الفوسفور الأبيض

وفق اتفاقية جنيف عام 1980 ف وبدأ سريان معاهدة حظر استخدام أسلحة تقليدية معينة منذ عام 1983 ف والتى تنص فى بروتوكولها الثالث حظر استخدام الاسلحة الحارقة

والتى عرفت بأنها أى سلاح أو ذخيرة تشعل النار فى الاشياء أو تحدث لهبا أو انبعاثا حراريا يسببان حروقا للاشخاص ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الاعداء فى المناطق الآهلة بالمدنيين حيث يعتبر استخدامها جريمة حرب مكتملة الجوانب ، نقدم فى هذا العدد قراءة ملخصة حول أحد هذه المواد المحرمة دوليا ، وهو المركب الكيميائى المشتق من الفوسفور والمسمى بالفوسفور الابيض ، والذى لم يتوانى الكيان الصهيونى الغاشم فى استخدامه ضد المدنيين العزل من أخواننا فى غزه عبر قذائف مدفعية أو قنابل وصواريخ جوية وغيرها ضمن سلسلة القتل و الترويع التى ينتهجها فى محاولة فاشلة بائسة للنيل من ارادة الصمود والمقاومة للشعب الفلسطينى .

الفوسفور الابيض هو شكل من الاشكال المتأصلة ( ALLOTROPE ) للعنصر الكيميائى ( الفوسفور ) له استخدامات عسكرية كثيرة ومختلفة فهو يعمل كعامل حارق وكباعث لساتر دخانى كثيف يستغل فى العادة لتغطية تحركات الجيوش اثناء الاشتباكات وأيضا كمركب كيميائى مضاد للافراد ، له القدرة على احداث حروق شديدة وخطيرة ، ويشتعل الفوسفور الأبيض عند تعرضه للهواء بحرارة عالية، ويحدث عند ملامسته لجسم الإنسان حروقا عميقة وخطيرة في الجلد وموتاً كاملاً للأعضاء المصابة ويسبب آلاما شديدة لا تطاق، ويزيد من خطورته قدرته العالية على الذوبان في الدهون والنفاذ السريع إلى داخل جسم المصاب وإكمال تفاعله واحتراقه داخل الجسم ، .‏وهو مادة شبيهه بالشمع نصف شفافه تقريبا عديمة اللون تميل الى الاصفرار ذو رائحة لاذعه شبيهة برائحة الثوم يتمتع بخاصية البياض الصافى عندما يكون جديدا ونقيا ، وهو عبارة عن كتلة صلبة شفافة لينة كالشمع ، كما أنه سام جدا للدرجـة أن مقـدار ( 50 ميليجرام ) منــــه تعتبـــر جرعـــة مميته ، ويمكن أن يسبب حروقا خطيرة عند لمسه .

تبلغ كثافته 1.82 جرام فى السنتيمتر المكعب ، ودرجة انصهاره 44.1 درجة مئوية أى 111 فهرنهايت ، ودرجة غليانه 277 درجة مئوية ما يساوى 531 فهرنهايت ، وهو يذوب بقلة فى الكحول وبوفرة فى الاثير والبنزين والتربنتينا وثانى كبريتيد الكربون والزيوت النباتيه ، ولسرعة ذوبانه فى الدهون بسهولة تنفذ مادة الفوسفور الابيض فى الجلد بسرعة فور ملامستها وتنتقل عبر اتحادها السريع أيظا مع الدهون عبر انسجة الجسم المختلفة .
يتكون الفوسفور الابيض من جزيئات رباعيه لها شكل هرمى بحيث ترتبط كل ذرة فوسفور بثلاث ذرات فوسفور أخرى لتكون هرم رباعى الاوجه .
كما يميز النوع المستخدم عسكريا منه بشدة نشاطه الكيميائى وسرعة التهابه فور تعرضة لفوسفور الابيض للهواء يشتعل ويتأكسد سريعا متحولا الى خامس اكسيد الفوسفور ما يولد حرارة عالية الى حد انفجار العنصر مخلفا لهبا اصفر اللون ودخانا كثيفا أبيضا P + 5 O P O بنتوكسيد الفوسفور متعطش للماء بشدة وسرعان ما يمتص حتى أقل أثار للرطوبة ليشكل قطرات سائلة من حمض الفوسفوريك P O + 6 H O 4 H P O also forms poly phosphoric acid such as pyrophosphoric acid H P O أما الفوسفور الأحمر فيحضر بتسخين الفوسفور الأبيض إلى 350 درجة، وهو أقل نشاطا من الفوسفور الأبيض وغير سام نسبيا، ولا يتفاعل مع الأوكسجين عند درجة الحرارة العادية ، ويحضر الفوسفور الأسود بالتسخين مع استخدام ضغط عال لمدة تصل إلى ثمانية أيام وبوجود عامل مساعد كالزئبق.

