lن الماضي شيىء هام في تاريخ الشعوب فمن ليس له ماضٍ لن يكون له حاضرٌ أو مستقبل ،وقيمة التاريخ يجلها ويقدرها من يرغب الغوص في أعماق المعرفة ليخرج لنا مخزوناً رائعاً من القصص والروايات والذكريات التي مرت بنا ، حتى تكون نبراساً لنا ولأبنائُنا لتزيد من ارتباطنا ومحبتنا لتاريخنا الحافل بالنضال والعطاء ،
فقد كان يوم السادس من شهر رمضان المبارك من عام 1385هــ الموافق للعشرين مـن أكتوبـر 1939 م يـوماً ليـس كَـكُل الأيـام ففي هذا اليوم بادر الأمير محمد إدريس المهدي السنوسي بدعوة لعقد اجتماع في منزله بمدينة الأسكندرية أستمر لمدة ثلاثة أيام حضره حوالي أربعين من الوجهاء والزعماء الليبيين المقيمين بمصر ، وفي هذا الإجتماع التاريخي أتفق الحاضرون على إعطاء الإذن للأمير إدريس السنوسي ، بمفاوضة الحكومة الإنجليزية بشأن تكوين جيش ليبي مهمته المشاركة في تحرير ليبيا من الأستعمار الإيطالي ، وقد أصدر المجتمعون وثيقة جاء فيها :
بعد الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله ، فقد أجتمع زعماء ومشائخ الجالية الطرابلسية البرقاوية المهاجرين بالديار المصرية في يوم السادس من شهر رمضان المعظم 1358 هـ بالإسكندرية وتشاوروا في حالتهم الاستقبالية وقر قرارهم على انتخاب من يمثلهم في كل الأمور ويعرب عن أرائهم وبذلك وضعوا ثقتهم في سمو الأمير السيد محمد إدريس المهدي السنوسي الذي يمثلهم تمثيلاً حقيقياً لما له من المكانة الرفيعة في نفوسهم حيث يرونه أحسن قدوة يقتدي بها.
وقد قبل منهم ذلك على أن تكون هيئة شورية مربوطة به ومربوط بها لتكون الأداة المبلغة والمعربة عن منتخبها وهي التي تمثل جميعهم تمثيلاً صحيحاً وأن يعين وكيلاً لها يقوم مقامه في حالة الغياب ويكون من أفراد الهيئة في حالة حضوره وللهيئة الحق في تثبيت هذا الوكيل أو رفضه بأغلبية الأصوات وعليه حرر هذا التوقيع رؤساء القبائل الطرابلسية البرقاوية ، والمولى سبحانه وتعالى يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه )) ومع إعلان إيطاليا الدخول في الحرب فـي شـهر يونيـو 1940م ، أزداد الإصرار على المفاوضات مع البريطانيين حول تأسيس نواة الجيش الليبي وبالفعل أنطلقت المفاوضات والتي أتفق فيها على تشكيل "فصائل من الليبيين للمشاركة في الحرب إلى جانب الحلفاء لاسترداد حريتهم وتخليص البلاد من أيدي الإيطاليين ، وفي السابع من أغسطس 1940 م وجه الأمير إدريس دعوة إلى اجتماع آخـر فـي القاهـرة وأستمـر هـذا الاجتماع لمدة ثلاثة أيام وصدرتعلى أثره قرارات مهمة وتاريخية والتي عرفت بقرارات التاسعمن أغسطس و التي كان من بينها:
التعاون مع بريطانيا من أجل تخليص ليبيا من براثن الإستعمار الإيطالي الغاشم.
الإعـلان عـن الإمـارة السنوسيـة ووضع الثقة في الأمير محمد إدريس المهدي السنوسي المبايع له بالإمارة .
تعيين هيئة تمثل القطرين طرابلس وبرقة وتكوين مجلس شورى للأمير . خوض غمار الحرب ضد إيطاليا بجانب الجيوش البريطانية وتحت راية الإمارة السنوسية.
تعيين حكومة لتسير شئون الامارة وتعيين هيئة لتلجهيز .
الخطوات الأولى لتأسيس الجيش الليبي
كانت خطوات التأسيس شاقة ومضنية خاصة مع انعدام الإمكانات وووجود عقبات كثيرة تواجه هذا الطموح الوطني الذي بادر به شرفاء ليبيا .
