إن بداية قصة البرنامج النووي للكيان الصهيوني كانت في شهر أكتوبر عام 1956، عندما أتفقت كل من فرنسا والعدو الصهيوني، على هامش مؤتمر "سيفير" في فرنسا، على الشروع بمفاوضات ثنائية حول مساعدات نووية أراد الكيان الصهيوني الحصول عليها من حليفته الأوروبية،
بل والدولية، الأولى في ذلك الوقت. استمرت المفاوضات لمدة عام، وتُوجت في شهر أكتوبر 1957 بسلسلة اتفاقات فائقة السرية تناولت بالتفصيل أشكال المساعدة النووية الفرنسية التي تقرر تقديمها للكيان الصهيوني، وبموجب هذه الاتفاقيات التزمت فرنسا مدّ الكيان الصهيوني بالمعونة اللازمة لتشييد بنية تحتية لمنشأة نووية، تشمل مصنعاً لفصل البلوتونيوم، وهو ما كان إشارة واضحة الدلالة إلى البعد غير السلمي لهذا المشروع.
وانطلقت ورشة البناء في منطقة ديمونا بالنقب جنوب فلسطين منتصف عام 1958، وأسدل على هذا المشروع الأضخم في حينه داخل هذا الكيان ساتر إعلامي عنوانه "مصنع نسيج" إلا أن فاعلية الساتر لم تدم طويلاً ففي شهر يناير عام 1960 فجّرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قنبلة سياسية كشفت فيها القصة الحقيقية لما يجري في ديمونة استناداً إلى معلومات وفرتها طلعات جوية استخبارتية لسلاح الجو الأميركي ، وبعد أيام قليلة، أضطر رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك، دافيد بن غوريون، إلـى الاعتـراف، فـي خطابـه أمـام الكنيست، بأن حكومته تبني في ديمونة منشأة للأبحاث النووية "للأغراض السلمية"، تشمل مفاعلاً بحثياً طاقته الإنتاجية 24 ميغاوات ، رافضاً جعله بشكل علني أمام العالم أحد المؤسسات التي تعول عليها استرتيجيا ، وقد لف هذه القضية الكثير من الغموض من الجانب الصهيوني ، مـع العلـم بـأن الكثير من الصهاينة أبدوا رفضهم من سياسة الغموض ، وهذا المقال بيان جلي يوضح مدى ارتفاع نسبة رفض الغموض ودعاة الشفافية في هذه القضية "
لقد مر ما يقارب من 40 عاما والعالم يدرك أن اسرائيل لديها قدرات نووية فلماذا إصرار الكيان الصهيوني على هذا الغموض ؟
على خلفية صفقة اليورانيوم الموقعة بين تركيا وايران بوساطة الرئيس البرازيلي داسيلفيا ، وعلى خلفية المشروع الروسي الأمريكي بشأن نزع السلاح النووي من الشرق الأوسط وغيرها من أسلحة الدمار الشامل ، والسؤال المطروح : لماذا نصر على سياسة الغموض ؟
ان الاستراتيجيـة النوويـة مـن أيـام بن غوريون ، تقول من ناحية ان لدينا مفاعلا نوويا " على الورق" ومن ناحية اخرى يقول المسئولون ان لدينا قنبلة نووية ، وحتى مطالبة المسؤولين ،عن مدى الانتشار في الصحف العالمية للقنبلة النووية الصهيونية ،وحتى مردخـاي فعنونـو لـم يـزح الغـشاوة المحيطة بديمونة ، لكن هل ما يناسب الدولة الفتية في بداية طريقها ، بناء قدرة أمنية ورادعة ،هو أيضا مناسب للتغيرات في هذه الألفية ؟ ... وهل طراز المفاعل القديم بديمونة يمكنه البقاء على قيد الحياة في العصر الحالي معززا القيم البيئية ؟ ....وما هو السبب في عدم الإنضمام إلى معاهـدة منـع انتـشار الأسلحة النووية ، والتي تمكن الكيان الصهيوني من استخدام المواد النووية لأغراض مدنية مثل البحوث والكهرباء ولكن سيلزم الصهاينة عدم استخدام السلاح النووي والسماح للمراقبيين بالإنتشار داخل الأماكن المحرمة في السابق ؟
ومما لا شك فيه أن هذا الغموض بالمعنى السياسي- الإستراتيجي هو تحقيق لأهداف الكيان الصهيوني .
