1.دور سياسي كبير في مشهد دولي
منذ 23 فبراير 2011، 5 أيام فقط بعد بداية عملية قمع أول مظاهرات سلمية في شرق ليبيا، وبعد قصف مدينة بنغازي من قبل الطائرات الليبية، اقترحت فرنسا على شركائها الاوروبيين تطبيق عقوبات ضد نظام العقيد معمر القذافي.
ومنذ ذلك الحين شاركت فرنسا بشكل نشط في مفاوضات مجلس الأمن في الامم المتحدة يوم 26 فبراير 2011 وذلك لتحديد العقوبات ضد هذا النظام ولدراسة إمكانية إجراء منطقة حظر جوي على ليبيا بالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة.
2.من قمة باريس إلى التدخل العسكري
وفي يوم 17 مارس، وبمبادرة خاصة من فرنسا والمملكة المتحدة، تم تبني قرار 1973 الصادر من مجلس الامن لدى الامم المتحدة.
وينص هذا القرار على إنشاء منطقة حظر جوي في الاجواء الليبية (باستثناء الرحلات الجوية الانسانية) وذلك لحماية المدنيين ضد الضربات الجوية من نظام العقيد معمر القذافي.
كما يخول هذا القرار جميع الدول الأعضاء باستعمال جميع الوسائل اللازمة لحماية المدنيين واحترام منطقة الحظر الجوي، وأخيراً، ينص القرار 1973 على تشديد الحظر على الاسلحة وإمكانية تفتيش القوارب والسفن القادمة من وإلى ليبيا.
وفي يوم 19 مارس، وبعد عقد قمة باريس في قصر الإليزيه، وبمبادرة خاصة من فرنسا والمملكة المتحدة، تم مشاركة العديد من الدول في التحالف الدولي ضد العمليات المتخذة من قبل قوات العقيد معمر القذافي، وبأمر خاص من رئيس الجمهورية الفرنسية، ومنذ يوم 19 مارس بعد الظهر، شاركت الطائرات القتالية التابعة للسلاح الجوي الفرنسي (ميراج 2000، رافال، آواكس) في الضربات الجوية ضد قوات العقيد معمر القذافي ودمرت هذه الطائرات، على تمام الساعة 17:45، الآليات المدرعة المتمركزة في الشرق الغربي لمدينة بنغازي. هذه هي بداية العمليات الفرنسية وأطلقت عليها أسم "هارماتان" "Harmattan".
وبعد تدمير مجمل الآليات المدرعة ومنظومات الدفاع الجوي بشكل سريع، انتقلت طائرات التحالف إلى دور المراقبة وتابعت تدمير الاسلحة الثقيلة التي تهدد المدنيين العزل فتابعت فرنسا ضرباتها الجوية في هذا الاطار.
وفي يوم 31 مارس، تسلم حلف شمال الأطلسي (NATO) قيادة العمليات الجوية والتي تحل محل عمليات التحالف الدولي المبني على إجراءات سياسية فرنسية والوسائل القيادية الامريكية والتعاون الانجليزي.
3.عملية "هارماتان" من خلال أرقام قليلة
تم إطلاق أسم "هارماتان" على العمليات العسكرية الفرنسية الجوية والبحرية لحماية المدنيين الليبيين يوم 19 مارس 2011 وشاركت الوسائل الفرنسية التابعة إلى السلاح الجوي والبحرية الوطنية في هذه العملية بالتنسيق الوثيق مع بلدان التحالف ، وكانت النظم الفرنسية تخضع إلى تحديث دائم كل ما اقتربت من منطقة العمليات بحيث توفر أحسن حماية لازمة للمدنيين، كما تم ترتيب الكفاءات اللازمة لتنفيذ المهام : (استخدام حاملة الطائرات شارل دي غول ومجموعة جوية على ظهرها - طائرات حديثة من طراز رافال وسوبر إيتاندار- إلى غاية شهر أغسطس واستخدام سفينة حاملة للطائرات المروحية "BPC Mistral" وطائرات مروحية منذ شهر يونيو 2011.)
