بحلول عام 1941م وبعد هزيمة قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية قسمت فرنسا قسراً إلى قسمين جزء وقع تحت هيمنة الألمان والآخر بقي مستقلا بشكل هامشي في ظل نظام فيشي الفاشي الموالي للمحور رفض شارل ديغول قبول هذه النتيجة
وأنشأ حكومة فرنسية حرة في المنفى ولكنه كان بحاجة إلى إثبات أن فرنسا لا تزال على قيد الحياة وأنها قادرة على القتال وللقيام بذلك كان عليه أن يحقق نصراً حاسماً لاستعادة شرف فرنسا ولابد من إثبات وجوده الفعلي على الأرض بقواته وهكذا كانت صحراء ليبيا هي الميدان الملائم لتحقيق مآربه وتصفية حساباته مع خصومه.
كان ديغول حريصاً على إظهار حيوية قواته ، فاخذ بالإعداد للهجوم بشكل مختلف وأختار حرب الصحراء إنطلاقاً من مستعمرة تشاد الفرنسية جنوب ليبيا وأمر قواته بمهاجمة المواقع الإيطالية في ليبيا.
الهجوم الأول كان بالتنسيق مع مجموعة الصحراء البريطانية البعيدة المدى (LRDG) على مرزق في يناير 1941 وإستهدف مطار مرزق والتواجد الإيطالي في البلدات المجاورة لها وكان الغرض من ذلك الهجوم العمل على إنهاك وإشغال القوات الايطالية المتمركزة في الكفرة تلك الواحة الليبية القابعة بين الرمال والتي كانت الهدف التالي والأهم للفرنسيين.
الموقع والأهمية الإستراتيجية :
الكفرة واحة ليبية موقعها الجغرافي مهم وإستراتيجي في جنوب شرق الصحراء الليبية الكبرى بالقرب من حدود ليبيا وتشاد ومصر والسودان , تتوسط امتداد ضيق للأرض الصلبة يفصل رمال ريبيانا وسرير كلانشو , ومن يسيطر على الكفرة يتحكم بالممر الحيوي للطريق البرية الوحيدة بين الرمال علاوة على أنها أي الكفرة والواحات المجاورة هي آخر مصدر للمياه في الصحراء البعيدة وللمارين عبرها نحو فزان (جنوب غرب ليبيا) حوالي (680 كم).
تعتبر الكفرة مركزا هاما للتجارة والسفر لقبائل الصحراء البدوية في المنطقة ، وفي عام عام 1931 تنبهت ايطاليا لذلك وشنت حملة عسكرية همجية استخدمت فيها الطيران للاستيلاء على الكفرة تصدى لها المجاهدين في معركة حاسمة وغير متكافئة انتهت باحتلالها وبعد تمركز الايطاليين بها أنشأوا فيها حامية عسكرية ومحطة للاتصالات والملاحة الجوية والإذاعة وأقاموا قلعة في قرية التاج والتي أصبحت مكانا مهما لاحقا باعتبارها مركزا للأسرة السنوسية التي حكمت ليبيا في خمسينات القرن الماضي.
الحامية الإيطالية بالكفرة :
أدرك الإيطاليون أهمية الكفرة في الثلاثينيات ولكنهم تنبهوا إلى أن تلك الصحراء الشاسعة والممتدة لمئات الأميال لايمكن تأمينها بشكل حيوي دون وجود حاميات وقواعد للدعم القتالي واللوجستي فيها ولذلك أنشأوا قاعدة لهم هناك في قلعة التاج وقد تم بنائها على موقع قلعة تركية قديمة كانت تحرس الواحة الحيوية لعدة قرون , جعلوا حاميتهم قوية وجهزت بشكل يجعلها قوية وقادرة على المقاومة فكان تجهيزها يضم كتيبة مدفعية ثقيلة وستـ60ـون من المدافع الرشاشة ، وسرب الطيران الصحراوي 26 كان يتمركز بمهبط مطار الجوف.
وبذلك ساهم الإيطاليون تاريخياً وبشكل كبير في تطوير حرب الصحراء المتنقلة بتأسيسهم حاميات في جميع المواقع المهمة في ليبيا وكانت الحامية نفسها مدججة بالسلاح وتمتلك الكثير من القوة النارية الضاربة لتأمين نفسها ومحيطها.
