أصبح النقل الجوي وسيلة وضرورة حتمية ، ولهذا فإن التحدي الذي تواجهه صناعة الطيران والهيئات التنظيمية هو زيادة سلامة نظام يتسم فعلا بالسلامة والامن
وتُعتبر منظمة الطيران المدني الدولي(ICAO) المنتدى العالمي للتعاون بين دولها الأعضاء ، ويخضع نشاط الطيران المدني الدولي لأحكام (اتفاقية شيكاغو 1944)، وتقوم منظمة الطيران المدني الدولي (الأيكاو) وصفها منظمة متخصصة تتبع الأمم المتحدة، بموجب هذه الاتفاقية بوضع الحدود الدنيا من القواعد القياسية وأساليب العمل الموصى بها للطيران المدني الدولي، وتتوزع هذه القواعد وأساليب العمل الموصى بها في 19 ملحقا لاتفاقية شيكاغو، ومع ذلك تبقى كل دولة على حده هي المسؤولة عن تنظيم نشاط الطيران المدني فيها، ولكنه يجب أن تأخذ بعين الإعتبار متطلبات اتفاقية الطيران المدني الدولي والحدود الدنيا للقواعد القياسية وأساليب العمل الموصى بها الموضوعة من قبل الأيكاو حيث سبق وان وعدنا في العدد 36 من مجلة المسلح بتسليط الضوء على ملاحق اتفاقية شيكاغو الثمانية عشر وسنتطرق لها الواحد تلو الاخر حسب الحدث والحاجة لا التسلسل .
قدت الجمعية العمومية للايكاو دورة استثنائية في يونيو 1970م على إثر الزيادة الخطيرة في جرائم العنف التي عرّضت سلامة الطيران المدني للخطر في أواخر الستينات، وفي أحد القرارات الصادرة عن تلك الدورة، طلبت الجمعية العمومية إدراج أحكام في الملاحق الحالية أو الجديدة لاتفاقية شيكاغو تتناول مشكلة التدخل غير المشروع ولا سيما الاستيلاء غير المشروع على الطائرات، وفي أعقاب الأعمال التي قامت بها لجنة الملاحة الجوية ولجنة النقل الجوي واللجنة المعنية بالتدخل غير المشروع، اعتمد المجلس في 22 /1974/3 م التوصيات الدولية الخاصة بالأمن، وسماها (الملحق السابع عشرالأمن) ويتضمن هذا الملحق النقاط الأساسية لبرنامج الايكاو لأمن الطيران المدني، ويهدف الى حماية الطيران المدني وتجهيزاته من أفعال التدخل غير المشروع، ومما يتسم بأهمية حرجة لمستقبل الطيران المدني وللمجتمع الدولي بأسره، التدابير التي اتخذتها الايكاو لمنع وقمع جميع أفعال التدخل غير المشروع في الطيران المدني في جميع أنحاء العالم، يتناول الملحق السابع عشر أساسا الجوانب الإدارية والتنسيقية والتدابير الفنية لحماية أمن النقل الجوي الدولي، وهو يقتضي أن تضع الدولة المتعاقدة برنامجا خاصا بها لأمن الطيران المدني، تدمج فيه التدابير الأمنية الإضافية التي تقترحها الهيئات المختصة الأخرى .
ان هذا الملحق يهدف أيضا الى تنسيق نشاطات المشاركين المختصين ببرامج الأمن، فمن الأمور التي لا جدال فيها أن شركات الطيران هي الجهة المسؤولة أساسا عن ركابها وممتلكاتهم وإيراداتهم، ولذا يجب أن تتأكد الدول من أن الناقلين الجويين يضعون ويطبقون برامج أمنية تكميلية وفعالة ومتوافقة مع برامج أمن المطارات التي يشغلون منها رحلاتهم الجوية.
ان بعض أحكام الملحق السابع عشر والملاحق الأخرى تسلم بأنه لا يمكن تحقيق أمن مطلق، ولذلك يجب على الدول أن تضمن سلامة الركاب والطواقم والعاملين الأرضيين وعموم الجمهور بوصفها الاعتبار الأساسي في إجراءات الأمن التي تتخذها، وهذه الأحكام تحث الدول على أن تتخذ التدابير اللازمة لتأمين سلامة الركاب والطواقم على الطائرات التي تتعرض للاستيلاء غير المشروع الى حين إمكان مواصلة رحلاتها، هذا الملحق يوضع دائما موضع المراجعة للتحقق من أن أحكامه مازالت صالحة وفعالة، وبما أنه يحدد أدنى القواعد القياسية لأمن الطيران في جميع أنحاء العالم، فان التدقيق يجري على نصوصه قبل إدخال أي تغييرات فيها أو إضافات عليها أو قبل حذف أي جزء منها، ومنذ صدر الملحق السابع عشر تم تعديله عديد المرات استجابة للاحتياجات التي حددتها الدول، ويعد فريق خبراء أمن الطيران من بين أهم هيئات صنع القرار الرئيسية التي تشارك بصفة مباشرة في مراجعة الملحق السابع عشر ، وهذا الفريق يتكون من خبراء عينهم المجلس ويشمل ممثلين من دول عديدة، بالإضافة الى ممثلي منظمات دولية مثل المجلس الدولي للمطارات، والاتحاد الدولي للنقل الجوي، والاتحاد الدولي لرابطة طياري الخطوط الجوية، ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول).