فيذكر البروفيسور عوزي ايفين من قسم الكيمياء بجامعة تل ابيب وعضو سابق في الكنيست وأحد دعاة إزالة الغموض "إن سياسات الغموض باختصار تبين أن كل شخص في العالم يعتقد أن لدينا سلاحا نوويا " ولكن نحن لا نعترف بهذا وفي الماضي كانت هذه السياسات مبررة وشـرف هـذا الغمـوض كان للرئيس المصري انور السادات بتوقيعه معاهدة السـلام مـع الكيـان الصهيونـي ، فهذا الغموض هو الذي يضمن وجودنا هنا وكما يقول الدكتور أفنيير كوهين من جامعة ميريلاند إن هذا الغموض ينجح في ضمان رؤية استراتيجية عميقة " وان للكيان الصهيوني أحتكاراً في عملية السلام في الشرق الأوسط بشأن القضية النووية ، غموض يجعل الجميع على المدى متجاهلا هذه المسألة تماما ويخلق هذا حافـزا ضعيـفا للعـرب في التسلح بنفسها بأسلحة نووية "ويضيـف" ان الغمـوض بـــه الكثيـــر من التحذيرات ، بسبب اثارته الفصل بين القضايا النووية والقضايا الأمنية العادية " "ليس هناك أدنى شك في أن الغموض بالمعنى السياسي هو تحقيق هدف استراتيجي ، وتعزيز الإعتراف في جميع أنحاء العالم بأن الكيان الصهيوني يمتلك أسلحة نووية لن يتخلى عنها في المستقبل القريب ، وانه فعلا لديه مثل هذا السلاح .
وعلى الرغم من أن كوهين وايفين يعتقدان بأن هذه السياسة كانت ناجحة ويقولون أنها ليس لها مكان حاليا .
يذكر كوهين " إن الكيان الصهيوني هو الدولة النووية الوحيدة التي ترفض عنادا أن تقول شيئا عن الوضع النووي أو حتى التعامل مع القضية النووية برمتها باعتبارها سرا من اسرار الدولة غير معلـن، أما بقـية الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين والهند وباكستان فإنها دول نووية بشكل علني ، وتكشف الولايات المتحدة بالعدد الدقيق عن أسلحتها النووية .
الغموض غلطة تاريخية وقـد ذكـر " أن الصهاينة الذين نشأو في ظل ثقافة الغموض لايدركون مدى العناد الصهيوني وكأنه شذوذ عالمي ، تماما في نظري " وأضاف " أتذكر
شخصيا بعد دراستي للقضية سنوات طويلة ، وأدركت تماما تأثير الشذوذ الصهيوني فقط عندما استمعت إلى برنامج الولايات المتحدة في الإذاعة العامة الصهيونية "
" هذا البرنامج هو الصفقة النووية الصهيونية ، وفي نظري حتى الخبراء لا يمكنهم تفسير الإصرار االصهيوني الشديد بشان هذه القضية والعالم مدرك من حوالي أربعين عاما ،ولماذا نظرة التعالي التضليلية تصبح استراتيجية وطنية ،ولقد أدركت كيف أن الغموض هو خطأ تاريخي قديم عبر عنه الواقع السياسي ،ربما الإنعزال ، ولكن كتمان ما لا يرغبون في إعلانه "