وكونه أحد المنتجات المصنعه من الفوسفور فان أحد أهم تاثيراته المباشرة على الانسان هى حرق جسمه كاملا مبقيا على العظام فقط واستنشاقه لفترة قصيرة يصيب الرئه ويهيج القصبة الهوائية ويسبب السعال أما استنشاقه لفترة طويله قد يسبب جروحا فى الفم وكسر عظمة الفك كما أنه يمثل خطورة على البيئة بتواجده مترسبا فى التربة أو فى أعماق البحار والانهار ما يهدد سلامة البيئة والانسان على حد السواء .

ولميزته الشائعه وهى الاضاءة فى الظلام وذلك نتيجة تأكسد طبقة البخار المحيطة به كما أنه يحفظ فى زجاجات تحت الماء وعند تسخينه ببطء يبدأ فى التوهج مكونا لهبا باردا ( درجة حرارة هذا اللهب منخفظة وبالتالى يدعى كلهب بارد ) أدخل فى صناعة الرصاصات الخطية ، وهى التى تترك خطا منيرا خلفها على طول مسارها تسمى بالخطاطية ، كما استخدم لاغراض التنوير المتعدده ، ويستمر هذا التفاعل الكيماوى حتى الاستهلاك الكامل للمادة أو حرمانها من الاكسجين حيث يتبقى حوالى 15% من الفوسفور الابيض فى الجزء المحترق من المصاب وتعود تلك البقايا للاشتعال مجددا فى حال تعرضها للهواء .
يستخدم بكثرة فى ذخائر الدخان ويرمز له بالرمز ( WP ) ولإطلاق مثل هذا النوع من الذخائر يجب أن تكون الحشوة أسفل الذخيرة ، حتى تتناثر مادة الفوسفور الابيض فى الهواء لتحترق بشكل كامل .
ولان خطورة الفوسفور الابيض هى فى اشتعاله بشدة عند تعرضه للهواء ، فانه يمكن التعامل معه بأمان من تحت الماء ، والفوسفور الابيض قابل للذوبان فى الوقود والبنزين ، أما ذوبانه فى الماء فهو محدود .
كما يوجد الفوسفور كمادة صلبة بيضاء شمعيه فى عدة أشكال أساسيه كالابيض والاصفر والاحمر والاسود والبنفسجى وفى حالاته النقيه غالبا ما يكون شفافا عديم اللون .
ويتم تحضير الفوسفور الابيض بتسخين مزيج من الصخور الفوسفاتيه والسيليكا والكوك الى ما يقارب 1300 درجة فى فرن كهربائى ويمرر البخار الناتج عبر الماء ما يؤدى الى تكثف الفوسفور الابيض والذى يميل قليلا الى الصفرة مثلما أسلفنا ، ويتسم بليونته ورائحته التى تشبه رائحة الثوم ، وهو سام ويشتعل على درجة 34 درجة كما أنه نشط كيميائيا حيث يتفاعل بسرعة مع الاكسيجين والقلويات والمعادن والاحماض.
يستخدم الفوسفور الابيض فى صناعة مركبات الفوسفور وصناعة مواد خامدة للحريق ويدخل فى صناعة منتجات الصلب والبلاستيك ، ومبيدات الحشرات ، وسم الفئران ، والاسمدة ، والعقاقير وغذاء الحيوان ومزيلات عسر الماء والمنظفات وغيرها . أما استخداماته العسكرية فتكمن فى توظيفه كساتر دخانى لاخفاء التحركات وأيضا لاجبار المتخفيين والمتخندقين على الظهور كما يدخل فى صناعة مختلف قذائف التنوير. ويستخدم ضد الافراد وفى قذائف المدفعية وفى القنابل والصواريخ الملقاة من الجو .