ويعتبر اليوم التاسع من شهر أغسطس عام 1940 م هو بداية تأسيس الجيش الليبـي الفعلـي ، ففـي أثنـاء المعـارك الدائرة بين الجيش الثامن البريطاني وجيـوش المحـور المكونـة مـن الإيطالييـن والألمـان، احتـاج إلـى عناصر شبه عسكرية تنضم مع أرتاله المحاربـة وتكـون كخـطوط خلفيـه يستعين بها الجيش المحارب للاتصال بالأهالي المدنيين وتأمين قواعد الإمداد والتموين إلى اختيار بعض العناصر التى لها كفاءة لتدريبها ولتكون من ضمن جنود الحلفاء الذين انضموا إلى الجيش الثامن وليساهموا في تحرير وطنهم من الاحتلال الإيطالي.
تم الإتفاق بين كل من القيادة البريطانية وممثلـها (العقيـد بروملـو ) مـع الأميـر محمد إدريس السنوسي في مدينة القاهرة على الإستعانه بعناصر من المهاجرين الليبيين المقيمين على الأراضي المصرية وفيما بعد بالأسرى الموجودين بالتل الكبير والذين أسرهم الجيش البريطاني في ديسمبر 1940 في سيدى براني لتكوين نواة للجيش الليبي ، و فتح مكتب لقبول المتطوعين بمدينة القاهرة بتاريخ الثاني عشر من شهر أغسطس 1940 م ، ومن أهم الترتيبات التي اتخذت لاحقاً إصدار الأوامر إلى قاطعات الجيش باسم الأمير ادريس السنوسي ، كما اتخذ الجيش راية قتالية له مستقلة عن بقية تشكيلات الجيش الثامن ، على شكل مستطيل أسود يتوسطه هلال ونجمة .
و تم تنظيم العناصر الليبية في قوة أطلق عليها القوة العربية الليبية أو جيش التحرير السنوسي وسمي أيضا بالجيش المرابط ، كما تم إفتتاح معسكر للتدريب عند منطقة أبي رواش عند الكيلو 9 بهضبة الهرم على الطريق الرئيسي الصحراوى القاهرة الإسكندرية.
ومن بين الرجال الذين قاموا بالإشراف على التدريب أو المشاركة في تشكيل هذا الجيش:
ــ حسين الفقيه عبدالملك .
ــ أحمد الشتيوي السويحلــي (الشقيق الأوسط للمجاهدين رمضان وسعدون الشتيوي السويحلي).
ــ على أبوهادى.
ــ عبدالحميد العبار.
ــ عمر فائق شنيب.
ــ نورى الصديق بن إسماعيل.
ــ السنوسي شمس الدين السنوسي.
ــ إدريس العيساوي.
ــ محمود بوقويطين.
ــ حمد بوخيرالله.
ــ إدريس عبدالله .
ــ جبريل صالح خليفه.
ــ مصطفي القويري.
ــ سليم عبد ربه .
ــ سعد شماطه .
ــ فرج صالحين .
ــ عبدالكافي السمين.
ــ محمد عبدالكافي السمين.
ــ صالح مطير .
ــ محمد عبدالمولي .
ــ صالح لطيوش .
ــ السنوسي سعيد لطيوش .
ــ عبدالجليل سيف النصر.
ــ إبراهيم أحمد الشريف السنوسي .
ــ مفتاح بوشاح .
و كان لهـم جميعـاً وغيرهم من المجاهدين شرف المساهمة فيما بعد في تأسيس الدولة الليبية ( دولة الدستور والقانون ).
بدأ الجيش بالتدريب إستعداداً للإنضمـام للقـوات المُشاركـة فـي المعارك التي يخوضها الحلفاء في الصحراء المصرية والليبية معارك حلفا والعلمين ثم في الإندفاع وراء فلـول الإيطالييـن والألمـان المنسحبـة حتى دخلوا برقة وأستمرت القوات الليبية في اندفاعها صحبة قوات الحلفاء حتى تحرير مدينة طرابلس كان ذلك في شهر يناير 1943.
من المُتفق عليه بأن مشاركة هذا الجيش الفتي بارزة للعيان ، ومازالت ذاكرة التاريخ تختزل لنا أروع الأمثلة في البسالة والإقدام التي أتصف بها أفراد هذا الجيش خلال معارك الحرب العالمية الثانية التي دارت خلال أعوام 1940-1943 م في مسرح عمليات الصحراء الغربية وفوق الأراضي الليبية ، فقد شارك الجيش الليبي في معظم المعارك وقاتل تحت رايته الخاصة .
