تعتبر الجغرافيا الإستراتيجية علم هاماً نشأ من تطور الدراسات والأبحاث في الجغرافية العسكرية حيث أخذت الجيوستراتيجية أبعاداً عملاقة تعدت حدود القارات وجعلت الأرض ميدان واحد للعمليات الحربية وبات على المتخصصين بدراسة هذا العلم أن يتدربوا على
هذا البعد الكوني وذلك على الرغم من كون مسرح العمليات أي ميدان الجيوستراتيجية مسرح مركب يحوي عدد من المستويات السياسية والإقتصادية الخاصة بعلاقات الدول مع بعضها البعض وتحدد أنماط مسارح العمليات الرئيسية فيما بينها بما يتماشى وأهدافها للوصول إلى النتائج المرجوة منها والجيوستراتيجية مصطلح علمي ولغوياً هو كلمة تتألف من مقطعين جيو وتعني الأرض وستراتيحي وتعني فن إستخدام القوة العسكرية لكسب أهداف الحرب ، غير أن مفهومها تغير وتطور وأكتسب قاعدة شمولية وأصبح يعني الإستخدام الأمثل للمعطيات السياسية والإقتصادية والعسكرية للإقليم أو الدولة .
إن التغيرات الملاحظة عالمياً في الوسائل الحربية المتعددة والوسائط الإلكترونية المستخدمة للرصد والكشف على الأهداف والإتصالات وراء خطوط العدو وكذلك الإستخدام الواسع لوسائط القتال عن بعد وأسلحة التدمير الشامل والحرب النفسية والإعلامية وحرب التشويش والتعمية والرصد الإلكترونية ، إلى جانب الحروب السياسية العالمية المتمثلة في فرض الحصار بأنواعه السياسي والإقتصادي وأيضاً حرب التجسس في كافة المجالات القائمة حتى بين الدول الصديقة جعلت الجيوستراتيجية تظهر بوضوح كعلم ينبغي الأخذ به.
وهنا تتداخل الجيوسترتيجية مع الجغرافيا العسكرية التي تكمن أهميتها في إعتبارها علم يختص بدراسة الأرض ووصفها وطبيعتها والعلاقة بين ذلك وبين سير التحركات والعمليات العسكرية التي ستقوم عليها.
الفرق بين الإستراتيجية والجيوستراتيجية :
نتيجة لرغبة الكثير من المؤسسات سواء في القطاع العام أو الخاص في وضع رؤى مستقبلية توضح أهداف إستراتيجية ترمي لها تلك المؤسسات من خلال منتدى أو جمعية عمومية أو ندوة علمية أو حلقة دراسية أو محاضرة أو ورش عمل أو أوراق عمل، تقوم تلك المؤسسات بتوظيف وترديد مصطلح الإستراتيجية ، وبعد النظر في مخرجات ذلك المنشط نجد أن أحداثه وتفاعيله بعيدة كل البعد عن علم الإستراتيجية، سواء من حيث المفهوم أو المدلول أو المساق أو الأهداف. وبعد القراءة المتأنية لبعض تلك المخرجات نجدها عبارة عن سلسلة من المناشط والأحداث بعيدة كل البعد عن النموذج الإستراتيجي، بل وصل الحد في بعضها إلى أنه يفتقر إلى مجموعة الأفكار الإستراتيجية التي تقود في مجملها إلى صياغة مفهوم إستراتيجي واضح . والبعض الآخر تجده وظف الجيوستراتيجية مكان الإستراتيجية بدون معرفة الفرق بينهما، علماَ بأن هناك فوارق في المصطلح وتعريفه ومفهومه وإطاره وعناصره وتوظيفه، على الرغم من العلاقة الوثيقة بينهما. وفي هذا السياق نريد أن نفرق بين الإستراتيجية والجيوستراتيجية في بعض المسارات.
