موضوع الدفاع عن القواعد البحرية من أهم المسائل التعبوية وكانت باستمرار من أهم المعضلات التي تواجه الدول قديماً وحديثاً وحيث أن عملية الاستيلاء على القاعدة البحرية أو تدميرها كلياً وأقلها الإصابة المؤدية إلى الشلل الكلي عن تأدية دورها المقرر أو الحصار بواسطة القوى والوسائل وبث الألغام المتطورة مما يؤدي إلى إضعاف وتقييد القوات البحرية
من البديهي أن يكون ضمن الخصائص التعبوية للعمليات الهجومية بمحاذاة الساحل وإجراء عمليات الإبرار البحري وتركيز الجهود للاستيلاء على القواعد والموانئ البحرية في الجوار لمناطق الإبرار البحري المختارة لمنع العدو من الاستفادة منها باستخدامها في توسيع رأس الجسر أو إبرار الاحتياطات العملياتية إن عملية الاستيلاء على القاعدة البحرية قد تبدأ تعبوياً سواء من قبل العدو البحري أو العدو البري ولكن تحقيق هذه المهمة يتيح للقوات المهاجمة والتي استولت على القاعدة البحرية إمكانية تحقيق نصر حتمي بفضل هذه الفرصة الإستراتيجية.
وقد بينت خبرة الحروب السابقة أن القضاء على قوات العدو البحرية في القواعد والموانئ البحرية فرصة لا يتاح تنفيذها في عرض البحر رغم كثافة الدفاعات الساحلية حيث أن هذه الدفاعات كثيراً ما تتخللها ثغرات قاتلة من نقاط ضعف فيها أو نقص الوسائل والإمكانيات وكذلك قوات الحماية البحرية بل كذلك عيوب المراقبة والرصد الساحلي خاصة في الظروف الراهنة التي تمتاز بالانقلاب الخطير في استخدام القوى والوسائل المتطورة وتحديث المنظومات المضادة للتشويش والخداع الإلكتروني وأن أهمية طرح مسألة الدفاع عن القاعدة البحرية يظل باستمرار المعضلة الرئيسية للقوات البحرية من حيث تحقيق مبدأ الحفاظ على الاستعداد القتالي للقوات وكفاءة الوحدات البحرية وسلامتها وبالتالي
لمحافظة على الأسطول البحري من أي اعتداء أو تخريب مباشر وغير مباشر وأن الحفاظ على القدرة القتالية للقطع والتشكيلات والوحدات للقوات البحرية من أهم المهام المسندة.
وأن التاريخ يسجل بأن أهمية الدول إبان الحربين العالميتين تكمن في موقعها الإستراتيجي والذي يحدد إما الإشراف المباشر على المضائق والخلجان والقنوات وإما احتواؤها لمواقع هامة لقواعد بحرية تهدد مواصلات العدو وتحمي مواصلاتها مثل( مالطا وطبرق والأسكندرية) وقد جرت عمليات عديدة لاقتحام القواعد وتدميرها أو الاستيلاء عليها أوفي أحسن الأحوال حصارها لمنع الإستفادة منها ففي 14-10-1939م خلال الحرب العالمية الثانية اقتحمت الغواصة الألمانية (يو-47) قاعدة (سكابافللو) البحرية البريطانية في مغامرة خطيرة نظراً لتحصين هذه القاعدة ضد الغواصات والضفادع البشرية إلا أن الغواصة نجحت في التسلل وإغراق البارجة البريطانية (رويال أوك) بعد ملاحظة ثغرة خطيرة في هذه الاستحكامات.
وبتاريخ 7-12-1941م نفذ السلاح الياباني المنطلق من حاملات الطائرات القريبة من قاعدة (بيرل هاربور) للبحرية الأمريكية في المحيط الهادي وحقق مفاجأة مدمرة للقوات المتمركزةبها ولسلاح الجو بالقواعد الجوية القريبة عليه مسؤولية (الدفاع عن القاعدة البحرية) باستعراض عام للمنظومة ودراسة الأنواع الأساسية للدفاعات عن القاعدة البحرية مما يتفق مع أحدث النظم والأساليب المنظورة لتنفيذ المهام الدفاعية.
ويتم التركيز على موضوع الدفاع المضاد للغواصات والقيام بالتدابير للتمويه والإخفاء للقوات والوسائل البحرية بمنطقة التمركز نظراً للأهمية البالغة والخطيرة لتسلل الغواصات والقيام باستطلاع وتهديد القوات البحرية في المنطقة البحرية وأما الاستطلاع الجوي وتجسس الأقمار الصناعية، فإن إجراءات التمويه وتدابير الإخفاء تقلل نجاح فرص العدو الاستطلاعية كما أن الحرب الإلكترونية تعد من أنجح الوسائل اليوم لتحقيق النصر الحاسم على العدو وإن وجدت الإعاقة الإلكترونية والخداع الإلكتروني فهو كفيل بقلب موازين القوات وإحباط ضربات العدو المفاجأة.
ونظراً لما تمتاز به ليبيا من موقع متميز بشمال إفريقيا من جهة وفي مركز الصدارة على ساحل البحر الأبيض المتوسط الذي يشرف على أقصر طرق المواصلات البحرية بكافة أرجاء المعمورة إضافة إلى الثروات البترولية والمعدنية والسياحية وتوفر المناخ المعتدل والذي يزخر بمجموعة من الطاقات المتجددة كالشمس والرياح والبحر وعدد السكان القليل في دولة مترامية الأطراف وأن التاريخ ينبئنا كما تم غزونا في الماضي البعيد والقريب على مدار التاريخ بطمع الطامعين والذين ينظرون لنا بنهم ويتحينون الفرصة السانحة بضعفنا وتراخينا وإهمال وسائل الدفاع وتهميش الجيش فهل نحن واعون لهذه المرحلة الصعبة والخطيرة .