الزنتـان ، غريـان ، الرجبـان ، نالـوت ، الرحيبـات ، جـادو ، ككـــلة ، الأصابعة ، الرياينة ، يفرن ، كاباو ، القلعة كل المدن التي ذكرت هي مدن الجبل الغربي الأشم ( جبل نفوسة ) هذا الجبل الذي قدم أورع الأمثلة في التضحية والجهاد ، فقد كانت كل المدن في الموعد مع الثورة ، وكان ثوار جبل نفوسة من أقوى الروافد التي ساهمت في تحرير ليبيا
ونحن في مجلة المُسلح وإيماناً منا بأهمية التوثيق نقوم بالتعريف بهذه المدن وتقديم نبذة عن تاريخها كما نتناول أهم الأحداث التي جرت في هذا الجبل الذي داع صيته وعرف العالم كل مدنه لما قدمته هذه المدن من تضحيات جسام .
أسهمت قبائل الزنتان بفاعلية فى كل الأزمات والحروب التي شهدتها ،ليبيا عبر تاريخها ، وكان لرجال هذه القبائل حضور مميز ، كما اشتهر أبناؤ ها كباقي أبناء جبل نفوسة بالقدرة على تحمل شظف العيش وحياة الصحراء والتغلب على الصعاب والاهتمام بتربية الخيول والتعامل معها بمهارة فائقة فى الحرب والسلم ، و مدينة الزنتان كما أغلب مدن جبل نفوسة الأشم تقع في أعلى قمة الجبل ، والزنتان حاضرة في الماضي ، كما هي في الحاضر ، وينطبق على أهالي جبل نفوسة ما جاء في هذين البيتين والذي يعرف بالمهاجا: ويـاريت خوتي ثلاثين
وأولاد عمـــي بزايــد
لا ياكلوا لقمة الضيـم
ولا يلبسـوا جرد بايد
بدأت الارهاصات الأولى للثورة الليبية في نفوس الليبيين مع بداية ثورة تونس في 18 ديسمبر 2010 والتي انتهت بسقوط زين العابدين بن على يوم 14 يناير 2011 ، وهذه الثورة فرضت نفسها بقوة على الواقع العربي فتبعتها الثورة المصرية في 25 يناير وانتهت بسقوط حسني مبارك في11 فبراير 2011 م ، وهنا بدأ القذافي يشعر بالقلق من تدهور الأوضاع في الجارتين فسارع إلى تقديم دعم ميئووسً منه بهدف إجهاض الثورة الشعبية ولكنه لم يفلح في علاج أزمته ، في هذه الآونة أدرك الطاغية أن مصيره إلى زوال... وبفضل من الله نجحت الثورتان في تونس ومصر ، وهنا بدأ القذافي في إرسال رسائل مبطنة مهدداً ومتوعداً كعادته حتى لا يظهر على حقيقته ضعيفاً مرتبكاً ، واغتنم الشعب الفرصة وبدأ الحراك داخل البلاد وخارجها ، ففي الداخل بدأت الإرهاصات بكتابة العبارات الرافضة للقذافي ونظامه على جدران المباني التي لم يتجرأ من قبل أحد على كتابتها ، وفي الزنتان كغيرها من المدن كانت الإنطلاقة موازية لإنطلاقة ثورة 17 فبراير المجيدة ، وهاهم شباب الزنتان يبادرو برفع راية العصيان ضد النظام المتهالك ، ففي يوم 15 فبراير 2011 تسرب إلى بعض الأهالي خبر إجتماع سيعقده أزلام القذافي مع أعيان قبائل في الزنتان بخصوص مظاهرة بنغازي المزمع خروجها يوم 17 فبراير ، وبالفعل أجتمع يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير 2011 م عدد من رموز وأزلام القذافي في مدينة الزنتان وكان أهم ما تناوله الإجتماع الحراك الشعبي الذي عم أغلب المدن الليبية وفي محاولة لإجهاض حلم الشعب في الحرية والثورة ، ولكن الله سلم فبفضل فطنة ووطنية أهالي الزنتان تنبهوا للمؤامرة ، وعلى الفور تمت الإتصالات لغرض عقد إجتماع طارئ لأعيـان الزنتـان ، كانـت أهم بنـود الإجتماع التشاور بخصوص ما دار في الأجتماع مع رموز النظام ) وخاصة طلب آمر الحرس الشعبي التابع للطاغية من المجتمعين تجهيز وإرسال 1000 مقاتل ، من شباب الزنتان إلى مدينة بنغازي لإخماد المظاهرات التي حدد موعد خروجها يوم 17 فبراير ، بدأ الاجتماع في سكون تام ساد المكان لأن الإجتماع يناقش في أمر جلل ، وقد شعر المجتمعون أن هذا السكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ، فقد توجست النفوس إضطراباً ، وملئت القلوب غيظاً من هول ما سمعت ، وقد حصحص الحق ، ولم يبق إلاَّ المبادرة وخلال هذا الإجتماع تم الإتفاق على مسانـدة الـثورة وعـلى الفـور أنطلق التكبير من الحناجر و بدأ الحراك الفعلي في مدينـة الزنتـان ، وكان رد أهالي الزنتان الرافـض للمشاركـة فـي هذه المهزلة التي أراد من خلالها الطاغية توريط القبائل في مقاتلة إخوانهم ، وتيقن الجميع أن نظام الطاغية إلى زوال وقد دق أول مسمار في نعشه مع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي ، وانطلـقت المظاهـرات الغاضـبة تجوب كل الأراضي الليبية الجميـع مكبريـن ومهللين ، وكمـا داس الأجـداد بنعالـهم المصنوعـة مـن جلـد الإبـل عـلى العلـم الإيطالـي المصنـوع مـن الحريـر فـي معركـة (الكردون) داس اليوم أحفادهم على علم الطاغية الذي كان يريد أن يغرسه في صدور أبناء المدينة كما قالها قائد مجموعـة اللـواء التاسـع الـذي كلف بالتوجه إلى الزنتان واقتحام مدينتهم التي دافعوا عنها بكل بسالة فلم يستطع أن يدخلها بالرغم من التفوق الرهيب في العدة والعتاد ، وكما دافع الأجداد عن مدينتهم ضد الاحتلال الايطالي ، هاهم الأحفاد يسطرون أروع الملاحم ضد الطاغية وكتائبه ، ولقد شاهدنا معظم مدن الجبل الغربي في خطين متوازيين : الأول في أعلى الجبل من وازن مروراً بنالوت إلى غريان والثاني : أسفل الجبل من وازن مروراً بالغزايا إلى الـوادي الحـي والعزيزيـة وصولاً إلى مطار طرابلس العالمي ومنطقة قصر بن غشير، ومن رأس اجديـر إلى طرابلـس مـروراً بالعجيلات وصبراتة وصرمان والزاوية ، وجنوباً في الوديان بالقرب مـن الحـمادة الحمـراء وفي ادري بالشاطي وسبها واوباري وغات والحدود الجنوبية والجنوبية الغربية اوما يسمــى (بالمثلـــث ) وكذلك درج وغدامس كما انهم يقومون بحمايــة الحقــول والمنشآت النفــطية( حقل الشرارة وحقل الفيل وحقل الوفاء ومجمع مليتة للغاز ) .
وتوجت جهود الثوار حينما ألقى البطل العجمي أحمد العتيري وزملاؤه القبض على سيف القذافي في الصحراء على بعد (40) كيلومتر من وادي جمار محاولاً الهروب إلى النيجر .
سير المعركة
في يوم الجمعة 18 / 3 / 2011 م تقدم اللواء التاسع متجهاً الى مدينة الزنتان قادماً من منطقة الشقيقة بمساعدة أفراد من إحدى قبائل الجبل الغربي الذين لهم دراية بمسالك المنطقة .
أماَّ الاسلحة والذخائر حسب ما وجـد في المخطط الذي ضبط عند الآمر المكلف بالدخول لمدينة الزنتان وكانت موزعة على أربعة جبهات كالتالي :
وأما الثوار فكانوا يتسلحون بالآتي :-
( حوالي 8 رشاشات متوسطة (14.5) و50 بندقية كلاشنكوف تقريبا وبعض رشاشات الأغراض العامة والـ ( PKT ) و4 قواذف (آ ر بي جي) وبضـع بنـادق صيـد وبنـادق إيطاليـة الصنـع يرجـع بعضها إلى سنة 1914 م والكثير منهم إما أن يحمل سلاح أبيض أو لا يحمل شيئاً .
وعندمـا وصـل اللـواء التاسع إلى التوامة " وهما عبارة عن جبلين متجـاورين ومعزوليـن عـن الجبـال الأخرى فسميا بهذا الإسم "بمنطقة المرموتة " وهي منطقة تقع شرق مدينة الزنتان بين مدينتي العوينية والشقيقة " حاول بعض الجنود إنزال بعض الدبابات من على الشاحنات ما يسمى (بالواطي) فتعرضوا لكمين من قبل الثوار ، وعندما نزلـت إحـدى الدبابـات عـلى الأرض حاولوا الاشتباك بها مع الثـوار فكثفـوا عليهـم الرمايـة فهربـت المجموعة في الشاحنة وتركوا الدبابة التي استولى عليها الثوار وذهبوا بها إلى مدينة الزنتان
وفي نفس اليوم مساءً تقدم اللواء التاسع في ثلاثة مجموعات ، مجموعة الدبابات وصواريخ الغراد ومجموعة رشاشـات (14.5) وراجمـات الصواريخ 107 ومجموعة المشاة والامداد بالذخيرة والتموين والوقود وسيارات نقل صغيرة المجموعة الأولى تحركت باتجاه مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة جنوب المدينة والمجموعة الثانية تحركت باتجاه وادي زوية وهو وادي يقع شرق المدينة بالقرب من غابة الكشاف يمر فيه خط النفط القادم من حقل الحمادة الحمراء متجهاً لمصفاة الزاوية مروراً بالزنتان والرياينة والمجموعة الثالثة تحركت باتجاه غابة الكشاف ، وبناء على معلومات الاستطلاع من قبل الثوار حيث كانوا منتشرون في المنطقة الشرقية للمدينة على طول الخط الواصل بين منطقة قطيط جنوب المدينة إلى الجهة الشرقية بالقرب من منطقة الكشاف مروراً بمنطقتي (رأس الحمارة) و (جساس) وكان أكبر تكتل للثوار بمنطقة (جساس) وكان الاعتقاد السائد عند الثوار أنداك هو أن الهجوم على المدينة سيتم من الجهة الجنوبية حيث مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة وفـي يـوم السبـت 19 / 3 / 2011 م عندما استقر الجيش شرق (وادي زوية) شاهد الثوار أن بعض أفراد الدبابات يلوحون برايات بيضاء حتى ان بعضهم شاهد ذلك بالعين المجردة لقرب المسافة بينهم ، فرد عليهم الثوار بالمثل فردوا عليهم مرة أخرى ، فتقدم إليهم ابوبكر جمعة والعجمي العتيري ونصر بالحاج ومعهم مجموعة أخرى من الثوار الموجودين في موقع غربي منطقة جساس فتوجهوا لمقر الدبابات الموجود في جهة المخازن بمنطقة القاعة وعندما اقتربوا تقدم ابوبكر جمعة من موقع اللواء التاسع لوحده فلقيه ضابط برتبة نقيب وهو قذافي وصهر للزنتان ومعه شخصين آخرين فطلب منه أن يخلع معطفه وتم تفتيشه لعله يحمل سلاح ، ثم سأله النقيب ماذا تريد؟ فقال له : شاهدتكم تلوحون بأعلام بيضاء وهذا يعني انكم تريدون السلام لذلك فأنا هنا لاستطلاع الأمر فأخذوه الى مقر الآمر مشياً على الأقدام ولما اقتربوا من المقر عصبوا عينيه بقطعة من القماش وعندما وصل وبدون مقدمات قال له الآمر: أرفعوا الراية الخضراء وسلموا الدبابة التي استوليتم عليها امس والذخيرة التي أخذتموها من مخازننا بالقرية فرد عليه ابوبكر جمعة قائلاً :
أنا اتيتكم عندما شاهدت رايات السلام من طرفكم فإذا كنت تريد التفاوض فسـوف يأتـي إليك مجموعة اخرى ويتفاوضون معك أو لتاتي أنت للتفاوض فرد عليه الآمر مكرراً نفس العبارة السابقة مضيفاً :
قل للزنتان إني سادخل المدينة وسوف اغرس العلم الاخضر في صدورهم وعند رجوعه رأى بأنه قد تم القبض على العجمي العتيري ورفاقه وحدث ذلك عندما تأخر ابوبكر جمعة في الرجوع فحاولوا التسلل إلى موقع اللواء التاسع واستطلاع الأمر فتم القبض عليهم وعندما حاول التحدث معهم منعوه من ذلك وقال له النقيب: تحدث إلى أهلك وارجعهم إلى جادة الصواب لأنهم لا يستطيعون مقاومة الجيش وهذه دولة ... الخ ، أما العجمي العتيري ورفاقه فتمت معاقبتهم بوضع البروك وبالهرولة ثم أطلق صراحهم في ساعة متأخرة من الليل ، ومساء ذلك اليوم أطلق الثوار ثلاثة قذائف على مقر اللواء التاسع بالدبابة التي استولوا عليها في (المرموتة) فرد اللواء التاسع بقصف منطقة الكشاف بحوالي خمسة صواريخ غراد ، وحيث أن معظم الثوار لا يعرفون الغراد لأن معظمهم مدنيون ولم يشاركوا في أي حرب في السابق فضنوا أنه هجوم من الكتائب فاتجه كثير منهم إلى منطقة الكشاف فتبين أنه قصف من بعيد وليس هجـوم فكثـفوا مـن عمليـة الرصد حتى الصباح .