وإلى جانب القوة المتمركزة بالحامية أنشأت قوات أطلق عليها تسمية القوات الصحراوية ، أو الصحراويين تقوم بدوريات إستطلاع تغطي كل المنطقة المحيطة بها وكانت مزودة بشاحنات فيات AS37 و Fiat N634 المسلحة بمدافع رشاشة ومدافع مضادة للطائرات من طراز بريدا عيار 20 ملم وكانت تلك القوات بمثابة قوة إنذار ودفاع متقدم للحصون الإيطالية.
كما أنشأ مهبط للطائرات أنشأ في مكان قريب من القلعة بحيث يمكن نقل الإمدادات بالطائرة وهو بمثابة قاعدة لسرب الطيران التابع للحامية وكانت تلك الطائرات من نوع جيبلي Caproni Ca.309 Ghibli ، تقوم بدوريات في الأجواء القريبة للحصن وتساهم بشكل كبير في أعمال الحراسة وهي عادة ما تكون مسلحة بقنابل ومجهزة للتعامل المباشر مع قوات العدو.
قام الإيطاليون بتركيب محطة مخابرة وتنصت لاعتراض الإشارات اللاسلكية في حامية الكفرة لالتقاط الرسائل بين قوة الفرنسيين الأحرار في تشاد والبريطانيين في شرق أفريقيا ومصر وكانت تلك المحطة بمثابة نظام الإنذار المبكر للحامية.
كان هذا التعاون الوثيق بين القوات البرية والجوية وخدمات المخابرات غير معهود ليس فقط لنمط الحروب السائد آنذاك ولكنه كان غير مألوف لباقي القوات المسلحة الإيطالية العاملة في الصحراء ، وكان نادرًا جدًا في أي مكان آخر في العالم ذلك الوقت , ولذلك كانت الحاميات الإيطالية في الصحراء أكثر استعداداً في الحرب العالمية الثانية من مواقع كثيرة أخرى في شمال أفريقيا.
ولتأمين المنطقة ضد الغارات المعادية تمت حماية الكفرة من خلال خطين دفاعيين حول قلعة التاج El Tag مع الأسلاك الشائكة والخنادق والمدافع الرشاشة والمدافع الخفيفة المضادة للطائرات.
نحو الكفرة :
تهيمن جبال تيبستي على المناطق الشمالية من تشاد تلك الدولة الأفريقية الجارة الجنوبية لليبيا ويطلق عليها اسم جبال الجياع بسبب النقص الشديد في الغطاء النباتي وهناك أيضاً رمال الصحراء القاحلة التي تكتسح جبال تيبستي على المنطقة الحدودية بينها وبين ليبيا وتجعل المنطقة أكثر جفافاً وقسوة لمن يرتادها وعلى الرغم من أن المنطقة كانت غير مواتية للحركات العسكرية ، إلا أنها قدمت للجنرال الفرنسي لوكلير فكرة الولوج الغير متوقع من الباب الخلفي لليبيا وفرصة لقوات فرنسا الحرة لتوجيه ضربات غير متوقعة لخاصرة أعدائهم التي يظنونها محمية بفضل الصحراء.
كان لدى لوكلير الكثير من القوات في تشاد ما يقرب من 6000 رجل كجزء من حركة الثورة الفرنسية في جنوب تشاد وكان وصول القوات إلى الحدود الليبية مهمة صعبة بكل المقاييس تستلزم الكثير من الإعداد والتأمين الفني واللوجستي.
عمود لوكلير.
شرع العقيد فيليب لوكلير في تنظيم حملة عسكرية تتألف من أكثر من مائة شاحنة بريطانية وأمريكية وفرنسية بالإضافة إلى فوج المشاة السنغالي الخفيف لتشاد (rtst) وهو الفوج الوحيد المشكل الذي انضم إلى القوات الفرنسية الحرة تماما وأنتقل من Fort Lamy قلعة لامي جنوب تشاد إلى قاعدة أمامية قريبة من الحدود الليبية واختير لذلك أفضل رجاله وانطلق إلى الكفرة بدعم من قوات LRDG التي ستكون قادمة من الشمال من مصر.
الطريق من تشاد إلى الكفرة تمر بتضاريس وعرة فمن جبال تيبستي إلى الكثبان الرملية الناعمة في الصحراء التي كانت عائقا للمسير ولكن مع القليل من المساعدة من قوة LRDG التي كانت رائدة في تقنيات عبور الصحراء ، تم تعديل شاحنات قوة طابور لوكلير لخوض الرحلة.
