بدأ تصميم أولى نماذج المدفعية الصاروخية في ثلاثينات القرن الماضي حين قامت مجموعة المصممين في الاتحاد السوفيتي تحت إشراف فلاديميرأرتوميف عام 1939 بتصنيع أول راجمة صاروخية تجريبية تحت إسم "BM 13" والتي اشتهرت فيما بعد بإسم كاتيوشا وتعود أصول التسمية إلى إسم أغنية شعبية ذائعة الصيت في روسيا، كانت تغنى في أيام الحرب العالمية الثانية لميخائيل إيزوكوفسكي
وتدور حول فتاة تنتظر عودة حبيبها الذي ذهب للقتال في الحرب ورحل بعيداً عنها وكلمة "كاتيوشا" هي صيغة التدليل لاسم "كاترينا" أحد أكثر أسماء الإناث شيوعا وانتشاراً في روسيا ، و أطلق الألمان عليها اسم "سيمفونية ستالين" نظراً لصوتها المتناغم لحظة إنطلاق الصواريخ ، وبذلك لقِّب نظام BM للمدفعية الصاروخية بكاتيوشا وأشتهرت منذ ذلك الوقت على نطاق واسع بذلك الإسم.
تعتبر قواذف الكاتيوشا أول مدفعية ذاتية الدفع أنتجت على نطاق واسع في الاتحاد السوفيتي, وتعد روسيا سباقة في صناعة راجمات الصواريخ وكانت عادة ما تركب على شاحنات لتسهيل نقلها وتحريكها في الميدان وهذه الفكرة أعطت للكاتيوشا ميزة أخرى وهي القدرة على توصيل الضربة دفعة واحدة, ثم الانتقال وإخفائها قبل أن يكشف الجانب الأخر موقعها ويقوم بمهاجمتها بنيران المدفعية المضادة.
يتكون صاروخ الكاتيوشا كغيره من الصواريخ من رأس حربي وجسم يتضمن الوقود الذي يولد الطاقة اللازمة لطيرانه وذيل يحوي المحرك.
منصة إطلاق صواريخ الكاتيوشا لا تختلف كثيراً عن شكل الأنابيب المألوفة ، وتؤمن منصة الإطلاق إطلاق عدد يصل حتى40 صاروخا بحسب النوع فقد تكون أقل بصورة ثنائية أو رباعية أو مركبة إلى بعضها ، مما يؤمن كثافة نارية عالية وفي ظل أن هذه الصواريخ لا تتمتع بالدقة المطلوبة، فإن إطلاق عدد كبير منها يحقق الهدف وهو إحداث صدمة في صفوف العدو وإثارة الهلع والانهيار النفسي والخوف لدى الطرف الآخر.
ومنذ الإنتاج الأول لهذا الصاروخ وما مرّ به من مراحل تطوريه متعددة مازال يعد عنصرا مهما في كثير من الحروب فقد شاركت راجمات الصواريخ "كاتيوشا" في أول معركة لها يوم 14 يوليو/ تموز عام 1941م حين شنت بطارية النقيب فليوروف بحرا من النيران على القطارات الألمانية المرابطة في مدينة أورشا بروسيا البيضاء كما اشتركت في معارك كثيرة في الحرب العالمية الثانية ( معركة برلين - معركة أورشا - معركة بيلاروس) واستخدمتها القوات المصرية في حرب 1973 م بفعالية كبيرة وأستخدمت خلال حرب تحرير تشاد من قبل القوات الليبية بنجاح كبير وأستخدمت أيضاً خلال حرب العراق وإيران واستخدمها كذلك قوات حزب الله اللبناني في حرب صيف 2006م ضد العدو الأسرائيلي.
ظهرت عدة أنواع من الراجمات الصاروخية بأعيرة مختلفة لاحقاً مصنعة في عدة دول مثل الباكستان والولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل وتركيا والأرجنتين وغيرها إلا أنها لم تنل حظاً أوفر من مثيلاتها الروسية.
تضمنت أسلحة الكاتيوشا المستعملة في الحرب العالمية الثانية قاذفة الصواريخ بي إم 13, والقاذفة الخفيفة بي إم 8, ثم بدأت رحلة تطوير الكاتيوشا أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات وأصبح مدي هذه الصواريخ بين20- 45 كم واليوم يضاف اسم الكاتيوشا إلى القاذفات السوفيتية متعددة الصواريخ المتطورة والمثبتة على شاحنات وهناك عدة أنواع من القاذفات وهي : بي أم 13 ، بي أم 14 ، بي أم 24 ، بي أم 25 ، بي أم 27 ، بي أم 30 ، بي أم 31 ، وأعقبتها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية راجمات الصواريخ من طراز "غراد بي أم 21" و"سميرتش" التي تعتبر الأشهر عالمياً.
