مستقبلية باستخدام مواد نووية من قبل الجماعات والمنظمات الإرهابية ؟ يبدو أنه من الصعوبة بمكان الإجابة عن هذا السؤال بالنظر إلى تعذر التكهن بمستوى وحجم المخاطر المستقبلية
لمثل هذا لنوع من الإرهاب إلا إذا اعتمدنا على طرح بعض الفرضيات الممكنة لمساعدتنا على التواصل إلى الإجابة انطلاقا من تحليل المعطيات المتوفرة.
تميز العقد الأول من الألفية الثالثة بالتنامي الملحوظ فى رغبة المنظمات والخلايا الإرهابية على مستوى العالم في امتلاك المواد والأسلحة النووية والإشعاعية بهدف استخدمها في تنفيذ العمليات الإرهابية وقد شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 منعطفا فى هذا الشأن حين كشفت تفجيرات نيويورك وواشنطن عن تحول جدري وأساسي في البنية التنظيمية والهيكلية للمنظمات الإرهابية حين تم الاستعاضة عن الهجوم الموحد بهجوم متطور في التقنية والأساليب الإجرامية المستخدمة أصبح معها الاقتناع راسخا وقويا بان الإرهاب وصل إلى مستوى تقنى جديد يتميز بتغير الصورة النمطية للإرهاب المتعمد على الأشخاص الانتحاريين المختارين للموت أو السيارات المفخخة أو الأحزمة والعبوات الناسفة لياخد مسارا مغايرا يقوم على استفادة التنظيمات الإرهابية والجماعات العدائية من الطفرة النوعية في مجال أنظمة المعلومات والاتصال وفى حقل المواد البيولوجية والمشعة وتشير التقارير الأمنية الإستراتيجية إلى انه حتى اليوم لم ترتكب ايه حالة إساءة إستعمال المواد النووية والإشعاعية غير أن الراىالعام العالمي لا يزال مقتنعاً بان الجماعات والتنظيمات الإرهابية تبدى اهتماما شديدا وجدياً لاقتناء أسلحة كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية لاستخدامها في أغراض إجرامية هذه المعلومات غامضة وليس لها مصداقية غير أن مجرد تناقلها وتواترها عبر وسائل الإعلام المحلية والدولية يثير القلق والمخاوف للهيئات والمنظمات المهتمة بالأمن النووي الذي أن لم تحكم القبضة فيه ستكون النتائج كارثية ليس على مستوى البلد الواحد بل تطال اغلب الدول ولا يمكن التنبؤ بحجم المخاطر المترتبة عليه وهو ما يفسر تزايد الاهتمام من قبل المجتمع الدولي بهذا النوع من السلاح ومخافة وقوعه تحت تصرف الجماعات الإرهابية التي لا تلتزم بقوانين أو تشريعات تنظيمية تحول دون استعمالها لهذه المواد.
قلنا في استهلال هذا المقال بأنه يتعدر التكهن بالإجابة عن مدى إمكانية إستخدام هذه المواد ونثير أسئلة أخرى تقول:
- هل هناك مصلحة للإرهابيين في الحصول على المواد النووية ؟
- هل يمكن للإرهابيين الحصول على هذه المواد؟
- هل تتوفر لديهم المهارة الفنية والتقنية والبنية التحتية الضرورية الكافية لإستخدام هذه الأسلحة؟
- ماهى التوقعات المحتملة لاستخدام الإرهابيين لهذه المواد فى حال التسليم بفرضية حيازتهم لها ؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة لابد من التذكير بتعريف ماهية المواد النووية طبيعتها مواصفتها حتى يمكن فهم المخاطر من وراء استخدمتها وتدعياتها على الإنسان والبيئة.
- التعريف بالمواد النووية:
المقصود بالمواد النووية وفقا لرؤية الوكالة الدولية للطاقة الذرية هي مجموعة المواد التي يمكن استخدامها بشكل مباشر أو غير مباشر لتصنيع سلاح نووي وهى تحديدا (البلوتونيوم واليورانيوم المخصب) أما المواد المشعة فهي التي تنبعث عناصر الاشعاع منها وتستخدم في مختلف أنحاء العالم فى مجموعة متنوعة من الأغراض النافعة والسلمية المشروعة مثل الصناعات الدوائية وفى مجالات الدفاع والبحث العلمي.
التأثيرات على المحيط الانسانى والبيئي:
ينتج عن المواد النووية نوعين من الآثار الأولى قطعية تظهر على المدى القصير وتتشكل في أغراض مثل احمرار في الجلد والغثيان أذا تعدت الجرعة قدرا معينا وأخرى أثار عشوائية وهي التي تظهر على المدى الطويل نتيجة التعرض لجرعات إشعاع يصاحبها الإصابة بمرض السرطان.
فرص الإرهابيين في اقتناء واستخدام المواد النووية:
رغم قلة الأعمال الإجرامية المرتبطة بالسلاح النووي إلا أن الموشرات تنبئى عن تهديدات مستقبلية وإذا جاز لنا استعراض هذه القلة من الأحداث التي وقعت خلال السنوات الماضية نقول:
- - في فرنسا (1978) تم وضع مادة مشعة تحت مقعد سيارة شخص يعمل فى منشاة نووية.
- - في روسيا (1996) وضعت مادة مشعة في موسكو.
- - في المملكة المتحدة (2006) تم تسميم عميل المخابرات أجنبية بمادة البلوتنيوم، وتفيد المعلومات الاستخباراتية وأخرى إعلامية بأنه كانت هناك عدة محاولات للحصول على مواد نووية وتصريحات بحيازة هذه المواد أعربت عنها بعض المنظمات الإرهابية المعروفة أمكنها الحصول عليها في أعقاب الحرب الباردة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وافول المعسكر الشرقي مما أدى إلى بروز أشكال جديدة من الإرهاب بعد أن خرجت المواد النووية عن نطاق السيطرة بفعل تنامي عمليات التهريب والاتجار غير المشروع في هذه المواد. تفيد المعلومات التي توردها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الاتجار غير المشروع في المواد النووية والمشعة التي انشئت سنة (1990) أن حالات تهريب المواد لا يزال مستمر وفى تنامي دائم بسبب تزايد الطلب عليها من قبل الجماعات والمنظمات الإرهابية.