وقال كوهين "ومن خلال التجربة العالمية ، ان هذا الغموض هو احتيال مؤكد ، وبالنسبة للعالم لا يوجد أدنى شك في مكانة الصهاينة النووية ،والغموض اليوم هو المنظر القديم الذي يمثل حقبة تاريخية للشدائد الأولى ،والخوف من ظـلال منطقتـنا وانعـكاس المعاييـر الديمقراطية السليمة ، والمشكلة هي في انعدام الشفافية داخل الكيان الصهيوني ليس في الخارج ، بل في الداخل أيضا " "مذهب التكتم يجعل هذا الموضوع فوق كل القوانين ولا يوجد غطاء قانوني للنـقاش فيـه ،وهـذا الوضـع الـذي " بالكيان الصهيوني " خاص ولايصدق وهذا المستوي قياسي بالنسبة للكيان الصهيوني ولا يسبب تحيزا غبيا إلى حد بعيد _ هذا ما فتح ثغرة لإيران للسير في اتجاه مماثل . نحن من أعطيناها هذه الشرعية كنموذج فاسد ، هل في الحقيقة مصلحتنا هي أن تصبح دولا أخرى غامضة ؟
"نحن معزولون عن العالم في الشأن النووي ويضيف البروفيسور ايفين أننا لم نناقش مطلقا موضـوع القضيـة النوويـة ، " معـظم المواطنين لا يرغبون في معرفة هذه القضية حتى وان استخدمناها مع افتراض وجودها عندنا . هذا بسبب ان هذه المسألة نظرية ، فما تحقق من قتل لمئآت الآلاف من الأبرياء في صنع قنبلة نووية واحدة ؟ وهوسؤال صعب . فلا يصلح الغموض بعد الآن ,فلا يوجد شخص واحد لا يعتقد أننا لانمتلك سلاحا نوويا ، وهذا ثمن الغموض الباهض ،وأضاف " اننا نمنع شراء المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء , ولا يمكن لأحد أن يبيعنا مفاعلا كهذاولا نستطيع انتاجه بمفردنا ، ولذلك عندما نتحدث عن تنويع مصادر الطاقة نحن أمام مشكلة أخرى وهي ليست من أجل المفاعلات النووية فقط بل بتقليص مفاعل ديمونة ، لينتهي اعداد جيل جديد من المهندسين والفنيين بالهندسة النووية بالكيان الصهيوني ، وهو جزء كبير من التقنية أصبح مغلقا ، عندما يكون العمل روتينيا , فلا أحد يتعلمه . "وبالتالي من البارز أننا متخلفون في المجال النووي في العالم ، أيضا ولا أحد يبيعنا معدات مشبوهة لكي تصل مفاعل ديمونة قبل التوقيع على اتفاقيات دولية ، مع العلم بالحاجة لمواد مختلفة من أجل الطب والزراعة والجيولوجيا وعلم الآثار وإنتاج الطاقة .
حتى أن مختبري الخاص عاجز على توفير مواده أو أن طريقة الحصول معكوسة وغير مضمونة أبدا . وحسب أقوال البروفيسور ايفين ، " أيضا قد تكون هناك مشاكل بيئية وأمنية حول المفاعل.
حيث أنه في السنوات الأخيرة أعلن حزب الله أن لديه صواريخ طويلة المدى يمكنها أن تضرب المفاعل، مفاعل ديمونا الذي يبلغ من العمر (45 عاما) ، مفاعل لايركز على تجنب وقوع الحوادث المحتملة ، فلديه مشكلة مع النفايات النووية تم تخزينها بعيدا في العالم وهي تسبب التلوث للبيئة ، وأضاف البروفسور إيفين محذرا " لم تذكرأي مشكلة اقتصادية" واضاف "في غياب النقاش العام ، لا أحد يعرف ما هو ثمن الحفاظ على مفاعل إذا كان لديه مبرر اقتصادي. عاجلا أو آجلا وهذا المفاعل يجب ان يغلق ، فلماذا لا نفعل ذلك الآن؟ ... ومن قبل كان صوتا واحـدا فـي هـذه المعركـة، فزادت فـي السـنوات الأخيـرة ، وفـي كل مـرة كان الحديث عن هذا الامر بين الناس حيث أوقفوني في الشارع ويقولون انها نقطة مهمة ".
