تعتبر معركة أشكدة من أهم معارك فزان وهي أحدى المحطات التاريخية في تاريخ جهاد الليبيين في منطقة فزان وقد عرفت في أغلب المصادر التاريخية بهذا الاسم على الرغم من وقوعها بمنطقة الدويسة، وقعت في الثالث عشر من ديسمبر من العام 1913
ضمن ما يعرف بحملة مياني الأولى والتي توجه فيها الجنرال مياني للمنطقة لمحاولة السيطرة عليها وضمها للسلطة الإيطالية.
وصف الأرض وهيئتها :
موقع المعركة مكان مرتفع يشرف على الطريق الواصل بين أشكدة وبراك ويقع إلى الغرب من بلدة أشكدة بحوالي ثلاثة كيلومترات، وقد وقع اختيار المجاهدين على هذا الموقع الإستراتيجي المهم لصعوبة اقتحامه ولأن الذاهب إلى براك لا بد أن يمر عبر هذا الطريق في ممر ضيق عبر المرتفعات التي تصلح لأن تكون مناطق تحصينات دفاعية من الصعب اقتحامها.
الموقف العام :
تنادى الرجال القادرون على حمل السلاح طوعاً في المنطقة المحصورة فيما بين بلدة آقار غرباً وحتى بلدة أشكدة شرقاً للقتال والمشاركة في التصدي للقوات الإيطالية من كل قبائل الحضر والبادية المقيمة بالمنطقة، وتقاطروا على المنطقة حاملين معهم ما يمكنهم من مواجهة العدو من أسلحة نارية وأسلحة بيضاء عاقدين العزم على مواجهة القوات الإيطالية والتصدي لها، تشاور المجاهدون فيما بينهم حول اختيار مكان المعركة، واتفقوا أن يكون موقع المعركة خارج بلدة أشكدة لتجنيبها الدمار خاصة أن الكثير من أبنائها كانوا ضمن قوة المجاهدين، وتذكر المصادر التاريخية أن المشاركة الشعبية فيها كانت كبيرة، فكل من كان يملك السلاح وقادراً على استخدامه اشترك فيها، وهناك البعض ممن تحمل مسؤولية إمداد المجاهدين بالمؤن والذخيرة، كما يذكر التاريخ مشاركة النساء الفاعلة في هذه المعركة جنباً إلى جنب مع الرجال حيث تحملن مسؤولية إعداد الطعام.
قدرت المصادر الإيطالية عدد قوات المجاهدين بنحو 1000 رجل، وتولى قيادة المجاهدين الشيخ بشير العياط البوسيفي، وأشير هنا إلى أن قادة معارك الجهاد لم يتلقوا تدريباً عسكرياً راقياً، بل إن تدريبهم لم يخرج عن الطرق البدائية في استخدام السلاح والدفاع عن النفس، ومع ذلك فقد كان معظم المجاهدين يجيدون ركوب الخيل واستخدام السلاح والرماية به.
الموقف الخاص :
وضع المجاهدون قواتهم على المرتفعات المحيطة بالطريق المؤدية إلى براك عبر منطقة الدويسة في انتظار مرور القوات الإيطالية التي ليس لها طريق آخر تعبره سوى هذا الطريق، وسارعوا منذ احتلالهم لمواقعهم بتجهيزها وإعدادها، وهنا تنبه القائد مياني لخطورة الموقف، وحاول ثنيهم عن مواجهته، وأرسل رسالة لمشائخ المجاهدين تتحدث بلسان المرافقين للحملة من أعوان المستعمر مفادها التخلي عن القتال والاستسلام طوعاً للسلطة الإيطالية إلا أن المشائخ اتفقوا على رفضها وعدم الاستجابة لمطالب مياني، وقرروا عدم الرد عليها في إشارة واضحة لعزمهم على القتال والتصدي للقوات الإيطالية، وعملوا على تحصين مواقعهم استعداداً للقتال.
كان تمركز القوات الإيطالية إلى الشمال من بلدة أشكدة، وكان لا يفصلها عن مساكن القرية سوى مسافة قليلة، والمسافة بينها وبين قوات المجاهدين المرابطة في منطقة الدويسة حوالي ثلاثة كيلومترات.
