يتوقف إعداد الدولة لمواجهة الأزمات والعدائيات المختلفة بالدرجة الأولى على التخطيط السليم والتدريب الجيد ، حيث يشمل هذا الإعداد جميع إمكانيات الدولة السياسية والاقتصادية و العسكرية، ولايتم ذلك إلا بإنشاء مراكز التدريب المتقدمة وإقامة المباريات الحربية بشتى الوسائل،
إذ تمثل المباريات الحربية أهم الأساليب التطبيقية لبحوث العمليات، التي تهدف إلى إكساب القيادات الخبرة لإدارة المعارك، وإيجاد الحلول المناسبة لكافة المشاكل التي تعترض القوات في العمليات الفعلية ، خاصة بعد تطور الصراع المسلح من حيث طرقه وأساليبه وأسلحته .
نشأت المباريات الحربية في مطلع القرن السابع قبل الميلاد وقد أعد القائد الصيني المتخصص في فنون الحرب (صن تزو) في القرن الخامس قبل الميلاد أول نموذجاً لإدارة العمليات ، وذلك بتصويرها على الأرض بأشكال مصغره لتدريب جيشه على أعمال القتال في معركته المقبلة حيث تمكن من استنتاج أفضل الأساليب القتالية التي تمكنه من القتال بأفضل صورة .
استخدمت القطع واللوحات لتنفيذ الخطط التدريبية منذ عدة قرون، ومع مطلع القرن الماضي تم استخدام لوحة ورقية طويلة لتدريب القوات موضحا عليها الإجراءات العملية للمعركة ، حيث يتم إرسال المعلومات والأوامر عبر شبكة الخطوط الهاتفية لتبادل المعلومات .
تطور هذا الأسلوب عبر الأجيال لتدريب الجيوش ومع التطور التقني واكب هذا الأسلوب الكثير من التغيير،كأحد الوسائل العلمية والعملية المتقدمة من حيث احتوائها على قوات متضادة قد تكون من جانب واحد أو عدة جوانب ، يتم تجسيدها في صورة صراع مسلح، وفي هذا الصراع تظهر المواقف التي يلزم إيجاد الحلول المناسبة لها ، وهو ما يسمى بإدارة المواقف العملياتية في معارك الأسلحة المشتركة . تطورت بعد ذلك لتحل محلها الخرائط النمطية لتدريب الآمرين والقيادات ، حيث يتم العمل عليها بتحريك المجسمات لتطبيق الخطط العسكرية للخروج بأنسب القرارات ، إلا أنه يوجد بها الكثير من القصور بالإضافة إلى اختلاف الآراء لعدم دقة النتائج .
بدخول الحاسبات الآلية الرقمية تطورت المباريات الحربية ليتم فيها إرسال البيانات المختلفة عبر شبكة الاتصالات الحديثة التي لها قدرة الدمج بين نظم القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والاستطلاع (C4ISR) للقيام بدراسة الصراعات الحربية مع إدخال برامج نظم المباريات الحربية المتطورة للتخطيط والتدريب .
نتيجة الصراع المسلح الذي يستلزم التدريب المكثف لجميع الآمرين وأركاناتهم وكافة الضباط والأفراد للوصول بهم إلى درجة الاحتراف في القتال ، اتجهت كل دول العالم لإعداد برامج تدريبية دقيقة تعمل بالحاسبات الآلية الرقمية للرفع من مستوى التدريب لكافة الجيوش والتشكيلات القتالية لتشمل كل التخصصات على جميع المستويات ، حرصاً منها لتحقيق الواقعية في التدريب وبأقل تكلفة ، لذلك فيمكن القول بأنها ( أحد أساليب فن العمليات ) التي تلعب فيه الحاسبات الدور الرئيسي لتنفيذه بهدف تحقيق النتائج المرجوة من التدريب والحد من استهلاك المعدات والأسلحة المستخدمة في التدريب الميداني ، وذلك للحفاظ على معدات وأسلحة القتال في حالة جيدة .
أدى استخدام القوات الحقيقية بكامل تجهيزاتها من مدرعات ومركبات ومعدات قتالية أخرى أثناء التدريب إلى ضرورة تجهيز ميادين مطابقة لمسارح العمليات الفعلية ، وهذا بدوره يحتاج إلى نفقات باهظة جداً حيث تأكد الدراسات في شئون التدريب : أن التدريبات الميدانية قد أصبحت مكلفة للغاية حيث يلزم نقل تلك القوات بكامل تجهيزاتها إلى ميادين التدريب وتزويدها بمختلف الإمدادات من ذخائر وأسلحة ومعدات وتعيينات إلى غير ذلك مما يستدعي في بعض الأحيان إلغاء بعض التدريبات المهمة ، كذلك عدم قدرة أغلب الدول على تكرار المشروعات التدريبية لنفس التشكيل ، لذلك نرى جميع دول العالم اليوم قد اتجهت إلى خلق نظم المباريات الحربية المتطورة التي تدار على الخرائط الرقمية لإجراء أكبر قدر من التدريبات الراقية لجميع المستويات بأقل جهد وأوفر وقت مع المحافظة على المعدات والأسلحة الذخائر والعتاد.