تألف طابور أو عمود لوكلير كما عرف بعد ذلك من أربع مجموعات أساسية وكانت معظم قوات لوكلير من المشاة القدماء وكان عليه أن يجعلها متنقلة للقيام بالرحلة إلى شمال ليبيا وكانت المجموعة الثالثة هي الأكثر تحركاً بين الأربعة ، ولذلك إختيرت لتشكيل قلب قوة الهجومية وكتائب المشاة التابعة للمجموعة كانت مخصصة للتنقل بالشاحنات وتم تحويل المجموعة الثالثة إلى كتيبة محمولة مسلحة ، قائمة بشكل فضفاض على نمط LRDG وكانت مهمتها العمل كعمود أمني لتأمين بقية قوة لوكلير في تقدمها نحو الشمال.
وخلال تلك الأثناء جمع لوكلير جميع ما لديه من أسلحته الثقيلة لدعم المجهود الرئيسي لقوته ومنها زوج من مدافع سكودا القديمة (75 ملم) ، وقاذفتي هاون من عيار 81 ملم ، وبعض المدافع الرشاشة الثقيلة واثنتان من العربات المدرعة من طراز لافلي بالإضافة إلى الأسلحة الثقيلة التي يحملها المشاة ، ومنها عدد قليل من الهاون عيار 60 ملم وقذائفها.
في 26 يناير تحرك عمود لوكلير وقوامها 400 رجل في 55 شاحنة تدعمها سيارتان مدرعتان وخبيران مدنيان في الدروب والمسالك الجبلية والصحراوية باتجاه الكفرة وكانت القوات البريطانية قد تحركت بشكل مستقل في الكفرة لكن تحركاتها كشفت من قبل نظيرتها الإيطالية حيث إعترضت محطة التنصت اللاسلكية التابعة لحامية الكفرة الإيطالية إشارات الراديو للقوة الفرنسية من الجنوب وعلى أثر ذلك غادرت الطائرة جيبلي وأكتشفت نقدم قوات البريطانيين وعند اقترابها من الكفرة أرسلت الحامية الإيطالية دورية قوية من 15 شاحنة من القوات الصحراوية للالتقاء بالقوة LRDG وأشنبكت معها وخسرت قوة الصحراء بعيدة المدى LRDG أربع شاحنات وتم القبض على قائد القوة الرائد كلايتون وهربت القوات البريطانية المتبقية إلى مصر وتوقفت عن المشاركة في المعركة , كان القبض على كلايتون يعني أن نسخة من خطة الغزو الفرنسية البريطانية قد سقطت في أيدي الإيطاليين.
الجنرال الفرنسي فيليب لوكلير
وصلت قوة لوكلير الكفرة يوم 7/2/1941م وفقد لوكليرك عنصر المفاجأة وأنتقل لتنفيذ هجومه بشكل آخر حيث حيث بدأت الضربات الجوية التي قامت بها 12 طائرة من نوع (Lysander) و6 طائرات من نوع ( Bienheim ) ولكنها كانت عديمة الفائدة من الناحية العملية بعدها قام بتقسيم قواته فانطلقت المركبات المتنقلة من الشرق نحو حصن التاج ، وهاجمت الإيطاليين من الشمال بينما هاجم بقية القوة من الجنوب.
وأشتبكت في معركة حادة مع القوات الصحراوية وكانت نتيجتها انتصار محدود للفرنسيين ، مما اضطر الشاحنات الإيطالية إلى التراجع وسرعان ما استغلت الشاحنات الفرنسية مكاسبها وأقامت قوة عازلة بين القوة الصحراوية وقلعة التاج ، واجتاحت مشاة لوكلير الحامية الضعيفة في منطقة الجوف ، والمستوطنة الواقعة جنوب حصن التاج مباشرة وقد كانت تلك الخطوة سريعة وناجحة ما أدى إلى عزل الحامية في قلعة التاج عن بقية القوة الإيطالية وقرر العقيد لوكلير Leclerc في 18 فبراير حصار القلعة وكانت وحدة المدفعية بقيادة للملازم سيكلدى Ceccaldi تطلق عشرات القذائف يوميا مع تغيير الاتجاه في كل مرة حتى يظن الإيطاليون بان القوة التي تحاصرهم كبيرة ومزودة بالمدفعية ولاقبل لهم بها كما أطلقت قذائف هاون من عيار 81 ملم ومدفع عيار 20 ملم أيضاً على المدافعين الذين لجأوا إلى داخل الحصن وردوا على إطلاق النار ، آملين أن تصل قوة الصحراء قريباً لدعمهم وفك الحصار عليهم وفي الواقع كانت قوة الصحراء تحاول الوصول إلى الحصن ولكن تم إيقاف هجومها المضاد في 19 فبراير من قبل قوة طابور Compagnie portée du RTST.
