إذا كان مجمل التعريف العلمــــي للأمن كما جاء في محاضــــرة تعريـــف الأمـن ــ هـــو نقيــــض الخــــوف وهـــو يعنــــى الإدراك الذاتــــي للفــــرد أو الجماعـــــــة الإنسانيـة ،بإختــــلاف صورها بالطمأنينة والاستقرار والسكينـة والبعـد عـن الأخـطار وعن كل ما يهدد الفرد في نفسه وجسده وعرضه وماله ، وما يهدد المجتمع في استقراره ونمائه وتقدمه ، فان الشريعة الإسلامية الغراء كانت هي الرائدة في تأسيس مفهوم الأمن على هذه الصورة.
حيث قال تعالى(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفـهم فـي الأرض كـما استخلف الذين من قبلكم وليمكنن لهم دينهم الذي أرتضى لهم ،وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً) "سورة النور آية 55" وقـال تعالـى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) "سـورة الأنعام 82" وقال تعالى ( فليعبدوا رب هذا البيـت الـذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ) "سورة قريش الآية 3"كما قال تعالى ( و إذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً ) " سورة البقرة الآية 125".
وقال صلى الله عليه وسلم ((المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم)) .
وإذا كان الأمن في الشريعة الإسلامية هو الغاية والهدف للمجتمع الانسانى ، فان للإسلام منهجه المتفرد في الوصول إلى هذا الهدف حيث أرسى للأمن قاعدتين رئيسيتين :
- أمن الإنسان مع نفسه بدرجة الإيمان وعمقه.
- وأمن الإنسان في مجتمعه بعمله الصالح.
وأرست الشريعة الإسلامية الغراء محاور رئيسية لتحقيق الأمن في المجتمع الانسانى تمثلت في القواعد التالية:
1ـ العدل :
حيث ان إذا كان الأمن هو الإدراك الذاتي الواعي بالطمأنينة و الثقة والاستقرار ، فان تحقيق ذلك لايتأتى إلا بضمان الحقوق وصيانتهــــا ولا ضمان للحقوق ولا صيانة لها دون توفير العدل .
قال تعالى (أن الله يأمر بالعدل الإحسان وإيتـــاء ذي القربى ) " سورةالنمل الآية 9"
وقال تعالى (أن الله يأمركم أن تردوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتـــــم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
وقال تعالى (يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجـرمنكـم شنــآن قوم على ألا تعدلوا ،اعدلــــوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله أن الله خبير بما تعملون).
والعدل المقصود هنا هو العدل الطبيعي المنبثق من نظرة الإنسان ،وهو الإرادة الدائبة لإيتاء كل ذي حق حقه وهو الذمة والضمير الذي يأبى الإضرار بالناس ويبغى الخير للجميـع ، ويفـرق بيـن الحـق والباطل وهو الخلق النفسي الذي يشعر به الإنسان في أعماقه قبل أن يكـون قاعــدة يمليـها نـــظام أو قانون .
2ـ التكافل الاجتماعي :
قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونـــوا على الإثم والعدوان ).
وقال تعالى ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخرة والملائكة والنبيين وآتى المـــال عــــلى حبـه ذوى القربى
واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب ، وأقام الصلاة وآتى الزكاة ،والموفون بعهدهم أذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )" سورة البقرة الآية 77"
أن المنهج الاسلامى في تحقيق الأمن يستند إلى مجموعة دعائم أساسية وهى :ـ
- أمن العقيدة.
- أمن النفس .
- أمن العقل .
- أمن العرض.
- أمن المال .
1ـ أمن العقيدة :
تعتبر العقيدة الإسلامية هي المنبع الاساسى التي تقوم عليه المناهج الاجتماعية والسياسية والأخلاقية في المجتمع الاسلامى والتي تؤثر في علاقات أفراده وعلاقات المجتمع الاسلامى بغيره من المجتمعات ،وعليه فان أي خلل في تلك العقيدة معناه إشاعة القلق والاضطراب في المجتمع الانسانى.
2ـ أمن النفس:
يهدف المنهج الاسلامى إلى حماية النفس البشرية من كل المخاطر والصعاب التي تعترض طريقها في الحياة الدنيا وفى سبيل ذلك اتجه المنهج الاسلامى إلى :
- علاج الخوف بكل أنواعه .
- علاج اليأس.
- علاج مساوي الأخلاق.
- الدعـوة إلى حمايـة النفس وحريتها.
- حماية الرزق الذي هو بيد الله
- الوفاء بالعهود.
- رعاية الحقوق.
- ضبط النفس عند الملمات .
- توثيق علاقات المودة والقربى
3ـ أمن العقل :
الإسلام كرم العقل الانسانى لأنه أداة الإدراك البشرى ووسيلة فهم الخطاب لألهى وإدراك معانيه ،وان أعظم تكريم للعقل الانسانى هو تحقيق الأمن له بالأمور التالية :ـ
- حماية العقل بالحفاظ على صحته وسلامته .
- تحريم المسكرات والمؤثرات التي تذهب العقل .
- دعوة العقل إلى التدبر في أفاق ملكوت الله.
4ـ أمن العرض:
اهتم الإسلام بالحفاظ على الأسرة وتطهير المجتمع وذلك بالنص على ما يحقق صيانة وسلامة الأسرة واستمرارها وانعكاس ذلك على كل المجتمع حيث أن المجتمع هو عبارة عن عديد من الأسر .
5ـ أمن المال:
اهتم المنهج الاسلامى بالمال كعنصر ضروري ولازم لإدارة عجلة الحياة وذلك في صور تداول واستهلاك وادخار واستثمار وميراث كما حرم الاعتداء على مال الغير أو غشه أو المساس بحرمته .