يتطلب استخدام التقنية الحديثة في التدريب تطبيقات متقدمة من العلوم ، إذ يلعب الجيل الخامس من الحاسبات الآلية التي تستخدم تقنية (الذكاء الاصطناعي) الدور الأكبر لتجسيد الواقعية في التدريب وذلك باستخدام نظم المحاكاة المتطورة في المجال العسكري ، حيث تحتل مكاناً متقدماً في هذا المجال لتغطي جميع مراحل التدريب لجميع التشكيلات المشاركة في معركة الأسلحة الحديثة إذ يتم تدريب جميع الآمرين والأركانات والضباط والأفراد للرفع من قدراتهم القتالية والوصول بهم إلى درجة الاحتراف.
من الضرورة بحال أن تعكس المباريات الحربية طبيعة العمليات العسكرية الحالية ، للخروج بأهم التحليلات والنتائج وفق احتمالية المواقف العسكرية الطارئة ، ومعالجتها بأفضل الحلول باستخدام الحاسبات الآلية،حيث لايمكن التنبؤ بقدرات العدو و عدائيته المنتظرة . ارتفعت نسبة الواقعية في المباريات الحربية إلى أعلى الدرجات وتكاد تطابق الواقع الفعلي وذلك باستخدام نظم المحاكاة المتطورة والتي تجسم التدريبات الميدانية الحية لتشمل الإستراتيجيات الدولية والإقليمية والعالمية وكافة التكتيكات العسكرية ، حيث يتم التدريب على نظام تصويري ثلاثي الأبعاد له القدرة على تجسيم الأفراد والآليات والقطع والمعدات وتحميلها على الخرائط الرقمية .
تعتمد نظم التدريب الحديثة على استخدام نظم القيادة والسيطرة والحاسبات والاتصالات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (C4ISR) كوسيلة رئيسية لتجسيم مسارح العمليات .
عوامل يتوقف عليها نجاح المباريات الحربية:
1 -التخطيط السليم .
2 -لهدف المراد تحقيقه .
3 -مهام المشتركين
الغرض من إقامة المباريات الحربية العسكرية:
1 - إعداد الآمرين والأركانات والضباط والفنيين والجنود كل فيما يخصه في معركة الأسلحة المشتركة الحديثة وتأهيلهم لخوض العمليات الفعلية بكفاءة عالية لتحقيق النصر بأقل الخسائر .
2 -التقييم الجيد للخطط العسكرية ودراسة الحلول المقترحة لتفادي المشاكل الحالية والمحتملة.
3 -دراسة نتائج الأسلحة المطورة والمستحدثة والمعدات العسكرية المتطورة .
4 - توحيد المفاهيم لدى الآمرين والأركانات والضباط لتنظيم وإدارة معارك الأسلحة المشتركة الحديثة.
أنواع المباريات الحربية العسكرية:
1 - من حيث المحاكاة : المحاكاة تعرف بأنها أحد أفرع علوم الحاسب التطبيقي الذي يختص بحل مشاكل الأطراف المتنازعة للحصول على أقصى درجات النجاح وإنزال أقصى الخسائر بالخصم و تنقسم إلى :
أ-المحاكاة الحية: في هذا النوع يشترك الوحدات بمدرعاتها ومركباتها وكامل تجهيزها لإجراء المناورات والتدريبات.
ب -المحاكاة المنظمة : في هذا النوع يقوم الآمرين والأركانات المشتركون في التدريب باستخدام الحاسبات الآلية لتنظيم وإدارة المباراة الحربية لذا يشترط أن تحاكي الواقعية في التدريب
جـ -المحاكاة التقديرية : هذا النوع يقوم بدمج جزءاً من القوات المنتشرة في نظام التدريب داخل المباراة الحربية ويفضل أن تكون بعيدة عن مقرات القيادةحتى تضفي أكثر واقعية.
2 - من حيث تحليل الأزمات : تنقسم إلى الآتي :
أ - مباريات الحظ: تعتمد هذه المباريات أساساً على الحظ وتطبق في شأنها نظرية الاحتمالات .
ب - مباريات المهارة: تحسب هذه المباريات استناداً على المهارات الفردية.
جـ - مباريات الإستراتيجية: هي ترابط بين الحظ والمهارة وتنقسم إلى :
(1) مباريات المجموع الثابت: في هذا الصراع يكون النصر من نصيب أحد المتباريين على حساب خسارة الطرف الآخر.
(2)مباريات المجموع المتغير: في هذا الصراع تستدعي الحاجة إلى تعاون الجانبين المتباريين وهي المباريات التي تجمع بين المنفعة المشتركة والصراع، حيث يمكن طرفا النزاع أن يتعاونا في تنفيذ بعض المهام ويتنافسا في بعضه الآخر إذ يمكن أن ينتصر الطرفان أو يخسران، وبالتالي يتفاوضان على توزيع مكسبهما من هذا الصراع، وبصفة عامة فإن صور الصراع هي القتال والمباريات ذات المجموع الثابت أو المتغير، والمناظرات أو الندوات .