سير المعركة:
بدأت القوات الإيطالية تنفيذ خطتها للمعركة بدءاً بالتمهيد المدفعي، وذلك بقصف مواقع المجاهدين بوحدة المدفعية المرافقة للحملة، وتشير المصادر التاريخية إلى أن عدد دانات المدفعية التي تمت رمايتها لم يتجاوز الاثنتي عشرة دانة كحد أقصى، وكان الهدف هو إخافة قوات المجاهدين وإرهابهم، بعد التمهيد المدفعي بدأت القوات الإيطالية تحركها، وأخذت التشكيل القتالي المحدد لها للدخول في المعركة.
أعطى مياني أوامره لقافلة الجمال المحملة بالمؤن والعتاد بتغيير خط سيرها، وذلك بالاتجاه جنوباً لتظهر للمجاهدين وكأنها متجهة نحو سبها بدلاً من براك، وذلك في محاولة منه لإخراج المجاهدين من مواقعهم الحصينة في المرتفعات، لأنهم سيحاولون اللحاق بها والاستيلاء عليها ظناً منهم أنها هربت وابتعدت، ولإعطاء الفرصة لقواته لقتالهم في المنطقة المفتوحة عند انشغالهم بالقافلة، كان مياني قد اعتمد في خطته هذه على المعلومات الاستخبارية التي تلقاها، والتي تفيد أن بعض قوات المجاهدين لن تقوم بدفع مقاتليها خلف قواته، وأنها لن تترك أماكنها الحصينة في المرتفع، ومن ثم ستكون قواته في مأمن من الهجوم عليها من الخلف ومطاردتها.
كانت خطة مياني ترتكز على استدراج المجاهدين نحو الأرض المنبسطة الواقعة جنوب المرتفعات وإخلاء مواقعهم الحصينة، ثم شن الهجوم عليهم بعد أن يوجه جزءا من قواته للاستيلاء على مواقعهم بعد أن يتركها المجاهدون سعياً للحاق بالقافلة فيكونوا بذلك تحت رحمة القوات الإيطالية وأسلحتها الفتاكة.
بعد أن اتبعت القافلة الطريق التي حددت لها مبتعدة حسب الخطة المتفق عليها انتبه المجاهدون لذلك، وظنوا أن العدو سلك طريقاً أخرى، فأسرع المجاهدون بترك مواقعهم والنزول لاعتراض القافلة، وفي تلك الأثناء كانت القوات الإيطالية لا تزال بعيدة عن القافلة، فوقع المجاهدون بين القوات الإيطالية والقافلة التي كانت تحت حراسة ساسة الإبل المسلحين، وكانت القافلة قد تجاوزت المرتفعات التي يسيطر عليها المجاهدون غرباً.
تحول مياني لتنفيذ الجزء الأهم من خطته، وهو تحويل اتجاه سير قواته نحو الشمال نحو المرتفع الذي تخلى عنه المجاهدون مع البدء بقصف مدفعي نحو المواقع الأخرى التي بقي المجاهدون متمركزين فيها على المرتفعات.
عند بداية القصف انطلق فرسان المجاهدين على صهوة جيادهم لتنفيذ المهام الموكلة إليهم، والتي كانت محاولة للاستيلاء على مواقع المدفعية والسيطرة عليها وحرمان العدو من استخدامها في المعركة والقيام بعملية اعتراض للقافلة لإيقاف تقدمها وتأخيرها لتمكين مشاة المجاهدين من اللحاق بها والاستيلاء عليها وحرمان القوات الإيطالية من مورد إمدادها الوحيد في هذه الحملة.