والجدير بالذكر إنَّ كتائب الجيش الليبي خاضت أول معاركها بتاريخ 10 / 12 /1940 بعد أن شاركت في معركة "سيدي براني" إلى جانب الجيش البريطاني الثامن، و شارك الليبيون في زحف الحلفاء الأول الذي أعقب الإنتصار الساحق في سيدي براني، والذي انتهى بسقوط برقة في يد الحلفاء واستسلام قائد القوات الإيطالية الجنرال "برجونزولي" في شهر فبراير 1941م .وبسقوط برقة أصبحت قوات الحلفاء المتقدمة تحتل مواقعها في العقيلة ومُسيطرة على منخفض الوادي الفارغ استعداداً لمعاودة الزحف من جديد.
ولكن التعزيزات التي وصلت لنجدة قوات المحور تحت قيادة الجنرال "إروين رومل" الذي بادر بشن هجوم مضاد وعاجل أجبر قوات الحلفاء إلى انسحاب شامل تراجعت فيه إلى داخل الحدود المصرية منسحبة من كامل الأراضي الليبية فيما عدا طبرق التي ظلت في يد الحلفاء كموقع جانبي حصين ولكنه محاصر من قبل قوات المحور .
في شهر نوفمبر 1941م شارك الجيش الليبي مشاركة مميزة في زحف الحلفـاء الثانـي خاصـة فـي المجـهود الحربي على المحور الجنوبي الذي سيطرت قواته على "المخيلي ومسوس والشليظيمة وإنتيلات" ، وقد برز دور كتائـب الجيـش الليبـي فـي معـارك التراجع في وجه الهجوم المعاكس الثاني
لجنرال "رومل في 23 من شهر يناير 1942 م خاصة في المعارك الكبيرة التي دارت في مثلث (اجدابيا - ساونو - إنتيلات)، وبرز دور الليبيين واضحـاً عنـد الخـط الدفاعـي فـي عيـن الغزالة، وفي معركة عين الغزالة ثم في المعارك التي دارت حول طبرق التي سقطت في نهاية المطاف في يد قوات الفيلق الإفريقي، ومعروف أن روميل تمت ترقيته إلى رتبة "مارشال" على أثر انتصاره الكبير في طبرق في معارك طبرق كانت خسائر الجيش الليبي جسيمة خاصة خلال الإنسحاب البحري من المدينة، حيث غرقت إحدى السفن التي كان على متنها عدد كبير من أفراد الجيش الليبي .
بعد سقوط طبرق في يد قوات المحور تراجعت قوات الجيش الثامن إلى "خط العلمين" الذي شاركت وحدات الجيش الليبـي فـي إعـداده ، ولكننـا لـم نجـد الكثيـر فـي الذاكـرة التاريخيـةعـن الدور الذي قام به الجيش الليبي في معركة العلمين أو المعارك التي سبقتها مثل معركة "علم حلفا" ، وقد يكون هذا راجعاً إلى صغر حجم القوات الليبية المشاركة مقارنة بالقوات الضخـمة الأخـرى المشاركـة فـي تلك المعارك ولكن الأكيد أن قـوات مـن الجيـش الليبـي كانـت ضمن قوات المقدمة في زحف الجيش الثامن في أعقاب الانتصار في العلمين، وأسهمت هذه القوات في الانتشار عبر المواقع الإستراتيجية لتأمينـها وحمايتـها مـن هجـوم العدو المضاد .
وأستمرت مشاركة الليبيين في القتال ومطاردة فلول قوات المحور المنسحبة والتي تحصنت على عجل في منطقة "بويرات الحسون".
بعد معركة بويرات الحسون أنسحبت قوات المحور في اتجاه الغرب واستمر الحلفاء في تعقبهم حتى تحرير مدينة طرابلس في شهر يناير 1943م .
وفي شهر فبراير وصلت فلول قوات المحور المنهزمة إلى داخل الحدود التونسية .