أما تاريخ ظهوره فكان فى القرن التاسع عشر عن طريق الوطنيين الايرلنديين على شكل محلول يشتعل فور تبخره مخلفا حريقا ودخانا وذلك بعد تجفيف السماد الزراعى من بقايا مخلفات الحيوانات وغيرها وتحويله الى مادة متفجرة ثم جرى استعماله أيضا بواسطة عمال من استراليا لغرض التعبير عن غضبهم .
وكان أول تصنيع لاولى القنابل الفوسفوريه قد جرى فى بريطانيا سنة 1916 ف واستخدم بشكل ملحوظ فى الحرب العالمية الثانية من قبل القوات القوات الامريكية وقوات الكومنولث وروسيا كما تم استخدامه بنسب محدودة من قبل اليابانيين ولوحظ استخدامه فى معظم حروب القرن الماضى .
وتجدر الاشارة حسب المصادر أنه قبيل الحرب العالمية الثانية كان مصنعوا القنابل الحارقة يلجؤون للمغنيسيوم الخليط ولكن بعد الحرب تم استبداله بالفوسفور وذلك لسرعة اشتعاله وانفجاره بمجرد الاحتكاك مع الهواء .

كما أستعمل أيضا فى الساحة الفيتناميه من قبل القوات الامريكيه وحينها منذ الحرب العالمية الاولى وحتى الحرب الفيتنامية كان شائعا عند المقاتلين باصطلاح ويللى بيتى ( willy , pete ) كنداء للهرب أو لتجنبه لشدة خطورته قبل أن تعرف رموزه على أنها اصطلاح لاسمه ( white phosphore ) التى عاودت نفس القوات استعماله فى العراق فى الاونه الاخيرة وتحديدا فى معركة الفالوجا نوفمبر 2004 ف وبالطبع لم يتوان العدو الصهيونى فى استخدامه فى أكثر من مرة سواءا فى اجتياح لبنان 1982 ف أو فى حرب 2006 ف ضد المقاومة اللبنانيه وأيضا فى محاولاته المتكررة لقمع المقاومة الفسطينية ، ومن المفارقات وجود الفوسفور الطبيعى ضمن تركيبة الاملاح فى جسم الانسان فوق أنه يدخل فى أجسام الكائنات الحية سواء الحيوانية منها أو النباتيه .

مع ملاحظة عدم وجوده مستقلا فى الطبيعه بل يدخل فى تراكيب العديد من المواد المعدنيه كما يشكل حجر الفوسفات الذى يحتوى على الخام الفوسفورى مصدرا مهما لهذا العنصر لكنه غير نقى .
وتعتبر روسيا والمغرب والاردن والولايات المتحدة وقاع المحيط الاطلسى بمقابلة شواطى كارولينا أهم أماكن تواجده فى العالم أما عن نشأته وظهوره فقد أكتشف الفوسفور سنة 1669 ف على يد العالم الكيميائى الالمانى هيننج براند ( H . brand ) وذلك اثنا تبخيره للبول فى حيز بعيد عن الهواء .
وكان هدفه البحث عن ( حجر الفلاسفه ) والمعلوم أن البول يحتوى على ميتافوسفات الصوديوم التى تختزل بالكربون الى الفوسفور .
وقد تحدث براند الى كرافت ( Kraft ) عن تجربته وقد نقلها هذا للعالم الانجليزى بويل الذى تمكن من تحضيره بتسخين البول مع الرمل وكان شيل ( Scheele ) أول من حضر الفوسفور من فوسفات الكالسيوم الطبيعى .

أما تسمية الفوسفور فهى ناتجة عن اللغة الاغريقيه PHOS وتعنى الضوء وphoros وتعنى BEARER أى ( حامل الضوء ) وذلك لانه يتوهج فى الظلام ، كما لايوجد الفوسفور فى الطبيعة على حالة منفردة وذلك لما يتميز به من نشاط كيميائى ملحوظ . كما أنه عنصر كيميائى يرمز له بالرمز ( p ) ورقمه الذرى ( 15 ) ووزنه الذرى ( 31 ) يتكون من عدد ( 16 ) نيوترون وعدد ( 15 ) بروتون ، وتعريجا فان الكلمة اليونانية الكاملة PHOSPHOROS هو الاسم القديم لكوكب الزهرة عند الاغريق لحظة ظهوره قبل مغيب الشمس .

{facebookpopup}