الكيان الصهيوني لا يزال غامضاً عندما يتعلق الأمر بالقضية النووية وليس من الواضح كيف ومتى تكونت سياسة الغموض النووي، وقد كشفت مجلة تايم عن أول مفاعل، في 13 ديسمبـر 1960 وذكـرت أن الكيان الصهيوني ليس عضوا في حلف شمال الاطلسي لتطور الطاقة النووية. وبعد ثلاثة أيام كذلك كشفت صحيفة ديلي اكسبرس "اسم هذه الدولة " الكيان الصهيوني".
وبعد مضي يومين تذكر "نيويورك تايمز " أن الفرنسييـن هـم مـن ساعـدوا الصهاينة في بناء مفاعل نووي، وقد رد ذلك ، بن غوريون ورفضه في الكنيست وقال أننا نعمل على تطوير اسلحة نووية وان الغرض من المفاعل فهو للأغراض السلمية ، وفتح الباب لسلسلة طويلة من النفي أو الكتمان والغموض ، في عام 1963 ، أعلن شمعون بيريز والذي شغل نائب وزير الدفاع وقتها، ان الكيان الصهيوني لن يكون أول دولة في المنطقة تدخل السلاح النووي الى المنطقة ، وقد اعتبر رائدا على إعلان الغموض.
وبعده قال ليفي اشكول الشيء نفسه. ويقول الدكتور أفنير كوهين " ان البداية كانت جلسة خاصة لغولدا مائير والرئيس الاميركي ريتشارد نيكسون في شهر سبتمبر 1969.
قال كوهين "وقد قرروا أن الكيان الصهيوني سيبقى غامضاً بشأن القضية النووية ، ولن يعلن عن القدرة النووية والحمد لله أنها لم تقل أي شيئ فالموضوع برمته بقى سرا ، وأمريكا سوف تقبل هذا وحاولت التعايش معه ، وأصبحت القضية النووية الصهيونية غير عادية ، وهذه كانت اساسا لفهم قواعد مقبولة للعبة حتى الآن ، والتي تنص على ان الكيان الصهيوني سيواصل القضية النووية بسرية تغطيها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في المحافل الدولية " ولم يوافق الجميع على ذلك الغموض.
فقد فكر موشيه ديان ان على الكيان الصهيوني ان يصدر إعلانا صريحا بشأن الخيار النووي ، ولكن الرد الرسمي للكيان الصهيوني غير متناسق أصلا. وقد فشلت مجهوداته ، وتنبيها لما أحدثته صورديمونة : لفعنونو لخص الدكتور يوئيل كوهين ، سلسلة طويلة من المحاولات الصهيونية لاختراق حجاب الغموض.
منها أن عضو الكنيست اليعازرليفنى وأوري افنيري ، والصحافي زئيف شيف في برنامج المشهد الآخر " لم يسمحوا بنشر أي بحوث على مفاعل ديمونة .وفـي عـام 2000 فقـط ظهـرت عـلى التلفزيون لأولى مرة صور المفاعل، وهذه الصور أخذت من موقع اتحاد العلماء الأمريكيين، والكنيست أيضا لم يهتم بهذا الموضوع مطلقا ، وقد وجد الدكتور يوئيل كوهين بين عامي 1995 و 1999 حوالي 13 استفسارا بشأن القضية النووية، كجزء من سياسة الغموض فالكيان الصهيوني ، مثله مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية لم يوقع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية . واقترحت مصر قبل كامب ديفيد ان يوقع الكيان الصهيونـي على معاهـدة حـظر الانتشار النووي كشرط لتوقيع معاهدة سلام ، لكن بيغن رفض ذلك ، "وبالنسبة للكيان الصهيوني هذه الإتفاقية ليست خيـاراً عـلى الإطـلاق ، لا مـن الناحـية القانونية ولا من الناحية السياسية" ، كما يقول كوهين ، وقال "إن الامريكيين تفقدوا المفاعل قديما سبع مرات حتى سبتمبر 1969 ، وانقطعت هذه الأعمال عقب التفاهم بين نيكسون وغولدا مائير.
