بعد النصر المؤزر الذي حبانا به المولى عندما خلصت نوايانا، يبدو أننا على المحك من جديد، خاصةً بعد أن جحدنا النعمة وتنكرنا لبعضنا واستفردنا بذواتنا وعشقناها، وطفت إلى السطح الكوامن من رغباتنا
وطغت أنانيتنا، فنلنا من رموزنا ونهشنا الميت من لحمنا وأحرقنا بالنار بعد أن قطعنا إرباً أجساد قادتنا، وتوجسنا من مناضلينا، وألبسنا ثوب الخيانة لمفكرينا، واستكثرنا على المخلصين المشاركة، وتفرغنا للتناحر، ومهدنا الطريق للغرباء والحاقدين لاختراقنا، وعجزنا عن الحلول، وباتت تحليلاتنا ورؤانا عقيمة إلا من توثب ومنفعة، وتغلغلت الجهوية وتعصبنا، واستدعينا المحسوبية، وجرفتنا التيارات المتصادمة وتهنا، وغابت الوطنية عنا، وفقدنا البصر ثم البصيرة، فتنازعنا وفشلنا وذهبت ريحنا.
نعم .. ريحنا تلك التي لازالت نسائمها في ذاكرتنا عندما لاقت صيحة الشرق صداها غرباً، حيث عصفت عصفاً بعرش الظلم الذي شُيد باستسلامنا ووهننا، ولم تعد ذاكرتنا تتسع لأمثال المهدي زيو وعلي حدوث وقوافل الطيارين والشهداء والأبطال من جيشنا، وتقاعسنا، وعبثا برٌرنا فشلنا وترصدنا للمخلصين، وغضضنا الطرف عن المتملقين ودعاة وجوب الطاعة الذين تصدروا المشهد، وجزافاً كِلنا لأخيارنا وطعنّا من الخلف أنفسنا، واخترقنا الحاقدون، وغيلة ترصدوا وأردوا أمام أطفالهم زملائنا، وبالخارق الحارق كمموا أفواهنا، ونشروا الرعب وباعوا الطمأنينة ولوّنوا بالقاتم مستقبل أولادنا.
فاستفيقي يا بلدتي، وهلمي يا بلادي والفظي الخوف عنكِ وازفري على الدوام حقاً، فليس بغيره يتأتى النصر، وتصير الغلبة.