وفي صباح يوم الأحـد 20 / 3 / 2011 م قبل شروق الشمس لاحظ الثوار بأن الجيش أصبح يستعد للهجوم حيث بدءوا بملء خزانات الوقود للدبابات والشاحنات والعربات فتيقنوا بأن الهجوم قريب وبدأ بعض الثوار بالتنقل بين المواقع وإبلاغ الجميع بالاستعداد لصد الهجوم وبعد ذلك وجهت الكتائب سبطانات الدبابات وراجمات الصواريخ إلى مدينة الزنتان وبدءوا بالقصف العشوائي على المدينة ومواقع الثوار وكانوا قد رصدوا بعض مواقع الثوار وبدءوا بالتقدم نحوها ووصلوا إلى بعض المواقع فعلاً بالدبابات ومضادات الطائرات ومنها منطقة رأس الحمارة ، وكان احد المواقع يوجد به الثوار حمزة الشارف وعبدالسلام الساكالي و محمد مفتاح وكان عبدالسلام الساكالي هو الوحيد الذي يحمل سلاح " رشاش ( PKT ) وعندما بدأت المعركة بدءوا بإطلاق الرصاص على الجيش ولكن أصيب عبدالسلام الساكالي ، ووقع على الأرض فقام زميلاه بحمله محاولين إخفائه تحت شجيرات صغيرة لحين إسعافه ، وأخذا الرشاش وفجأة لاحظا دبابة تتقدم نحوهما وسيارة تحمل مضاد للطائرات الـ ( 14.5 ) فما عليهما إلاَّ الاختفاء عن أعينهم وإلا سيقضى عليهم ، وعند محاولتهما الاختفاء لاحظا كومة من الحجارة فلجاءا إليها ، فإذا به كهف ( ما يسمى بالداموس ) فدخلا فيه وغطا مدخله بالأشواك ووجها الرشاش باتجاه المدخل للدفاع عن أنفسهما في حالة اكتشافهما ، وبقيا حتى الساعة الخامسة مساءً عندما انهزم الجيش وفر إلى غابة الكشاف ، فأما عبدالسلام الساكالي فقد عُثر عليه وتم أسره ونقله إلى مزدة ثم إلى طرابلس ثم أطلق سراحه بعد عـدة أشهر وعند وصول بعض الدبابات إلى بعض مواقع الثوار أدى ذلـك بـأن الثـوار المتواجـدون في المواقع المتقدمة بالتراجع للخلف ورصد حركة الجيش ، فلاحظوا بأنه عندما تقدمت الدبابات وعربات الغراد انضمت إليها مضادات الطائرات وراجمات الصواريخ التي كانت خلف مخازن السلاح في الوديان فأصبح النسق على هيئة طابورين متقدمين إلى وادي زوية وقبل وصول الوادي انضمت إليهم المشاة ، والواضح بهذا الانضمام هو استعراض للقوة لإدخال الرعب في نفوس الثوار والواضح أيضاً بأن آمر الفوج لم يقرأ تاريخ الزنتان وماذا فعله أجدادهم في حروبهم ضد الغزو الإيطالي وأيضاً إيمانهم أولاً بالله تعالى ثم بعدالة قضيتهم ثم بمعنوياتهم القتالية المرتفعة للدفاع عن مدينتهم وأهلهم وخاصةً عندما تناقلت وسائل الإعلام العالمية بوجود مرتزقة من ضمن الكتائب وحدوث حـالات اغتصـاب ونهـب وتعذيب في المناطق الشرقية ، وكان الثوار قد جهزوا مضادات الطائرات بالذخيرة وهم على أهبة الاستعداد لصد الهجوم ، ولكن واجهتـهم مشكلـة وهـي عـدم قـدرة الـ ( 14.5 ) على التعامل مع الدبابات فتركوا رتل الدبابات يمر متجهاً نحو غابة الكشاف موازياً لخط النفط ، وبدءوا بالهجوم على سيارات الغراد ومضادات الطائرات وباقي العربات وأفراد المشاة بجميع أنواع الأسلحة المتوفرة أنداك وكان سير الثوار موازي لخط سير الرتل مع تكثيف إطلاق النار عليه ، وعندما أصبح الجيش باتجاه منازل الجديع أطلق على المنازل الرصاص بكثافة وخاصة على الأسطح متوقعاً تحصن الثوار فيها مما سبب بها أضرار فادحة ، وكان يوجد عدد (2) من الـ م /ط (14.5) في الجهة الشرقية وعدد (6) في الجهة الغربية متخذين من بعض المنازل ساتراً لهم فعندما تنفذ ذخيرة الـ (6) م ط تنسحب إلى خلف المنازل لملء الذخيرة وتغطي انسحابهم السيارتين اللتين في الجهة الشرقية ، وفي وقت متأخر من مساء ذلك اليوم شاهد الأخ سالم الرماح سعد المعاوي " آمر كتيبة الدبابات حالياً " شخص في العشرين من العمر مع مجموعة أخرى وهم متخذين خط النفط ساتراً لهم ويحمل قاذف ( آ ر بي جي ) قام بضرب صهريج وقود تابع للجيش الذي انفجر واحدث صوت عالي ودخان كثيف مما زاد من حماس الثوار وادخل الرعب في نفوس أفراد الجيش وسبب في انقسام الرتل إلى قسمين ، قسم اتجـه مسرعـاً لغابـة الكشـاف ( الدبابات وسيارات الغـراد و بعـض الراجـمات والـ (14.5) وعدد (2) شاحنات الأولى بها تموين والأخرى بها خيام وسيارات الوقود ) ، والقسم الآخر تراجع للخلف ( بعض من الـ (14.5) و بي ام بي ) أما هذا الشاب فقد تعرض لإطلاق نار من قبل إحدى الدبابات بالرشاش المـوازي بالدبابـة وبالـرشاش الـ ( بي كي تي ) فأصبح يتدحرج على الأرض ثم مكث على الأرض وبدون حراك واهماً من يطلق عليه النار بأنه قـد مـات ، وعندما مرت الدبابة قام وضرب دبابة أخرى قادمة بالقاذف ( آ ر بي جي ) وأصابها إصابة مباشرة مما أدى إلى تدميرها ، ثم مباشرةً تراجع إلى الخلف بتغطية من زملاءه ، وفي هذه اللحظات حضـر ثـوارمـن مديـنة الرجـبان وثوار من مدينة جادو في سيارات دفع رباعي وشاركوا مشاركة فاعلة في هذه المعركة ، وجاءوا للمشاركة فيها لأنه لا توجد معارك في مناطقهم حالياً أو في مدن الجبل ككل ، ولصد هجوم الفوج التاسع لأنه لو دخل إلى مدينة الزنتان سوف تسقط جميع مدن الجبل الأخرى مدينة تلي مدينة ولأن الزنتان هي صمام الأمان للجبل ، فالقسم الأول من الرتل وصل إلى غابة الكشاف ، أما القسم الثاني تراجع للخلف وتعرض للهجوم من قبل الثوار فكان يوجد به شاحنة تحمل حوالي( 750 ) صاروخ غراد وأخرى تحمل( 200 ) قذيفة دبابة نوع (72) ، وأخرى بها ذخيرة ( 14.5 ) وعدد ( 2 ) سيارات غراد ، فحاولوا تفادي هجوم الثوار فغاصت إطاراتها في الأرض فتركها سائقوها وفروا ناجين بأنفسهم ، دامت المعركة إلى ساعات متأخرة من مساء ذلك اليوم ، قامت مجموعة من الثوار بحمل هذه الشاحنات إلى مدينة الزنتان والتي كانوا في أمس الحاجة إليها وإلى ما تحمله من ذخيرة ومجموعة أخرى أصبحت تتابع في حركة الجيش الذي استقر به الأمر في نهاية المطاف في غابة الكشاف ليحتمي فيها ، وعند وصوله قام بقصف الغابة بصواريخ الغراد والراجمات ومضادات الطائرات قاصداً تطهيرها من الثوار إن وجدوا فيها قبل أن يستقر بها ، وبات الآمر وجنوده ليلتهم فيها دون أن يغمض لهم جفن لأن الثوار قسَّموا أنفسهم إلى مجموعات وتبادلوا عليهم إطلاق الرصاص طوال الليل حتى الصباح ليصبحوا منهكين ومتعبين ويسهل التعامل معهم صباحاً ، أما سيارتي الغراد ألتي أخذهما الثوار قام الجيش بإفساد جهاز الإطلاق بهما قبل تركهما ، فقام محمد أحمد ميلاد ( تخصصه / كهرباء عامة ) وابوصاع احداش ( عسكري سابق في الكتيبة الثامنة بغريان تخصصه / رامي على الغراد ) بإصلاح العطل وأصبحتا جاهزتين للعمل في صباحاليوم التالي .
وفي صباح يوم الاثنين 21 / 3 / 2011 وعند الساعة العاشرة صباحاً قام الثوار برمي الجيش المتواجد في غابة الكشاف ( الفوج التاسع ) بصواريخ الغراد وكذلك بالدبابة ، فكانت صواريخ الغراد تصيب الأهداف المحددة لها أما الدبابة فكانت لا تصيب الأهداف لأنه إلى هذه اللحظة لا يوجد من الثوار من هو متخصص كرامي على الدبابة ، واستمر القصف بالغراد على الجيش تقريباً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر ، ثم توقف لأن عربتي الغراد بهما بطاريات تحتاج لإعادة الشحن ويستغرق ذلك حوالي خمس ساعات وهذا يعني أنهما لن تكونا جاهزتان إلا عند الساعة الثامنة أو التاسعة ليلاً ، وفي صباح يوم الثلاثاء 22 / 3 / 2011 م كان الثوار في انتظار ما سيفعله الغراد بالجيش لأنهم لم يقرروا الهجوم بعد إلا بصواريخ الغراد ، وفعلاً استمر القصف بصواريخ الغراد على الجيش طوال ذلك اليوم ، أما في الليل استمر الثوار بمناوشة الجيش بالأسلحة الخفيفة .
وفي صباح يوم الأربعاء 23 / 3 / 2011 م لاحظ الثوار بأن عدد ( 2 ) من دبابات الجيش قد وجهتا سبطانتيهما باتجاه مدينة الزنتان وهي في وضع هجومي ، ولاحظ الثوار أيضاً بوجود بعض السيارات والدبابات يتصاعد منها الدخان وفجأةً اتجه الجيش شرقاً مع الطريق المعبد باتجاه مدينة الرياينة وهذا يعني أن الدبابتين التين كانتا متجهتان إلى مدينة الزنتان ما هي إلا تغطية لانسحاب الجيش من غابة الكشاف ، وفعلاً قد انسحب الجيش مسرعاً من الغابة هارباً من شدة قصف ثوار الزنتان عليه بصواريخ الغراد وبالأسلحة الخفيفة بعد ما تكبد خسائر فادحة سواءً كانت بشرية أو مادية متمثلة في بعض السيارات والدبابات ولم يتوقف إلا في مدينة غريان ويقال جزء منه ذهب إلى الشقيقة ، وعندما لاحظ الثوار انسحاب الجيش تعالت صيحات التكبير وانطلقوا خلفه ولكن يوجد من بين الثوار من هو عسكري في السابق ويعرف ماذا يعني الانسحاب ( أي أن المنسحب سيدافع عن نفسه في لحظة انسحابه بأي ثمن ولا يمكن حصر المنسحب في الزاوية كما يقال ) ومن بينهم المدنيين الذين أخذهم الحماس ولحقوا بالرتل المنسحب إلى ما بعد مدخل مدينة الرياينة فلاحظهم الرامي الموجود في آخر دبابة في الرتل المنسحب فوجه إليهم سبطانة دبابته ورماهم بقذيفة التي إصابتهم إصابة مباشرة واستشهد فيها عدد ( 6 ) من الثوار ، ونتيجة لمطاردة الثوار للدبابة هرب طاقمها وتركوها بالقرب من الرياينة فأضرم الثوار فيها النار . وجرح في هذه المعركة أكثر من خمسة وعشرين ثائر .
واستشهد عشرة ثوار
كما تمكن الثوار من أسر العديد من أفراد الكتائب والمرتزقة .
وهكذا أنتصر الحق على الباطل وكانت أسباب النصر كثيرة ، أولها توفيق من عند الله سبحانه وتعالى، الذي قرر أن ينزع ملك القذافي " قُلِ اللَّهُمَ مَالِكَ المُلْكِ ، تُؤتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعَ الْمُلْكَ مِمّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَير ، إنّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِير " فنزع الخوف من نفوس الثوار وزرعه في نفوس أفراد الكتائب ، ثانياً إيمان الثوار بأن حربهم جهاد وقتلاهم شهداء فأصبحوا يتسابقون على الشهادة ولا يتراجعون أثناء المعارك ، أما أفراد الكتائب فهم يقاتلون من أجل فرد ( القذافي ) فمنهم
من يقاتل مجبر ومنهم من يقاتل من أجل المال فهم حريصون على بقائهم أحياء كي ينعموا بما سيجود به عليهم من يقاتلون من أجله ولو كان يسير، فيفرون من المعركة بمجرد حدوث خسائر في صفوفهم ، ثالثاً سخر الله سبحانه وتعالى المجتمع الدولي والعربي لمساعدة الشعب الليبي وسرع في اتخاذ القرارات الحاسمة سواءً من الجامعة العربية أو مجلس الأمن .
فمن بدّل دنياه بآخرته ، ووضع روحه على كفه وانحاز إلى جانب الحق ، ودخل المعركة ولا يعتقد أنه سيعود إلى أهله مرة أخرى ، فلا يمكن أن يكون قاتلاً أو ظالماً أو سارقاً فهم حماة الثورة ومكتسباتها ، وإن حدثت أخطاء فهي من أشباه الثوار والطابور الخامس . فالتاريخ يُصنع قبل أن يكتب، وهاهم ثوار 17 فبراير يصنعون التاريخ كما صنعه أجدادهم من قبل وكتبه المؤرخون ، ودخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفتحوا فيه صفحةً جديدة بيضاء من تاريخ ليبيا ، وفتحوها بدمائهم وأرواحهم ، القليل منهم من هو معروف وأكثرهم مجهولين، فأتمنى أن يُقام نصب تذكاري ( للثائـــر المجهول ) تكريماً للثورة وللثوار ، والثورة لم تنتهي حتى هذا التاريخ ، فأيها الليبي الكريم ، عليك أن تختار بين أن يُكتب لك التاريخ أو يُكتب عليك...؟ .
فمن ذا الذي ينقل الصفات من الأجداد إلى الأحفاد...؟ ومن ذا الذي يعيد أحداث التاريخ...؟ إنه الله سبحانه وتعالى ..
نظام الطاغية إلى زوال وقد دق أول مسمار في نعشه مع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي ، وانطلـقت المظاهـرات الغاضـبة تجوب كل الأراضي الليبية الجميـع مكبريـن ومهللين ، وكمـا داس الأجـداد بنعالـهم المصنوعـة مـن جلـد الإبـل عـلى العلـم الإيطالـي المصنـوع مـن الحريـر فـي معركـة (الكردون) داس اليوم أحفادهم على علم الطاغية الذي كان يريد أن يغرسه في صدور أبناء المدينة كما قالها قائد مجموعـة اللـواء التاسـع الـذي كلف بالتوجه إلى الزنتان واقتحام مدينتهم التي دافعوا عنها بكل بسالة فلم يستطع أن يدخلها بالرغم من التفوق الرهيب في العدة والعتاد ، وكما دافع الأجداد عن مدينتهم ضد الاحتلال الايطالي ، هاهم الأحفاد يسطرون أروع الملاحم ضد الطاغية وكتائبه ، ولقد شاهدنا معظم مدن الجبل الغربي في خطين متوازيين : الأول في أعلى الجبل من وازن مروراً بنالوت إلى غريان والثاني : أسفل الجبل من وازن مروراً بالغزايا إلى الـوادي الحـي والعزيزيـة وصولاً إلى مطار طرابلس العالمي ومنطقة قصر بن غشير، ومن رأس اجديـر إلى طرابلـس مـروراً بالعجيلات وصبراتة وصرمان والزاوية ، وجنوباً في الوديان بالقرب مـن الحـمادة الحمـراء وفي ادري بالشاطي وسبها واوباري وغات والحدود الجنوبية والجنوبية الغربية اوما يسمــى (بالمثلـــث ) وكذلك درج وغدامس كما انهم يقومون بحمايــة الحقــول والمنشآت النفــطية( حقل الشرارة وحقل الفيل وحقل الوفاء ومجمع مليتة للغاز ) .
وتوجت جهود الثوار حينما ألقى البطل العجمي أحمد العتيري وزملاؤه القبض على سيف القذافي في الصحراء على بعد (40) كيلومتر من وادي جمار محاولاً الهروب إلى النيجر .
سير المعركة
في يوم الجمعة 18 / 3 / 2011 م تقدم اللواء التاسع متجهاً الى مدينة الزنتان قادماً من منطقة الشقيقة بمساعدة أفراد من إحدى قبائل الجبل الغربي الذين لهم دراية بمسالك المنطقة .
أماَّ الاسلحة والذخائر حسب ما وجـد في المخطط الذي ضبط عند الآمر المكلف بالدخول لمدينة الزنتان وكانت موزعة على أربعة جبهات كالتالي :
وأما الثوار فكانوا يتسلحون بالآتي :-
( حوالي 8 رشاشات متوسطة (14.5) و50 بندقية كلاشنكوف تقريبا وبعض رشاشات الأغراض العامة والـ ( PKT ) و4 قواذف (آ ر بي جي) وبضـع بنـادق صيـد وبنـادق إيطاليـة الصنـع يرجـع بعضها إلى سنة 1914 م والكثير منهم إما أن يحمل سلاح أبيض أو لا يحمل شيئاً .
وعندمـا وصـل اللـواء التاسع إلى التوامة " وهما عبارة عن جبلين متجـاورين ومعزوليـن عـن الجبـال الأخرى فسميا بهذا الإسم "بمنطقة المرموتة " وهي منطقة تقع شرق مدينة الزنتان بين مدينتي العوينية والشقيقة " حاول بعض الجنود إنزال بعض الدبابات من على الشاحنات ما يسمى (بالواطي) فتعرضوا لكمين من قبل الثوار ، وعندما نزلـت إحـدى الدبابـات عـلى الأرض حاولوا الاشتباك بها مع الثـوار فكثفـوا عليهـم الرمايـة فهربـت المجموعة في الشاحنة وتركوا الدبابة التي استولى عليها الثوار وذهبوا بها إلى مدينة الزنتان
أسهمت قبائل الزنتان بفاعلية فى كل الأزمات والحروب التي شهدتها ،ليبيا عبر تاريخها ، وكان لرجال هذه القبائل حضور مميز ، كما اشتهر أبناؤ ها كباقي أبناء جبل نفوسة بالقدرة على تحمل شظف العيش وحياة الصحراء والتغلب على الصعاب والاهتمام بتربية الخيول والتعامل معها بمهارة فائقة فى الحرب والسلم ، و مدينة الزنتان كما أغلب مدن جبل نفوسة الأشم تقع في أعلى قمة الجبل ، والزنتان حاضرة في الماضي ، كما هي في الحاضر ، وينطبق على أهالي جبل نفوسة ما جاء في هذين البيتين والذي يعرف بالمهاجا: ويـاريت خوتي ثلاثين
وأولاد عمـــي بزايــد
لا ياكلوا لقمة الضيـم
ولا يلبسـوا جرد بايد
بدأت الارهاصات الأولى للثورة الليبية في نفوس الليبيين مع بداية ثورة تونس في 18 ديسمبر 2010 والتي انتهت بسقوط زين العابدين بن على يوم 14 يناير 2011 ، وهذه الثورة فرضت نفسها بقوة على الواقع العربي فتبعتها الثورة المصرية في 25 يناير وانتهت بسقوط حسني مبارك في11 فبراير 2011 م ، وهنا بدأ القذافي يشعر بالقلق من تدهور الأوضاع في الجارتين فسارع إلى تقديم دعم ميئووسً منه بهدف إجهاض الثورة الشعبية ولكنه لم يفلح في علاج أزمته ، في هذه الآونة أدرك الطاغية أن مصيره إلى زوال... وبفضل من الله نجحت الثورتان في تونس ومصر ، وهنا بدأ القذافي في إرسال رسائل مبطنة مهدداً ومتوعداً كعادته حتى لا يظهر على حقيقته ضعيفاً مرتبكاً ، واغتنم الشعب الفرصة وبدأ الحراك داخل البلاد وخارجها ، ففي الداخل بدأت الإرهاصات بكتابة العبارات الرافضة للقذافي ونظامه على جدران المباني التي لم يتجرأ من قبل أحد على كتابتها ، وفي الزنتان كغيرها من المدن كانت الإنطلاقة موازية لإنطلاقة ثورة 17 فبراير المجيدة ، وهاهم شباب الزنتان يبادرو برفع راية العصيان ضد النظام المتهالك ، ففي يوم 15 فبراير 2011 تسرب إلى بعض الأهالي خبر إجتماع سيعقده أزلام القذافي مع أعيان قبائل في الزنتان بخصوص مظاهرة بنغازي المزمع خروجها يوم 17 فبراير ، وبالفعل أجتمع يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير 2011 م عدد من رموز وأزلام القذافي في مدينة الزنتان وكان أهم ما تناوله الإجتماع الحراك الشعبي الذي عم أغلب المدن الليبية وفي محاولة لإجهاض حلم الشعب في الحرية والثورة ، ولكن الله سلم فبفضل فطنة ووطنية أهالي الزنتان تنبهوا للمؤامرة ، وعلى الفور تمت الإتصالات لغرض عقد إجتماع طارئ لأعيـان الزنتـان ، كانـت أهم بنـود الإجتماع التشاور بخصوص ما دار في الأجتماع مع رموز النظام ) وخاصة طلب آمر الحرس الشعبي التابع للطاغية من المجتمعين تجهيز وإرسال 1000 مقاتل ، من شباب الزنتان إلى مدينة بنغازي لإخماد المظاهرات التي حدد موعد خروجها يوم 17 فبراير ، بدأ الاجتماع في سكون تام ساد المكان لأن الإجتماع يناقش في أمر جلل ، وقد شعر المجتمعون أن هذا السكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ، فقد توجست النفوس إضطراباً ، وملئت القلوب غيظاً من هول ما سمعت ، وقد حصحص الحق ، ولم يبق إلاَّ المبادرة وخلال هذا الإجتماع تم الإتفاق على مسانـدة الـثورة وعـلى الفـور أنطلق التكبير من الحناجر و بدأ الحراك الفعلي في مدينـة الزنتـان ، وكان رد أهالي الزنتان الرافـض للمشاركـة فـي هذه المهزلة التي أراد من خلالها الطاغية توريط القبائل في مقاتلة إخوانهم ، وتيقن الجميع أن نظام الطاغية إلى زوال وقد دق أول مسمار في نعشه مع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي ، وانطلـقت المظاهـرات الغاضـبة تجوب كل الأراضي الليبية الجميـع مكبريـن ومهللين ، وكمـا داس الأجـداد بنعالـهم المصنوعـة مـن جلـد الإبـل عـلى العلـم الإيطالـي المصنـوع مـن الحريـر فـي معركـة (الكردون) داس اليوم أحفادهم على علم الطاغية الذي كان يريد أن يغرسه في صدور أبناء المدينة كما قالها قائد مجموعـة اللـواء التاسـع الـذي كلف بالتوجه إلى الزنتان واقتحام مدينتهم التي دافعوا عنها بكل بسالة فلم يستطع أن يدخلها بالرغم من التفوق الرهيب في العدة والعتاد ، وكما دافع الأجداد عن مدينتهم ضد الاحتلال الايطالي ، هاهم الأحفاد يسطرون أروع الملاحم ضد الطاغية وكتائبه ، ولقد شاهدنا معظم مدن الجبل الغربي في خطين متوازيين : الأول في أعلى الجبل من وازن مروراً بنالوت إلى غريان والثاني : أسفل الجبل من وازن مروراً بالغزايا إلى الـوادي الحـي والعزيزيـة وصولاً إلى مطار طرابلس العالمي ومنطقة قصر بن غشير، ومن رأس اجديـر إلى طرابلـس مـروراً بالعجيلات وصبراتة وصرمان والزاوية ، وجنوباً في الوديان بالقرب مـن الحـمادة الحمـراء وفي ادري بالشاطي وسبها واوباري وغات والحدود الجنوبية والجنوبية الغربية اوما يسمــى (بالمثلـــث ) وكذلك درج وغدامس كما انهم يقومون بحمايــة الحقــول والمنشآت النفــطية( حقل الشرارة وحقل الفيل وحقل الوفاء ومجمع مليتة للغاز ) .