راجمات صواريخ غراد BM-21:
تعتبر صواريخ غراد بي إم 21 عيار 122 ملم الأكثر إنتشاراً وشيوعاً وخاصة لدى دول حلف وارسو ودول العالم الثالث و الدول العربية النسخة الأكثر تطوراً من صواريخ الكاتيوشا ، وتعد من أهم وأكثر أنواع الصواريخ التعبوية المستخدمة في الحروب والنزاعات الأقليمية ويرجع ذلك لمداه القصير وقوته التدميرية وأيضاً لسعره المنخفض نسبياً مقارنة بالأسلحة الأخرى ذات الفعالية المشابهة. ظهر صاروخ "غراد" في العام 1963ف ويعتبر النسخة الأكثر تطوراً عن صاروخ "كاتيوشا" والذي ينطلق من على منصة القاذف الصاروخي ذات الأربعين إسطوانة من خلال التطوير المتواصل الذي جرى على صاروخ "كاتيوشا" الشهير ، وهو مصنف في دائرة صواريخ أرض-أرض التعبوية ووصل مداه بعد التطوير الأول إلى حدود 20 كيلومترا، كما أجريت تحسينات فعالة على قدرته التدميرية على الرغم من حجم عياره الصغير، وأبرز التحسينات التي أجريت عليه طالت أسطوانة الإطلاق التي حفرت بشكل حلزوني كي تزيد من سرعته ودقة إصابته للهدف كما طالت أيضا المزيج المتفجر للرأس القتالي بأنواع مختلفة.
وعلى الرغم من التطوير السريع على صواريخ "غراد"، إلا أنه يعتبر بنظر الخبراء العسكريين سلاحا مشكوكاً بقدرته على إصابة الأهداف، لكن العدد الكبير من الصواريخ المنطلقة من القاذف تبقى قادرة على تغطي مساحة واسعة من التدمير، والمعروف أن راجمة صواريخ غراد تطلق أربعين صاروخا من عيار 122 ملم في خلال نصف دقيقة مما يجعل الهدف المطلوب تحت رحمة الصواريخ المنطلقة بقوة نارية هائلة لتغطية مساحة محددة محولة إياها إلى جحيم بفعل القوة النارية الهائلة ملقياً الرعب والفزع والخوف في قوات الخصم وهذه ميزة هامة ترفع من الروح المعنوية للقوات وهو ما يحتاجه أي جيش لتحقيق النصر.
يكون تأثير الرأس المدمرة من حيث القدرة التدميرية على مساحة من الأرض تبلغ 25:50 متر مربع حسب وزن الرأس القتالي وتمتاز هذه الصواريخ بما يسمى بالأنتشار البيضاوى للصواريخ من حيث تأثيرها على الهدف بمعنى أن الصواريخ حينما تسقط على الهدف فأن كل صاروخ ينزل فى مكان مختلف عن الأخر بحيث أن الصواريخ تغطى مساحة من الأرض تعادل مساحة تأثير الرأس × عدد الصواريخ ويؤثر الرأس المدمر عادة حسب وزنه ونوعه على مساحة من الأرض تقدر بأربعة هكتارات .
ويمكن إستخدام هذه الصواريخ أما منفردة أو بصورة مجتمعة وهي مثبتة على عربات متحركة لتأمين سرعة الحركة والتنقل والمناورة من مكان لآخر، ويصل مدى هذه الصواريخ من 20-18كم، وذلك حسب العيار المستخدم،
ولو شاهدت صواريخ غراد وهي تنطلق من قواذفها بالعشرات في سرعة وتناسق رهيب بكثافة نارية عالية لأدركت بأنها حقاً تستحق أن نطلق عليها إسم "جراد" كما سماها الخبراء العسكريين الليبيين لاحقاً لأنها حقاً كالجراد المنتشر.
راجمات صواريخ سميرتش بي إم 30:
تعتبر راجمات صواريخ سميرتش عيار 300 ملم الجيل الخامس من راجمات كاتيوشا الأسطورية وهي النسخة الأخيرة من راجمات كاتيوشا الأسطورية ، وهي منظومة متطورة يعتقد الخبراء أنه لا يوجد مثيل لها في العالم لإطلاق القذائف الصاروخية بشكل زخات فهي تحتوي على جهاز لتصحيح مسار تحليق القذيفة، مما يجعلها قادرة على تدمير كافة الأهداف الأرضية عمليا بأقل قدر من القذائف في أقصر وقت وبدقة عالية ولمسافة بعيدة.
وتعد من أقوى الراجمات من حيث تعدد المهام القتالية والمستخدمة لتدمير أية اهداف جماعية، بما فيها القوة البشرية المكشوفة والمخبأة والمعدات الحربية المدرعة وغير المدرعة لوحدات المشاة والمدفعية والدبابات والمروحيات في مواقعها والصواريخ التكتيكية ومنظومات الصواريخ م/ط ومراكز القيادة وعقد الاتصال والأهداف المتعلقة بالبنية التحتية العسكرية والمنشآت الصناعية العسكرية والمدنية ، ويلاحظ التطور الكبير الذي جرى على منظمات سميرتش الصاروخية ذات الأثني عشرة سبطانة فهي مزودة بنظام موازنة وتصحيح مسار ومدى الصاروخ أثناء الطيران بمدى يصل إلى 70 كم وبمساحة تدميرية تصل إلى 67 هكتاراً مع إمكانية إطلاق ستة صواريخ في رشقة واحدة و زمن إطلاق الرشقة الكاملة نصف دقيقة.