أدرك مياني الذي يقود قواته في معركة صحراوية تتميز ساحة عملياتها بأنها مفتوحة وأن المفاجأة فيها محتملة ما خطط له المجاهدون، فحاول تعزيز مواقع المدفعية بكل قوته للدفاع عنها ومنع المجاهدين من تحقيق هدفهم، وترك فكرة التقدم نحو براك لاعتقاده بأن المجاهدين قد حشدوا قوتهم كلها للتصدي له في هذه الموقعة والنيل منه في معركة فاصلة، وكان ذلك نتيجة لشدة الضربات التي تعرضت لها قواته وللمقاومة العنيفة التي جوبهت بها، فأمر قواته بالتقدم نحو قوات المجاهدين بتشكيل قتالي على شكل هلال مفتوح لتطويق ساحة المعركة وللتضييق عليهم، ولكن نظراً لاتساع ميدان المعركة وازدياد ضغط قوات المجاهدين التي تزايد اندفاعها نحو العدو نشأت ثغرة في وسط التشكيل أمر مياني بسرعة سدها ووجه أوامره للجنود الأرتريين الذين كانوا يحاولون التصدي لفرسان المجاهدين المهاجمين للقافلة بالانسحاب السريع خلف خطوط المجاهدين وسد الثغرة، وكثف في الوقت نفسه من استخدام سلاح الرشاشات نحو المجاهدين، فتوقف اندفاع قوات المجاهدين الذين كانوا آنذاك قد ابتعدوا كثيراً عن مواقعهم، وباتوا يقاتلون العدو في أرض مكشوفة وبدون ساتر، فسقط الكثير منهم بنيران الرشاشات، وبدأوا في الانسحاب شمالاً نحو المرتفعات للعودة إلى مواقعهم ثانية إلا أن القوات الإيطالية كانت قد وصلت للمرتفعات ودخلتها من جهتها الشمالية.
استغل مياني ترك المجاهدين لمواقعهم الحصينة في مرتفع الدويسة، ووجه قواته نحوهم بحركة إلتفاف منظمة، فوجد المجاهدون أنفسهم بين فكي كماشة تحت ضغط قوات العدو الإيطالي ما أدى إلى انسحابهم متجهين نحو براك وقيرة في شكل غير منظم، وكان ذلك بعد أن نجحوا في التصدي للقوات الإيطالية لفترة دامت ما يقارب خمس ساعات متواصلة من القتال الذي يوصف بالشجاعة والإقدام، استغل مياني النجاح، وقرر متابعة المسير نحو براك لاحتلالها والسيطرة عليها لإدراكه عدم وجود مقاومة منظمة فيها، ولأن معركة الدويسة كانت في الواقع لأجل الدفاع عن براك، وقد كان له ذلك عشية ذلك اليوم.
النتائج الأولية للمعركة :
تذكر المصادر التاريخية أن القوات الإيطالية منيت بخسائر كبيرة وخصوصاً في صفوف الجنود الأرتريين حيث تم دفنهم في مقابر جماعية بالقرب من المنطقة، ولكن الإيطاليين كعادتهم قللوا من خسائرهم بشكل لا يبدو منسجماً مع ما ذكر في مصادرهم حول ضراوة القتال وشدة المعركة.
جرح واستشهد عدد كبير من قوات المجاهدين على رأسهم قائد المعركة المجاهد بشير العياط البوسيفي، وتذكر المصادر التاريخية والرواة أن هناك بعض المجاهدين وجد وقد عقل "ربط " ركبتيه خشية الخوف والفرار من المعركة، وهناك إخوة استشهدوا جميعهم وهم بمواقعهم، وقد أطلق اسم المقتلة على موقع المعركة للدلالة على كثرة أعداد من استشهد فيها من المجاهدين ومن قتل فيها من الأحباش والطليان، كما تم فيها أسر عدد من المجاهدين الليبيين.
كانت أسلحة المجاهدين مكونة من بنادق أكثرها من نوع بوصوانة وبوقوس وبندقية بومشط والكاباك، وهي أسلحة قديمة والقليل من بنادق الموزر الألمانية التي تعتبر الأفضل آنذاك، والغالبية منهم كان تسليحهم يعتمد على السلاح الأبيض، بينما كان تسليح القوات الإيطالية يعتمد على المدافع الرشاشة وبنادق الموزر الحديثة ومدافع الميدان، وكان الفارق كبيراً بين هذه وتلك، ولكن الإيمان وحب الوطن والجهاد في سبيل الله كان داعماً قوياً لنفوس المجاهدين وعاملاً كبيراً في رفع روحهم المعنوية.