وتوجت جهود الثوار حينما ألقى البطل العجمي أحمد العتيري وزملاؤه القبض على سيف القذافي في الصحراء على بعد (40) كيلومتر من وادي جمار محاولاً الهروب إلى النيجر .
سير المعركة
في يوم الجمعة 18 / 3 / 2011 م تقدم اللواء التاسع متجهاً الى مدينة الزنتان قادماً من منطقة الشقيقة بمساعدة أفراد من إحدى قبائل الجبل الغربي الذين لهم دراية بمسالك المنطقة .
أماَّ الاسلحة والذخائر حسب ما وجـد في المخطط الذي ضبط عند الآمر المكلف بالدخول لمدينة الزنتان وكانت موزعة على أربعة جبهات كالتالي :
وأما الثوار فكانوا يتسلحون بالآتي :-
( حوالي 8 رشاشات متوسطة (14.5) و50 بندقية كلاشنكوف تقريبا وبعض رشاشات الأغراض العامة والـ ( PKT ) و4 قواذف (آ ر بي جي) وبضـع بنـادق صيـد وبنـادق إيطاليـة الصنـع يرجـع بعضها إلى سنة 1914 م والكثير منهم إما أن يحمل سلاح أبيض أو لا يحمل شيئاً .
وعندمـا وصـل اللـواء التاسع إلى التوامة " وهما عبارة عن جبلين متجـاورين ومعزوليـن عـن الجبـال الأخرى فسميا بهذا الإسم "بمنطقة المرموتة " وهي منطقة تقع شرق مدينة الزنتان بين مدينتي العوينية والشقيقة " حاول بعض الجنود إنزال بعض الدبابات من على الشاحنات ما يسمى (بالواطي) فتعرضوا لكمين من قبل الثوار ، وعندما نزلـت إحـدى الدبابـات عـلى الأرض حاولوا الاشتباك بها مع الثـوار فكثفـوا عليهـم الرمايـة فهربـت المجموعة في الشاحنة وتركوا الدبابة التي استولى عليها الثوار وذهبوا بها إلى مدينة الزنتان
وفي نفس اليوم مساءً تقدم اللواء التاسع في ثلاثة مجموعات ، مجموعة الدبابات وصواريخ الغراد ومجموعة رشاشـات (14.5) وراجمـات الصواريخ 107 ومجموعة المشاة والامداد بالذخيرة والتموين والوقود وسيارات نقل صغيرة المجموعة الأولى تحركت باتجاه مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة جنوب المدينة والمجموعة الثانية تحركت باتجاه وادي زوية وهو وادي يقع شرق المدينة بالقرب من غابة الكشاف يمر فيه خط النفط القادم من حقل الحمادة الحمراء متجهاً لمصفاة الزاوية مروراً بالزنتان والرياينة والمجموعة الثالثة تحركت باتجاه غابة الكشاف ، وبناء على معلومات الاستطلاع من قبل الثوار حيث كانوا منتشرون في المنطقة الشرقية للمدينة على طول الخط الواصل بين منطقة قطيط جنوب المدينة إلى الجهة الشرقية بالقرب من منطقة الكشاف مروراً بمنطقتي (رأس الحمارة) و (جساس) وكان أكبر تكتل للثوار بمنطقة (جساس) وكان الاعتقاد السائد عند الثوار أنداك هو أن الهجوم على المدينة سيتم من الجهة الجنوبية حيث مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة وفـي يـوم السبـت 19 / 3 / 2011 م عندما استقر الجيش شرق (وادي زوية) شاهد الثوار أن بعض أفراد الدبابات يلوحون برايات بيضاء حتى ان بعضهم شاهد ذلك بالعين المجردة لقرب المسافة بينهم ، فرد عليهم الثوار بالمثل فردوا عليهم مرة أخرى ، فتقدم إليهم ابوبكر جمعة والعجمي العتيري ونصر بالحاج ومعهم مجموعة أخرى من الثوار الموجودين في موقع غربي منطقة جساس فتوجهوا لمقر الدبابات الموجود في جهة المخازن بمنطقة القاعة وعندما اقتربوا تقدم ابوبكر جمعة من موقع اللواء التاسع لوحده فلقيه ضابط برتبة نقيب وهو قذافي وصهر للزنتان ومعه شخصين آخرين فطلب منه أن يخلع معطفه وتم تفتيشه لعله يحمل سلاح ، ثم سأله النقيب ماذا تريد؟ فقال له : شاهدتكم تلوحون بأعلام بيضاء وهذا يعني انكم تريدون السلام لذلك فأنا هنا لاستطلاع الأمر فأخذوه الى مقر الآمر مشياً على الأقدام ولما اقتربوا من المقر عصبوا عينيه بقطعة من القماش وعندما وصل وبدون مقدمات قال له الآمر: أرفعوا الراية الخضراء وسلموا الدبابة التي استوليتم عليها امس والذخيرة التي أخذتموها من مخازننا بالقرية فرد عليه ابوبكر جمعة قائلاً :
أنا اتيتكم عندما شاهدت رايات السلام من طرفكم فإذا كنت تريد التفاوض فسـوف يأتـي إليك مجموعة اخرى ويتفاوضون معك أو لتاتي أنت للتفاوض فرد عليه الآمر مكرراً نفس العبارة السابقة مضيفاً :
قل للزنتان إني سادخل المدينة وسوف اغرس العلم الاخضر في صدورهم وعند رجوعه رأى بأنه قد تم القبض على العجمي العتيري ورفاقه وحدث ذلك عندما تأخر ابوبكر جمعة في الرجوع فحاولوا التسلل إلى موقع اللواء التاسع واستطلاع الأمر فتم القبض عليهم وعندما حاول التحدث معهم منعوه من ذلك وقال له النقيب: تحدث إلى أهلك وارجعهم إلى جادة الصواب لأنهم لا يستطيعون مقاومة الجيش وهذه دولة ... الخ ، أما العجمي العتيري ورفاقه فتمت معاقبتهم بوضع البروك وبالهرولة ثم أطلق صراحهم في ساعة متأخرة من الليل ، ومساء ذلك اليوم أطلق الثوار ثلاثة قذائف على مقر اللواء التاسع بالدبابة التي استولوا عليها في (المرموتة) فرد اللواء التاسع بقصف منطقة الكشاف بحوالي خمسة صواريخ غراد ، وحيث أن معظم الثوار لا يعرفون الغراد لأن معظمهم مدنيون ولم يشاركوا في أي حرب في السابق فضنوا أنه هجوم من الكتائب فاتجه كثير منهم إلى منطقة الكشاف فتبين أنه قصف من بعيد وليس هجـوم فكثـفوا مـن عمليـة الرصد حتى الصباح .
وفي صباح يوم الأحـد 20 / 3 / 2011 م قبل شروق الشمس لاحظ الثوار بأن الجيش أصبح يستعد للهجوم حيث بدءوا بملء خزانات الوقود للدبابات والشاحنات والعربات فتيقنوا بأن الهجوم قريب وبدأ بعض الثوار بالتنقل بين المواقع وإبلاغ الجميع بالاستعداد لصد الهجوم وبعد ذلك وجهت الكتائب سبطانات الدبابات وراجمات الصواريخ إلى مدينة الزنتان وبدءوا بالقصف العشوائي على المدينة ومواقع الثوار وكانوا قد رصدوا بعض مواقع الثوار وبدءوا بالتقدم نحوها ووصلوا إلى بعض المواقع فعلاً بالدبابات ومضادات الطائرات ومنها منطقة رأس الحمارة ، وكان احد المواقع يوجد به الثوار حمزة الشارف وعبدالسلام الساكالي و محمد مفتاح وكان عبدالسلام الساكالي هو الوحيد الذي يحمل سلاح " رشاش ( PKT ) وعندما بدأت المعركة بدءوا بإطلاق الرصاص على الجيش ولكن أصيب عبدالسلام الساكالي ، ووقع على الأرض فقام زميلاه بحمله محاولين إخفائه تحت شجيرات صغيرة لحين إسعافه ، وأخذا الرشاش وفجأة لاحظا دبابة تتقدم نحوهما وسيارة تحمل مضاد للطائرات الـ ( 14.5 ) فما عليهما إلاَّ الاختفاء عن أعينهم وإلا سيقضى عليهم ، وعند محاولتهما الاختفاء لاحظا كومة من الحجارة فلجاءا إليها ، فإذا به كهف ( ما يسمى بالداموس ) فدخلا فيه وغطا مدخله بالأشواك ووجها الرشاش باتجاه المدخل للدفاع عن أنفسهما في حالة اكتشافهما ، وبقيا حتى الساعة الخامسة مساءً عندما انهزم الجيش وفر إلى غابة الكشاف ، فأما عبدالسلام الساكالي فقد عُثر عليه وتم أسره ونقله إلى مزدة ثم إلى طرابلس ثم أطلق سراحه بعد عـدة أشهر وعند وصول بعض الدبابات إلى بعض مواقع الثوار أدى ذلـك بـأن الثـوار المتواجـدون في المواقع المتقدمة بالتراجع للخلف ورصد حركة الجيش ، فلاحظوا بأنه عندما تقدمت الدبابات وعربات الغراد انضمت إليها مضادات الطائرات وراجمات الصواريخ التي كانت خلف مخازن السلاح في الوديان فأصبح النسق على هيئة طابورين متقدمين إلى وادي زوية وقبل وصول الوادي انضمت إليهم المشاة ، والواضح بهذا الانضمام هو استعراض للقوة لإدخال الرعب في نفوس الثوار والواضح أيضاً بأن آمر الفوج لم يقرأ تاريخ الزنتان وماذا فعله أجدادهم في حروبهم ضد الغزو الإيطالي وأيضاً إيمانهم أولاً بالله تعالى ثم بعدالة قضيتهم ثم بمعنوياتهم القتالية المرتفعة للدفاع عن مدينتهم وأهلهم وخاصةً عندما تناقلت وسائل الإعلام العالمية بوجود مرتزقة من ضمن الكتائب وحدوث حـالات اغتصـاب ونهـب وتعذيب في المناطق الشرقية ، وكان الثوار قد جهزوا مضادات الطائرات بالذخيرة وهم على أهبة الاستعداد لصد الهجوم ، ولكن واجهتـهم مشكلـة وهـي عـدم قـدرة الـ ( 14.5 ) على التعامل مع الدبابات فتركوا رتل الدبابات يمر متجهاً نحو غابة الكشاف موازياً لخط النفط ، وبدءوا بالهجوم على سيارات الغراد ومضادات الطائرات وباقي العربات وأفراد المشاة بجميع أنواع الأسلحة المتوفرة أنداك وكان سير الثوار موازي لخط سير الرتل مع تكثيف إطلاق النار عليه ، وعندما أصبح الجيش باتجاه منازل الجديع أطلق على المنازل الرصاص بكثافة وخاصة على الأسطح متوقعاً تحصن الثوار فيها مما سبب بها أضرار فادحة ، وكان يوجد عدد (2) من الـ م /ط (14.5) في الجهة الشرقية وعدد (6) في الجهة الغربية متخذين من بعض المنازل ساتراً لهم فعندما تنفذ ذخيرة الـ (6) م ط تنسحب إلى خلف المنازل لملء الذخيرة وتغطي انسحابهم السيارتين اللتين في الجهة الشرقية ، وفي وقت متأخر من مساء ذلك اليوم شاهد الأخ سالم الرماح سعد المعاوي " آمر كتيبة الدبابات حالياً " شخص في العشرين من العمر مع مجموعة أخرى وهم متخذين خط النفط ساتراً لهم ويحمل قاذف ( آ ر بي جي ) قام بضرب صهريج وقود تابع للجيش الذي انفجر واحدث صوت عالي ودخان كثيف مما زاد من حماس الثوار وادخل الرعب في نفوس أفراد الجيش وسبب في انقسام الرتل إلى قسمين ، قسم اتجـه مسرعـاً لغابـة الكشـاف ( الدبابات وسيارات الغـراد و بعـض الراجـمات والـ (14.5) وعدد (2) شاحنات الأولى بها تموين والأخرى بها خيام وسيارات الوقود ) ، والقسم الآخر تراجع للخلف ( بعض من الـ (14.5) و بي ام بي ) أما هذا الشاب فقد تعرض لإطلاق نار من قبل إحدى الدبابات بالرشاش المـوازي بالدبابـة وبالـرشاش الـ ( بي كي تي ) فأصبح يتدحرج على الأرض ثم مكث على الأرض وبدون حراك واهماً من يطلق عليه النار بأنه قـد مـات ، وعندما مرت الدبابة قام وضرب دبابة أخرى قادمة بالقاذف ( آ ر بي جي ) وأصابها إصابة مباشرة مما أدى إلى تدميرها ، ثم مباشرةً تراجع إلى الخلف بتغطية من زملاءه ، وفي هذه اللحظات حضـر ثـوارمـن مديـنة الرجـبان وثوار من مدينة جادو في سيارات دفع رباعي وشاركوا مشاركة فاعلة في هذه المعركة ، وجاءوا للمشاركة فيها لأنه لا توجد معارك في مناطقهم حالياً أو في مدن الجبل ككل ، ولصد هجوم الفوج التاسع لأنه لو دخل إلى مدينة الزنتان سوف تسقط جميع مدن الجبل الأخرى مدينة تلي مدينة ولأن الزنتان هي صمام الأمان للجبل ، فالقسم الأول من الرتل وصل إلى غابة الكشاف ، أما القسم الثاني تراجع للخلف وتعرض للهجوم من قبل الثوار فكان يوجد به شاحنة تحمل حوالي( 750 ) صاروخ غراد وأخرى تحمل( 200 ) قذيفة دبابة نوع (72) ، وأخرى بها ذخيرة ( 14.5 ) وعدد ( 2 ) سيارات غراد ، فحاولوا تفادي هجوم الثوار فغاصت إطاراتها في الأرض فتركها سائقوها وفروا ناجين بأنفسهم ، دامت المعركة إلى ساعات متأخرة من مساء ذلك اليوم ، قامت مجموعة من الثوار بحمل هذه الشاحنات إلى مدينة الزنتان والتي كانوا في أمس الحاجة إليها وإلى ما تحمله من ذخيرة ومجموعة أخرى أصبحت تتابع في حركة الجيش الذي استقر به الأمر في نهاية المطاف في غابة الكشاف ليحتمي فيها ، وعند وصوله قام بقصف الغابة بصواريخ الغراد والراجمات ومضادات الطائرات قاصداً تطهيرها من الثوار إن وجدوا فيها قبل أن يستقر بها ، وبات الآمر وجنوده ليلتهم فيها دون أن يغمض لهم جفن لأن الثوار قسَّموا أنفسهم إلى مجموعات وتبادلوا عليهم إطلاق الرصاص طوال الليل حتى الصباح ليصبحوا منهكين ومتعبين ويسهل التعامل معهم صباحاً ، أما سيارتي الغراد ألتي أخذهما الثوار قام الجيش بإفساد جهاز الإطلاق بهما قبل تركهما ، فقام محمد أحمد ميلاد ( تخصصه / كهرباء عامة ) وابوصاع احداش ( عسكري سابق في الكتيبة الثامنة بغريان تخصصه / رامي على الغراد ) بإصلاح العطل وأصبحتا جاهزتين للعمل في صباحاليوم التالي .