3 - من حيث التخصص :
- مباريات أسلحة مشتركة .
- مباريات قوات جوية .
- مباريات قوات بحرية .
مكونات المباراة الحربية :
1- نظام التحكم والسيطرة ( الهيئة الإدارية ) .
2- هيئة المحكمين .
3- أنظمة مراكز القيادة
أشكال المباريات الحربية :
1- من حيث الغرض : وتقسم كالتالي:
اختبار خطوط المهام القتالية ، إذ يتم بناء المباراة لحديد المصاعب التي تعترض أعمال القتال، لتحديد أفضل الأساليب لحلها. ب - اختبار الآمرين وأركاناتهم في كيفية اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب .
تجريبية لتحقيق أهداف بحثية محددة .
اختبار خطة مجردة أو قيادة على تنظيم وإدارة المعركة .
تدريبية لإعداد الآمرين والقيادات والضباط حيث يتم التركيز على الآتي :
(1) إدارة المباراة بشكل متصل وبدون وقفات لزيادة الضغط على القيادات لخلق أجواءالمعارك الفعلية .
(2) خلق المواقف القتالية لتدريب القيادات على التغير السريع في أعمال القتال في معركة الأسلحة المشتركة الحديثة .
(3) تجسيد وسائل المواصلات بحيث تحاكي الواقع في جمع ونقل المعلومات .
(4) خلق جو المعركة أثناء التدريب بما يحاكي الواقعية في طبقاً لإمكانيات الأسلحة .
من حيث تعدد الأجناب المتضادة :
ا - ذات الجانب الواحد : في هذه المبارات يشترك جانب واحد في العملية ويجوز تمثيل الجانب الآخر بمجموعة من الضباط ذوي الخبرة .
ب - من عدة جوانب : في هذه المبارات يشترك أكثر من جانب لإدارة الصراع
مباريات حربية لسلاح، أو لمعدة : الهدف من المبارات إجراء التجارب العلمية والعملية للسلاح أو المعدة للوقوف على المواصفات الفنية والتعبوية لها .
من حيث مستوى التنفيذ :
أ - مباريات حربية إستراتيجية : تنفذ مثل هذه المباريات على مستوى الدولة ب -اشتراك جميع الأفرع الرئيسية .
ب - مباريات حربية تعبوية : وهي التي يكون فيها عناصر الصراع على مستوي فرق أو فيالق عسكرية.
جـ - مباريات حربية تكتيكية : تكون على مستوى ألوية فما دون .
د - مباريات حربية فنية : ويتم فيها التركيز على المواصفات الفنية للسلاح أو المعدة .
من حيث تخصص القوات المنفذة:
يطبق على مستوى التخصصات ، مثال ذلك / بحرية - جوية - دفاع جوي - مخابرة...الخ
وينفذ هذا النمط عند إجراء التدريبات التخصصية لكل قوة منفردة ـ قوات جوية - قوات بحرية - قوات جوية - عناصر المدفعية - عناصر الحرب الإلكترونية - قوات إبرار جوي.
من حيث مكان التنفيذ :
ا - مباريات حربية داخلية، ويتم تنفيذها داخل مراكز المباريات الحربية، وداخل المعاهد والكليات العسكرية بهدف تدريب القادة على أساليب اتخاذ القرارات وتحليلها وتقييمها.
ب - مباريات حربية خارجية، ويتم تنفيذها باشتراك هيئة الأركان كاملة من خلال مراكز القيادة المختلفة.
من حيث أسلوب التنفيذ والإدارة: وتنقسم كالآتي:
ا - مباراة حرة ( مفتوحة ) : تقام هذه المباريات لمعرفة مدى كفاءة الآمرين والضباط لإدارة المعارك حيث تتدخل هيئة إدارة المباراة في الصراع وفي هذه المباراة تكون المعلومات المتوفرة عن كلا الجانبين كثيرة ..
ب - مباراة غير حرة ( مغلقة ) :لاتتدخل هيئة التدريب في مثل هذه المباريات مع عدم توفر المعلومات عن كلا الجانبين لإ بالقدر اليسير .
جـ - مبارايات نصف مفتوحة : في هذه المباريات يتوفر قدر من المعلومات وفق نتائج وسائل الاستطلاع ومراكز جمع المعلومات
من حيث أسلوب التقييم والتحليل: تستخدم الحواسب المبرمجة لتحليل القرارات وتقييم النتائج حيث يتم بنــاء المباراة وتحديد نظام العمل ووضع الحلول لجميع المشاكل التي يمكن أن تحدث
من حيث حجم المعلومات :
ا - مباريات حربية مزودة بمعلومات كافية عن طبيعة عمل الأجناب المتضادة.
ب - مباريات حربية يسعى فيها كل جانب للحصول على المعلومات بهدف إنجاح معركته.
من حيث الدراسة والبحث : الوصول إلى أفضل استخدام لمكونات العناصر المقاتلة .
من حيث التقييم :
- مباراة حربية يتم تقييمها آليا بواسطة الحاسبات .
- مباراة حربية تقيم يدوياً