قبل أربعة وثمانِينَ عاماً وبالتحديد في 9 أغسطس 1940م شهدت منطقة «أبورواش» عند الكيلو 9 طريق الإسكندرية الصحراوي بدولة مصر حدثاً عظيماً شهد أول تجمع للمجاهدين الليبيين المؤسسين الأوائل لنواة الجيش الليبي
لمقاومة الاحتلال الإيطالي، الجيش الذي أعلن انضمامه للحلفاء ضد دول المحور في الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في منطقة عمليات شمال أفريقيا وذلك بعد اجتماعات مطولة قادها الأمير إدريس السنوسي رحمه الله في المنفى وأهمها الاجتماع الذي تم في منزله بالإسكندرية في السادس من رمضان 1385هجري الموافق في 20 أكتوبر 1939م، وبحضور أربعين شخصية وطنية وزعامة ليبية من كبار المجاهدين، ونتج عنه أن فوضوه لمفاوضة الحكومة الإنجليزية بشأن تكوين جيش مهمته المشاركة فى تحرير ليبيا من الاستعمار الإيطالي.
تأسس الجيش الليبي في 9 أغسطس 1940م، وقد أطلقت قوات الحلفاء على هذا الجيش اسم: «القوة العربية الليبية»، وعرف بين الليبيين باسم: «جيش السنوسي»، و«جيش التحرير»، وأطلق عليه أيضا «الجيش المرابط»، تحت راية وقيادة الأمير إدريس السنوسي بتفويض من الليبيين الذين قرروا دخول الحرب إلى جانب الحلفاء لتحرير البلاد وطرد المستعمر الإيطالي من ليبيا، قوات الحلفاء التي ضمت: بريطانيا والولايات المتحده الامريكيه وفرنسا.
ومن ابورواش انطلق جيش التحرير وكانت «معركة سيدي براني» هي أول معركة شارك فيها وأستمر فيها بمطاردة جيوش المحور المنسحبة غرباً.
وبعد 12 عاما أعلنت ليبيا استقلالها وبالتحديد فى الـ9 من أغسطس عام 1952، وأعلن إنشاء الجيش الليبى، ليحظى هذا التاريخ بذكرى تأسيس الجيش السنوسى، ومن بعده بذكرى تأسيس الجيش الليبى.
وقد تسلم، رئاسة أركان الجيش الليبى منذ تأسيسه فى أغسطس 1940 إلى شهر سبتمبر 1969م، العقيد عمران الحاضرة، العقيد داود سليمان الجنابــى، الزعيم عبد القادر الناظمى، الزعيم عادل أحمد راغب، اللواء السنوسى لطيوش، اللواء نورى الصديق، واللواء السنوسى شمس الدين.
تاريخ التاسع من أغسطس يعيدنا إلى مرحلة من أهم مراحل تاريخ ليبيا، وهى ما تعرف بمرحلة اليأس الذى قد بلغ مداه وكان التحديات كبيرة، فإيطاليا كانت قد أحكمت قبضتها على كل الأراضى الليبية، وأخمدت المقاومة المسلحة، وعلاوة على أنها قد أصبحت فى مصاف الإمبراطوريات والقوى الدولية العظمى بعد استيلائها على الحبشة والصومال، وبعد توقيعها ميثاق محور (برلين – روما) مع ألمانيا النازية التى كانت جيوشها قد اكتسحت أوروبا ووقفت قبالة الساحل الإنجليزى مهددة الجزيرة البريطانية نفسها.
وبدون شك فإن الإعلان عن تكوين جيش ليبى فى الأراضى المصرية قد أعاد الأمل إلى الشعب الليبى فى تحرير أرض الوطن السليب، لكن خطوات التأسيس كانت شاقة ومضنية خاصة مع انعدام الإمكانات وقلة العدد، كما كانت خطوات التأسيس صعبة لما واجهها من عقبات نجمت عن اختلاف فى الرأى.
وفى الواقع فإن تعقب مساهمات الجيش السنوسى فى المجهود الحربى يتطلب سرد تاريخ المعارك، التى دارت خلال الحرب العالمية الثانية فوق الصحراء الغربية وفوق منطقة برقة، غير أنه يمكن القول إجمالا أن مساهمات الجيش السنوسى فى المعارك التى دارت كانت رئيسية وفعالة وربما تتجاوز حجمه وقدراته.
ولم تقتصر أهمية دور رجال الجيش السنوسى خلال الحرب وإنما امتدت هذه الأهمية بعد الحرب، فلقد تكونت به كوادر مدربة أمكنها أن تضطلع بمهام إدارية فى بلد كان يعانى فقرا مدقعا فى الخبرات، وكان ينفض تراكمات أعوام طويلة من الاستعمار الإيطالى الغاشم، كما تحولت وحدات من الجيش إلى قوات شرطة عهد إليها حماية الأمن وعرفت باسم "قوة دفاع برقة" ومن الجيش السنوسى أيضا كانت نواة الجيش الليبى.