وهكذا نستطيع الرد على من يشكك في مساهمة الليبيين مساهمة متميزة في تحرير ليبيا من الإيطاليين ، هولاء هم شرفاء وأحرار ليبيا الطلائع الأولى مـن الجـيش الليبـي الوطنـي الذيـن تكونت منهم فيما بعد قوة دفاع برقة والقوة المتحركة المركزية بطرابلس وهو نواة الجيش الليبي الجديد.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها كان لرجال الجيش الليبي دور مهم جداً فقد تكونت الكوادر المدربة التي أمكنها أن تقوم بمهام إدارية في بلد كان يعاني فقراً مدقعا ونقصاً في الخبرات ، وكان ينفض على كاهله تراكمات أعوام طويلة من الإستعمار الإيطالي الغاشم كما تحولت وحدات من الجيش إلى قوات شرطة عهد إليها حماية الأمن،وعرفت باسم "قوة دفاع برقة" ومن كتائب الجيش الليبي الصغيرة التي شاركت في تحرير ليبيا كانت نواة الجيش الليبي الحديث.
في سنة 1951 م تم إرسال مجموعة من ضباط الجيش إلى بريطانيا في دورات تنشيطية في اللغة الانجليزية والعلوم العسكرية ، وبعد نيل ليبيا لإستقلالها في 24 ديسمبر 1951 بدأت الحكومة الليبية في تفعيل الجيش وإرسال البعثات العسكرية للخارج كما أنشأت الحكومة مدرسة عسكرية في مدينة الزاوية عام 1953 م لتخريج دفعات سريعة من الضباط إلى حين عـودة المبعوثيـن مـن الخـارج.
وكان الجيش الليبي الفتي قد تأثر بكل من الجيش المصري والجيش العراقي وهذه الجيوش كانت مكونة على غرار العسكرية البريطانية، ولكن كان تأثير الجيش العراقي هو الأكثر بروزاً سواء في المصطلحات أوالتدريب أو قواعد الضبط والربط العسكري ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل مثل إستعانة الجيش الليبي بخبرات من الجيش العراقي وذلك عن طريق البعثات العسكرية العراقية التي أشرفت على تأسيس الجيش الليبي ووضع نظمه الأولية ، كما ساهم في إرساء هذه المفاهيم وأيضاً لتخرج عدد كبير من ضباط الجيش الليبي من الكلية العسكرية الملكية العراقية مـما جعـل الكليـة العسكريـة الملكيـة
الليبية عند تأسيسها تسير على نفس النمط العراقي، وكان أول أمراء الكلية وعـدد مـن مدرسيـها مـن الضـباط العراقيين ، بالإضافة إلى أن الجيش العراقي في ذلك الوقت كان يعد أفضل الجيـوش العربيـة تدريبـًا وتنظيـماً وإنضباطـًا، ولذلـك فـإن الأخـذ عنـه أضاف ميزة إضافية إلى الجيش الليبي.
رؤساء أركان الجيش الليبي منذ تأسيسه إلى شهر سبتمبر 1969 م
[]ـ العقيد: عمران الجاضـــــــــرة .
[]ـ العقيد: داود سليمان الجنابــي .
[]ـ الزعيم: عبد القــــادر الناظمي .
[]ـ الزعيم: عادل أحمـــد راغـــب .
[]ـ اللواء:السنوسي لطيـــــــوش .
[]ـ اللواء:نــــوري الصديــــــــق .
[]ـ اللواء:السنوسي شمس الدين .
كان الجيش الليبي جيشاً يافعاً ولم يكن يمتلك الأسلحة الحديثة وقد بدء التفكير في تحديث الجيش وتزويده بالمعدات اللازمة للدفاع عن الوطن .
بعـد العـدوان الصهيونـي عـلى مصـر وسوريا والأردن عام 1967 ، أستلزم الأمـر فـي ليبـيا إلـى إعـادة النظـرفـي إستراتيجـية تسليـح الجيـش الليبي ، لذلك رأت الحكومة في ذلك الوقت أن الحاجة ملحة للحصول على أسلحة متطورة خاصة بعد رؤية تفوق العدو الصهيوني التقني والتكنولوجي والقدرة السريعة على الحركة والمناورة ، وعلى الفور سارعت الحكومة الليبية برئاسة عبد الحميد البكوش للإتفاق على صفقة منظومة الدفاع الجوي ودبابات الشفتن من بريطانيا, غير ان هذه الصفقة لم تتم وألغيت بالكامل بعد انقلاب القذافي العسكري وإستيلائه على السلطة في سبتمبر 1969 م .