نتيجة للخلط القائم بين الجيوستراتيجية والإستراتيجية والجغرافيا السياسية ظهرت عدة تعريفات للجيو ستراتيجية في المرجعيات العربية وجميعها تؤكد مفهوم الجيوستراتيجية فهناك من يعرفها على أنها دراسة أثر الموقع الإستراتيجي من خلال تفعيل وتوظيف إستراتيجيات سياسية واقتصادية وعسكرية ، وهي تبحث في المركز الإستراتيجي للدولة أو الوحدة السياسية سواء في الحرب أو السلم ، فتتناوله بالتحليل إلى عناصره أو عوامله الجغرافية العشرة، وهي : الموقع، والحجم، والشكل، والاتصال بالبحر، والحدود، والعلاقة بالمحيط، والطبوغرافيا، والمناخ، والموارد، والسكان ، وهناك من يعرفها بأنها تعني دراسة الموقع الإستراتيجي للدولة أو المنطقة الإقليمية، ومدى تأثير هذا الموقع في العلاقات السلمية والحربية.
ويمكن تعريف الجغرافيا الإستراتيجية على أنها عبارة عن دمج الاعتبارات الإستراتيجية مع عناصر الجغرافية السياسية أو التوجه الجغرافي لسياسة الدولة الخارجية إلا أن التعريف العلمي يشير إلى أن الجغرافيا الإستراتيجية هي العلم الذي يسعى إلى جمع وتحليل ودراسة وتفسير المعلومات الجغرافية الأساسية للدولة لاستخدامها في إعداد الخطط الإستراتيجية لإدارة الحرب.
الجغرافية الإستراتيجية الذي تعني بدراسة الموقع الإستراتيجي للدولة أو المنظمة الإقليمية، ومدى تأثير هذا الموقع في العلاقات السلمية أو الحربية وتعتمد الجغرافيا الإستراتيجية في التحليل على الدمج بين الجغرافيا السياسية والطبيعية والبشرية والعسكرية والاقتصادية، وتهدف الجغرافيا الإستراتجية إلى تخطيط ورسم السياسة الخارجية للدولة وفق الاعتبارات الجغرافية والإستراتيجية.
ويمكن تعريف الجغرافيا الإستراتيجية على أنها عبارة عن دمج الاعتبارات الإستراتيجية مع عناصر الجغرافية السياسية أو التوجه الجغرافي لسياسة الدولة الخارجية إلا أن التعريف العلمي يشير إلى أن الجغرافيا الإستراتيجية هي العلم الذي يسعى إلى جمع وتحليل ودراسة وتفسير المعلومات الجغرافية الأساسية للدولة لاستخدامها في إعداد الخطط الإستراتيجية لإدارة الحرب.
وتهدف الجغرافيا الإستراتيجية الى: المساهمة في توضيح الأبعاد الجغرافية التي تدخل في إطار رسم السياسة الخارجية للدولة لتحدد نمط هذه السياسة وتوجهاتها، ووضع مفهوم متكامل للمصلحة القومية من منظور جغرافي إستراتيجي يأخذ كافة الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية والبشرية في الحسبان وتحديد المواقع والمناطق الإستراتيجية في العالم وفق الاعتبارات الجغرافية. وأخيرًا رسم وتوضيح الإستراتيجية العامة للدولة في أوقات الصراعات والحروب.
عناصر الجيوستراتيجية:
- الجيوسياسية : هي مجال يهتم بمدى تأثير المحيط الطبيعي لدولة ما على الحياة السياسية فيها سواء الداخلية أو الخارجية .
- الجيو اقتصادية : تدرس العلاقة بين الأرض والمعطيات الاقتصادية، ومدى تفاعلها وأثارها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، المباشرة وغير المباشرة، وبالتالي أثرها على المسارات والأنشطة الاقتصادية المحددة في الإستراتيجية الاقتصادية.
- الجيوعسكرية : تركز على العلاقة بين الأرض كبيئة للعمليات العسكرية، وأثرها في تحديد مكان وزمان ومسار وطبيعة العمليات العسكرية بمختلف أنواعها. كما تبرز مدى أثر الأرض وطبوغرافيتها في تحقيق الأهداف العسكرية في المستويات التكتيكية والعملياتية والإستراتيجية، كما تبرز أثر الطبيعة البشرية في بنية الإستراتيجية العسكرية والإستراتيجية العسكرية الوطنية. 4. الجيومعلوماتية: تهتم بأثر المكان في طبيعة جمع ومعالجة وتحليل المعلومات وأنظمة المعلومات في ظل الإعلام الآلي المحوسب، وأثر الإستراتيجية المعلوماتية ومعطياتها في مدلول الإستراتيجية الوطنية.