فلقد كانت التهديدات الملحوظة التي تعرض لها الطيران المدني قبل سنة 1985 تكمن في اختطاف الطائرات، ولذلك كانت القواعد والتوصيات الدولية تركز على الاختطاف آكثر مما تركز على التخريب والهجوم على الطائرات في الجو أو الهجوم على تجهيزات الطيران، وبتعديل التكنولوجيا الراهنة وبتطبيق المواصفات والاجراءات المتفق عليها، أنشأ مجتمع الطيران العالمي نظاما يتميز بكفاءة معقولة للكشف الأمني على الركاب وأمتعتهم المحمولة، بعد دورة تعديلات الملحق وهي ثلاث سنوات، أدخلت تغييرات أضافية على الملحق السابع عشر في سنة 1988 ، واشتملت على مواصفات من شأنها أن تساعد على المزيد من مكافحة التخريب، وبعض هذه التغييرات أدرجت في التعديل واعتمدت في 1989، وهي توضح القواعد القياسية الخاصة بالجمع بين الأمتعة والركاب، وممارسة الضوابط على الأمتعة التي تدرج على الطائرات بعد نزول الركاب منها، وتطبيق الضوابط الأمنية على خدمات البريد الممتاز التجاري، وتطبيق الضوابط على البضائع والبريد في حالات معينة.
اعتمد مجلس الايكاو في 2001/12/7 أحدث تعديل للملحق السابع عشر وهوالذي يعالج التحديات التي تعرض لها الطيران المدني من جراء أحداث 2001/9/11 م، وأصبح هذا التعديل مطبقاً في01/7 /2002 وهو يشمل عدة تعاريف وأحكاما جديدة تقضي بتطبيق نصوص هذا الملحق على عمليات الطيران الداخلي، وبالتعاون الدولي على تبادل المعلومات عن التهديدات، و بتطبيق مراقبة الجودة على المستوى الوطني، وبمراقبة المنافذ، وبالتدابير المتعلقة بالركاب وأمتعتهم المسجلة، وبوضع أفراد أمن على متن الطائرات وحماية مقصورة القيادة، وبالمشاركة في رموز الرحلات الجوية وما اليها من ترتيبات تعاونية، وبالعوامل البشرية، وبإدارة التصدي لأفعال التدخل غير المشروع، هذا ويقدم مرفق الملحق السابع عشر الى المسئولين الحكوميين عن تطبيق برامج الأمن الوطنية مقتطفات حرفية من كافة الأحكام ذات الصلة التي ترد في الملاحق الأخرى، وكذلك الاجراءات ذات الصلة التي ترد في وثيقة "اجراءات خدمات الملاحة الجوية وقواعد الجو وخدمات الحركة الجوية"، ووثيقة "اجراءات خدمات الملاحة الجوية وعمليات الطائرات"، وبالتالي يطلع المسؤولون على ملخص لجميع القواعد القياسية والتوصيات والاجراءات المتعلقة بالأمن في وثيقة واحدة وضعت مواصفات أمن الطيران الواردة في الملحق السابع عشر وغيره من الملاحق موضع الشرح التفصيلي في مواد ارشادية صدرت في " دليل الأمن لحماية الطيران المدني من أفعال التدخل غير المشروع "، وقد نشر هذا الدليل لأول مرة في سنة 1971، وهو وثيقة مقيدة التوزيع فيها تفاصيل تشرح للدول كيفية امتثال مختلف القواعد القياسية والتوصيات الواردة في الملحق السابع عشر، وقد وضع هذا الدليل لمساعدة الدول على النهوض بالسلامة والأمن في الطيران المدني من خلال وضع إطار عمل قانوني وممارسات وإجراءات حشد المواد والموارد الفنية والبشرية لمنع وقوع أفعال التدخل غير المشروع بل و للتصدي لها حسب الاقتضاء، وما أن تكتمل وتنفذ هذه النصوص تشكل برنامجا وطنيا لأمن الطيران يكفي لتصريف التزامات الدول بوصفها أطرافا في الاتفاقيات القانونية لأمن الطيران، ان وجود هذه الوثائق يدل في حد ذاته على الحرص الشديد من جانب الدول المتعاقدة لدى الايكاو على حماية أمن الطيران المدني الدولي من أي تهديد لا يتعلق بتشغيل الطائرات من حيث طبيعته أو مصدره، وبالرغم من أن الايكاو تعنى أساسا بالاتفاقات متعددة الأطراف لتشكيل إطار دولي، اتخذت عدة تدابير لتشجيع الدول على تقديم المساعدة الثنائية الى الدول الأخرى، ويحث الملحق السابع عشر الدول على ادراج شرط أمني في اتفاقات الخطوط الجوية، وقد أعدت الايكاو شرطا نموذجيا لهذا الغرض ابتداء من سنة 2002 بدأ برنامج الايكاو العالمي لتدقيق أمن الطيران يدقق مدى تنفيذ الدول المتعاقدة لأحكام الملحق السابع عشر، وبالاضافة الى مساعدة الدول على تحسين أمن الطيران بتحديد الثغرات وتقديم التوصيات المناسبة، سوف يسفر التدقيق عن معلومات مرتدة مفيدة عن تنفيذ أحكام الملحق السابع عشر ومازالت الايكاو ومجلسها يعاملان موضوع أمن الطيران على أنه يستحق أعلى أولوية، لكن أفعال التدخل غير المشروع تشكل تهديدا خطيرا لسلامة الطيران المدني وانتظامه، ولذلك فان المنظمة قد وضعت قواعد قانونية وفنية وإجراءات، وستواصل وضعها لمنع وقمع أفعال التدخل غير المشروع، والملحق السابع عشر هو الوثيقة الرئيسية التي تشمل التوجيهات اللازمة لاتخاذ التدابير الأمنية، ولذلك فان تطبيقه بطريقة موحد ة ومتماسكة أمر في غاية الأهمية لنجاح شبكة الأمن.