إن تطوير و تحديث الجيش العربي الليبي من خلال تطوير أنظمة الدفاع هي عملية إستراتيجية لمواكبة التطور و الحداثة العالمية في مختلف المجالات العسكرية.
وذلك للخروج بالمجتمع من دائرة التخلف إلى دائرة التقدم , كما أن تطبيق تقنيات و أساليب تطوير الجودة في مجال الجيش(قطاع الدفاع) ذو أهمية قصوى لمواكبة المستجدات و المتغيرات الدفاعية الحديثة ، والتأكد من أن تحقيق الجودة و إتقان العمل واجب ديني و وطني،
يجب علينا أن نعرف كيف نعمل الأشياء بطريقة صحيحة من أول مرة و كل مرة ، و ذلك من خلال التعريف بأهمية الجودة والتركيز على أسسها و نشر الوعي في الجيش الليبي (قطاع الدفاع) بالتأكيد على الضرورة الحتمية لتطبيق الجودة وغرس هذه الثقافة في الجيش الليبي(قطاع الدفاع) و خاصة في الجيل الجديد القادم.لنقل التقنية وتوطيدها والعمل على تحقيق التوافق بين مخرجات التدريب العسكري و متطلبات التنمية الدفاعية الحقيقية، ومن اجل الوصول لأفضل النتائج من الواجب الاهتمام بالعمل على تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات التدريب العسكري(قطاع الدفاع) .
ونتيجة للنجاح الهائل الذي حققته إدارة الجودة الشاملة في مختلف التنظيمات الاقتصادية ا لصناعية والتجارية والتكنولوجية والخدمية(التدريبية)العسكرية في الدول المتقدمة وظهور تنافس بين هذه التنظيمات للحصول علي المتدرب الأفضل وصولا إلى إرضاء المجتمع وبناء الجيش ، ظهر الاهتمام بتطبيق منهج إدارة الجودة الشاملة كأسلوب إداريًا متميزًا في المؤسسات التدريبية العسكرية ، ولكن هل يمكن للمؤسسات التدريبية أن تسلك ذات الطريق الذي سلكته المؤسسات الإنتاجية والخدمية للحصول على المنتج الأفضل وبالتالي تحقيق رضا (المتدرب)، ومن خلال منهج وصفي نظري يستعرض هذا البحث مفهوم الجودة وإدارة الجودة الشاملة و المبادئ الأساسية التي يتمحور حولها هذا المفهوم وتوضح أهمية التركيز على النظم والعمليات والفوائد والمميزات التي تجنيها المؤسسات الإنتاجية والخدمية (التدريبية) من خلال تطبيقها نظام إدارة الجودة الشاملة، وهذا يتطلب فحص الهيكل التنظيمي للنظام التدريبي في أي مؤسسة تدريبية عسكرية حتى يتوافق مع فلسفة إدارة الجودة الشاملة مع توفر مناهج توفق متطلبات الدفاع العصرية.
وانطلاقا من إن الدفاع عن الوطن مسؤولية الشباب وهم عماد المستقبل والوصول بهذه الشريحة إلى أرقاء مراحل التدريب العسكري المختلفة ، وانطلاقا من التحديات التي تواجه التدريب العسكري بمراحله المختلفة و متطلبات العصر الدفاعية مع الحرص على تخريج كوادر عسكرية تمتلك المهارات اللازمة للتعامل مع كافة المستجدات و المتغيرات التي يشهدها العصر في المجال الدفاعي. والعمل على انجاز مسيرتها في تحقيق رسالتها التدريبية والدفاعية.
إذا كانت قضية ضبط الجودة مهمة في المؤسسات الاقتصادية فإنها تعد أكثر أهمية في مؤسسات التدريب العسكري(قطاع الدفاع) المختلفة والنظم التدريبية بسبب ارتفاع تكلفة التدريب، وسوء نوعية بعض المخرجات التدريبية، مما يؤثر سلبًا على معدلات التنمية والقدرة الدفاعية للمجتمع وتحقيق طموحاته وأهدافه التدريبية الدفاعية وضبط جودة التدريب وسيلة للتأكد من أن العملية التدريبية العسكرية وتدريب المدربين والإداريين العسكريين، والتطوير التدريبي في المؤسسات العسكرية، تتم جميعًا وفق الخطط المعتمدة وبالمواصفات القياسية المطلوبة.