الجيوستراتيجية العسكرية :
تعد الجيوستراتيجية العسكرية عنصرا أساسياً في بحث ودراسة المهام والغايات الإستراتيجية للحرب , وكذلك أعداد مسارح الحركات الحربية وطبيعة التحركات للقطعات العسكرية , ومن خلالها يتم متابعة سير العمليات الحربية،ويمكن وصفها بـ "استخدام القدرة العسكرية في الحدود الجغرافية المختلفة وبذلك لا يمكن التخطيط للعمليات العسكرية دون دراسة مفصلة للطبوغرافية الميدانية والبيئة الجغرافية لمسارح العمليات, والتنوع الديموغرافي ( السكان) والجو والفضاء ..الخ, ولان طبيعة الأرض ومميزاتها البشرية والمادية ومقوماتها هي التي تحدد شكل وطبيعة مسرح العمليات العسكرية, وما هي التهيئة التي تتناسب مع الغاية الحربية, حيث تركز الجيوستراتيجية العسكرية على دراسة العلاقة بين الطبوغرافيا والتضاريس والجو والفضاء والموائمة الديموغرافية من جهة ونوع الفعاليات العسكرية وحجم التأثير المطلوب من جهة أخرى, مع مراعاة التحديدات والغايات السياسية في الإستراتيجية الشاملة/ العليا والصادرة على شكل أوامر من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة والتي تعد الذراع الطويل للسياسة، وبنفس الوقت تقوم الإرادة السياسية بإسناد وتعزيز وتطوير القدرة العسكرية وتهيئة الدولة للحرب بغية تحقيق غاياتها السياسية ضمن القدرات والإمكانيات المتيسرة , مع الأخذ بنظر الاعتبار فترة الأعداد والتدريب, ولذا من الصعب الفصل بين العناصر الأساسية في البحث الجيوستراتيجي العسكري والجيوسياسي الاستراتيجي السياسي لكثرة المشتركات الأساسية, لان كلاهما يضع محددات العمل الحربي والغايات السياسية الأساسية من الحرب, وكيفية تحقيق النجاح لتحقيق الأهداف الإستراتيجية.
غالبا ما تحدد الجغرافيا العسكرية Military Geography شكل ونوع الإستراتيجية القومية أو الوطنية أو ما يطلق عليه البيئة الإستراتيجية للأمن القومي الوطني, وعلى ضوء بحثها تضع الخطوط العريضة والاتجاهات والأهداف والمصالح القومية، وتحدد أماكن النزاع الفعلي أو الوشيكة أو المحتملة، مع بيان الإحساس بالخطر, وتحديد الاستنتاجات بوقت ومكان الحرب أو النزاع , وشكل المسالك وعدد المقتربات, والاتجاهات والتجمعات الحربيةوتحدد أسبقية استخدام القوة الناعمة أم الصلبة للدولة, وحسب أسبقية التهديد المحتمل، ويعد البحث لتطويع حقائق الجغرافية العسكرية مع الغايات العسكرية بغية أعداد الإستراتيجية العسكرية, كونها أحدى الاستراتيجيات التخصصية في الإستراتيجية الشاملة/ العليا، ونظرا لمفاهيم وقيم الحروب المعاصرة أضحت الحرب لا تقتصر على معارك الجيوش ومسرح العمليات فحسب, بل تشمل جميع عناصر الجيوستراتيجية العسكرية من الطبوغرافيا والتضاريس والجو والفضاء و الديموغرافية وكذلك البني التحتية والمنشات الخدمية بالكامل وما يطلق عيه أمريكيا-المفاصل اللينة التي تستهدفها عند اشتداد الضغط العملياتي على قواتها.
دراسة الأرض المحاور والمقتربات للحرب البرية
توجد علاقة أزلية بين التحديدات الجيوعسكرية وعناصر التخطيط للحرب أو أعداد الدولة للدفاع أو الحرب ، مما يتطلب تحديد المقتربات والمحاور البرية والجوية والبحرية المحتملة ، التي يفترض ان سوف تسلكها القوات في سبيل الوصول للهدف أو في الدفاع عن الأرض، ويجري من خلال البحث والدراسة تحديد مواقع الأهداف الرئيسية والمناطق الحيوية والمهمة، وماهية منظومة الموانع الطبيعية والصناعية التي تعيق أو تسهل تقدم القوات, كالطرق الرئيسية , والتخريبات المؤجلة , والجسور الحيوية, والمناطق الزراعية , والأنهار , والمنشات الصناعية والخدميةوالتي قد تستخدم لإدامة القطعات البرية الهاجمة, وقد تستهدف جوا بالطائرات والصواريخ لتدميرها ، ويمكن من خلال البحث عن الخيارات الناجعة للدفاع أو الهجوم على سبيل المثال استخدام سياسة الأرض المحروقة وتدمير الموارد مما يثير مخاوف الجيش المعادي, وبذلك يكون للفهم الجيوعسكري اثر فعالاً وأساسيا في كافة أنواع الحروب.