وفي صباح يوم الاثنين 21 / 3 / 2011 وعند الساعة العاشرة صباحاً قام الثوار برمي الجيش المتواجد في غابة الكشاف ( الفوج التاسع ) بصواريخ الغراد وكذلك بالدبابة ، فكانت صواريخ الغراد تصيب الأهداف المحددة لها أما الدبابة فكانت لا تصيب الأهداف لأنه إلى هذه اللحظة لا يوجد من الثوار من هو متخصص كرامي على الدبابة ، واستمر القصف بالغراد على الجيش تقريباً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر ، ثم توقف لأن عربتي الغراد بهما بطاريات تحتاج لإعادة الشحن ويستغرق ذلك حوالي خمس ساعات وهذا يعني أنهما لن تكونا جاهزتان إلا عند الساعة الثامنة أو التاسعة ليلاً ، وفي صباح يوم الثلاثاء 22 / 3 / 2011 م كان الثوار في انتظار ما سيفعله الغراد بالجيش لأنهم لم يقرروا الهجوم بعد إلا بصواريخ الغراد ، وفعلاً استمر القصف بصواريخ الغراد على الجيش طوال ذلك اليوم ، أما في الليل استمر الثوار بمناوشة الجيش بالأسلحة الخفيفة .
وفي صباح يوم الأربعاء 23 / 3 / 2011 م لاحظ الثوار بأن عدد ( 2 ) من دبابات الجيش قد وجهتا سبطانتيهما باتجاه مدينة الزنتان وهي في وضع هجومي ، ولاحظ الثوار أيضاً بوجود بعض السيارات والدبابات يتصاعد منها الدخان وفجأةً اتجه الجيش شرقاً مع الطريق المعبد باتجاه مدينة الرياينة وهذا يعني أن الدبابتين التين كانتا متجهتان إلى مدينة الزنتان ما هي إلا تغطية لانسحاب الجيش من غابة الكشاف ، وفعلاً قد انسحب الجيش مسرعاً من الغابة هارباً من شدة قصف ثوار الزنتان عليه بصواريخ الغراد وبالأسلحة الخفيفة بعد ما تكبد خسائر فادحة سواءً كانت بشرية أو مادية متمثلة في بعض السيارات والدبابات ولم يتوقف إلا في مدينة غريان ويقال جزء منه ذهب إلى الشقيقة ، وعندما لاحظ الثوار انسحاب الجيش تعالت صيحات التكبير وانطلقوا خلفه ولكن يوجد من بين الثوار من هو عسكري في السابق ويعرف ماذا يعني الانسحاب ( أي أن المنسحب سيدافع عن نفسه في لحظة انسحابه بأي ثمن ولا يمكن حصر المنسحب في الزاوية كما يقال ) ومن بينهم المدنيين الذين أخذهم الحماس ولحقوا بالرتل المنسحب إلى ما بعد مدخل مدينة الرياينة فلاحظهم الرامي الموجود في آخر دبابة في الرتل المنسحب فوجه إليهم سبطانة دبابته ورماهم بقذيفة التي إصابتهم إصابة مباشرة واستشهد فيها عدد ( 6 ) من الثوار ، ونتيجة لمطاردة الثوار للدبابة هرب طاقمها وتركوها بالقرب من الرياينة فأضرم الثوار فيها النار . وجرح في هذه المعركة أكثر من خمسة وعشرين ثائر .
واستشهد عشرة ثوار
كما تمكن الثوار من أسر العديد من أفراد الكتائب والمرتزقة .
وهكذا أنتصر الحق على الباطل وكانت أسباب النصر كثيرة ، أولها توفيق من عند الله سبحانه وتعالى، الذي قرر أن ينزع ملك القذافي " قُلِ اللَّهُمَ مَالِكَ المُلْكِ ، تُؤتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعَ الْمُلْكَ مِمّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَير ، إنّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِير " فنزع الخوف من نفوس الثوار وزرعه في نفوس أفراد الكتائب ، ثانياً إيمان الثوار بأن حربهم جهاد وقتلاهم شهداء فأصبحوا يتسابقون على الشهادة ولا يتراجعون أثناء المعارك ، أما أفراد الكتائب فهم يقاتلون من أجل فرد ( القذافي ) فمنهم
من يقاتل مجبر ومنهم من يقاتل من أجل المال فهم حريصون على بقائهم أحياء كي ينعموا بما سيجود به عليهم من يقاتلون من أجله ولو كان يسير، فيفرون من المعركة بمجرد حدوث خسائر في صفوفهم ، ثالثاً سخر الله سبحانه وتعالى المجتمع الدولي والعربي لمساعدة الشعب الليبي وسرع في اتخاذ القرارات الحاسمة سواءً من الجامعة العربية أو مجلس الأمن .
فمن بدّل دنياه بآخرته ، ووضع روحه على كفه وانحاز إلى جانب الحق ، ودخل المعركة ولا يعتقد أنه سيعود إلى أهله مرة أخرى ، فلا يمكن أن يكون قاتلاً أو ظالماً أو سارقاً فهم حماة الثورة ومكتسباتها ، وإن حدثت أخطاء فهي من أشباه الثوار والطابور الخامس . فالتاريخ يُصنع قبل أن يكتب، وهاهم ثوار 17 فبراير يصنعون التاريخ كما صنعه أجدادهم من قبل وكتبه المؤرخون ، ودخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفتحوا فيه صفحةً جديدة بيضاء من تاريخ ليبيا ، وفتحوها بدمائهم وأرواحهم ، القليل منهم من هو معروف وأكثرهم مجهولين، فأتمنى أن يُقام نصب تذكاري ( للثائـــر المجهول ) تكريماً للثورة وللثوار ، والثورة لم تنتهي حتى هذا التاريخ ، فأيها الليبي الكريم ، عليك أن تختار بين أن يُكتب لك التاريخ أو يُكتب عليك...؟ .
فمن ذا الذي ينقل الصفات من الأجداد إلى الأحفاد...؟ ومن ذا الذي يعيد أحداث التاريخ...؟ إنه الله سبحانه وتعالى ..
وحيد الذي يحمل سلاح " رشاش ( PKT ) وعندما بدأت المعركة بدءوا بإطلاق الرصاص على الجيش ولكن أصيب عبدالسلام الساكالي ، ووقع على الأرض فقام زميلاه بحمله محاولين إخفائه تحت شجيرات صغيرة لحين إسعافه ، وأخذا الرشاش وفجأة لاحظا دبابة تتقدم نحوهما وسيارة تحمل مضاد للطائرات الـ ( 14.5 ) فما عليهما إلاَّ الاختفاء عن أعينهم وإلا سيقضى عليهم ، وعند محاولتهما الاختفاء لاحظا كومة من الحجارة فلجاءا إليها ، فإذا به كهف ( ما يسمى بالداموس ) فدخلا فيه وغطا مدخله بالأشواك ووجها الرشاش باتجاه المدخل للدفاع عن أنفسهما في حالة اكتشافهما ، وبقيا حتى الساعة الخامسة مساءً عندما انهزم الجيش وفر إلى غابة الكشاف ، فأما عبدالسلام الساكالي فقد عُثر عليه وتم أسره ونقله إلى مزدة ثم إلى طرابلس ثم أطلق سراحه بعد عـدة أشهر وعند وصول بعض الدبابات إلى بعض مواقع الثوار أدى ذلـك بـأن الثـوار المتواجـدون في المواقع المتقدمة بالتراجع للخلف ورصد حركة الجيش ، فلاحظوا بأنه عندما تقدمت الدبابات وعربات الغراد انضمت إليها مضادات الطائرات وراجمات الصواريخ التي كانت خلف مخازن السلاح في الوديان فأصبح النسق على هيئة طابورين متقدمين إلى وادي زوية وقبل وصول الوادي انضمت إليهم المشاة ، والواضح بهذا الانضمام هو استعراض للقوة لإدخال الرعب في نفوس الثوار والواضح أيضاً بأن آمر الفوج لم يقرأ تاريخ الزنتان وماذا فعله أجدادهم في حروبهم ضد الغزو الإيطالي وأيضاً إيمانهم أولاً بالله تعالى ثم بعدالة قضيتهم ثم بمعنوياتهم القتالية المرتفعة للدفاع عن مدينتهم وأهلهم وخاصةً عندما تناقلت وسائل الإعلام العالمية بوجود مرتزقة من ضمن الكتائب وحدوث حـالات اغتصـاب ونهـب وتعذيب في المناطق الشرقية ، وكان الثوار قد جهزوا مضادات الطائرات بالذخيرة وهم على أهبة الاستعداد لصد الهجوم ، ولكن واجهتـهم مشكلـة وهـي عـدم قـدرة الـ ( 14.5 ) على التعامل مع الدبابات فتركوا رتل الدبابات يمر متجهاً نحو غابة الكشاف موازياً لخط النفط ، وبدءوا بالهجوم على سيارات الغراد ومضادات الطائرات وباقي العربات وأفراد المشاة بجميع أنواع الأسلحة المتوفرة أنداك وكان سير الثوار موازي لخط سير الرتل مع تكثيف إطلاق النار عليه ، وعندما أصبح الجيش باتجاه منازل الجديع أطلق على المنازل الرصاص بكثافة وخاصة على الأسطح متوقعاً تحصن الثوار فيها مما سبب بها أضرار فادحة ، وكان يوجد عدد (2) من الـ م /ط (14.5) في الجهة الشرقية وعدد (6) في الجهة الغربية متخذين من بعض المنازل ساتراً لهم فعندما تنفذ ذخيرة الـ (6) م ط تنسحب إلى خلف المنازل لملء الذخيرة وتغطي انسحابهم السيارتين اللتين في الجهة الشرقية ، وفي وقت متأخر من مساء ذلك اليوم شاهد الأخ سالم الرماح سعد المعاوي " آمر كتيبة الدبابات حالياً " شخص في العشرين من العمر مع مجموعة أخرى وهم متخذين خط النفط ساتراً لهم ويحمل قاذف ( آ ر بي جي ) قام بضرب صهريج وقود تابع للجيش الذي انفجر واحدث صوت عالي ودخان كثيف مما زاد من حماس الثوار وادخل الرعب في نفوس أفراد الجيش وسبب في انقسام
أسهمت قبائل الزنتان بفاعلية فى كل الأزمات والحروب التي شهدتها ،ليبيا عبر تاريخها ، وكان لرجال هذه القبائل حضور مميز ، كما اشتهر أبناؤ ها كباقي أبناء جبل نفوسة بالقدرة على تحمل شظف العيش وحياة الصحراء والتغلب على الصعاب والاهتمام بتربية الخيول والتعامل معها بمهارة فائقة فى الحرب والسلم ، و مدينة الزنتان كما أغلب مدن جبل نفوسة الأشم تقع في أعلى قمة الجبل ، والزنتان حاضرة في الماضي ، كما هي في الحاضر ، وينطبق على أهالي جبل نفوسة ما جاء في هذين البيتين والذي يعرف بالمهاجا: ويـاريت خوتي ثلاثين
وأولاد عمـــي بزايــد
لا ياكلوا لقمة الضيـم
ولا يلبسـوا جرد بايد
بدأت الارهاصات الأولى للثورة الليبية في نفوس الليبيين مع بداية ثورة تونس في 18 ديسمبر 2010 والتي انتهت بسقوط زين العابدين بن على يوم 14 يناير 2011 ، وهذه الثورة فرضت نفسها بقوة على الواقع العربي فتبعتها الثورة المصرية في 25 يناير وانتهت بسقوط حسني مبارك في11 فبراير 2011 م ، وهنا بدأ القذافي يشعر بالقلق من تدهور الأوضاع في الجارتين فسارع إلى تقديم دعم ميئووسً منه بهدف إجهاض الثورة الشعبية ولكنه لم يفلح في علاج أزمته ، في هذه الآونة أدرك الطاغية أن مصيره إلى زوال... وبفضل من الله نجحت الثورتان في تونس ومصر ، وهنا بدأ القذافي في إرسال رسائل مبطنة مهدداً ومتوعداً كعادته حتى لا يظهر على حقيقته ضعيفاً مرتبكاً ، واغتنم الشعب الفرصة وبدأ الحراك داخل البلاد وخارجها ، ففي الداخل بدأت الإرهاصات بكتابة العبارات الرافضة للقذافي ونظامه على جدران المباني التي لم يتجرأ من قبل أحد على كتابتها ، وفي الزنتان كغيرها من المدن كانت الإنطلاقة موازية لإنطلاقة ثورة 17 فبراير المجيدة ، وهاهم شباب الزنتان يبادرو برفع راية العصيان ضد النظام المتهالك ، ففي يوم 15 فبراير 2011 تسرب إلى بعض الأهالي خبر إجتماع سيعقده أزلام القذافي مع أعيان قبائل في الزنتان بخصوص مظاهرة بنغازي المزمع خروجها يوم 17 فبراير ، وبالفعل أجتمع يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير 2011 م عدد من رموز وأزلام القذافي في مدينة الزنتان وكان أهم ما تناوله الإجتماع الحراك الشعبي الذي عم أغلب المدن الليبية وفي محاولة لإجهاض حلم الشعب في الحرية والثورة ، ولكن الله سلم فبفضل فطنة ووطنية أهالي الزنتان تنبهوا للمؤامرة ، وعلى الفور تمت الإتصالات لغرض عقد إجتماع طارئ لأعيـان الزنتـان ، كانـت أهم بنـود الإجتماع التشاور بخصوص ما دار في الأجتماع مع رموز النظام ) وخاصة طلب آمر الحرس الشعبي التابع للطاغية من المجتمعين تجهيز وإرسال 1000 مقاتل ، من شباب الزنتان إلى مدينة بنغازي لإخماد المظاهرات التي حدد موعد خروجها يوم 17 فبراير ، بدأ الاجتماع في سكون تام ساد المكان لأن الإجتماع يناقش في أمر جلل ، وقد شعر المجتمعون أن هذا السكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ، فقد توجست النفوس إضطراباً ، وملئت القلوب غيظاً من هول ما سمعت ، وقد حصحص الحق ، ولم يبق إلاَّ المبادرة وخلال هذا الإجتماع تم الإتفاق على مسانـدة الـثورة وعـلى الفـور أنطلق التكبير من الحناجر و بدأ الحراك الفعلي في مدينـة الزنتـان ، وكان رد أهالي الزنتان الرافـض للمشاركـة فـي هذه المهزلة التي أراد من خلالها الطاغية توريط القبائل في مقاتلة إخوانهم ، وتيقن الجميع أن نظام الطاغية إلى زوال وقد دق أول مسمار في نعشه مع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي ، وانطلـقت المظاهـرات الغاضـبة تجوب كل الأراضي الليبية الجميـع مكبريـن ومهللين ، وكمـا داس الأجـداد بنعالـهم المصنوعـة مـن جلـد الإبـل عـلى العلـم الإيطالـي المصنـوع مـن الحريـر فـي معركـة (الكردون) داس اليوم أحفادهم على علم الطاغية الذي كان يريد أن يغرسه في صدور أبناء المدينة كما قالها قائد مجموعـة اللـواء التاسـع الـذي كلف بالتوجه إلى الزنتان واقتحام مدينتهم التي دافعوا عنها بكل بسالة فلم يستطع أن يدخلها بالرغم من التفوق الرهيب في العدة والعتاد ، وكما دافع الأجداد عن مدينتهم ضد الاحتلال الايطالي ، هاهم الأحفاد يسطرون أروع الملاحم ضد الطاغية وكتائبه ، ولقد شاهدنا معظم مدن الجبل الغربي في خطين متوازيين : الأول في أعلى الجبل من وازن مروراً بنالوت إلى غريان والثاني : أسفل الجبل من وازن مروراً بالغزايا إلى الـوادي الحـي والعزيزيـة وصولاً إلى مطار طرابلس العالمي ومنطقة قصر بن غشير، ومن رأس اجديـر إلى طرابلـس مـروراً بالعجيلات وصبراتة وصرمان والزاوية ، وجنوباً في الوديان بالقرب مـن الحـمادة الحمـراء وفي ادري بالشاطي وسبها واوباري وغات والحدود الجنوبية والجنوبية الغربية اوما يسمــى (بالمثلـــث ) وكذلك درج وغدامس كما انهم يقومون بحمايــة الحقــول والمنشآت النفــطية( حقل الشرارة وحقل الفيل وحقل الوفاء ومجمع مليتة للغاز ) .
وتوجت جهود الثوار حينما ألقى البطل العجمي أحمد العتيري وزملاؤه القبض على سيف القذافي في الصحراء على بعد (40) كيلومتر من وادي جمار محاولاً الهروب إلى النيجر .
سير المعركة
في يوم الجمعة 18 / 3 / 2011 م تقدم اللواء التاسع متجهاً الى مدينة الزنتان قادماً من منطقة الشقيقة بمساعدة أفراد من إحدى قبائل الجبل الغربي الذين لهم دراية بمسالك المنطقة .