و كما يقول البروفيسور ايفين "كجزء من الغموض استمر مدة أربعين عاما لا يوجد أي إشراف على المفاعل". "كانت النوايا الحقيقية للكيان الصهيوني مملة حتى مع نفسها ، حيث ترخي بظلالها حتى على التفكير "فقد كتب الدكتور أفنير كوهين في كتابه "آخر المحرمات" ، يبدو أن أولئك القادة القلائل الذين كان من المفترض أن يعرفوا هذا الملل، فقد وقعواأيضا في فخ غموض حقيقي ".
هذا الفخ موجود اليوم. فعضو الكنيست تساحي هنغبي ، وهورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست ، يقول انه لا يمكن إجراء مقابلات أو تصريحات عن أي شيء غير موجود.
وكذلك عضو الكنيست جدعون عزرا ، وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع ، "مغلقا الهاتف "عندما طلب منه التحدث عن ذلك ليكون حذرا في هذا الموضوع. وعوزي عيلام الذي كان الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الذرية إخفى الكثير في حديثه مع ميري ريغيف ، الذي كان رئيس الرقابة ، والذي يفترض عليه أن يقول شيئا عن القضية النووية ، لأنه يعتبر الرقيب حول هذا الموضوع. وقد استجوب الدكتور أفنير كوهين من قبل رجال يحيئيل حوريف ، عندما كان يشغل منصب رئيس الامتيازات "منذ تأسيسها وطلب منه معرفة كل كلمة مكتوبة نيابة عنه. كما حذرمن ذلك البروفيسور عوزي بعد تحقيق مماثل معه .
ورفض شيمون بيريز ، الذي يعتبر أحد مؤسسي الغموض وقال في مؤتمر صحفي " إن َّ هذه القضية حساسة للغاية" ، قائلا ان الكنيست "، سوف ينظر الى كل كلمة بعناية وكذلك جميع أنحاء العالم".
فحتى الرئيس أوباما حريص على عدم الخروج من الغموض.
فقد كشف لأول مرة مردخاي فعنونو والـذي كـان يعمـل بالمفاعـل ، في عام 1986 ، وفقا لمقابلة أجرتها معه صحيفة صنداي تايمز البريطانية قوة الكيان الصهيوني النووية ، وكان قد خطف من قبل الموساد الصهيوني ، وجلب سرا إلى فلسطين المحتلة ، وأدين في شهر مارس 1988 بالتجسس وحكم عليه بالسجن 18 عاما.
وأطلـق سراحـه لكنـه كـان ممنوعـاً من اعطاء المقابلات ، ويعيش الآن في دير في القدس الشرقية، ويقول كوهين وايفين "قد حان الوقت لتغيير قواعد اللعبة "، "وتأتـي هـذه الخـطوة في الجمـع بين غموض العملـي و التنسيـق مع الاميركييـن والمصريين" ، ويقول كوهين "، لكن الكيان الصهيوني لا تملك اي خيار ، فقد ذكر انه يجب ان يحصل على التطبيع وأوضح أن الكيان الصهيوني لن يهاجم ايران ، ولكن سوف يحصل على اعتراف بالشأن النووي . فالقيادة السياسية لم تكن قط منفتحة لهذا الفكر إطلاقا ".