تستهدف القوات المحاربة فلسفة الحرب الشاملة بغية تحقيق الغاية السياسية من الحرب , ويتم ذلك باستخدام كافة الوسائل لتحقيق الانهيار الإدراكي واستسلام القوات المعادية , وخلافا لذلك تستمر الآلة العسكرية بتدمير مقومات الصمود الحرجة ( القطعات المقاتلة) , وإزاحة كافة الخطوط الدفاعية ويرافقها ضغط جوي وبحري, وعلى سبيل المثال العقيدة الأمريكية التي تستخدم فلسفة "الصدمة والرعب" لتحقيق الضغط المباشر على القوات الحربية والمنظومة المدنية التي تشكل العمق الاستراتيجي الداعم للصمود في الحرب،وغالبا ما يجري استهداف وتدمير كافة مقومات القدرة المدنية التي تسند مهام القطعات المحاربة بغية تحقيق الاضطراب والفوضى والاختراق السياسي الداخلي الفوضوي وتحقيق حالة الانهيار الإدراكي وإنهاء القتال.
بحث عناصر الجغرافيا العسكرية
تعد هيئات الأركان المشتركة مسارح العمليات للحرب, وساحة الحركات للمعارك المحتملة, وجميع ما يتعلق بالحرب من محاور ومقتربات ومسالك محتملة, وتضع أسبقيات وأولويات المسالك , وأيهما أكثر احتمالا وما هي فوائده ومحاذيره بعد دراسة الجغرافيا العسكرية بشكل دقيق, لمعرفة المحاور الرئيسية للهجوم التي يفترض تحتشد فيها التجمعات العسكرية لشن الهجوم على القوات المعادية وبيان الكلفة والتأثير, مع بيان المحاور الأكثر موائمة كي تسلكها القوات , وهنا تعد مقاربة وموائمة مهمة بين المسلك والمحور لبيان استخدام الهجوم الجبهوي أو المناورة بالإحاطة أو التخطي أو الالتفاف أو التسلل عبر أراضيه, أو العمل خلف قطعاته بعمليات خاصة وقطع طرق النقل الإمداد والتموين وخطوط المواصلات..الخ، ويتم ذلك من خلال دراسة عناصر الجغرافيا العسكرية , واستعراض عدد وشكل الموانع الطبيعية كالتضاريس الأرضية, وكذلك طبيعة المناخ لعلميات الجو والفضاء , وكذلك شكل وعدد الموانع الاصطناعية ومعالجتها بعناية لمباغتة العدو، ويتم استغلال المفاصل اللينة ونقاط الضعف في مسرح العمليات, وباستخدام وسائل النقل المناسبة , وسلك الطرق المؤاتية , مع وضع جدول زمني انسيابي للتقدم بعد تحديد الوسائل التي تعالج الموانع التي تعيق كفاءة حركة القطعات.
العمليات البحرية
يجري دراسة عناصر الجغرافيا العسكرية لتهيئة مسرح العمليات البحرية , وتحديد المقتربات والمحاور البحرية وتطويع حركة التيارات البحرية وفق شكل الحرب, هجوما كان أم دفاعا , ويتم دراسة الموانع التي تؤثر على المناورات البحرية ,وكذلك الظروف المناخية مثل العواصف والأعاصير, وارتفاع الأمواج والعواصف البحريةوكذلك الضباب وأثره في حجب الرؤية، وكشف مواقع الشعاب المرجانية, وجبال الجليد بغية تجنبها أثناء الملاحة كونها تُحدد أعماق البحار والمحيطات على خرائط تُعرف بالخرائط البحرية Marine Maps، ويجري أيضا دراسة المد والجزر وخارطة حركات الأمواج, ويساهم البحث الجيوعسكري في التخطيط السليم للحرب البحرية, وبيان القدرة على مهاجمة السواحل بالمدفعية والقدرة الصاروخية, وكذلك مناطق إنزال مشاة البحرية, والقوات المحمولة والمنقولة.