أماَّ الاسلحة والذخائر حسب ما وجـد في المخطط الذي ضبط عند الآمر المكلف بالدخول لمدينة الزنتان وكانت موزعة على أربعة جبهات كالتالي :
وأما الثوار فكانوا يتسلحون بالآتي :-
( حوالي 8 رشاشات متوسطة (14.5) و50 بندقية كلاشنكوف تقريبا وبعض رشاشات الأغراض العامة والـ ( PKT ) و4 قواذف (آ ر بي جي) وبضـع بنـادق صيـد وبنـادق إيطاليـة الصنـع يرجـع بعضها إلى سنة 1914 م والكثير منهم إما أن يحمل سلاح أبيض أو لا يحمل شيئاً .
وعندمـا وصـل اللـواء التاسع إلى التوامة " وهما عبارة عن جبلين متجـاورين ومعزوليـن عـن الجبـال الأخرى فسميا بهذا الإسم "بمنطقة المرموتة " وهي منطقة تقع شرق مدينة الزنتان بين مدينتي العوينية والشقيقة " حاول بعض الجنود إنزال بعض الدبابات من على الشاحنات ما يسمى (بالواطي) فتعرضوا لكمين من قبل الثوار ، وعندما نزلـت إحـدى الدبابـات عـلى الأرض حاولوا الاشتباك بها مع الثـوار فكثفـوا عليهـم الرمايـة فهربـت المجموعة في الشاحنة وتركوا الدبابة التي استولى عليها الثوار وذهبوا بها إلى مدينة الزنتان
وفي نفس اليوم مساءً تقدم اللواء التاسع في ثلاثة مجموعات ، مجموعة الدبابات وصواريخ الغراد ومجموعة رشاشـات (14.5) وراجمـات الصواريخ 107 ومجموعة المشاة والامداد بالذخيرة والتموين والوقود وسيارات نقل صغيرة المجموعة الأولى تحركت باتجاه مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة جنوب المدينة والمجموعة الثانية تحركت باتجاه وادي زوية وهو وادي يقع شرق المدينة بالقرب من غابة الكشاف يمر فيه خط النفط القادم من حقل الحمادة الحمراء متجهاً لمصفاة الزاوية مروراً بالزنتان والرياينة والمجموعة الثالثة تحركت باتجاه غابة الكشاف ، وبناء على معلومات الاستطلاع من قبل الثوار حيث كانوا منتشرون في المنطقة الشرقية للمدينة على طول الخط الواصل بين منطقة قطيط جنوب المدينة إلى الجهة الشرقية بالقرب من منطقة الكشاف مروراً بمنطقتي (رأس الحمارة) و (جساس) وكان أكبر تكتل للثوار بمنطقة (جساس) وكان الاعتقاد السائد عند الثوار أنداك هو أن الهجوم على المدينة سيتم من الجهة الجنوبية حيث مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة وفـي يـوم السبـت 19 / 3 / 2011 م عندما استقر الجيش شرق (وادي زوية) شاهد الثوار أن بعض أفراد الدبابات يلوحون برايات بيضاء حتى ان بعضهم شاهد ذلك بالعين المجردة لقرب المسافة بينهم ، فرد عليهم الثوار بالمثل فردوا عليهم مرة أخرى ، فتقدم إليهم ابوبكر جمعة والعجمي العتيري ونصر بالحاج ومعهم مجموعة أخرى من الثوار الموجودين في موقع غربي منطقة جساس فتوجهوا لمقر الدبابات الموجود في جهة المخازن بمنطقة القاعة وعندما اقتربوا تقدم ابوبكر جمعة من موقع اللواء التاسع لوحده فلقيه ضابط برتبة نقيب وهو قذافي وصهر للزنتان ومعه شخصين آخرين فطلب منه أن يخلع معطفه وتم تفتيشه لعله يحمل سلاح ، ثم سأله النقيب ماذا تريد؟ فقال له : شاهدتكم تلوحون بأعلام بيضاء وهذا يعني انكم تريدون السلام لذلك فأنا هنا لاستطلاع الأمر فأخذوه الى مقر الآمر مشياً على الأقدام ولما اقتربوا من المقر عصبوا عينيه بقطعة من القماش وعندما وصل وبدون مقدمات قال له الآمر: أرفعوا الراية الخضراء وسلموا الدبابة التي استوليتم عليها امس والذخيرة التي أخذتموها من مخازننا بالقرية فرد عليه ابوبكر جمعة قائلاً :
أنا اتيتكم عندما شاهدت رايات السلام من طرفكم فإذا كنت تريد التفاوض فسـوف يأتـي إليك مجموعة اخرى ويتفاوضون معك أو لتاتي أنت للتفاوض فرد عليه الآمر مكرراً نفس العبارة السابقة مضيفاً :
قل للزنتان إني سادخل المدينة وسوف اغرس العلم الاخضر في صدورهم وعند رجوعه رأى بأنه قد تم القبض على العجمي العتيري ورفاقه وحدث ذلك عندما تأخر ابوبكر جمعة في الرجوع فحاولوا التسلل إلى موقع اللواء التاسع واستطلاع الأمر فتم القبض عليهم وعندما حاول التحدث معهم منعوه من ذلك وقال له النقيب: تحدث إلى أهلك وارجعهم إلى جادة الصواب لأنهم لا يستطيعون مقاومة الجيش وهذه دولة ... الخ ، أما العجمي العتيري ورفاقه فتمت معاقبتهم بوضع البروك وبالهرولة ثم أطلق صراحهم في ساعة متأخرة من الليل ، ومساء ذلك اليوم أطلق الثوار ثلاثة قذائف على مقر اللواء التاسع بالدبابة التي استولوا عليها في (المرموتة) فرد اللواء التاسع بقصف منطقة الكشاف بحوالي خمسة صواريخ غراد ، وحيث أن معظم الثوار لا يعرفون الغراد لأن معظمهم مدنيون ولم يشاركوا في أي حرب في السابق فضنوا أنه هجوم من الكتائب فاتجه كثير منهم إلى منطقة الكشاف فتبين أنه قصف من بعيد وليس هجـوم فكثـفوا مـن عمليـة الرصد حتى الصباح .
وفي صباح يوم الأحـد 20 / 3 / 2011 م قبل شروق الشمس لاحظ الثوار بأن الجيش أصبح يستعد للهجوم حيث بدءوا بملء خزانات الوقود للدبابات والشاحنات والعربات فتيقنوا بأن الهجوم قريب وبدأ بعض الثوار بالتنقل بين المواقع وإبلاغ الجميع بالاستعداد لصد الهجوم وبعد ذلك وجهت الكتائب سبطانات الدبابات وراجمات الصواريخ إلى مدينة الزنتان وبدءوا بالقصف العشوائي على المدينة ومواقع الثوار وكانوا قد رصدوا بعض مواقع الثوار وبدءوا بالتقدم نحوها ووصلوا إلى بعض المواقع فعلاً بالدبابات ومضادات الطائرات ومنها منطقة رأس الحمارة ، وكان احد المواقع يوجد به الثوار حمزة الشارف وعبدالسلام الساكالي و محمد مفتاح وكان عبدالسلام الساكالي هو الوحيد الذي يحمل سلاح " رشاش ( PKT ) وعندما بدأت المعركة بدءوا بإطلاق الرصاص على الجيش ولكن أصيب عبدالسلام الساكالي ، ووقع على الأرض فقام زميلاه بحمله محاولين إخفائه تحت شجيرات صغيرة لحين إسعافه ، وأخذا الرشاش وفجأة لاحظا دبابة تتقدم نحوهما وسيارة تحمل مضاد للطائرات الـ ( 14.5 ) فما عليهما إلاَّ الاختفاء عن أعينهم وإلا سيقضى عليهم ، وعند محاولتهما الاختفاء لاحظا كومة من الحجارة فلجاءا إليها ، فإذا به كهف ( ما يسمى بالداموس ) فدخلا فيه وغطا مدخله بالأشواك ووجها الرشاش باتجاه المدخل للدفاع عن أنفسهما في حالة اكتشافهما ، وبقيا حتى الساعة الخامسة مساءً عندما انهزم الجيش وفر إلى غابة الكشاف ، فأما عبدالسلام الساكالي فقد عُثر عليه وتم أسره ونقله إلى مزدة ثم إلى طرابلس ثم أطلق سراحه بعد عـدة أشهر وعند وصول بعض الدبابات إلى بعض مواقع الثوار أدى ذلـك بـأن الثـوار المتواجـدون في المواقع المتقدمة بالتراجع للخلف ورصد حركة الجيش ، فلاحظوا بأنه عندما تقدمت الدبابات وعربات الغراد انضمت إليها مضادات الطائرات وراجمات الصواريخ التي كانت خلف مخازن السلاح في الوديان فأصبح النسق على هيئة طابورين متقدمين إلى وادي زوية وقبل وصول الوادي انضمت إليهم المشاة ، والواضح بهذا الانضمام هو استعراض للقوة لإدخال الرعب في نفوس الثوار والواضح أيضاً بأن آمر الفوج لم يقرأ تاريخ الزنتان وماذا فعله أجدادهم في حروبهم ضد الغزو الإيطالي وأيضاً إيمانهم أولاً بالله تعالى ثم بعدالة قضيتهم ثم بمعنوياتهم القتالية المرتفعة للدفاع عن مدينتهم وأهلهم وخاصةً عندما تناقلت وسائل الإعلام العالمية بوجود مرتزقة من ضمن الكتائب وحدوث حـالات اغتصـاب ونهـب وتعذيب في المناطق الشرقية ، وكان الثوار قد جهزوا مضادات الطائرات بالذخيرة وهم على أهبة الاستعداد لصد الهجوم ، ولكن واجهتـهم مشكلـة وهـي عـدم قـدرة الـ ( 14.5 ) على التعامل مع الدبابات فتركوا رتل الدبابات يمر متجهاً نحو غابة الكشاف موازياً لخط النفط ، وبدءوا بالهجوم على سيارات الغراد ومضادات الطائرات وباقي العربات وأفراد المشاة بجميع أنواع الأسلحة المتوفرة أنداك وكان سير الثوار موازي لخط سير الرتل مع تكثيف إطلاق النار عليه ، وعندما أصبح الجيش باتجاه منازل الجديع أطلق على المنازل الرصاص بكثافة وخاصة على الأسطح متوقعاً تحصن الثوار فيها مما سبب بها أضرار فادحة ، وكان يوجد عدد (2) من الـ م /ط (14.5) في الجهة الشرقية وعدد (6) في الجهة الغربية متخذين من بعض المنازل ساتراً لهم فعندما تنفذ ذخيرة الـ (6) م ط تنسحب إلى خلف المنازل لملء الذخيرة وتغطي انسحابهم السيارتين اللتين في الجهة الشرقية ، وفي وقت متأخر من مساء ذلك اليوم شاهد الأخ سالم الرماح سعد المعاوي " آمر كتيبة الدبابات حالياً " شخص في العشرين من العمر مع مجموعة أخرى وهم متخذين خط النفط ساتراً لهم ويحمل قاذف ( آ ر بي جي ) قام بضرب صهريج وقود تابع للجيش الذي انفجر واحدث صوت عالي ودخان كثيف مما زاد من حماس الثوار وادخل الرعب في نفوس أفراد الجيش وسبب في انقسام الرتل إلى قسمين ، قسم اتجـه مسرعـاً لغابـة الكشـاف ( الدبابات وسيارات الغـراد و بعـض الراجـمات والـ (14.5) وعدد (2) شاحنات الأولى بها تموين والأخرى بها خيام وسيارات الوقود ) ، والقسم الآخر تراجع للخلف ( بعض من الـ (14.5) و بي ام بي ) أما هذا الشاب فقد تعرض لإطلاق نار من قبل إحدى الدبابات بالرشاش المـوازي بالدبابـة وبالـرشاش الـ ( بي كي تي ) فأصبح يتدحرج على الأرض ثم مكث على الأرض وبدون حراك واهماً من يطلق عليه النار بأنه قـد مـات ، وعندما مرت الدبابة قام وضرب دبابة أخرى قادمة بالقاذف ( آ ر بي جي ) وأصابها إصابة مباشرة مما أدى إلى تدميرها ، ثم مباشرةً تراجع إلى الخلف بتغطية من زملاءه ، وفي هذه اللحظات حضـر ثـوارمـن مديـنة الرجـبان وثوار من مدينة جادو في سيارات دفع رباعي وشاركوا مشاركة فاعلة في هذه المعركة ، وجاءوا للمشاركة فيها لأنه لا توجد معارك في مناطقهم حالياً أو في مدن الجبل ككل ، ولصد هجوم الفوج التاسع لأنه لو دخل إلى مدينة الزنتان سوف تسقط جميع مدن الجبل الأخرى مدينة تلي مدينة ولأن الزنتان هي صمام الأمان للجبل ، فالقسم الأول من الرتل وصل إلى غابة الكشاف ، أما القسم الثاني تراجع للخلف وتعرض للهجوم من قبل الثوار فكان يوجد به شاحنة تحمل حوالي( 750 ) صاروخ غراد وأخرى تحمل( 200 ) قذيفة دبابة نوع (72) ، وأخرى بها ذخيرة ( 14.5 ) وعدد ( 2 ) سيارات غراد ، فحاولوا تفادي هجوم الثوار فغاصت إطاراتها في الأرض فتركها سائقوها وفروا ناجين بأنفسهم ، دامت المعركة إلى ساعات متأخرة من مساء ذلك اليوم ، قامت مجموعة من الثوار بحمل هذه الشاحنات إلى مدينة الزنتان والتي كانوا في أمس الحاجة إليها وإلى ما تحمله من ذخيرة ومجموعة أخرى أصبحت تتابع في حركة الجيش الذي استقر به الأمر في نهاية المطاف في غابة الكشاف ليحتمي فيها ، وعند وصوله قام بقصف الغابة بصواريخ الغراد والراجمات ومضادات الطائرات قاصداً تطهيرها من الثوار إن وجدوا فيها قبل أن يستقر بها ، وبات الآمر وجنوده ليلتهم فيها دون أن يغمض لهم جفن لأن الثوار قسَّموا أنفسهم إلى مجموعات وتبادلوا عليهم إطلاق الرصاص طوال الليل حتى الصباح ليصبحوا منهكين ومتعبين ويسهل التعامل معهم صباحاً ، أما سيارتي الغراد ألتي أخذهما الثوار قام الجيش بإفساد جهاز الإطلاق بهما قبل تركهما ، فقام محمد أحمد ميلاد ( تخصصه / كهرباء عامة ) وابوصاع احداش ( عسكري سابق في الكتيبة الثامنة بغريان تخصصه / رامي على الغراد ) بإصلاح العطل وأصبحتا جاهزتين للعمل في صباحاليوم التالي .
وفي صباح يوم الاثنين 21 / 3 / 2011 وعند الساعة العاشرة صباحاً قام الثوار برمي الجيش المتواجد في غابة الكشاف ( الفوج التاسع ) بصواريخ الغراد وكذلك بالدبابة ، فكانت صواريخ الغراد تصيب الأهداف المحددة لها أما الدبابة فكانت لا تصيب الأهداف لأنه إلى هذه اللحظة لا يوجد من الثوار من هو متخصص كرامي على الدبابة ، واستمر القصف بالغراد على الجيش تقريباً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر ، ثم توقف لأن عربتي الغراد بهما بطاريات تحتاج لإعادة الشحن ويستغرق ذلك حوالي خمس ساعات وهذا يعني أنهما لن تكونا جاهزتان إلا عند الساعة الثامنة أو التاسعة ليلاً ، وفي صباح يوم الثلاثاء 22 / 3 / 2011 م كان الثوار في انتظار ما سيفعله الغراد بالجيش لأنهم لم يقرروا الهجوم بعد إلا بصواريخ الغراد ، وفعلاً استمر القصف بصواريخ الغراد على الجيش طوال ذلك اليوم ، أما في الليل استمر الثوار بمناوشة الجيش بالأسلحة الخفيفة .
وفي صباح يوم الأربعاء 23 / 3 / 2011 م لاحظ الثوار بأن عدد ( 2 ) من دبابات الجيش قد وجهتا سبطانتيهما باتجاه مدينة الزنتان وهي في وضع هجومي ، ولاحظ الثوار أيضاً بوجود بعض السيارات والدبابات يتصاعد منها الدخان وفجأةً اتجه الجيش شرقاً مع الطريق المعبد باتجاه مدينة الرياينة وهذا يعني أن الدبابتين التين كانتا متجهتان إلى مدينة الزنتان ما هي إلا تغطية لانسحاب الجيش من غابة الكشاف ، وفعلاً قد انسحب الجيش مسرعاً من الغابة هارباً من شدة قصف ثوار الزنتان عليه بصواريخ الغراد وبالأسلحة الخفيفة بعد ما تكبد خسائر فادحة سواءً كانت بشرية أو مادية متمثلة في بعض السيارات والدبابات ولم يتوقف إلا في مدينة غريان ويقال جزء منه ذهب إلى الشقيقة ، وعندما لاحظ الثوار انسحاب الجيش تعالت صيحات التكبير وانطلقوا خلفه ولكن يوجد من بين الثوار من هو عسكري في السابق ويعرف ماذا يعني الانسحاب ( أي أن المنسحب سيدافع عن نفسه في لحظة انسحابه بأي ثمن ولا يمكن حصر المنسحب في الزاوية كما يقال ) ومن بينهم المدنيين الذين أخذهم الحماس ولحقوا بالرتل المنسحب إلى ما بعد مدخل مدينة الرياينة فلاحظهم الرامي الموجود في آخر دبابة في الرتل المنسحب فوجه إليهم سبطانة دبابته ورماهم بقذيفة التي إصابتهم إصابة مباشرة واستشهد فيها عدد ( 6 ) من الثوار ، ونتيجة لمطاردة الثوار للدبابة هرب طاقمها وتركوها بالقرب من الرياينة فأضرم الثوار فيها النار . وجرح في هذه المعركة أكثر من خمسة وعشرين ثائر .
