جب القول بأن أول الشروط للنجاح في قنص الدبابة واصطيادها، هو معرفة نقاط ضعفها مسبقا، وتلك الشروط تتمثل في صعوبة عمل الدبابة في الليل، هذا لأن الظلام يشكل عائقا أمام الدبابة ويرجع ذلك إلى أن الظلمة هي التي تحرم الدبابة من ميزة التعامل مع الأهداف من بعيد وتدمير هذه الأهداف قبل أن تدخل الدبابة داخل المدى المؤثر للأسلحة (م/د)،
وتساعد الأسلحة (م/د) صائدي الدبابات على الاقتراب من الدبابة والرمي عليها بفاعلية بعد وقوعها داخل المدى المؤثر لتلك الأسلحة، ولقد انخفضت تلك السلبية إلى حد ما في الدبابات الحديثة والتي تستخدم أجهزة الرؤية الليلية التي تحول الليل إلى نهار، إلا أن محدودية مسافة الرؤية بهذه الأجهزة أدت إلى عدم إلغاء هذه السلبية نهائيا.رق قتل الدروع مشاة متمرسين:
يتكون أفراد فرق قتل الدروع من وحدات المشاة المتمرسين بحيث يتكون الفريق المثالي في أبسط أشكاله من عنصرين اثنين، أحدهما للهجوم والآخر للدعم، في حين يتولى عنصر الهجوم إطلاق الصواريخ أو المقذوفات الكثيفة، بينما يتولى عنصر الدعم توفير الدعم الناري بالرشاشةالآلية أو ببندقية القنص، وهناك فرق أخرى يتكون أفرادها من أربعة رماة أو أكثر ويصوب بعضهم بشكل آني على نفس الهدف المدرع في حين يتولى الآخرين عملية التغطية والدعم الناري وهم يهاجمون بقذائفهم من مديات موثوقة تتراوح بين خمسين إلى مائة متر.
وعلى الرغم من أن الخبرات الميدانية أثبتت أنه يمكن تأمين وتحقيق إصابات ناجحة من مسافة ثلاثمائة متر فهناك فرق أخرى اختبرت يتكون أفرادها من ثمانية إلى اثني عشر مقاتلا تحت قيادة شخص متمرس وصاحب خبرة وتجربة قتاليه، حيث يتسلح عنصرين إلى أربعة بقاذفات كتفيه مضادة للدروع، ونحو فردين آخرين من المجموعة بمدافع رشاشة للدعم الناري التغطية، ويمكن تحقيق المزيد من التنسيق بين الفرق المختلفة وتوزيع العمل على قطاعات بحيث يكون التواصل عن طريق أجهزة الراديو الخفيفة.
ويمكن للفرق القتالية القيام بعمليات هجومية أكثر جرأة، مثل اختراق خطوط العدو ومهاجمة دباباته المتخلفة أو المتكدسة في تجمعات وأرتال في الخطوط الخلفية، ويخصص الهجوم قدر الإمكان للربع الخلفي من مؤخرة وأجنحة الدبابة، فحتى مع القاذفات الكتفية شديدة الفاعلية كان يجب تركيز الإطلاقات على مواضع الضعف في عربات الخصم لتحطيمها وتمزيقها إربا.
خطورة الدبابة على المشاة:
من المعلوم أن الدبابات تشكل خطرا كبيرا للغاية على المشاة المواجهين لها نظرا لقدرتها الكبيرة على الحركة وأيضا مدى كفاءتها في اجتياز المواقع أو الموانع سواء كانت موانع طبيعية أو صناعية، إضافة إلى قوتها النارية الكبيرة مع تدريعها الذي يؤمن لها التقدم تحت غطاء جوى أو من القناصة، كما تملك الدبابة أيضا القدرة العالية على إحداث الصدمة والتأثير المعنوي الكبير على المقاتل المعادى الذي لم يواجهها قبل ذلك والذي لم يعرف مسبقا نقاط ضعفها ومواضع حساسيتها.
لذلك فإن إعداد القوات ماديا ونفسيا لمجابهتها، وإعداد الأرض بشكل يساعد على المجابهة لهو أمرٌ هام للغاية لضمان أمن المواجهة لها، ويحاول المقاتلين عادةً عدم مواجهة الدبابات في أرض مكشوفة مع اختيار الزمان والمكان المناسبين لهذه المواجهة مثل اختيار أماكن الغابات أو المدن أو الأراضي الوعرة، ومن الضروري في المجابهات مع مدرعات العدو اللجوء إلى استخدام عدة أساليب مثل الموانع الهندسية ورمايات الصواريخ المضادة للدبابات ورمايات الهاونات على أماكن تجمع تلك الدبابات.
