التربية العسكرية تهتم بانتقال الفرد من الحياة المدنية المرفهة إلى حياة جديدة تختلف كليا من جميع الوجوه وذلك لغرض تهيئته لخوض غمار حياة جدية وجديدة عمادها الانضباط والربط والالتزام والجاهزية الدائمة والاستعداد التام في جميع الظروف الملائمة والغير ملائمة واحترام التراتبية والاقدمية بطاعة الأوامر وتنفيذها بالترغيب والتحفيز والتمييز بمختلف
الوسائل المادية والمعنوية كالاوسمة والأنواط والترقيات وقدم الامتياز والمكافات النقدية والترهيب بالعقوبات العسكرية الصارمة والتي لا تسمح بالإخلال والتقصير في أداء الواجبات وتنفيذ المهمات المكلفين بها كلا حسب منصبه ووفقا لجدول صلاحياته والملقاة على عاتقه في تحدد حجم المسؤولية ونوع المهمة و يراعى ذلك قانونا للاجراات والعقوبات العسكرية وأوامر مستديمة .
تسمح بالإبداع والاجتهاد وتعاقب على الفشل والتراخي، وحقيقة الأمر أن العقوبات العسكرية المراد منها ليس التشفي والانتقام بقدر مايراد منها إحقاق روح العدالة وردع المقصرين وهي حافز ومؤشر ودافع للذين يعملون فتتولد لديهم قناعه بالمساواة جميعا أمام مواده الصريحة والواضحة وتر فع من درجة التزامهم وامتثالهم للأوامر وليس لخنوعهم وإحباطهم وتتدرج العقوبات من الانتقاد والتوبيخ إلى عقوبات تعزيرية اشد بدنيا ومعنويا ، ولكن وفي نفس الوقت هناك حوافز معنوية ومادية لها الأثر الايجابي في رفع الروح المعنوية والشعور بالزهو والفخار ومع هذا وذاك فالثواب والحافز المعنوي المتأخر يفقد قيمته ولذة الانتشاء به والعقوبة المتأخرة شيئا ما تكون في الغالب منصفه فهي تعطي مبدءا (تبينوا) والتنزه عن التشفي والانتقام ثم يأتي موضوع أخر لا يقل اهميتة عن غيره في التربية العسكرية إلا وهو الولاء ويجب ان يكون أولا وأخيرا لله والوطن وهذه المسالة في غاية الحساسية فهي مرتبطة بالمعتقد والسرائر وما تخفيه الضمائر والغالب أنها تؤخذ بالظواهر وقد تكون الظواهر خادعة في بعض الأحيان فكم من أناس خانوا أوطانهم ودينهم بالرغم من الظاهر الذي يوحي بالثقة وكم من نفرا أثبتت الأحداث الجسام وصروف الدهر ونوائبه حبهم لوطنهم وحجم تضحياتهم دون إن يعرفهم احد فنصب لهم تمثال الجندي المجهول تكريما وإجلالا وعرفانا لهم والعسكري يربى على حب الوطن والولاء له من خلال رموز ودلالات يعايشها خلال حياته اليومية كاحترام السلام الوطني وشعار الوطن والسلاح وراية الوطن ، والاستهانة بهذه الأمور تولد عدم المبالاة والاستهتار وهو مؤشر خطير على الخذلان والانحلال والتفسخ ولكن أود الإشارة إلى أن العسكري يربى من خلال منهج مدروس ومنظم نظري وعملي بحيث يوضع في محكات وظروف تصقل وتهذب الإنسان تحت إشراف عسكريون يشهد لهم بحسن الصيت ويكونون مثال جيد يحتذي به في السلوك والمسلك بعيدين عن المزايدة وحب الذات والبهرجة الزائفة ، ويكون مبدءا اختيار العسكريين الجدد المنظمين إلى المؤسسة العسكرية خاضعا إلى معايير متقدمة في الأخلاق والسلوك وحسن المظهر و صحة الجسم والعقل وكذلك التركيز على البيئة والخلفية الاجتماعية والثقافية فإذا كانت بيئة صالحة وطيبة أفرزت خامات تتمتع بمواصفات غاية في المثالية في الصبر وتقدير المسؤولية والرجولة والولاء وخدمة الوطن والاعتماد علية في الدفاع عن قضايا الأمة .
إن العسكري مميز بقيافته وهندامه واحترامه للوقت والمواعيد و يعرف بالجدية والتفاني ، يبذل روحه وشبابه في الحرب والسلم قربانا للوطن ، وهو ليس مرتزقا يتعيش من الخدمة العسكرية بل يؤدي واجبا وطنيا انظم إليه طواعية أو توجيهـا و وفقـا لمتطلبـات وطنيـه وضرورات أمنية ، واستغرب من بعض الناس الذين يلصقون بالمؤسسة العسكرية صفات مثل الغباء وبأنها الملجاء الأخير لمن لايجد وضيفة اوعمل والفاشلين في دراستهم وبأنها بؤرة للمخدرات والشذوذ وما إلى ذلك ونسي هؤلا الفئة إن كل الاختراعات التي ينعم بها العالم هي اختراعات وابتكارات أصولها عسكرية تفتقت بها أذهان العلماء والخبراء العسكريون لخدمة المجهود الحربي ثم تحولت إلى خدمة الإنسانية قاطبة في جميع مجالات الحياة وان كل الذين ساهموا في تحرير وتخليص أوطانهم من المستعمرين وبناء الدول العصرية هم من العسكريين ونسوا أيضا أن هؤلا الأفراد قبل انخراطهم في صفوف الخدمة يتم اختيارهم وفق معايير اختيار الأصلح ويتم تدريبهم وتربيتهم في أرقى المؤسسات التعليمية العالية والمتوسطة ومراكز التدريب المختلفة و لا يتجاوزهـا إلا الأقـدر والأصلـح ومن يتميـز بمواصـفات رجولية وعلمية وعقائدية مكتسبة ، ثم إن هـذا الاتهـام لايعود إلى إحصائيات دقيقة ومن مصدر أكاديمي أو بحثي وان وجد مثل هذا الادعاء فهي موجودة في الحيـاة المدنيـة أصـلا وان هولاء الأشخـاص أصـلا جـاؤا منـها ولوثـوا المؤسسة العسكرية ، وبالتأكيد لايبقى في هذه المؤسسة إلا الأصلح وستحافظ على تقاليدها وعراقتها إلى الأبد و.بالرغم من وجود بعض الفئات التي أضرت بسمعة المؤسسة العسكرية إلا أنهم يسقطون كما تسقط أوراق الشجر في يوما خريفيا عاصـف و مثلمـا سقطـوا مـن أعيـن العسكريون العصاميون والشرفاء البواسل ، والتقدير والتحية للذين هم جديرون بان نرفع أيدينا بالتحية العسكرية لهم ولكل الشرفاء الذين خدموا ميدان الشرف والعزة بكل إخلاص ووفاء
{facebookpopup}