قصفت طائرات جيبلي القوات الفرنسية ، لكنها لم تستطع رفع حصار لوكلير عن قواتهم وفي النهاية سلم آمر القوة ضابط الاحتياط الإيطالي قليل الخبرة بعد أن فقد إرادته للقتال وبدأت مفاوضات الاستسلام في 28 فبراير وفي 1 مارس استسلمت الحامية الإيطالية المكونة من 11 ضابطًا و 18 ضابطا قوميا و 273 جنديا ليبيا وفقا لمصادر فرنسية وسقطت قلعة التاج و واحة الكفرة بيد الفرنسيين الأحرار.
أولى خطوات النصر:
استولى الفرنسيون على أربع شاحنات تابعة للقوة الصحراوية من طراز فيات 634 مسلحة بمدافع بريدا المضاد للطائرات عيار 20 ملم وتمكنوا من إستخدامها لصالحهم الأمر الذي أكسب الفرنسيين كثافة نارية عالية كانت إضافة مفيدة جداً لقوة العمود.
خلال معركة الكفرة فقد الإيطاليون 3 قتلى و 4 جرحى من المجندين الليبيين و 282 أسيرًا (29 إيطاليًا و 273 من المجندين الليبيين) وفقد الفرنسيون أربعة قتلى وأصيب 21 وسمح الفرنسيون للإيطاليين بالانسحاب إلى الشمال الغربي.
مع النصر في الكفرة أستولى الفرنسيون على الكثير من الأسلحة والمعدات ووضعوها على الفور ضمن قواتهم لاستخدامها وشملت هذه المعدات ثماني شاحنات من طراز AS37 ، وست شاحنات من طراز Fiat 634N وأربعة مدافع مضادة للطائرات من طراز بريدا عيار 20 ملم ، و 54 رشاشًا وقد سمح ذلك للعقيد فيليب لوكلير بتوسيع قواته المتحركة وإنشاء المزيد من الأعمدة المقاتلة مثل Compagnie portée du RTST.
بعد الكفرة ، أنشأ لوكلير حامية في قلعة التاج وأصدر تعليماته لقواته الخاصة بتنفيذ الغارات وعمليات الاستطلاع في المنطقة لمضايقة الإيطاليين بما يكفي لجعلهم ينسحبون من واحة تازربو شمال الكفرة ويعودون إلى مرزق.
نقلت مجموعة الصحراء بعيدة المدى LRDG مقرها من القاهرة إلى الكفرة واستخدمت الواحة كقاعدة لعملياتها لما تبقى من حملة شمال أفريقيا وبحلول نهاية عام 1941 ، نقل البريطانيون كتيبة تابعة لقوة الدفاع السودانية شمالًا لتقليل الأعباء المهام عن الحامية الفرنسية ومع إعفاء قواته من مهمة البقاء في الكفرة ، وضع لوكلير نصب عينيه مدينة مرزق لتكون هدفه الحاسم في حملته التالية منها إنتقل لمناطق الشمال حتى وصل لنونس .
كان لمعركة الكفرة البعيدة تأثير كبير فعلياً على حملة شمال أفريقيا بأكملها وكان الانتصار الفرنسي في الكفرة وقلعة التاج مدوياً وله تأثير كبير على المعنويات الفرنسية في جميع أنحاء العالم وجلب المصداقية إلى الجيش الفرنسي الحر بقيادة الجنرال شارل ديغول علاوة على قيام الجنرال فيليب لوكلير باشهار اسمه ومهاراته القيادية في انجاز العملية وبذلك فاز بإعجاب رجاله وحكامه.
بعد سقوط الكفرة ، جمع لوكلير رجاله وأعلن الوعد الذي أصبح يعرف باسم قسم الكفرة حيث أقسم لوكلير "ألا أضع السلاح حتى تطفو ألواننا ، ألوان رايتنا الجميلة ، على كاتدرائية Strasbourg ستراسبورغ".
مع تقدم الحرب شكلت قوة طابور RTST جوهر الفرقة المدرعة الفرنسية الثانية ، التي استمرت في تقدمها بارة بقسم الكفرة حتى قامت بتحرير مدينة ستازبورغ في شمال شرق فرنسا في 22 نوفمبر 1944.
وتذكارا لهذا القسم التاريخي تم تشييد نصب تذكاري باسم (قسم الكفرة) في جزيرة الدوران بين شارع الفرقة الأجنبية وشارع باب اورليان فى باريس مكان دخول هذه القوات لتحرير باريس كما تم تسمية اكبر معسكر فرنسي في عاصمة تشاد قبل الاستقلال بإسم "معسكر الكفرة" وبذلك كانت معركة الكفرة بداية مغامرة ملحمية قادها لولكير وانتهت في ستراسبورغ وبيرشتسجادن.