وإن عوزي ايفين اقترح اقتراحا بعيد المدى يبين فيه "لقد حان الوقت لرئيس الوزراء أن يعلن تشغيل المفاعل تحت إشراف دولي ، وهذا سيسمح للايرانيين بإعلان نصرهم ، و سيشعرون كما لو أنهم يعادلون الكيان الصهيوني النووي وربما سينهارون ونحن فقط نكسب مثل هذا الإعلان ، لأننا مجبرون ، لما هو لدينا بالفعل ـ إذا كان لدينا ـ ولكن هذا فقط للمستقبل. " ويقول افرايم سنيه ، وهو النائب السابق لوزير الدفاع ، " أن إزالة سياسة الغموض ستكون أمرا خطيرا. " فهل نتحدث عن الشفافية من سذاجة الغموض؟ وهدف الغموض هو الردع ، و لا نقول ما لدينا والقصـد ردع أعدائنـا ، و العالـم يتظاهر ويكيل بمعايير مزدوجة تجاه الكيان الصهيوني ، والعالم سيصبح شفافا ونظل في مواجهة جدار من الغموض .
هل نحن لسنا من ننتهج الكيل بمكيالين؟ نحافظ على الغموض المحيط بنا ، ولكننا هل نحتاج إلى إيران للكشف عن كل شيء؟ "لا يوجد تماثل بيننا وبين إيران ونحن لا نعلن أننا ذاهبون إلى تدمير دولة أخرى". البروفيسور عوزي ايفين يقول " إن المزاعم القائلة بأن سياسة الغموض تؤثر على تطور العلوم في الكيان الصهيوني ".
"هذه الكلمات من البلاهة ، والخطر على العلم ليس لعدم وجود الشفافية فقط، ولكن عدم وجود ميزانية أيضا ".
وتقول الدكتورة اميلي لانداو ، رئيسة مشروع مكافحة الأسلحة والأمن الإقليمي في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب "إن المظهرالمتردي يسمح للحروب أن تحدث دون إنهاء للقضية النووية في المنطقة.فإنه يدفع أيضا الدول العربية لتحقيق قدرة نووية.
ليست هناك صلة بين السياسة الصهيونية الغامضة وايران، فقد بدأت ايران برنامجها النووي بالفعل في السبعينات وتخلت عنه ثم عادت إليه في عام 1984.
وإن دوافع ايران ليس الكيان الصهيوني ولكنها لن تكون قوة عظمى في المنطقة " بحسب قول لاندو، ومع ذلك ،أليس من الحق تغيير السياسة اليوم ؟... واعلان الشفافية ؟، وإذا كان كما ندعي ، أن لدينا حقا الأسلحة النووية ، لنكون إحدى الدول النووية؟ ..."فما ردة فعل العالم اذا أعلن الكيان الصهيوني أن لديه ترسانة نووية؟ . وإذا كانت لديها ترسانة من هذا القبيل؟ وكان هناك نوع من التحدي ، فسيكون للكيان الصهيوني نزع السلاح ، إذا كان لديه مثل هذه الأسلحة التي لا تتوفر في أي بلد ولا يرغب في تصنيعها"، ويقول البروفيسور يائير عبارون استاذ العلوم السياسية في جامعة تل ابيب "اذا كان الكيان الصهيوني يغير سياسته تجاه الغموض فان الدول العربية سوف تستقبل هذا الإعلان على نحو خطير جدا ، فإن جامعة الدول العربية ذكرت في وقت سابق انه اذاما امتلك الكيان الصهيوني اسلحة نووية ، فإن الدول العربية كذلك ستمتلك سلاحا نوويا ، وهو ما لا يريده الكيان الصهيوني أن يحدث.
ويعتقد البروفسور جيرالد شتاينبرغ من قسم العلوم السياسية في ميناء بار ايلان أن الغموض سيؤدي إلى "تصعيد سباق التسلح وعدم الاستقرار والمواجهة مع الولايات المتحدة".
