق وهي بمواصفات خاصة من الجهات ذات العلاقة.
- في حال الرغبة في إنشاء مستودعات جديدة يجب مراعاة الآتــــي:
- إتباع جميع شروط انتخاب أماكن المستودعات بالإضافة إلى تحديث سائر المعدات المستخدمة ومواكبة التطور من حيث طريقة قفل الأبواب واستخدام المنظومات الكهربائية وأفكار متطورة بخصوص الطريقة التي يتم بها إطفاء الحرائق وأجهزة قياس الرطوبة [Hygrometer] .
- يجب التركيز على مواقع إنشاء المستودعات من حيث نوع التربة التي يقام عليها المستودع يجب أن تكون تربة غير عدوانية [Soil Corrosive] وهي التي تكثر بها نسبة الأملاح وتتفاعل مع مياه الأمطار فتؤدي إلى معدلات عالية للتآكل [Corrosion] وخير مثال على ذلك ما حدث لأنابيب النهر الصناعي حيث وصلت نسبة الأملاح في التربة ما بين اجدابيا والسرير إلى Ppm 5000 فتآكلت الخرسانة المصنع منها الأنبوب ووصل التآكل إلى الحديد داخلها ونتج عن ذلك تفجر الأنابيب ولدينا أمثلة أخرى حدثت للمواد التي خُزنت وقد كانت بحالة جيدة حين تم استقبالها من مطار الخروبة العسكري بجالو وأودعت بالعراء بمستودع 19 بوصفيه فما لبثت أن انتشر بها التآكل بسرعة ملفتة للنظر وذلك يعود للسبب السالف الذكر.
- الاستفادة من تصاميم الأسوار الحديثة في سد الحاجة لنقص الأفراد ومثال على ذلك السياج الأمني على الحدود السعودية العراقية.حيث يحتوي هذا السياج على أحدث أنظمة المراقبة المتقدمة من رادارات وكميرات مراقبة نهارية وليلية تعمل بنظام الأشعة تحت الحمراء على مدار 24 ساعة علماً بأن السعودية دولة بحدود قارة ورغم ذلك لم يمنع استخدام هذا النوع في حماية الحدود لمئات الكيلومترات أو السياج العسكري الخاص بالمطارات.