العمليات الجوية
يطوع المخطط العسكري للحرب الجوية الحقائق الجيوعسكرية لإنجاح المهام الجوية, وقد شهد العالم تطوراً كبيراً وسريعاً في مكننة الحرب ونقل المتفجرات وتوسع القدرات الفضائية وكذلك ثورة المعلومات و وتطور أنظمة تحديد المواقع ، فلم تعد مهام سلاح الجو تقتصر على الإسناد القريب ونقل القطعات والسلاح والذخيرة والمؤن، فحسب، بل أصبحت ذو دور محوري وأساسي في حسم المعركة خصوصا في ظل التفوق التكنولوجي الجوي الذي قد يؤمن سيادة جوية مطلقة أو تفوق جوي ساحق مما يمكنها من اقتحام الدفاعات الجوية وتنفيذ المهام خلف خطوط العدو وفي أعماق أراضيه، وعلى سبيل المثال كانت العمليات الجوية في حرب الخليج الأولى ( الحرب العراقية الإيرانية) قد شهدت تفوق جوي ساحق للقوة الجوية العراقية والتي استطاعت من حسم معارك كثيرة قبل اندلاعها, وقد نفذت عمليات تجريد ومعالجة حشود القطعات المهاجمة وفق فلسفة الكتل البشرية , وكذلك التفوق الجوي الامريكي في حربي الخليج الثانية والثالثة كان له اثر كبير في حسم الحرب في ظل وجود سيادة جوية امريكية مطلقة , كما يهدف البحث الجيوعسكري إلى السيطرة على الفضاء والفراغ الجوي, وتامين قدرة المتصديات الجوية على كشف ومعالجة وتدمير الطائرات المعادية أو على الأقل مطاردتها وحرمانها من استخدام المجال الجوي الحيوي، مما يحقق سيادة جوية أو تفوق جوي ساحق, وهو أفضل درجات التامين المطلوبة للمعركة, خصوصا في حالة تواجد فرق في القدرات الحربية والتفوق التكنولوجي للطرفين, وبهذا يؤمن سلاح الجو السيطرة على قطعات العدو البرية والبحرية، حيث يتم معالجتها بضربات اجهاضية لتحطيم القدرات الجوية والدفاعية المضادة, وتامين مسرح الحركات الجوي ومسرح العمليات وحماية وإسناد القوات البرية المتقدمة.
يحقق البحث الجيوعسكري دراسة الظروف المناخية لطبقات الجو، ومعالجة متقدمة للتيارات الهوائية الشديدة السرعة ويُطلق عليها "التيارات النفاثة Jet Streams" وأصبح لهذه التيارات أهمية كبيرة في العمليات الجوية خاصة بعد استخدام الطائرات على ارتفاعات شاهقة, ويمكن الاستفادة منها إذا كانت تسير في نفس الاتجاه أو تتجنبها إذ كانت تسير في اتجاه مضاد, ولا يستغني سلاح الجو عن مسارات الملاحة الجوية أو خط الرحلة وكذلك بيانات الطقسلغرض تأمين سلامة الطلعات الجوية وحركة المهام, ويتم عبر البحث الجيوعسكري اختيار مواقع المطارات ومناطق الإنزال ومناطق الهبوط الاضطراري .
أضحى التطور التقني والعلمي في أعداد مسارح الحركات سمة الحرب الحديثة المعاصرة, وليس بالضرورة تلك المتغيرات الجيوعسكرية تحقق تفوق ساحقا في الحرب في ظل تفوق وإدامة أرادة القتال, إضافة الى حسابات الكلفة والتأثير, كون الأسلحة والذخائر الحديثة تصرف لمهاجمة أهداف ثمينة بغية تحقيق مردود يتجاوز التكلفة , لذا باتت الحسابات الجيوعسكرية في كافة المستويات تخضع لإرادة المخطط وتتسق مع معايير الحرب ومتغيراتها.
أعده العقيد / صلاح الدين أبوبكر الزيداني
المراجع :
نشرة مركز صقر للدراسات الإستراتيجية والعسكرية.
أحمد جلال محمود - العوامل الجيوستراتيجية للصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط -صحيفة القدس العربي.
{facebookpopup}