كتاب عبقرية محمد للكاتب عباس محمود العقاد كتاب فريد أورد بين دفتيه سيرة عطرة متميزة احتفى بها التاريخ العربي والاسلامي ألا وهي السيرة المُحمدية لنبينا صلى لله عليه وسلم , لما وضع العقاد هذا الكتاب لم يكن هدفه عرضًا جديدًا للسيرة المحمدية
بل أراد إبراز ملامح عبقرية النبي الإنسان الذي اصطفاه الله بظروف مُختارة صَقَّلت شخصيته، وبقدرات إنسانية فذَّة مكَّنته من الاضطلاع بحمل الرسالة. كما يقدم لنا جوانب من حياة الداعي الرحيم، الرفيق بقومه، والعالم بما يصلح لهم، فكان القائد العسكري النبيل، والسياسي المحنَّك الذي استطاع كذلك أن يدبر أمور دولة الإسلام الوليدة بمهارة عالية .
نتناول في عرضنا هذا ملامح من العبقرية العسكرية للرسول عليه الصلاة والسلام التي أوردها الكاتب الأديب العقاد في الفصل الثالث من كتابه حيث تناول عبقرية محمد العسكرية التي برزت في شخصيته القيادية عليه الصلاة والسلام فكان قائداً فذاً وبحكم كون دين الإسلام ليس دين قتال لم يكن النبي رجلًا مقاتلًا يطلب الحرب للحرب، أو يطلبها وله مندوحة عنها، ولكنه مع هذا كان نعم القائد البصير إذا وجبت الحرب ودعته إليها المصلحة اللازمة، يعلم من فنونها بالإلهام ما لم يعلمه غيره بالدرس والمرانة، ويصيب في اختيار وقته وتسيير جيشه وترسيم خططه إصابة التوفيق وإصابة الحساب وإصابة الاستشارة، وقد يكون الأخذ بالمشورة الصالحة آية من آيات حسن القيادة تقترن بآية الابتكار والإنشاء.
وقد كانت غزوة بدر هي التجربة الأولى للنبي عليه السلام في إدارة المعارك الكبيرة، فلم يأنف أن يستمع فيها إلى مشورة الحباب بن المنذر حين اقترح عليه الانتقال إلى غير المكان الذي نزل فيه، ثم وعى من تجربة واحدة ما قلَّ أن يعيَه القادة المنقطعون للحرب من تجارب شتى، فلو تتبع حروبه عليه السلام ناقد عسكري من أساطين فن الحرب في العصر الحديث لِيقترح وراء خططه مقترحًا أو ينبه إلى خطأ لأعياه التعديل.
وكان عليه السلام يعمد إلى القوة العسكرية حيث أصابها، فيقضي على عزائم أعدائه بالقضاء عليها، ولا يضيع الوقت في انتظار ما يختاره أولئك الأعداء، وإضعاف أنصاره بتركه زمام الحركة في أيدي الهاجمين، إلا أن يكون الهجوم وبالًا على المقدمين عليه، كما حدث في غزوة الخندق.
إن عبقرية محمد في قيادته لعبقرية ترضاها فنون الحرب، وترضاها المروءة، وترضاها شريعة الله والناس، وترضاها الحضارة في أحدث عصورها، ويرضاها المنصفون من الأصدقاء والأعداء.
لتحميل الكتاب بعدة صيغ :
https://www.hindawi.org/books/15814636/