وقد جرت في العقدين الماضين محاولات عديدة لتطبيق نظام إدارة الجودة في المدارس والمعاهد والجامعات وبرز بشكل مقبول عدد من الأساليب تمثل في المعيار الدولي أيزو 9001، الذي يعتبر معيارا عالميا، حيث إن هذا المعيار في إدارة الجودة قامت العديد من الدول المتطورة كأستراليا و إنجلترا و بولندا و ايرلندا بتبنيه، وهو يستخدم كأداة علمية تعنى بالتقييم الذاتي من أجل تطوير المؤسسة التدريبية، و يتميز هذا المعيار عن غيره بأنه صمم خصيصا ليتلاءم مع رسالة المؤسسة المرتبطة بتحقيق التوقعات المرجوة من قبل أفراد المجتمع والعاملين في المؤسسة أي ليلاءم طبيعة التدريب في قطاع الدفاع، ويتصف بالشمولية في إدارة مؤسسات التدريب العسكري إذ أنه يغطي جميع العمليات التي تجري في المؤسسة لما يوفره من مجموعة من المؤشرات التي تهتم بمجال تنمية الموارد البشرية بما فيها العسكرية، حيث يهدف إلى ضمان استمرارية التطوير في المؤسسات التدريبية فضلا عن تقليل التعقيدات الإدارية، كما أنه يحقق العديد من الفوائد كما تشير الدراسات العلمية والتي ترتب عليها تحسن الإنتاجية العامة للمؤسسات التدريبية، بالإضافة إلى أنه يركز على تلبية حاجات المستفيدين من النظام التدريبي, المتدربون، أولياء الأمور، المجتمع المحلي، المدربون والإداريون بقطاع الدفاع.
وقد أصدرت منظمة أيزو وثيقة خاصة بتطبيق المواصفة الدولية ( 9001) وهي عبارة عن إرشادات للمؤسسات التدريبية التي تسعى إلى تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة التدريبية. وعرف البعض مفهوم جودة التدريب على انه " مقدرة مجموع خصائص ومميزات المنتج التدريبي على تلبية متطلبات المتدرب والمجتمع وكافة الجهات الداخلية والخارجية المنتفعة".
وعرف البعض مفهوم الجودة في التدريب على أن جودة التدريب هي:
مجموع الخصائص والمميزات في مدخلا ت وعمليات و مخرجات نظام التدريب العسكري التي تلبي الاحتياجات الآنية والمستقبلية و التطلعات الإستراتيجية لقطاع الدفاع.
أدارة الجودة الشاملة وآليات الارتقاء بجودة مخرجات التدريب العسكري ونظرا لان العملية التدريبية تعد من اجل بناء جيل المستقبل بأبعاد تدريبية ذات كفاءة عالية ومواكبة للتطورات الحديثة المطلوبة للارتقاء بمستقبل قطاع الدفاع خاصة والمجتمع الليبي عامة, ومن ذلك فان هذا المبحث يتكون من ثلاثة بنود رئيسية وهى:
1. دور المدرب بالمؤسسة التدريبية لابد أن يجيد تطبيق إدارة الجودة الشاملة بإتقان مهارات التدريس والتدريب العسكري المختلفة.
2. تطوير المناهج الدراسية التدريبية وعلاقته بجودة المتدرب.
3. تهيئة الظروف الفكرية والجسمانية للمتدربين ودورها في العملية التدريبية.
أهمية إدارة الجودة الشاملة فى التدريب العسكري الحديث:
1. إن إدارة الجودة الشاملة تقدم مخططا مستقبليا وتضع القواعد والإجراءات لضمان جودة التدريب بمؤسسات الجيش الليبي والتدريب العسكري في ضوء ما يتوقع حدوثه من متغيرات في المستقبل.
