أحدثت الصواريخ ثورة كبيرة في مفهوم الحروب الحديثة وكانت في نفس الوقت أهم رادع لها لأنها الوسيلة التي تجعل العدو يعيد حساباته ويفكر ملياً قبل أن ينوه بأي تهديد لما لها من إمكانيات ردع علاوة على قدرتها على الوصول إلى أهدافها بعيدة المدى في أي وقت وبتكاليف اقل إذا ما قورنت بالطائرات المعدة لنفس الغرض كما أن لها القدرة على حمل أنواع مختلفة من الرؤوس الحربية مثل الرؤوس الكيميائية والنووية والبيولوجية وشديدة الانفجار وهي السلاح الوحيد الذي لا يعرف الحدود بين الدول والقارات.
وتختلف المقذوفات من حيث تصنيفها إلى مقذوفات سوقية ومقذوفات تعبوية وذلك استنادا لنوع الهدف، فالمقذوفات التعبوية هي تلك التي تؤثر مباشرة على سير العمليات في الميدان سواء كانت برية أو بحرية أو جوية أو مختلطة وتسمى كذلك عملياتية، أما المقذوفات السوقية فهي التي أعدت لقصف العدو في العمق سواء في أماكن تمركز قواته السوقية أو قصف تجمعاته أي مدنه ووسائطه الصناعية والتجارية..
إن الدقة البالغة في إصابة الهدف هي التي تجعل من المقذوفات بشكل عام سلاحاً ذا قيمة في الحرب الحديثة وللوصول إلى ذلك ثابر الإنسان على توفير عدة وسائل لتوجيه المقذوفات .
تعتبر مهمة توجيه المقذوفات للوصول قصف الأهداف المرتبطة بالحرب البرية والبحرية والجوية مهمة كبيرة ودقيقة وكانت هذه المهمة الحيوية تشكل دون ريب الحلقة الأضعف في جميع المقذوفات حتى تمكن المختصون من تصميم أجهزة عملية تسمح بالسيطرة على المقذوفات وتوجيهها وهذه الإمكانات أصبحت اليوم متوفرة في عالمنا وتوفرت أيضاً وسائل مضادة لها تفاوتت في درجة فعاليتها وبذلك أصبحت الحرب الحديثة قضية سلاح يقود إلى سلاح مضاد له في عملية عبث باهظة التكاليف لا تبدو لها نهاية.
تعددت طرق أساليب توجيه المقذوفات حسب أنواعها والأغراض المعدة من أجلها ونتناول هنا بعض من وسائل توجيه المقذوفات المستعملة في الكثير من أنواع المقذوفات:
1. التوجيه بواسطة الأسلاك مع السيطرة الآلية عن بعد :
يعتبر هذا النوع من أقدم أساليب التوجيه وهو يستوجب مثابرة العامل على توجيه المقذوف حتى بلوغ الهدف ولكن مع تطور الزمن أصبحت السيطرة آلية بحيث يكتفي العامل بتوجيه المقذوف عبر السدادة البصرية نحو الهدف تماماً، وكانت السدادة تحس بالشعلات النارية في ذيل المقذوف فيحفظه على خط التسديد حتى يبلغ الهدف محله وغالباً ما يستخدم في هذا في المقذوفات المضادة للدروع.
2 . التوجيه بالرادار:
تعتبر إحدى الوسائل الأولية للتوجيه ولكنها أصبحت الآن شبه ملغية وتقوم على جهاز تعقب رادار يتعقب الهدف وآخر يتعقب المقذوف وترسل معلومات الاتجاه والارتفاع والمدى إلى حاسبة آلية بتحليل البيانات وتحدد نقطة الالتقاء وتقوم بإطلاق المقذوف وفقاً لذلك وهذا النوع من التوجيه يستخدم في صواريخ الدفاع الجوي.
3 . توجيه راداري إيجابي :
وفي هذه الحالة يحمل المقذوف راداره الخاص ليتبين طريقه ويكشف هدفه حتى يصل إليه ولكن هذه الوسيلة أصبح من السهل تعطيلها بإجراءات خداع مضادة وتستخدم في الصواريخ التي تطلق من السفن.
4 . توجيه راداري نصف إيجابي:
وهذا النوع من التوجيه ضروري لأنواع معينة من المقذوفات مثل صواريخ سام الروسية وتكمن فكرته في توجيه المقذوف بالطاقة المنبعثة من رادار الطائرة المقاتلة والتي ينثرها الهدف، وهده الوسيلة تشكل نقطة ضعف للطائرة المقاتلة لأنها يجب أن تستمر في الطيران نحو الهدف حتى يصيبه مقذوفها وهذا يعرضها لأن تقع في مصيدة نيران الخصم.