وأخيراً، شارك 4200 عسكري فرنسي في العمليات بليبيا وتم استخدام أكثر من 40 طائرة وحوالي 20 طائرة مروحية وطائرة بدون طيار، كما تم استخدام 27 سفينة تابعة للبحرية الوطنية الفرنسية في العمليات الليبية وفي عرض السواحل الليبية ومنها حاملة الطائرات شارل دي غول وحاملتي الطائرات المروحية "BPC Mistral" و "BPC Tonnerre"، لقد قامت الطائرات الفرنسية بأكثر من 5600 طلعة جوية والذي يمثل 25% من الطلعات الجوية في الأجواء الليبية.
وبشكل إجمالي، قامت وحدات البحرية الفرنسية بحماية الطرق البحرية إلى مدينة مصراته لتأمين نقل المساعدات الانسانية، كما قامت بتنفيذ ضربات ضد أهداف أرضية لتدمير الأسلحة الثقيلة التابعة لقوات نظام القذافي التي كانت تهدد المدنيين.
في يوم 22 أكتوبر 2011، غادرت القوات الفرنسية مناطق العمليات بليبيا.
هارماتان : رياح رملية وساخنة في أفريقيا
أول من ضرب
والأول لإعادة البناء
لقد كانت الطائرات الفرنسية أول من نفذ الضربات الجوية على قوافل القذافي ولقد كانت البحرية الفرنسية أول من ساعدت المواني الليبية على إعادة نشاطها الاقتصادي العادي ثم انتهت مرحلة عمليات حلف شمال الاطلسي يوم 31 أكتوبر 2011.
منذ يوم 1 نوفمبر 2011، انتقلت فرنسا إلى مرحلة التعاون مع الجيش الوطني الليبي : وجاءت السفينة الكاسحة للألغام "آكيرون" "Achéron"في ذلك اليوم بقاعدة طرابلس البحرية،وخلال شهر، لقد كنا "جنباً على جنب وكتفاً على كتف" مع البحارة الليبيين وتم التفتيش عن الالغام والذخائر الغير متفجرة في المواني الليبية ومن قبل الغطاسين الفرنسيين المتخصصين في ازالة الالغام، وحسب طلب السلطات الليبية تم تفتيـش مـواني طرابلـس والخمــس ومصراته وراس لانوف والزاوية ثم مواني البريقا وأجدابيا بواسطة الوسائل الفرنسية ، لقد وجدنا لغماً كبيراً جداً كان يهدد شواطئ مصراته وهو كان قد ألقي من قبل قوات القذافي، قمنا بتفجير هذا اللغم بالتعاون المشترك، ومنذ ذلك الوقت لقد قامت البلدان الأخرى بتقديم المساعدة إلى ليبيا في مجال مكافحة الالغام، نحن نفتخر بأننا قدناهم إلى الطريقة التي تكلمنا عليها آنفاً.
لم ينتهي التعاون العسكري الليبي الفرنسي بعد لأننا نشارك مصالح مشتركة كثيرة معاً : نحن جيران - إلا أن البحر الابيض المتوسط يفصل بيننا -، والقوات الليبية تستعمل الطائرات والطائرات العمودية والسفن المصنوعة في فرنسا، ونحن نشارك رغبتكم على ان يكون البحر الابيض المتوسط سليماً وان تكون أفريقيا مزدهرة.
وستستمر فرنسا وبالتعاون مع القوات المسلحة الليبية في إعادة بناء الوحدات العسكرية الليبية التي تخدم الشعب الليبي والتي تحترم القوانين الليبية، وستقوم فرنسا، كما قامت بمهمة إزالة الالغام، باستعمال خبرتها وسترسل خبرائها كبلد صديق وكبلد جار.
أناموجود في ليبيا منذ شهر سبتمبر 2011 ورغبتي في خدمة ليبيا لم تتغير، زرت وتعرفت على العديد من البلدان العربية (مضيت حوالي 15 عاماً من حياتي في البلدان العربية)، ولكن عشت في البلدان الخارجة من الحرب والثورة يسعدني أن أعمل مع الشعب الليبي، الشعب المتحمس، الشعب الذي استعاد حريته، الشعب الذي يريد أن ينفتح على العالم، الشعب الذي حافظ على تقاليده وحسن الضيافة والصراحة على الرغم من السنوات الدكتاتورية السابقة، عندما أعود إلى بلادي، أعرف إنني سأكون حزيناً عندما سأغادر جيراني وأصدقائي، "عاشت ليبيا حرة! وعاشت علاقات الصداقة بين شعبينا وقواتنا المسلحة."
{facebookpopup}