تحويل المواد المؤكسدة إلى أسمدة، خبراء الأمم المتحدة يساعدون في تطهير غريان من المواد الخطرة
في الجبال الواقعة جنوب غرب العاصمة الليبية طرابلس وبالقرب مدينة غريان المعروفة بصناعة الفخار التقليدية يقبع ذلك الدخيل الغريب – ما يقرب من 600 طن من المواد المؤكسدة الخطيرة ووقود الصواريخ السائل.
وقد كانت قوات الدفاع الجوي الليبية تجمع المخزونات من عدة مواقع للصواريخ في أنحاء البلاد لتخزينها في موقع بالقرب من غريان، الأمر الذي أثار مخاوف السكان المحليين فيما يتعلق بالمخاطر التي تهدد الصحة والبيئة والسلامة وحثهم على السعي للحصول على المساعدة لتخليص المنطقة من هذه المواد.
وقد طلب المجلس المحلي لغريان من قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش الليبي في طرابلس تطهير موقع التخزين القريب من المدينة، وقامت قوات الدفاع الجوي بدورها بطلب المساعدة من الأمم المتحدة. وبناء على ذلك قام فريق من القسم الاستشاري المعني بالأسلحة والذخائر في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وأفراد من قوات الدفاع الجوي الليبي بمعاينة فنية للموقع في 3 آذار/مارس 2014.
وقد تراوح العمل في الموقع والذي بدأ منذ ما يقرب من عام ونصف بين تدريبات السلامة وتفريغ الوقود السائل والمواد المؤكسدة. حيث سيتم في النهاية إحراق الوقود السائل وتحويل المواد المؤكسدة إلى سماد.
وقد كانت المعاينة التي تمت في شهر آذار/مارس هي الزيارة الثانية. ففي 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 قامت البعثة وقوات الدفاع الجوي بمعاينة الموقع الواقع على بعد 32 كيلومتراً جنوب غريان وتم التوصل إلى أن الموقع لا يمثل خطراً مباشراً على السكان. إلا أن المجلس المحلي لم يكن راضياً عن التقدم الضئيل الذي تحقق في التعامل مع هذه المسألة، فطالب بزيارة أخرى.
وقال بول جريمسلي رئيس قسم الأسلحة والذخائر في القسم الاستشاري المعني بالأسلحة والذخائر في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "إن المجلس المحلي يخشى أن يشكل الموقع خطراً بيئياً وصحياً. وقد تأكدنا في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من أن الوقود محفوظ بطريقة صحيحة وأنه لا يشكل أي تهديد مباشر." وأضاف: "وكانت آخر معاينة هي زيارة للمتابعة بحضور العميد (الليبي) جمعة العباني ليطمئن المجلس المحلي بأن هذا الموضوع لا يزال من أولويات الدفاع الجوي".
كما كان ممثلو قوات الدفاع الجوي مصحوبين بأفراد من البعثة وأعضاء المجلس المحلي والمجلس العسكري إضافة إلى صحفيين متواجدين أثناء المعاينة.
إن التحديات الموجودة في غريان لا تختلف عن التحديات في جميع أنحاء البلاد حيث تم استهداف كل أنظمة الدفاع الجوي الليبي تقريباً أثناء الصراع. وقد أدى ذلك إلى ألحاق الضرر بعدد كبير من الصواريخ وتسرب كل من الوقود السائل والمواد المؤكسدة والتي تصبح شديدة الانفجار عند خلطها.
وقد كان أفراد قوات الدفاع الجوي الليبي يعملون في ظروف بالغة الخطورة لنقل الوقود والمواد المؤكسدة وإبطال مفعولها فيما بعد. ولكن ما عرقل هذا العمل هو النقص في المعدات وصهاريج التخزين الصالحة للخدمة. وقد كانت البعثة تساعد قوات الدفاع الجوي في تطوير مهاراتها المتعلقة بهذه المهمة وذلك تماشياً مع ولايتها التي تنص على دعم جهود الحكومة الليبية في الحد من الأسلحة غير المؤمّنة وما يتصل بها من أعتدة في ليبيا والتصدي لانتشارها، وذلك بالعمل على تيسير الوصول إلى الأسلحة والأعتدة المتصلة بها وكفالة تدبير أمورها تدبيراً سليماً وتخزينها بصورة آمنة والتخلص منها بشكل فعال، عند الاقتضاء.
والموقع القريب من غريان، والذي يشغل مساحة كيلومتر مربع واحد، هو منطقة تخزين مبنية لهذا الغرض تحتوي على 16 مبنى من الخرسانة جيد التهوية. وتخزن في هذه المباني 600 طناً من المواد المؤكسدة والوقود السائل. وقد يشكل أي تدهور في ظروف التخزين الخاصة بالحاويات خطراً بيئياً وصحياً.
ويقوم حراس بتأمين الموقع ولكنه يفتقر إلى سياج يحيط به وأماكن إقامة مناسبة ومعدات إطفاء الحرائق. وقد تعهدت قوات الدفاع الجوي الليبية ببناء سياج وأبراج حراسة وأماكن لإقامة الحراس وتوفير الدعم الطبي والدعم المتعلق بمكافحة الحرائق.
وقد بدأ العمل في الموقع منذ عام ونصف تقريباً.
وكانت المرحلة الأولى هي توفير معدات السلامة الكيميائية والتدريب. وقد لعب القسم الاستشاري المعني بالأسلحة والذخائر في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بدعم من المملكة المتحدة دوراً أساسياً في توفير معدات السلامة الكيميائية وتقديم التدريب الفني لأفراد الدفاع الجوي الليبي الذي يقومون بتفريغ أنظمة الصواريخ التي تضررت أثناء الصراع.
أما المرحلة الثانية، وهي تفريغ الوقود السائل والمواد المؤكسدة فقد قام بها أفراد من قوات الدفاع الجوي الليبي وقد تم الانتهاء من نصفها.
وتشمل المرحلة الثالثة إبطال مفعول الوقود السائل والمواد المؤكسدة والتخلص من الرؤوس الحربية والمحركات الصاروخية وتفكيك الصواريخ. ويتم حالياً شراء المعدات، ويقوم القسم الاستشاري المعني بالأسلحة والذخائر في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإدارة هذا العمل ويقوم أفراد الدفاع الجوي بتنفيذه. وسيتم إبطال مفعول الوقود السائل والمواد المؤكسدة بطريقة ملائمة للبيئة. حيث سيتم إحراق الوقود وتحويل المواد المؤكسدة إلى سماد.
ومن المتوقع أن يكتمل العمل في الموقع قرب غريان بالكامل خلال 18 إلى 24 شهراً.