معركة محروقة 24 ديسمبر 1913م
عقب احتلال براك انتقلت القوات الإيطالية لبلدة آقار صبيحة يوم 1913/12/24م استعداداً للتوجه نحو محروقة والشق الغربي لمنطقة وادي الشاطيء، علمت قوات المجاهدين بنية مياني في التقدم غرباً إلى محروقة فاختارت بعناية كبيرة وادي القاره، وتمركزت به إذ لا يوجد مكان آخر أكثر ملاءمة لخوض المعركة فيه من هذا المكان، فهو موقع إستراتيجي حصين يمكن من خلاله استغلال الطبيعة كمانع قوي ومساند في التصدي للعدو وعرقلة تقدمه.
تم وضع بعض الرجال على أعلى مرتفع القاره والمرتفعات المحيطة بالطريق الشمالي للرصد والاستطلاع ومتابعة تحركات العدو، كان تعداد قوات المجاهدين حوالي ألف مقاتل من مختلف قبائل الحضر والبادية المقيمة بين آقار غرباً وحتى بلدة إدري.
وصف الأرض وهيئتها:
وادي القاره هو عبارة عن وادي ينحدر من الشمال للجنوب تشرف على حافته الغربية قارة محروقة، وهي مرتفع جبلي يشرف على طريقين تؤديان لبلدة محروقة يعرف الأول بالطريق الشمالي، وهو يمر عبر ممر ضيق تشكل حافته الشمالية مرتفعات جبل فزان وحافته الجنوبية قارة محروقة نفسها، أما الطريق الجنوبي فهو يمر عبر مناطق منبسطة تتخللها بعض الوديان الصغيرة، وتحاذيه الرمال من حافته الجنوبية.
كان اختيار المجاهدين لهذا الموقع ينم عن حنكة ودهاء حيث ان أسلحتهم القديمة لا يمكن أن تؤمن لهم غطاء نارياً كافياً ومؤثراً، وكان لابد من أن يكون تمركزهم في موقع يؤمن لهم تحصينات فعالة ضد نيران العدو، ويؤمن لهم كذلك إمكانية الرمي المباشر على العدو من مواقعهم الحصينة.
سير المعركة:
كانت خطة مياني مشابهة جداً لخطته في معركة أشكدة السابقة، فقد جمع معلومات عن موقع تمركز المجاهدين، وبدا له التشابه الشديد في الموقع ومكان تمركز المجاهدين في المرتفعات، فقرر اتباع نفس الأسلوب بالتظاهر بسير القافلة المرافقة باتجاه الجنوب؛ حتى يرغم المجاهدين على الخروج للعراء، وبذلك يكونون تحت رحمة قواته وأسلحتهم الفتاكة، أعد مياني التشكيل القتالي لقواته للدخول في معركة مع المجاهدين في منطقة وادي القاره، فكان على اليمين العساكر الليبيون المجندون، وفي اليسار العساكر الأرتريون، وفي المؤخرة المؤن والحراسة.
وصلت القوات الإيطالية لموقع القاره، وبدأ مياني في تنفيذ خطته، ودفع بوحدة من قواته لجهة الوديان من الشمال لتقطعه متجهة للجنوب، وكانت الأوامر تقضي بأن تنعطف الوحدة نحو الغرب لمواجهة المجاهدين، توغلت هذه القوة داخل الوادي، وفجأة باغتتهم قوات المجاهدين، وبدأت في إطلاق النار عليهم في كمين أعد بشكل دقيق وغير متوقع بالنسبة للعدو، وكان نجاح ذلك يرجع للمعلومات الواردة من مجموعة استطلاع المجاهدين.
حاولت القيادة الإيطالية تخفيف الضغط الشديد الذي تعرضت له المجموعة الأولى، فدفعت ببعض قواتها نحو الجهة الجنوبية للوادي، وكان لهذه القوات تأثير كبير على مجريات المعركة، ولكن سرعان ما تنبه المجاهدون لذلك، وبدأت في الاشتباك مع المجموعة الثانية، وتعرضت لنيران المجاهدين المتمركزين في تحصيناتهم في الوادي وفي المرتفعات.