في حين رفض الرئيس أوباما معالجة البرنامج النووي الصهيوني ، ولكن ذكر ان الولايات المتحدة دعت جميع الدول للتوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
تغير موقفها، وهو يدرك ان هذا أخف الضررين ، وأنا الآن في واشنطن ، والكل يقول ما يقوله الرئيسان كينيدي وكارتر "لماذا الضغط على الكيان الصهيوني بشأن هذا الموضوع" ، ويقول عوزي عيلام الرئيس التنفيذي السابق للجنة الطاقة الذرية من داخل مكتب التنسيق في التعامل مع القضية النووية :
"سياسة الغموض الصهيونية مازالت تسير نحو الأفضل ، لذلك ليس هناك مجال في التخلي عنها ، و أكثر من هذا لايهم .
"فقد تم بناء مفاعل ديمونة وفقا لمعايير تشيرنوبيل الروسي ولم يكن آمنا بما فيه الكفاية.
وهؤلاء "أي اليهود " نيام ، ولكن أي شخص يناقش مثل هذه الادعاءات الخطيـرة للسلامـة ليعـرف ما فعلـوه في صيانة المفاعل ؟.
وإن صنع مثل هذه التحسينات الآن يكلف مثل بناء مفاعل جديد."
وبهـذا الخصـوص هـل يصعـب عـلى إسرائيل تقديم بعض المواد الكيميائية المعينة في حال كان المفاعل مستخدما؟ "الكيان الصهيوني عضو بالوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ومن خلال هذه العضوية تنظم هذه المسائل." ولكننا لا نستطيع بناء قوة نووية حتى نغير سياسة الغموض. "لقد وعد الفرنسيون تزويدنا بمحطات الطاقة النووية ، والتي فشلت بسبب السياسة ، والولايات المتحدة ستزود محطات توليد الطاقة في الهند ، على الرغم من أن الهند لم توقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، ويمكن التوصل إلى اتفاقات مماثلة".
فهل أنت راض عن حقيقة أن كل ما يحدث حول سياسة البرنامج النووي الصهيوني يجري في الظلام؟ فليس كل شيء يجب أن يقاطعه الجمهور."
وأخيراً يتضح لنا مدى الحرص الصهيوني على المراوغة والتلاعب بالقوانين لصالحه , ومع علمنا بامتلاك الكيان الصهيوني أسلحة دمار شامل واصراره على عدم الكشف عن هذه الأسلحة وانحياز العالـم متمثـلا فـي الولايـات المتحـدة الأمريكية لحراسة هذا المشروع نجد أن بعضا من الصهاينة يحاولون جاهدين في كشف هذا المشروع وجعله علنيا فهم كذلك يخدمون مصالح الصهاينة بسد ثغرة المعارضة التي تتمثل في من يطالب بالتوقيع على معاهدة منع الإنتشار النووي وجعل مفاعل ديمونة تحت الإشراف الدولي في مخطط يرسمه الصهاينة من ناحية علم العالم أجمع بمشروع ديمونة تجعل الكيان الصهيوني يهدد باستخدام السلاح النووي في حال وقع عليه أي تهديد وأما من الناحية السياسية التي تجعل الصهاينة يتكتمون عن أي معلومات ولو بسيطة حول مشروع ديمونة لعدم مطالبتهم سياسيا عندما يرفضون التوقيع على معاهدة انتشار السلاح النووي وقد أشارت الكاتبة إلى ذلك بقولها " وجهة نظر الكيان الصهيوني تجاه اتفاقية انتشار الأسلحة النووية بأنها ليست خيارا شرعيا " ويذكر " إليكسي دورون "وهو من دعاة رفض الغموض في مقال نشره في صحيفة أنيرجيا نيوز بالعبري بعنوان " يمكن لمفاعـل ديمونـة أن ينفجـر كما حـدث لتشارنوبل لأنه من الطراز القديم " يركز فيه على الأضرار وخاصة الإقتصادية والسياسية الناجمة عن عدم التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ،ولا يمكن لإسرائيل استثمار هذه المفاعلات في المشاريع السلمية مثل الكهرباء وتحلية المياة.