واستشهد عشرة ثوار
كما تمكن الثوار من أسر العديد من أفراد الكتائب والمرتزقة .
وهكذا أنتصر الحق على الباطل وكانت أسباب النصر كثيرة ، أولها توفيق من عند الله سبحانه وتعالى، الذي قرر أن ينزع ملك القذافي " قُلِ اللَّهُمَ مَالِكَ المُلْكِ ، تُؤتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعَ الْمُلْكَ مِمّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَير ، إنّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِير " فنزع الخوف من نفوس الثوار وزرعه في نفوس أفراد الكتائب ، ثانياً إيمان الثوار بأن حربهم جهاد وقتلاهم شهداء فأصبحوا يتسابقون على الشهادة ولا يتراجعون أثناء المعارك ، أما أفراد الكتائب فهم يقاتلون من أجل فرد ( القذافي ) فمنهم
من يقاتل مجبر ومنهم من يقاتل من أجل المال فهم حريصون على بقائهم أحياء كي ينعموا بما سيجود به عليهم من يقاتلون من أجله ولو كان يسير، فيفرون من المعركة بمجرد حدوث خسائر في صفوفهم ، ثالثاً سخر الله سبحانه وتعالى المجتمع الدولي والعربي لمساعدة الشعب الليبي وسرع في اتخاذ القرارات الحاسمة سواءً من الجامعة العربية أو مجلس الأمن .
فمن بدّل دنياه بآخرته ، ووضع روحه على كفه وانحاز إلى جانب الحق ، ودخل المعركة ولا يعتقد أنه سيعود إلى أهله مرة أخرى ، فلا يمكن أن يكون قاتلاً أو ظالماً أو سارقاً فهم حماة الثورة ومكتسباتها ، وإن حدثت أخطاء فهي من أشباه الثوار والطابور الخامس . فالتاريخ يُصنع قبل أن يكتب، وهاهم ثوار 17 فبراير يصنعون التاريخ كما صنعه أجدادهم من قبل وكتبه المؤرخون ، ودخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفتحوا فيه صفحةً جديدة بيضاء من تاريخ ليبيا ، وفتحوها بدمائهم وأرواحهم ، القليل منهم من هو معروف وأكثرهم مجهولين، فأتمنى أن يُقام نصب تذكاري ( للثائـــر المجهول ) تكريماً للثورة وللثوار ، والثورة لم تنتهي حتى هذا التاريخ ، فأيها الليبي الكريم ، عليك أن تختار بين أن يُكتب لك التاريخ أو يُكتب عليك...؟ .
فمن ذا الذي ينقل الصفات من الأجداد إلى الأحفاد...؟ ومن ذا الذي يعيد أحداث التاريخ...؟ إنه الله سبحانه وتعالى ..
أسهمت قبائل الزنتان بفاعلية فى كل الأزمات والحروب التي شهدتها ،ليبيا عبر تاريخها ، وكان لرجال هذه القبائل حضور مميز ، كما اشتهر أبناؤ ها كباقي أبناء جبل نفوسة بالقدرة على تحمل شظف العيش وحياة الصحراء والتغلب على الصعاب والاهتمام بتربية الخيول والتعامل معها بمهارة فائقة فى الحرب والسلم ، و مدينة الزنتان كما أغلب مدن جبل نفوسة الأشم تقع في أعلى قمة الجبل ، والزنتان حاضرة في الماضي ، كما هي في الحاضر ، وينطبق على أهالي جبل نفوسة ما جاء في هذين البيتين والذي يعرف بالمهاجا: ويـاريت خوتي ثلاثين
وأولاد عمـــي بزايــد
لا ياكلوا لقمة الضيـم
ولا يلبسـوا جرد بايد
بدأت الارهاصات الأولى للثورة الليبية في نفوس الليبيين مع بداية ثورة تونس في 18 ديسمبر 2010 والتي انتهت بسقوط زين العابدين بن على يوم 14 يناير 2011 ، وهذه الثورة فرضت نفسها بقوة على الواقع العربي فتبعتها الثورة المصرية في 25 يناير وانتهت بسقوط حسني مبارك في11 فبراير 2011 م ، وهنا بدأ القذافي يشعر بالقلق من تدهور الأوضاع في الجارتين فسارع إلى تقديم دعم ميئووسً منه بهدف إجهاض الثورة الشعبية ولكنه لم يفلح في علاج أزمته ، في هذه الآونة أدرك الطاغية أن مصيره إلى زوال... وبفضل من الله نجحت الثورتان في تونس ومصر ، وهنا بدأ القذافي في إرسال رسائل مبطنة مهدداً ومتوعداً كعادته حتى لا يظهر على حقيقته ضعيفاً مرتبكاً ، واغتنم الشعب الفرصة وبدأ الحراك داخل البلاد وخارجها ، ففي الداخل بدأت الإرهاصات بكتابة العبارات الرافضة للقذافي ونظامه على جدران المباني التي لم يتجرأ من قبل أحد على كتابتها ، وفي الزنتان كغيرها من المدن كانت الإنطلاقة موازية لإنطلاقة ثورة 17 فبراير المجيدة ، وهاهم شباب الزنتان يبادرو برفع راية العصيان ضد النظام المتهالك ، ففي يوم 15 فبراير 2011 تسرب إلى بعض الأهالي خبر إجتماع سيعقده أزلام القذافي مع أعيان قبائل في الزنتان بخصوص مظاهرة بنغازي المزمع خروجها يوم 17 فبراير ، وبالفعل أجتمع يوم الأربعاء الموافق 16 فبراير 2011 م عدد من رموز وأزلام القذافي في مدينة الزنتان وكان أهم ما تناوله الإجتماع الحراك الشعبي الذي عم أغلب المدن الليبية وفي محاولة لإجهاض حلم الشعب في الحرية والثورة ، ولكن الله سلم فبفضل فطنة ووطنية أهالي الزنتان تنبهوا للمؤامرة ، وعلى الفور تمت الإتصالات لغرض عقد إجتماع طارئ لأعيـان الزنتـان ، كانـت أهم بنـود الإجتماع التشاور بخصوص ما دار في الأجتماع مع رموز النظام ) وخاصة طلب آمر الحرس الشعبي التابع للطاغية من المجتمعين تجهيز وإرسال 1000 مقاتل ، من شباب الزنتان إلى مدينة بنغازي لإخماد المظاهرات التي حدد موعد خروجها يوم 17 فبراير ، بدأ الاجتماع في سكون تام ساد المكان لأن الإجتماع يناقش في أمر جلل ، وقد شعر المجتمعون أن هذا السكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة ، فقد توجست النفوس إضطراباً ، وملئت القلوب غيظاً من هول ما سمعت ، وقد حصحص الحق ، ولم يبق إلاَّ المبادرة وخلال هذا الإجتماع تم الإتفاق على مسانـدة الـثورة وعـلى الفـور أنطلق التكبير من الحناجر و بدأ الحراك الفعلي في مدينـة الزنتـان ، وكان رد أهالي الزنتان الرافـض للمشاركـة فـي هذه المهزلة التي أراد من خلالها الطاغية توريط القبائل في مقاتلة إخوانهم ، وتيقن الجميع أن نظام الطاغية إلى زوال وقد دق أول مسمار في نعشه مع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربي ، وانطلـقت المظاهـرات الغاضـبة تجوب كل الأراضي الليبية الجميـع مكبريـن ومهللين ، وكمـا داس الأجـداد بنعالـهم المصنوعـة مـن جلـد الإبـل عـلى العلـم الإيطالـي المصنـوع مـن الحريـر فـي معركـة (الكردون) داس اليوم أحفادهم على علم الطاغية الذي كان يريد أن يغرسه في صدور أبناء المدينة كما قالها قائد مجموعـة اللـواء التاسـع الـذي كلف بالتوجه إلى الزنتان واقتحام مدينتهم التي دافعوا عنها بكل بسالة فلم يستطع أن يدخلها بالرغم من التفوق الرهيب في العدة والعتاد ، وكما دافع الأجداد عن مدينتهم ضد الاحتلال الايطالي ، هاهم الأحفاد يسطرون أروع الملاحم ضد الطاغية وكتائبه ، ولقد شاهدنا معظم مدن الجبل الغربي في خطين متوازيين : الأول في أعلى الجبل من وازن مروراً بنالوت إلى غريان والثاني : أسفل الجبل من وازن مروراً بالغزايا إلى الـوادي الحـي والعزيزيـة وصولاً إلى مطار طرابلس العالمي ومنطقة قصر بن غشير، ومن رأس اجديـر إلى طرابلـس مـروراً بالعجيلات وصبراتة وصرمان والزاوية ، وجنوباً في الوديان بالقرب مـن الحـمادة الحمـراء وفي ادري بالشاطي وسبها واوباري وغات والحدود الجنوبية والجنوبية الغربية اوما يسمــى (بالمثلـــث ) وكذلك درج وغدامس كما انهم يقومون بحمايــة الحقــول والمنشآت النفــطية( حقل الشرارة وحقل الفيل وحقل الوفاء ومجمع مليتة للغاز ) .
وتوجت جهود الثوار حينما ألقى البطل العجمي أحمد العتيري وزملاؤه القبض على سيف القذافي في الصحراء على بعد (40) كيلومتر من وادي جمار محاولاً الهروب إلى النيجر .
سير المعركة
في يوم الجمعة 18 / 3 / 2011 م تقدم اللواء التاسع متجهاً الى مدينة الزنتان قادماً من منطقة الشقيقة بمساعدة أفراد من إحدى قبائل الجبل الغربي الذين لهم دراية بمسالك المنطقة .
أماَّ الاسلحة والذخائر حسب ما وجـد في المخطط الذي ضبط عند الآمر المكلف بالدخول لمدينة الزنتان وكانت موزعة على أربعة جبهات كالتالي :
وأما الثوار فكانوا يتسلحون بالآتي :-
( حوالي 8 رشاشات متوسطة (14.5) و50 بندقية كلاشنكوف تقريبا وبعض رشاشات الأغراض العامة والـ ( PKT ) و4 قواذف (آ ر بي جي) وبضـع بنـادق صيـد وبنـادق إيطاليـة الصنـع يرجـع بعضها إلى سنة 1914 م والكثير منهم إما أن يحمل سلاح أبيض أو لا يحمل شيئاً .
وعندمـا وصـل اللـواء التاسع إلى التوامة " وهما عبارة عن جبلين متجـاورين ومعزوليـن عـن الجبـال الأخرى فسميا بهذا الإسم "بمنطقة المرموتة " وهي منطقة تقع شرق مدينة الزنتان بين مدينتي العوينية والشقيقة " حاول بعض الجنود إنزال بعض الدبابات من على الشاحنات ما يسمى (بالواطي) فتعرضوا لكمين من قبل الثوار ، وعندما نزلـت إحـدى الدبابـات عـلى الأرض حاولوا الاشتباك بها مع الثـوار فكثفـوا عليهـم الرمايـة فهربـت المجموعة في الشاحنة وتركوا الدبابة التي استولى عليها الثوار وذهبوا بها إلى مدينة الزنتان
وفي نفس اليوم مساءً تقدم اللواء التاسع في ثلاثة مجموعات ، مجموعة الدبابات وصواريخ الغراد ومجموعة رشاشـات (14.5) وراجمـات الصواريخ 107 ومجموعة المشاة والامداد بالذخيرة والتموين والوقود وسيارات نقل صغيرة المجموعة الأولى تحركت باتجاه مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة جنوب المدينة والمجموعة الثانية تحركت باتجاه وادي زوية وهو وادي يقع شرق المدينة بالقرب من غابة الكشاف يمر فيه خط النفط القادم من حقل الحمادة الحمراء متجهاً لمصفاة الزاوية مروراً بالزنتان والرياينة والمجموعة الثالثة تحركت باتجاه غابة الكشاف ، وبناء على معلومات الاستطلاع من قبل الثوار حيث كانوا منتشرون في المنطقة الشرقية للمدينة على طول الخط الواصل بين منطقة قطيط جنوب المدينة إلى الجهة الشرقية بالقرب من منطقة الكشاف مروراً بمنطقتي (رأس الحمارة) و (جساس) وكان أكبر تكتل للثوار بمنطقة (جساس) وكان الاعتقاد السائد عند الثوار أنداك هو أن الهجوم على المدينة سيتم من الجهة الجنوبية حيث مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة وفـي يـوم السبـت 19 / 3 / 2011 م عندما استقر الجيش شرق (وادي زوية) شاهد الثوار أن بعض أفراد الدبابات يلوحون برايات بيضاء حتى ان بعضهم شاهد ذلك بالعين المجردة لقرب المسافة بينهم ، فرد عليهم الثوار بالمثل فردوا عليهم مرة أخرى ، فتقدم إليهم ابوبكر جمعة والعجمي العتيري ونصر بالحاج ومعهم مجموعة أخرى من الثوار الموجودين في موقع غربي منطقة جساس فتوجهوا لمقر الدبابات الموجود في جهة المخازن بمنطقة القاعة وعندما اقتربوا تقدم ابوبكر جمعة من موقع اللواء التاسع لوحده فلقيه ضابط برتبة نقيب وهو قذافي وصهر للزنتان ومعه شخصين آخرين فطلب منه أن يخلع معطفه وتم تفتيشه لعله يحمل سلاح ، ثم سأله النقيب ماذا تريد؟ فقال له : شاهدتكم تلوحون بأعلام بيضاء وهذا يعني انكم تريدون السلام لذلك فأنا هنا لاستطلاع الأمر فأخذوه الى مقر الآمر مشياً على الأقدام ولما اقتربوا من المقر عصبوا عينيه بقطعة من القماش وعندما وصل وبدون مقدمات قال له الآمر: أرفعوا الراية الخضراء وسلموا الدبابة التي استوليتم عليها امس والذخيرة التي أخذتموها من مخازننا بالقرية فرد عليه ابوبكر جمعة قائلاً :
أنا اتيتكم عندما شاهدت رايات السلام من طرفكم فإذا كنت تريد التفاوض فسـوف يأتـي إليك مجموعة اخرى ويتفاوضون معك أو لتاتي أنت للتفاوض فرد عليه الآمر مكرراً نفس العبارة السابقة مضيفاً :
قل للزنتان إني سادخل المدينة وسوف اغرس العلم الاخضر في صدورهم وعند رجوعه رأى بأنه قد تم القبض على العجمي العتيري ورفاقه وحدث ذلك عندما تأخر ابوبكر جمعة في الرجوع فحاولوا التسلل إلى موقع اللواء التاسع واستطلاع الأمر فتم القبض عليهم وعندما حاول التحدث معهم منعوه من ذلك وقال له النقيب: تحدث إلى أهلك وارجعهم إلى جادة الصواب لأنهم لا يستطيعون مقاومة الجيش وهذه دولة ... الخ ، أما العجمي العتيري ورفاقه فتمت معاقبتهم بوضع البروك وبالهرولة ثم أطلق صراحهم في ساعة متأخرة من الليل ، ومساء ذلك اليوم أطلق الثوار ثلاثة قذائف على مقر اللواء التاسع بالدبابة التي استولوا عليها في (المرموتة) فرد اللواء التاسع بقصف منطقة الكشاف بحوالي خمسة صواريخ غراد ، وحيث أن معظم الثوار لا يعرفون الغراد لأن معظمهم مدنيون ولم يشاركوا في أي حرب في السابق فضنوا أنه هجوم من الكتائب فاتجه كثير منهم إلى منطقة الكشاف فتبين أنه قصف من بعيد وليس هجـوم فكثـفوا مـن عمليـة الرصد حتى الصباح .