2. يعد هذا الموضوع من الاتجاهات الحديثة للتدريب العسكري في ليبيا لمواكبة المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، والمنافسة الدولية، تحسبا للمستقبل، حيث لم يعن هذا الموضوع بإتاحة التدريب بل عنى بجودة التدريب والأسس العسكرية المتضمنة له، مما يرسخ التغيير في سياسة التدريب العسكري وفلسفته في ليبيا والانتقال من مفهوم الإتاحة إلى مفهوم الجودة في التدريب العسكري.
3. يفصح الموضوع محل الدراسة عن التزام الدولة ومؤسساتها المختلفة بضمان جودة التدريب العسكري.
4. توضح نتائج الدراسة عن أنه من أبرز المعالم في إدارة الجودة الشاملة والعلاقة بين جودة التدريب العسكري ومتطلبات الدفاع عن الوطن، وجودة التدريب والمستقبل، وجودة المتدرب والمنافسة العالمية.
5. تؤكد النتائج على أن مفهوم التدريب العسكري الجيد هو الأساس لتغيير مستقبل المجتمع الليبي والنهوض بقطاع الدفاع، وتحقيق الأهداف الوطنية و القومية.
6. تكشف نتائج الدراسة عن الوعي التام والاستنارة الكاملة لأعضاء وزارة الدفاع الليبية لأهمية جودة التدريب والتعليم بالمؤسسات التدريبية العسكرية والبعد الدفاعي لها، وموقفهم الإيجابي من قضايا الجودة والبعد الدفاعي لها. وتجلى هذا الوعي وتلك الاستنارة في الرعاية الكاملة لهذا المؤتمر مما يؤكد الاهتمام الشديد والحرص التام من جانب الوزارة بقضية التدريب العسكري بقطاع الدفاع .
7. تؤكد النتائج موقف وزارة الدفاع من العملية التدريبية العسكرية للمجتمع الليبي، مما يؤكد اعتبار المصلحة العامة والعليا في الوصول لجودة التدريب العسكري بقطاع الدفاع بالمجتمع الليبي.
توصيات الدراسة :
1. تعمل وزارة الدفاع على نشر ثقافة جودة التدريب العسكري، للقيادات التدريبية ومديري الثكنات العسكرية والمدربين بكافة المراحل التعليمية التدريبية عن طريق الورش العلمية و المؤتمرات العلمية، وطبع الكتيبات اللازمة .
-2نشر ثقافة جودة التدريب العسكري وإدارة الجودة الشاملة عن طريق الصحافة خاصة وسائل الإعلام المختلفة عامة.
3. التوعية باهمية ثقافة إدارة الجودة فى تدريب بكافة مؤسسات التدريب العسكري المختلفة بجميع مراحله لتحقيق الفائدة المرجوة في نشر ثقافة جودة التدريب وإدارة الجودة الشاملة .
4. إعداد دراسة مستقبلية تستشرف التطورات التدريبية العلمية التي سيشهدها العالم في العقدين القادمين، والنشاطات المتوقعة وقتها، والمجالات الدفاعية المتوفرة ونوعها، وكيف يتم تصميم المناهج والمقررات الدراسية التدريبية التي تستجيب لذلك .طرح المقررات الدراسية بطريقة تبتعد عن الإملاء والتلقين، وتحفز على النقد والتحليل، وتشجع على الابتكار والاختراع .التوسع في وضع المعارف أمام المتدربين، وتمكينهم من انتقاء واختيار المعارف التي تناسبهم، وتستجيب لاهتماماتهم.
5. دعوة كافة المهتمين بشئون التدريب العسكري والجودة فيه والمجتمع المدني بكافة فئاته ومنظماته المختلفة إلى المشاركة بصورة أكثر عمقا لتفعيل إدارة الجودة الشاملة وتحقيق أهدافها ومضامينها في المجال العسكري الدفاعي .