5 . التوجيه بالإيعاز باللايزر :
أدت وسائل تعيين الأهداف وتوجيه المقذوفات باللايزر إلى ثورة كبيرة في ساحات المعارك، وهذا الأسلوب يوفر دقة بالغة جداً في إصابة الأهداف العاكسة ويقوم على مبدأ توجيه شعاع اللايزر للهدف البعيد ليتحول الهدف إلى مرسل لايزر يرشد المقذوف ليصل إليه مباشرة بدقة متناهية ودون أي مجال للخطأ مهما كان حجم الهدف (ولو كان بحجم ورقة صغيرة أو علبة سجائر) ويستخدم هذا النظام لصيد الدبابات والعربات المدرعة.
6 . التوجيه بالإيعاز اللاسلكي :
هذه الوسيلة من أقدم الوسائل المستخدمة لتوجيه المقذوفات ولا زالت بسيطة ونافعة شرط تأمين اتصالات مستمرة تحدد مواقع المقذوف والهدف باستمرار وذلك للتغلب على وسائل التشويش المعادية وقد تطور كثيراً حيث زود النظام بآلات تصوير تلفزيونية تمكن عامل توجيه المقذوف من مشاهدة صور الهدف حتى لحظة الارتطام وتستخدم هذه الوسيلة في المقذوفات التي تطلق من الطائرات.
7 . التوجيه بالملاحة الفلكية:
وتعتمد هذه الطريقة على الحسابات الفلكية من قياس سمت وارتفاع بعض النجوم ومقارنتها على مستوى المقذوف للتأكد من صحة مساره بناءاً على ذلك يتم متابعة توجيهه وتستخدم هذه التقنية على المقذوفات الطوافة العابرة للقارات .
8 . التوجيه بالأشعة تحت الحمراء:
أصبحت المقذوفات الحديثة الموجهة بالأشعة تحت الحمراء قادرة على إصابة أهدافها بدقة كبيرة ومن أية زاوية وتحت أية ظروف بدون احتمال للخطأ ويعد هذا النوع مرغوب فيه لنجاحه الكبير في الوصول للهدف ويستخدم عادة في مقذوفات الطائرات.
9 . التوجيه بالقصور الذاتي:
مازالت أجهزة التوجيه بالقصور الذاتي تعد من أعظم الإنجازات والاختراعات التقنية البشرية خلال القرن الماضي، وهو يشكل الآن الطريقة الأساسية لتوجيه ليس للمقذوفات وحسب بل للعديد من السفن والطائرات المقاتلة والتجارية ومركبات الفضاء أيضاً .
ويعرف القصور الذاتي بأنه القوة التي تحفظ الأجسام المتحركة في اتجاه معين وتقاوم كل قوة أخرى تسعى لتحوير سيرها، وهي تزيد من وزن الجسم، ويستخدم هذا الأسلوب لصنع معدات ملاحة وتوجيه في غاية الدقة تمكن المقذوفات من إصابة أهدافها بعد أن يكون العامل قد حول إحداثيات الهدف الحالية وموقع الإطلاق وبعض البيانات الهامة مثل معلومات النشرة الجوية ومعلومات المقذوف الفنية إلى معلومات رقمية تتقبلها حاسبة التوجيه الآلية بالمقذوف وهناك أشكالاً عديدة من أجهزة القصور الذاتي وتمتاز بأنها لا يمكن التأثير عليها في مراحل طيران المقذوف بحيث التي تؤمن له الوصول لهدفه بدقة وتستخدم في أغلب أنظمة صواريخ أرض أرض السوقية والتعبوية.
10 . التوجيه بمقارنة الأراضي:
ويختص هذا الأسلوب بالمقذوفات الطوافة التي تستخدم أجهزة ملاحة بالقصور الذاتي وتدعم هذه الأجهزة بمقارنة الأراضي الواقعة قرب الهدف للحصول على دقة تقارب الكمال، إذ أنها تقيس بمقاييس ارتفاع حساسة مقاطع الأرض تحت المقذوف مباشرة وتقارن النتائج مع المعلومات المخزنة مسبقاً بذاكرة المقذوف حتى يتمكن من الوصول إلى هدفه بدقة ويستخدم هذا الأسلوب في المقذوفات الطوافة بعيدة المدى.