وفي صباح يوم الأحـد 20 / 3 / 2011 م قبل شروق الشمس لاحظ الثوار بأن الجيش أصبح يستعد للهجوم حيث بدءوا بملء خزانات الوقود للدبابات والشاحنات والعربات فتيقنوا بأن الهجوم قريب وبدأ بعض الثوار بالتنقل بين المواقع وإبلاغ الجميع بالاستعداد لصد الهجوم وبعد ذلك وجهت الكتائب سبطانات الدبابات وراجمات الصواريخ إلى مدينة الزنتان وبدءوا بالقصف العشوائي على المدينة ومواقع الثوار وكانوا قد رصدوا بعض مواقع الثوار وبدءوا بالتقدم نحوها ووصلوا إلى بعض المواقع فعلاً بالدبابات ومضادات الطائرات ومنها منطقة رأس الحمارة ، وكان احد المواقع يوجد به الثوار حمزة الشارف وعبدالسلام الساكالي و محمد مفتاح وكان عبدالسلام الساكالي هو الوحيد الذي يحمل سلاح " رشاش ( PKT ) وعندما بدأت المعركة بدءوا بإطلاق الرصاص على الجيش ولكن أصيب عبدالسلام الساكالي ، ووقع على الأرض فقام زميلاه بحمله محاولين إخفائه تحت شجيرات صغيرة لحين إسعافه ، وأخذا الرشاش وفجأة لاحظا دبابة تتقدم نحوهما وسيارة تحمل مضاد للطائرات الـ ( 14.5 ) فما عليهما إلاَّ الاختفاء عن أعينهم وإلا سيقضى عليهم ، وعند محاولتهما الاختفاء لاحظا كومة من الحجارة فلجاءا إليها ، فإذا به كهف ( ما يسمى بالداموس ) فدخلا فيه وغطا مدخله بالأشواك ووجها الرشاش باتجاه المدخل للدفاع عن أنفسهما في حالة اكتشافهما ، وبقيا حتى الساعة الخامسة مساءً عندما انهزم الجيش وفر إلى غابة الكشاف ، فأما عبدالسلام الساكالي فقد عُثر عليه وتم أسره ونقله إلى مزدة ثم إلى طرابلس ثم أطلق سراحه بعد عـدة أشهر وعند وصول بعض الدبابات إلى بعض مواقع الثوار أدى ذلـك بـأن الثـوار المتواجـدون في المواقع المتقدمة بالتراجع للخلف ورصد حركة الجيش ، فلاحظوا بأنه عندما تقدمت الدبابات وعربات الغراد انضمت إليها مضادات الطائرات وراجمات الصواريخ التي كانت خلف مخازن السلاح في الوديان فأصبح النسق على هيئة طابورين متقدمين إلى وادي زوية وقبل وصول الوادي انضمت إليهم المشاة ، والواضح بهذا الانضمام هو استعراض للقوة لإدخال الرعب في نفوس الثوار والواضح أيضاً بأن آمر الفوج لم يقرأ تاريخ الزنتان وماذا فعله أجدادهم في حروبهم ضد الغزو الإيطالي وأيضاً إيمانهم أولاً بالله تعالى ثم بعدالة قضيتهم ثم بمعنوياتهم القتالية المرتفعة للدفاع عن مدينتهم وأهلهم وخاصةً عندما تناقلت وسائل الإعلام العالمية بوجود مرتزقة من ضمن الكتائب وحدوث حـالات اغتصـاب ونهـب وتعذيب في المناطق الشرقية ، وكان الثوار قد جهزوا مضادات الطائرات بالذخيرة وهم على أهبة الاستعداد لصد الهجوم ، ولكن واجهتـهم مشكلـة وهـي عـدم قـدرة الـ ( 14.5 ) على التعامل مع الدبابات فتركوا رتل الدبابات يمر متجهاً نحو غابة الكشاف موازياً لخط النفط ، وبدءوا بالهجوم على سيارات الغراد ومضادات الطائرات وباقي العربات وأفراد المشاة بجميع أنواع الأسلحة المتوفرة أنداك وكان سير الثوار موازي لخط سير الرتل مع تكثيف إطلاق النار عليه ، وعندما أصبح الجيش باتجاه منازل الجديع أطلق على المنازل الرصاص بكثافة وخاصة على الأسطح متوقعاً تحصن الثوار فيها مما سبب بها أضرار فادحة ، وكان يوجد عدد (2) من الـ م /ط (14.5) في الجهة الشرقية وعدد (6) في الجهة الغربية متخذين من بعض المنازل ساتراً لهم فعندما تنفذ ذخيرة الـ (6) م ط تنسحب إلى خلف المنازل لملء الذخيرة وتغطي انسحابهم السيارتين اللتين في الجهة الشرقية ، وفي وقت متأخر من مساء ذلك اليوم شاهد الأخ سالم الرماح سعد المعاوي " آمر كتيبة الدبابات حالياً " شخص في العشرين من العمر مع مجموعة أخرى وهم متخذين خط النفط ساتراً لهم ويحمل قاذف ( آ ر بي جي ) قام بضرب صهريج وقود تابع للجيش الذي انفجر واحدث صوت عالي ودخان كثيف مما زاد من حماس الثوار وادخل الرعب في نفوس أفراد الجيش وسبب في انقسام الرتل إلى قسمين ، قسم اتجـه مسرعـاً لغابـة الكشـاف ( الدبابات وسيارات الغـراد و بعـض الراجـمات والـ (14.5) وعدد (2) شاحنات الأولى بها تموين والأخرى بها خيام وسيارات الوقود ) ، والقسم الآخر تراجع للخلف ( بعض من الـ (14.5) و بي ام بي ) أما هذا الشاب فقد تعرض لإطلاق نار من قبل إحدى الدبابات بالرشاش المـوازي بالدبابـة وبالـرشاش الـ ( بي كي تي ) فأصبح يتدحرج على الأرض ثم مكث على الأرض وبدون حراك واهماً من يطلق عليه النار بأنه قـد مـات ، وعندما مرت الدبابة قام وضرب دبابة أخرى قادمة بالقاذف ( آ ر بي جي ) وأصابها إصابة مباشرة مما أدى إلى تدميرها ، ثم مباشرةً تراجع إلى الخلف بتغطية من زملاءه ، وفي هذه اللحظات حضـر ثـوارمـن مديـنة الرجـبان وثوار من مدينة جادو في سيارات دفع رباعي وشاركوا مشاركة فاعلة في هذه المعركة ، وجاءوا للمشاركة فيها لأنه لا توجد معارك في مناطقهم حالياً أو في مدن الجبل ككل ، ولصد هجوم الفوج التاسع لأنه لو دخل إلى مدينة الزنتان سوف تسقط جميع مدن الجبل الأخرى مدينة تلي مدينة ولأن الزنتان هي صمام الأمان للجبل ، فالقسم الأول من الرتل وصل إلى غابة الكشاف ، أما القسم الثاني تراجع للخلف وتعرض للهجوم من قبل الثوار فكان يوجد به شاحنة تحمل حوالي( 750 ) صاروخ غراد وأخرى تحمل( 200 ) قذيفة دبابة نوع (72) ، وأخرى بها ذخيرة ( 14.5 ) وعدد ( 2 ) سيارات غراد ، فحاولوا تفادي هجوم الثوار فغاصت إطاراتها في الأرض فتركها سائقوها وفروا ناجين بأنفسهم ، دامت المعركة إلى ساعات متأخرة من مساء ذلك اليوم ، قامت مجموعة من الثوار بحمل هذه الشاحنات إلى مدينة الزنتان والتي كانوا في أمس الحاجة إليها وإلى ما تحمله من ذخيرة ومجموعة أخرى أصبحت تتابع في حركة الجيش الذي استقر به الأمر في نهاية المطاف في غابة الكشاف ليحتمي فيها ، وعند وصوله قام بقصف الغابة بصواريخ الغراد والراجمات ومضادات الطائرات قاصداً تطهيرها من الثوار إن وجدوا فيها قبل أن يستقر بها ، وبات الآمر وجنوده ليلتهم فيها دون أن يغمض لهم جفن لأن الثوار قسَّموا أنفسهم إلى مجموعات وتبادلوا عليهم إطلاق الرصاص طوال الليل حتى الصباح ليصبحوا منهكين ومتعبين ويسهل التعامل معهم صباحاً ، أما سيارتي الغراد ألتي أخذهما الثوار قام الجيش بإفساد جهاز الإطلاق بهما قبل تركهما ، فقام محمد أحمد ميلاد ( تخصصه / كهرباء عامة ) وابوصاع احداش ( عسكري سابق في الكتيبة الثامنة بغريان تخصصه / رامي على الغراد ) بإصلاح العطل وأصبحتا جاهزتين للعمل في صباحاليوم التالي .
وفي صباح يوم الاثنين 21 / 3 / 2011 وعند الساعة العاشرة صباحاً قام الثوار برمي الجيش المتواجد في غابة الكشاف ( الفوج التاسع ) بصواريخ الغراد وكذلك بالدبابة ، فكانت صواريخ الغراد تصيب الأهداف المحددة لها أما الدبابة فكانت لا تصيب الأهداف لأنه إلى هذه اللحظة لا يوجد من الثوار من هو متخصص كرامي على الدبابة ، واستمر القصف بالغراد على الجيش تقريباً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر ، ثم توقف لأن عربتي الغراد بهما بطاريات تحتاج لإعادة الشحن ويستغرق ذلك حوالي خمس ساعات وهذا يعني أنهما لن تكونا جاهزتان إلا عند الساعة الثامنة أو التاسعة ليلاً ، وفي صباح يوم الثلاثاء 22 / 3 / 2011 م كان الثوار في انتظار ما سيفعله الغراد بالجيش لأنهم لم يقرروا الهجوم بعد إلا بصواريخ الغراد ، وفعلاً استمر القصف بصواريخ الغراد على الجيش طوال ذلك اليوم ، أما في الليل استمر الثوار بمناوشة الجيش بالأسلحة الخفيفة .
وفي صباح يوم الأربعاء 23 / 3 / 2011 م لاحظ الثوار بأن عدد ( 2 ) من دبابات الجيش قد وجهتا سبطانتيهما باتجاه مدينة الزنتان وهي في وضع هجومي ، ولاحظ الثوار أيضاً بوجود بعض السيارات والدبابات يتصاعد منها الدخان وفجأةً اتجه الجيش شرقاً مع الطريق المعبد باتجاه مدينة الرياينة وهذا يعني أن الدبابتين التين كانتا متجهتان إلى مدينة الزنتان ما هي إلا تغطية لانسحاب الجيش من غابة الكشاف ، وفعلاً قد انسحب الجيش مسرعاً من الغابة هارباً من شدة قصف ثوار الزنتان عليه بصواريخ الغراد وبالأسلحة الخفيفة بعد ما تكبد خسائر فادحة سواءً كانت بشرية أو مادية متمثلة في بعض السيارات والدبابات ولم يتوقف إلا في مدينة غريان ويقال جزء منه ذهب إلى الشقيقة ، وعندما لاحظ الثوار انسحاب الجيش تعالت صيحات التكبير وانطلقوا خلفه ولكن يوجد من بين الثوار من هو عسكري في السابق ويعرف ماذا يعني الانسحاب ( أي أن المنسحب سيدافع عن نفسه في لحظة انسحابه بأي ثمن ولا يمكن حصر المنسحب في الزاوية كما يقال ) ومن بينهم المدنيين الذين أخذهم الحماس ولحقوا بالرتل المنسحب إلى ما بعد مدخل مدينة الرياينة فلاحظهم الرامي الموجود في آخر دبابة في الرتل المنسحب فوجه إليهم سبطانة دبابته ورماهم بقذيفة التي إصابتهم إصابة مباشرة واستشهد فيها عدد ( 6 ) من الثوار ، ونتيجة لمطاردة الثوار للدبابة هرب طاقمها وتركوها بالقرب من الرياينة فأضرم الثوار فيها النار . وجرح في هذه المعركة أكثر من خمسة وعشرين ثائر .
واستشهد عشرة ثوار
كما تمكن الثوار من أسر العديد من أفراد الكتائب والمرتزقة .
وهكذا أنتصر الحق على الباطل وكانت أسباب النصر كثيرة ، أولها توفيق من عند الله سبحانه وتعالى، الذي قرر أن ينزع ملك القذافي " قُلِ اللَّهُمَ مَالِكَ المُلْكِ ، تُؤتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ، وَتَنْزِعَ الْمُلْكَ مِمّنْ تَشَاءُ ، وَتُعِزُ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُ مَنْ تَشَاءُ ، بِيَدِكَ الْخَير ، إنّكَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِير " فنزع الخوف من نفوس الثوار وزرعه في نفوس أفراد الكتائب ، ثانياً إيمان الثوار بأن حربهم جهاد وقتلاهم شهداء فأصبحوا يتسابقون على الشهادة ولا يتراجعون أثناء المعارك ، أما أفراد الكتائب فهم يقاتلون من أجل فرد ( القذافي ) فمنهم
من يقاتل مجبر ومنهم من يقاتل من أجل المال فهم حريصون على بقائهم أحياء كي ينعموا بما سيجود به عليهم من يقاتلون من أجله ولو كان يسير، فيفرون من المعركة بمجرد حدوث خسائر في صفوفهم ، ثالثاً سخر الله سبحانه وتعالى المجتمع الدولي والعربي لمساعدة الشعب الليبي وسرع في اتخاذ القرارات الحاسمة سواءً من الجامعة العربية أو مجلس الأمن .
فمن بدّل دنياه بآخرته ، ووضع روحه على كفه وانحاز إلى جانب الحق ، ودخل المعركة ولا يعتقد أنه سيعود إلى أهله مرة أخرى ، فلا يمكن أن يكون قاتلاً أو ظالماً أو سارقاً فهم حماة الثورة ومكتسباتها ، وإن حدثت أخطاء فهي من أشباه الثوار والطابور الخامس . فالتاريخ يُصنع قبل أن يكتب، وهاهم ثوار 17 فبراير يصنعون التاريخ كما صنعه أجدادهم من قبل وكتبه المؤرخون ، ودخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفتحوا فيه صفحةً جديدة بيضاء من تاريخ ليبيا ، وفتحوها بدمائهم وأرواحهم ، القليل منهم من هو معروف وأكثرهم مجهولين، فأتمنى أن يُقام نصب تذكاري ( للثائـــر المجهول ) تكريماً للثورة وللثوار ، والثورة لم تنتهي حتى هذا التاريخ ، فأيها الليبي الكريم ، عليك أن تختار بين أن يُكتب لك التاريخ أو يُكتب عليك...؟ .
فمن ذا الذي ينقل الصفات من الأجداد إلى الأحفاد...؟ ومن ذا الذي يعيد أحداث التاريخ...؟ إنه الله سبحانه وتعالى ..
وفي نفس اليوم مساءً تقدم اللواء التاسع في ثلاثة مجموعات ، مجموعة الدبابات وصواريخ الغراد ومجموعة رشاشـات (14.5) وراجمـات الصواريخ 107 ومجموعة المشاة والامداد بالذخيرة والتموين والوقود وسيارات نقل صغيرة المجموعة الأولى تحركت باتجاه مخازن الذخيرة بمنطقة القاعة جنوب المدينة والمجموعة الثانية تحركت باتجاه
الرجبان حاضنة الثورة بالغرب الليبي
الرجبان إحدى مدن الجبل الغربي تقع هذه المدينة جنوب غرب مدينة طرابلس على بعد 160 يبلغ عدد سكانها حوالي 20 ألف نسمة يتميز أهلها بالكرم والشجاعة وحب الفروسية ولهم تاريخ نضالي مشرف ملييء بالبطولات وملاحم الكفاح و الجهاد إبان الغزو الايطالي و من ابرز مجاهديها الحاج محمد بن خليفة فكيني قائد حركة الجهاد ضد الغزو الايطالي بالجبل الغربي و القبلة كما كان نجل الحاج محمد فكيني الدكتور محي الدين من ابرز رجالات الدولة الليبية في العهد الملكي ومند الانقلاب المشؤم عام 1969 م كانت الرجبان من أكثر المدن الليبية رفضاً لحكم الطاغية و من اشهر المناضلين الدين أنجبتهم هذه المدينة المناضل الشهيد علي بوزيد و المناضل عبدالله المدهوني و المناضل مصطفي الرجباني ، وفي ثورة 17 فبراير المجيدة كان أبناء الرحبان من أوائل الثائرين على الطاغية وذلك منذ يوم الأربعاء 16 فبراير وبسبب مواقفهم عانوا كثيراً من الطاغية وأعوانه فقد تمت محاصرة المدينة كما تعرضت المدينة للقصف العشوائي والمستمر طوال اشهر الحصار ورغم كل الاغراءات المادية الضخمة التي قدمت لهم إلا أن أبناء الرحبان استمروا في نضالهم دون هوادة حتى تحرير البلاد.لم يكتفي أهالي الرجبان بأن كانوا من أوائل الثائرين على الطاغية بل وتعدى دورهم بأن جعلوا من مدينتهم حاضنة لثورة 17 فبراير وذلك بتوفير المناخ الأمثل و المناسب لكل من قرر الالتحاق بركب الثورة من خارج هذه المدينة المجاهدة ، مما جعل الكثير من كتائب الثوار تختار مدينة الرجبان مقر لها ومن هذه الكتائب على سبيل المثال:
[] كتيبة السراي الحمراء من طرابلس .
[] كتيبة 17 فبراير .
[] كتيبة الصاعقة من المنطقة الشرقية .
[] كتيبة ثوار ترهونة .
كما اختار الجناح الإعلامي لمدينة طرابلس مدينة الرجبان مقرا لإنطلاق عمله ، كما أن مدين الرجبان أحتضنت غرفة العمليات الرئيسية الخاصة بثوار طرابلس والتي من خلالها تم التخطيط لعملية تحرير العاصمة .
أول اشتباك و أول شهيد
يوم 16 فبراير 2011 كان يوم الانطلاقة الفعلية لثورة بمدينة الرحبان مظاهرات سلمية عبر من خلالها أبناء المدينة عن تضامنهم اللا محدود مع إخوانهم بمدينتي بنغازي و البيضاء , ورفضهم للاستبداد والظلم الذي مارسه الطاغية على أبناء هذا الشعب لأكثر من 42 سنة حراك طبيعي و حضاري قابلته جحافل الطاغية بالرصاص و العنف الغير مبرر ففي مساء هذا اليوم الدامي داهمت مجموعة من كتائب اللا نظام مدينة الرحبان وبدأت بإطلاق الرصاص الحي علي المتظاهرين دون تمييز مما حدى بأبناء الرحبان إلى مقاومة هده الكتائب بكل قوة و صمود و كان هذا الاشتباك بين الكتائب المتغطرسة
والمتظاهرين العزل هو أول اشتباك بين كتائب الطاغية و الثوار بالغرب الليبي ونتج عن هذا الاشتباك استشهاد البطل أسامة الطبال ليكون بذلك أول شهداء الغرب الليبي وثالث شهيد على مستوى ليبيا .