والشئ المميز في الجيش الليبي أنذاك بالرغم من قلة الإمكانيات والخبرات العلمية العسكرية الضبط والربط العسكـري الـذي أتصـف بـه أفـراده ولإستعداده لتقبل التأهل العسكري والعلمي ، فقـد كـان تأهيـل الكوادر العسكرية يجري بصورة علمية وبطريقة مدروسة ، كما أن المؤسسة العسكرية الليبية لم تشهد أي شكل من أشكال التحيز القبلي أو الجهوي ، بل ضمت عناصر وأفراد من مختلف القبائل والجهات والمناطق والمدن الليبية دون أي حساسية أو تحيز لأي جهة أو طرف من الأطراف ، كما أن الجيش منذ تأسيسه إلى شهر سبتمبر 1969 م لم يتدخل فيما يتعلق بالأوضاع السياسية الداخلية ، وظل دوره مقتصرا على حماية الوطن والدفاع عنه.
الجيش في عهد القذافي
نلخص هذه المرحلة بالنقاط التالية:
عدم استقرار المؤسسة العسكرية للجيش والاستغناء عن القيادات العسكرية الكفؤة وتصفية القيادات التي يخشى خطرها بتغيير مسارها أو إقصاءها .
الزج بالجيش الليبي في مغامرات عسكرية فاشلة خارج الحدود الليبية كان لها الأثر الكبير في خلخلة مؤسسة الجيش الليبي الى حد كبير.
انخفاض مستوى التأهيل والتدريب العسكري بسبب غلبة الطابع الأيدولوجي وتولي قيادات عسكرية تدين بالولاء للقذافي ولا يعتد بمسألة الأداء والقدرة والكفاءة.
شهد الجيش الليبي منذ البداية ظاهرة غلبة الطابع القبلي والمحسوبية فقد دعى القذافي القبائل الموالية له للإنخراط في صفوف الجيش الليبي, وتم إعطائهم مراكز وامتيازات خاصة وأولوية في البعثات الخارجية.
عدم تنوع مصادر السلاح والتدريب نتيجة لتعرض ليبيا للعقوبات الدولية الناتجة عن ممارسات القذافي .
مؤسسي الجيش والغياب عن الذاكرة
بإنتهاء الحرب العالمية الثانية طويت صفحة الجيش السنوسي، وأصبحت بطولات رجاله في ذمة النسيان، ولم يعد الليبيون يتذكرونهم إلاَ بذلك الأحتفال البسيط الذي كان يقام في العهد الملكي يوم التاسع من أغسطس من كل عام ، ومنح منتسبي الجيش وسام التحرير الذي لم يكن له أية قيمة معنوية أو مادية، فنشأت أجيال تجهل كل شيء عن الجيش السنوسي."
وفي عهد القذافي فقد قضى عدد غير قليل من رجال الجيش السنوسي جزءاً من شيخوختهم في السجون ، وتعرض عدد من رموز الجيش السنوسي للتعذيب ، أما يوم التاسع من أغسطس فقد ألغاه القذافي من التاريخ, وأصبح من الأيام الوطنية التي هال عليها القذافي التراب وأعتبرها مناسبة مزيفة !! ...
حينما نتطرق للجيش الليبي وعرض تاريخ تأسيسه وبعضاً من مسيرته لا نعني هنا أن ليبيا لم تعرف العسكرية من قبل ، ولكن تناولنا نقصد به الجيش الليبي الحديث الذي أنطلق مع معارك الصحراء في الحرب العالمية الثانية، وتحرير ليبيا من الاستعمار الإيطالي .
وستقوم مجلة المُسلح في الأعداد القادمة بنشر كتاب العسكرية الليبية الذي سيكون بمثابة مرجع تاريخي للعسكرية الليبية ، وهو من إعداد قسم التاريخ بالمجلة فكونوا في الإنتظار .
كمـا هـو معلـوم إن الحكـومة الليبية بعد الإستقلال في 24 ديسمبر 1951 م أقامت نصباً تذكارياً بمنطقة بورواش بالقرب من العاصمة المصريـة القاهـرة تخليـداً للـدور التاريخي الذي قام به الجيش الليبي ، ومـن المفارقـات أن هـذا التذكـار يرمـز لشموخ أمة ويتحدث عن تضحيات رجال شرفاء من هذا البلد الذي نعتز جميعاً بأننا منه .