صدت قوات المجاهدين هجومين متتابعين لاختراق خطوط المجاهدين قامت بهما القوات الإيطالية، وسخرت لهما المجهود الرئيسي، وخسرت فيهما الكثير من الرجال في كل محاولة، وعلى إثر ذلك استخدم مياني المدفعية لقصف مواقع المجاهدين في المرتفعات في محاولة منه لتخفيف الضغط الشديد على قواته، ولكن لم تتأثر قوات المجاهدين، وبقيت صامدة في مواقعها، كان مياني قد أصدر أوامره للقافلة بالاتجاه جنوباً، ولكنه عاد وأعطى أوامره للانسحاب، وهنا وقعت الكارثة، فعندما رأى المجاهدون القافلة تبتعد ظنوا أنهم قد حققوا النصر الكامل، وأن عدوهم يحاول الهرب والابتعاد بعيداً بمؤنه وعتاده، فتركوا مواقعهم واتجهوا نحو القافلة عبر الأرض المنبسطة، وهنا بدأت القوات الإيطالية بشن هجوم مضاد على طول الجبهة مستخدمة كافة ما لديها من أسلحة لإيقاف تقدمهم والقضاء عليهم، وبدأت الرشاشات بالرماية عليهم مباشرة، وهنا بدأ مشاة المجاهدين في السقوط، ولحق بهم فرسان المجاهدين ما أدى إلى تراجع قوات المجاهدين وانسحابها بشكل غير منظم، وذلك ما يذكرنا بما حدث في معركة أشكدة وللأسباب ذاتها.
استغرقت المعركة أكثر من خمس ساعات متواصلة اتسمت بالعنف، وقتل فيها عدد كبير من الضباط والعساكر الطليان، واستشهد فيها عدد كبير من المجاهدين وقادتهم، وكان من بينهم الشهيد البطل محمد بن عبد الله البوسيفي قائد المعركة صاحب المواقف الوطنية الهادفة الذي رفض الاستسلام وأعلن الاستمرار في الكفاح والنضال المسلح، يذكر أن هذا المجاهد كان قد تحول ببعض رجاله إلى الجنوب بعد أن شارك في معركة الأصابعة (جندوبة) رافضاً الاستسلام والدخول في المساومات السياسية، وآثر التصدى لحملة مياني، واستطاع أن يثير في وجهها مقاومة ظلت مستمرة حتى بعد استشهاده في محروقة.
يذكر أنه كان من بين المشاركين في معركة قارة محروقة المجاهد الأردني الضابط نجيب البطاينة الحوراني الذي كان قد شارك في كثير من معارك الجهاد الليبي في المنطقة الشرقية جنباً إلى جنب مع إخوته المجاهدين، ومن ضمن المعارك التي شارك فيها في شرق ليبيا معركة (الشلظمية والكردايسي وزاوية مسوس).
استمرت المقاومة التي أشعل فتيلها الشيخ المجاهد الشهيد محمد بن عبد الله البوسيفي، وتوالت الهجمات على حملة مياني الذي حاول أن يستقر في فزان، ولكن طول خطوط مواصلاته مع قواعده في سرت وطرابلس ونقص إمداداته وبعثرة قواته التي تقطعت بها السبل بعد أن توغلت في منطقة فزان شتت قواها وجعلها هدفاً لقوات المجاهدين التي تمكنت من التغلب عليه وهزيمته وسقوط حامياته التي نشرها في المنطقة الواحدة تلو الأخرى.
وفي أوائل عام 1915م كانت جميع مناطق فزان قد خرجت فعلياً من سلطة القوات الإيطالية، وهكذا لم تبق القوات الإيطالية في حملتها الأولى على فزان سوى عام واحد اشتعلت فيه رمال صحراء فزان لهباً وجحيماً في وجوه القوات الإيطالية، وبقيت منطقة فزان والقبلة هاجساً لدى الاستعمار الإيطالي ما دفع الجنرال جراتسياني إلى تسميتها بغرفة الانفجار للوضع العام في طرابلس الغرب.
يتبع :
نتائج معارك فزان ... الدروس المستفادة