إسامة الشهيد الرمز
أسامة أمحمد مسعود الطبال مواليد طرابلس بتاريخ 16/1/1981 نشاء و ترعرع بمدينة الرحبان التحق بالدراسة بمدرسة شهداء مرسيط احد مدارس مدينة الرحبان و بعد إنهاء مرحلتي الابتدائي و الإعدادي التحق بمعهد المتوسط للمهن الميكانيكية و الكهربائية ثم واصل الدراسة بمعهد المهن الشاملة جادو لينال الباكالوريس تخصص محاسبة و إدارة تقدم كغيره من الشباب الطامح بعديد الملفات لنيل عمل دون جدوى ليقرر بعد ذلك الالتحاق بدورة تدريبية في مجال الكهرباء بشكشوك وتم بعد ذلك تمكينه من العمل بمكتب خدمات الكهرباء بالرجبان ومن ثم بداء في بناء منزل فوق منزل العائلة و من الصدف إن موعد وضع خرسانة السقف كان يوم الجمعة 18/2/2011 حلم جميل قاطعته يد الخيانة و الغدر قبل هذا الموعد بيومين يوم 16/2/2011 كان يوم رحيله من الدنيا إلى الفردوس الأعلى بإذن الله تعالى وليخلد نفسه زمزا لثورة 17 فبراير بالرجبان وواحد من رموز الثورة ببلادنا الحبيبة
معركة تحرير قصر الحاج
الإعداد للمعركة
جهزت الخطة من قبل ثوار الرجبان وجادو و الرحيبات و الفياصلة على مرحلتين المرحلة الأولى ، وقد تم تقسيمها الى ثلاتة أقسام وكانت على النحو التالي :
القسم الاول
يقوم ثوار جادو بالهجوم على قوات الطاغية المتمركزة في محطة كهرباء شكشوك و النقاط الغربية منها .
القسم التاني
يقوم ثوار الرجبان بقطع الطريق بين مواقع الكتائب التابعة بين منطقتي قصر الحاج و شكشوك أي قطع الطريق الرئيسي الرابط بينهما .
القسم الثالث
يقوم ثوار الرحيبات و الفياصلة بقطع الطريق بين منطقتي الجوش و شكشوك.
المرحلة الثانية
وهي الهجوم الرئيسي على مواقع كتائب الطاغية المنتشرة في الكسارات و محطة وقود قصر الحاج ، و قد تم تحديد موعد الهجوم مع أول ضوء يوم 1يونيو 2011 م بقوات من ثوار الرجبان ، وقد بدأ تحشد ثوار الرجبان على تمام الساعة 12.30 صباحاً على أن يسبق ذلك عملية فتح الطريق الجبلي و إزالة الحجارة مع أول طلوع ضوء النهار السابق للعملية .
بعد أن أُزيلت العوائق و فتحت الطريق بدأ نزول ثوار الرجبان إلى أسفل الجبل ليـلاً مع جميـع معداتهم وأسلحتهم وبحذر شديد ، كما تم الإستعانة بالدواب لنقل بعض الاسلحة كالهاون و الذخائر لأقرب نقطة من الموقع المستهدف .
كان الإقتراب يتم ببطء وعند الإقتراب تم تقسيم الثوار الى أربع مجموعات على النحو التالي:
1ـ مفارز الهاون .
2ـ مجموعات الحماية .
3ـ القوات التي ستهاجم محطة الوقود والسيطرة عليها وهذه القوات مسلحة برشاش 14.5 م / ط و قواذف (R.B.J).
4 ـ المجموعة المكلفة بقطع الطريق بين قصر الحاج و شكشوك .
5 ـ مجموعة الرصد و الاستتطلاع
بداية الهجوم
بدأ الهجوم الأول من قبل ثوار جادو وذلك على محطة الكهرباء بشكشوك و المناطق المجاورة لها ، بعد تلقي ثوار الرجبان إشارة بداية الهجوم من قبل ثوار جادو أنطلق هجوم ثوار الرجبان على كتائب القذافي و تم قطع طريق الإمداد بين شكشوك و قصر الحاج و نجح الثوار من تدمير سيارة تابعة للكتائب وأسر وقتل بعض الجنود ولاذ الباقون بالفرار ، قامت مجموعة أخرى من ثوار الرجبان بالتقدم نحو محطة وقود قصر الحاج من الجنوب و تمكنت من الإستيلاء عليها بعد اشتباكات عنيفة مع العدو مما أسفـر عـن فرارهـا باتجاه سهل الجفارة ، قام ثوار الرجبان بالهجوم بمدفعية الهاون على الكتائب التـي حاولـت القيام بهجوم مضاد على الثوار المنتشرين حول محطة الوقود وأستخدمت في ذلك راجمات الصواريخ و صواريخ الجراد بالأضافة للرشاشات 14.5 الا إن الثوار تحصنوا جيداً في المواقع التي استولوا عليها وأستمر تبادل القصف المدفعي بين الثوار والكتائب قرابة العشر ساعات ونجح الثوار من السيطرة على الموقف بعد ذلك التحم ثوار جادو مع ثوار الرجبان بالأضافة لثوار الفياصلة وعند الساعة الرابعة و النصف تقريباً انضم للثوار مدد من ثوار الزنتان بعدد 5 سيارات 14.5 ، وشنوا هجوم شامل على قوات الطاغية التي أستمرت في التراجع شرقاً الى أن تم تحرير بوابة بئـر عيـاد و كذلـك تقاطـع الطـرق المؤدي الى مدينة صرمان وفي هذا التقاطع أشتبك الثوار مع قوات العدو القادمة من صرمان و الحقوا بها هزيمة نكراء ، وفي نهاية اليوم نجح الثوار من تحرير كامل المنطقة و محاصرة قوات العدو المتمركزة في مدينة الرياينة إن معركة الأول من يونيو 2011 م كانت البداية لتحرير منطقة الجبل من القوات التي كانت تشكل خطراً حقيقياً على مدن الزنتان و الرجبان و جادو والرحيبات و كاباو و نالوت ، هذا النصر الكاسح لثوار الجبل البواسل كان المفتاح لتحرير مدن الساحل غربي مدينـة طرابلـس والنجـاح فـي دخـول
لعاصمة و تحريرها ، و بداية النهاية للطاغيـة ، لقـد أثبتـت الأحـداث إن جغرافية هذا الجبل الصامد قادرة على تغيير موازين القوة ، ونجحت في توفير المقومات التي أدت في النهاية لهزيمة قوات الكتائب و تحرير العاصمة طرابلس .
إن العبء الذي وقع على مناطق الجبل في معارك التحرير التي أنطلقت مع بداية الثورة المباركة في 17 فبراير 2011 م كانت خير مثال للصمود والجهاد والبذل ، فكما هو معلوم أن كتائب القذافي قامت بمحاولة يائسة لتركيع أهل جبل نفوسة الأشم وذلك بمحاصرته من عدة جهات و منها قرية قصر الحاج التي أستولت عليها لموقعها الإستراتيجي خاصةً وأن الطريق الرئيسي المؤدي لمدن الرجبان و جادو والرحيبات يمر بها وقرية قصر الحاج تقع شمال مدينة الرجبان بحوالي 5 كيلـو متـر ونظـراً لقربـها من مدينة الرجبان فإن سيطرة الكتائب عليها كان له أثر سلبي على ثوار الرجبان وشكلت خطراً جسيماً على مدينة الرجبان .
ميزان القوة بين الجانبين
كان تسليح كتائب القذافي المتمركزة في قرية قصر الحاج يتمثل في :
[] 5 دبابات .
[] 7 راجمات .
[] سيارتين صواريخ جراد .
[] وعدد من مدافع الرشاش عيار 14.5 و 23 ملم .
بالأضافة للأسلحة الشخصية للأفراد فقد كان جنود الكتائب مدججين بجميع أنواع الأسلحة .
أما بالنسبة للثوار فكان تسليحهم بسيطاً جداً مقارنة بتسليح الكتائب ، ولكن كان هناك سلاح أقوى لا يعرفه منتسبي كتائب الطاغية وهو سلاح الإيمان والإصرار على نيل أحدى الحسنيين ( نصر عزيز أو الشهادة ). بل نفوســه جغرافيا ًهو سلسلة الجبال الواقعة في الشمال الغربي لليبيا و الممتده من الخمس شرقا الي الحدود التونسية غربا وتمتد الجبال الي تونس والجزائر والمغرب حيت تعرف بجبال أطلس ،ويحد جبل نفوسه من الشمال سهل الجفارة ومن الجنوب الحمادة الحمراء .
جبل نفوسه الأشم سكنته قبيلة نفوسة الليبية الأمازيغية منذ القدم ومنها جاء الاسم ..للجبل تاريخ ناصع قديما وحديثا ً فلقد شهد لسكانه الرومان وسموهم البربر "أي الهمج" بسبب عدم قدرة الرومان بجيشهم الجرار السيطرة عليهم وتطويعهم كعبيد لامبروطورية روما بعدها جاء الاسلام وفرح أهل نفوسه به لما يحمل من مبادئ الحرية والانعتاق من الظلم ، بل وكان لهولاء يد في وصول الاسلام الي أوربا عبرجزيرة ليبيريا او ما يعرف الان بأسبانيا بقيادة طارق بن زياد.
وفي العصر الحديث أي القرن العشرين كان لجبل نفوســه بصمته في معارك الجهاد ضد الطليان بقيادة المجاهد الشيخ سليمان الباروني وشارك أبناء الجبل في معركة الهاني دفاعا عن طرابلس عام 1911 وكذلك معركة سواني بن يأدم وجندوبة بسفح الجبل قرب غريان ، وكان الجبل دوما خط الدفاع الاول عن طرابلس وإليه التجاء المجاهدون ضد الغزو الايطالي الفاشي وهو ما تكرر عام 2011 .
جادو(فســاطو) مدينة تقع علي الجبل بارتفاع يبلغ 600 متر تقريبا عن سطح البحر وتبعد عن طرابلس حوالي 180 كم جنوب غرب ،و تضم 14 قرية ويبلغ سكانها حوالي 25 ألف نسمة .
أستجابة جادو لحركة ثورة السابع عشر من فبرايريوم 16 فبراير حيت تحركت مجموعة من الشباب في تظاهرة سرعان ما فرقتها قوى الامن .، لتعود بقوة يوم 17 فبراير2011 ولتجبر قوة الدعم المركزي علي الانسحاب من المدينة والتمركز في الاطراف ، ومع أشتعال الثورة في المناطق المجاورة
جبل نفوســه جغرافيا ًهو سلسلة الجبال الواقعة في الشمال الغربي لليبيا و الممتده من الخمس شرقا الي الحدود التونسية غربا وتمتد الجبال الي تونس والجزائر والمغرب حيت تعرف بجبال أطلس ،ويحد جبل نفوسه من الشمال سهل الجفارة ومن الجنوب الحمادة الحمراء .
جبل نفوسه الأشم سكنته قبيلة نفوسة الليبية الأمازيغية منذ القدم ومنها جاء الاسم ..للجبل تاريخ ناصع قديما وحديثا ً فلقد شهد لسكانه الرومان وسموهم البربر "أي الهمج" بسبب عدم قدرة الرومان بجيشهم الجرار السيطرة عليهم وتطويعهم كعبيد لامبروطورية روما بعدها جاء الاسلام وفرح أهل نفوسه به لما يحمل من مبادئ الحرية والانعتاق من الظلم ، بل وكان لهولاء يد في وصول الاسلام الي أوربا عبرجزيرة ليبيريا او ما يعرف الان بأسبانيا بقيادة طارق بن زياد.
وفي العصر الحديث أي القرن العشرين كان لجبل نفوســه بصمته في معارك الجهاد ضد الطليان بقيادة المجاهد الشيخ سليمان الباروني وشارك أبناء الجبل في معركة الهاني دفاعا عن طرابلس عام 1911 وكذلك معركة سواني بن يأدم وجندوبة بسفح الجبل قرب غريان ، وكان الجبل دوما خط الدفاع الاول عن طرابلس وإليه التجاء المجاهدون ضد الغزو الايطالي الفاشي وهو ما تكرر عام 2011 .
جادو(فســاطو) مدينة تقع علي الجبل بارتفاع يبلغ 600 متر تقريبا عن سطح البحر وتبعد عن طرابلس حوالي 180 كم جنوب غرب ،و تضم 14 قرية ويبلغ سكانها حوالي 25 ألف نسمة .
أستجابة جادو لحركة ثورة السابع عشر من فبرايريوم 16 فبراير حيت تحركت مجموعة من الشباب في تظاهرة سرعان ما فرقتها قوى الامن .، لتعود بقوة يوم 17 فبراير2011 ولتجبر قوة الدعم المركزي علي الانسحاب من المدينة والتمركز في الاطراف ، ومع أشتعال الثورة في المناطق المجاورة لفساطو وهي الرجبان حيت سقط أول شهيد في جبل نفوسه أتناء تظاهرة للشباب وتصاعد حركة الثورة في الزنتان زاد ذلك من زخم تحرك شباب جادو للسيطرة علي مناطقهم والاتصال بمناطق الجوار للتنسيق.
ومع نهاية شهر فبراير للعام 2011 بدأ النظام يجمع قواته وينظم صفوفه لإستعادة السيطرة علي مدن الجبل المنتفضة وسارع أبناء جادو إلي تنظيم أنفسهم وذلك بجمع الاموال وشراء المؤون من طرابلس للتخزين في الجبل وكانوا يسابقون الزمن لانهم يدركون أن النظام سوف يمنع ذلك في أقرب وقت ونجحوا في شحن كميات كبيرة بلغت اكتر من 200 سيارة شحن في زمن قياسي وكانت خطة ناجحة لان النظام فعلا منع امدادات الوقود والغداء والدواء للجبل خلال الاسبوع الاول من شهر مارس 2011 ، وقد تعرض اغلب الشباب المساهمين في حملة شحن كميات الغداء الي الجبل والمتواجدين في طرابلس أنذاك للاعتقال والتعذيب بتهمة تمويل أرهابيين بالغذاء .
ومع منتصف شهر مارس 2011 تجمعت كتائب القدافي في أطراف الزنتان والتي نسق ثوارها مع المدن المجاورة التي كانت تحت سيطرة الثوار، حيت أجليت العديد من العائلات من أطراف الزنتان الي مدينة جادو حفاظا عليهم من القصف وتحرك ثوار جادو (كتيبة فساطو) لدعم أخوانهم في الزنتان وكانت لهم جولات حاسمة في معركة غابة الكشافة ( 19 - 21 مارس 2011 ) والتي أجبرت الكتائب علي التراجع بعد هزيمتهم بفضل تكاتف أهل جبل نفوسه من الزنتان والرجبان وجادو ، وامتزجت دماء الليبيين رغم محاولات أعلام النظام (شاكير) اللعب علي وتر القبلية (عرب وأمازيغ) ولكن وعي وهدف الثوار والسكان كان أعلي واسمي مما جعل إعلام النظام كزكار أمام الجامع لا يلتفت إليه أحد ، ونتيجة للتعاون بين مدن الجبل حاولت كتائب النظام تقطيع التواصل بينها وشغلها عن بعضها حتي يسهل السيطرة علي كل قرية ...حيت حاول اللواء العيساوي التسلل بقوة محدودة لاعلي الجبل عن طريق الرحيبات بصفته أحد أبناء المنطقة وأنه يريد التفاوض وعندما بادر أعيان جادو للتفاوض معه علي أساس أنسحابه كان هو يخادع ويؤجل التفاوض لكسب الوقت في حين كان يعزز من قواته وعندما لاحظ ثوار جادو تزايد قوات النظام وان العيساوي مخادع تم التنسيق مع ثوار الرجبان والزنتان والرحيبات وحددت ساعة الحســم وهو يوم 12 /4/ 2011 وانقض الثوار علي قوات الكتائب وقتل منهم العديد ووقع البعض في الاســر وفر العيساوي من أرض المعركة هاربا وتحصل الثوار علي الكتير من الاسلحة والدخائر والتي كانوا في امس الحاجة اليها .
وسرعان ما حاول النظام عزل مدبنة نالوت عن جادو لمنع أستيلاء الثوار علي بوابة وازن للتزود بالمؤون والدواء عن طريق تونس، وعليه قامت الكتائب المتواجدة في الغزايا والتي كانت تقصف نالوت بالصعود لاعلي الجبل عن طريق المجابرة وتصد لهم ثوار الجبل في عدة معارك منها معركة الغزايا في منتصف شهر أبريل ومعركة المجابرة ( معركة قوية وتكبدت الكتائب خسائر فادحة) وهي يوم 23 أبريل ثم معركة طمزين وتندميرة يومي 26 و 27 أبريل للعام 2011 .
وبعد أنتصار الثوار في كل تلك المعارك والتي شارك فيها الثوار من كل مدن الجبل الممتدة من الزنتان ولغاية نالوت وهي الزنتان و الرجبان وجادو وكاباو والرحيبات وطمزين ونالوت والحوامد ومن تم بداء الثوار التفكير جديا في طرد الكتائب من بوابة وازن والسيطرة عليها لضمان تدفق الموؤن والادوية والمساعدات الانسانية .... وهو ما تم فعلا حيت سيطر الثوار علي البوابة يوم 28 مايو 2011 وبذلك تنفس الثوار وسكان الجبل الصعداء بهذا النصر وأدركوا أن كفاحهم تكلل بالنصر بعد معركة بوابة وازن والتي سعي النظام لاسترجعها بكل الوسائل والقوة وحاولت الكتائب الالتفاف من جهة الاراضي التونسية ولكن يقظة الثوار وأستماتة شباب الجبل حال دون ذلك ... ودفاعا ًعن بوابة وازن وبنقطة جبل المرابح سقط أو شهداء جادو... وكانت لسيطرة الثوار علي بوابة وازن نقلة نوعية حيت تدفقت المساعدات الانسانية والدولية وتم أسعاف الجرحي بالمستشفيات التونسية وتم التواصل مع مخيمات اللجو في مناطق دهيبة وتطاوين في تونس .
تمكنت العديد من وسائل الاعلام من الدخول الي الجبل ونقل المعاناة والانتصارات وكذلك دخول الاطقم الطبية الليبية في الخارج والتي هبت لنصرة أبناء الجبل ...وتحول مستشفي جادو من مستشفي قروي يعاني من نقص الامكانيات والاطباء علي مدي
{facebookpopup}