وهكذا كانت الكفرة دائماً حاضرة في الاحداث التاريخية الجسام فمنها انطلقت أول خطوات لوكلير للنصر والتقدم نحو فرنسا وتحريرها , ومنها انطلقت قوات فرنسا الحرة واغلبها من المتطوعين الأفارقة نحو ستراتسبورغ تلبية لقسم لولكير الشهير لتحرير فرنسا وأوروبا من جحافل النازية بعد ثلاثة سنوات .
وكانت الكفرة بعد ذلك شرارة للكفاح الليبي المسلح ضد المستعمر حيث أنطلق المجاهد الشيخ عمر المختار مع الشيخ احمد الشريف والمجاهدين الليبيين للقتال ضد ايطاليا سنة 1911 عند احتلالهم ايطاليا لليبيا ومن الكفرة انطلق المجاهدون الليبيين للجهاد ضد الاحتلال الفرنسى لتشاد.
وتبقى الكفرة الباب الخلفي لليبيا الذي ينبغي أن يكون مؤمناً دائماً بشكل قوي ضد كل محاولات التدخل والتسلل من خلاله وفي هذا المقام أوجه التحية لمنتسبي قوات الجيش الليبي وكتيبة سبل السلام من القوة المساندة على جهودهم المضنية للدفاع عن تلك الأراضي التي تمثل الخط الفاصل لحدود ليبيا الأفريقية وكان النجاح حليفهم في تلك المهمات الصعبة عبر التضاريس الشاقة والأجواء الصحراوية القاسية.
الدروس المستفادة من معركة الكفرة :
- سيناريو معركة الكفرة قد يتكرر والعدو أيضاً قد يتبدل وفق الأيدلوجيات والتيارات الفكرية التي تعصف بالعالم ومن لا يعرف موقع واحة الكفرة لا يدرك أهميتها جيداً فموقعها الإستراتيجي يجعلها مميزة كنقطة إنطلاق نحو شمال ليبيا وافريقيا بشكل عام ولذلك قد يتخذها العدو قاعدة لوجستية خلفية للتدريب والدعم والإنطلاق نحو الساحل إذا ما تمكن من السيطرة عليها وهنا وجب التأكيد على تأمينها وحمايتها بشكل قوي ومستمر.
- حدود كل دولة بمثابة السياج الذي يجب ألا يتخطاه العدو وأي محاولة لذلك فهي إعتداء على الأرض والسيادة وهنا يكون التصدي لها شرفاً وواجباً.
- كان تشكيل قوات "عمود لوكلير" و "قوة الصحراء بعيدة المدي البريطانية" و "قوة الصحراء الإيطالية" التي عملت في المنطقة الصحراوية الممتدة من تشاد وحتى الكفرة أفكاراً جديدة ومتميزة عملت في مناطق الصحراء الكبرى من مصر حتى صحراء الجنوب الشرقي والغربي الليبية ونجحت عسكرياً نجاحاً باهراً في تنفيذ مهامها بآليات وعربات صحراوية , وهذا الأمر يدفعنا مجدداً للمناداة بضرورة تشكيل وحدات مقاتلة خفيفة آلية معززة بالعربات الصحراوية ومعززة بالمروحيات والمقاتلات وتزويدها بأسلحة ووسائط قتالية حديثة ومثالية للعمل في تلك المناطق الصحراوية الشاسعة.
- الوطن للجميع ومسئولية حمايته تقع على الكل ولابد من وجود قيادات فاعلة تتمتع بالخبرة العلمية والعملية والدراية الكافية لقيادة الوحدات ولتنسيق العمليات القتالية للدفاع عن الوطن وحمايته وعدم العبث بمقدراته.
- مفاجأة وصول الجنرال لوكلير للكفرة غير متوقعة وكادت أن تنجح لولا الإمساك بقائد القوة البريطانية وكان سر النجاح هو السرية التامة ولذلك ينبغي العمل بقواعد السرية والحذر في التعامل مع الأوامر والتعليمات العسكرية خاصة زمن الحرب من أهم أسباب النصر ولذلك فإن التأكيد على أمن العمليات الحربية والمحافظة على الوطن وسلامة المرؤوسين وما يدخل تحت هذا البند من مسئوليات تعتبر من مسئولية القادة بشكل مباشر ومحاولة تسريبها لأي غرض يجب التصدي له بالقوانين والعقوبات الرادعة والتعليمات العسكرية الصارمة.