لكنه بالإضافة إلى تلك الأساليب فهناك أسلوب آخر يتمثل في استخدام مجموعات صغيرة حسنة التدريب، مهمتها العمل بشكل منفرد وذلك للتسلل عبر الخطوط بغية تدمير الدبابات من مسافات قريبه للغاية، ويأخذ عمل هذه المجموعات الصغيرة اسم (قانصي الدبابات أو صائديها).
الأشعة تسهل رؤية الدبابة:
إضافةً إلى السابق ذكره فإن أجهزة الرؤية الليلية التي تعمل بالأشعة الحمراء، وهي أجهزة خاصة بالرؤية الليلية تقوم بتقوية الضوء وتطلق أشعتها التي لا ترى بالعين المجردة ولكنها ترى بواسطة منظار كشف الأشعة تحت الحمراء، فإنه في حالة إذا حصلت القوات المعادية على منظار الكشف فقد صار بوسع قانصي الدبابات رؤية الدبابة السائرة في الليل وكأنها دبابة تضيء أنوارها التقليدية، الأمر الذي يسهل على القناص التعامل معها وتدميرها، وذلك دون أن تستطيع الدبابة المعادية كشف القناص ولو بنسبة ضئيلة، وخاصة إذا كان جهاز الرؤية الليلية الذي يستخدمه قانصي الدبابات يعمل على مبدأ تكثيف ضوء النجوم.
وبهذا فإن الدبابات تتقدم دوما في الظلام ببطء وحذر، ولا تستطيع بالتالي استخدام قدراتها الحركية الكاملة مما يحولها طبيعيا إلى هدف يسهل اصطياده، ويتمتع طاقم الدبابة بحقل رؤية جيد إذا كان البرج مفتوحا وإذا كان القائد قادرا على المراقبة من خلال البرج، إلا أن القائد يصبح في تلك الحالة هدفا سهلا لرمايات الأسلحة الخفيفة والرشاشات وشظايا قذائف الهاون المعادية ففي حالة ما إذا استطاعت أسلحة المقاتلين المواجهين إجبار القائد على الدخول إلى الدبابة، واضطر أفراد الطاقم إلى استخدام الفتحات الصغيرة المخصصة للمراقبة أدى ذلك إلى انخفاض قدرتهم على رؤية الأرض المحيطة بالدبابة.
موانع تفرض عليها التوقف أو الإبطاء
من الجدير بالذكر أن الدبابة تتمتع بقدرة كبيرة على السير عبر مختلف الأراضي وعلى اجتياز الموانع الطبيعية والاصطناعية، وعلى الرغم من تلك القدرات فهناك موانع طبيعية تفرض على الدبابات التوقف أو إبطاء حركتها إلى الحد الأقصى، ومن هذه الموانع الأنهار والخنادق (م/د)، وأيضا الأراضي الرملية الناعمة والمستنقعات والغابات والجروف والأراضي الصخرية البركانية والمناطق المبنية، وفي مثل تلك المناطق تضطر الدبابات للاستعانة بالمشاة والمهندسين لفتح الطريق أمامها وإنشاء ممرات وثغرات تسمح لها بالحركة.
ولكن وجود هذه الوحدات الهندسية المساندة لا يعيد للدبابة كل قدراتها الحركية إذ يبقى تقدمها بطيئا ومحدودا، ويبقى خط مرورها ضيقا، وهو أمر يساعد على قنصها، بينما تشكل جنازير الدبابة إضافة إلى العجلات المسننة لنقل الحركة والطلمبات والمخامد والمحرك وأجهزة الرفع والتعليق ومستودع البنزين نقاطا حساسة يمكن عند إصابتها تدمير الدبابة وإخراجها من المعركة.
معرفة تكتيكات الدبابة لمجابهتها
هذا وتساعد معرفة تكتيك انتشار الدبابات واستخدامها على أسلوب المجابهة، لذا يحاول الجانب المدرع دوما تبديل تكتيكاته وأساليبه ليفاجئ المتربصين لها بأساليب وطرائق عمل جديدة لا يتوقعونها، لذلك يجب أولا دراسة تكتيك عمل الدبابات مع العمل على مراقبة كل تكتيك قد يظهر مجددا ودراسته جيدا، وذلك مع استنباط الاستنتاجات وتعميمها على القوة المواجهة للدبابة لتكون على استعداد للتعامل مع الأساليب الجديدة، مع القدرة على التلاؤم مع كل ما يستجد، وأيضا القدرة على تصور التجديدات المحتملة واستنباطها.
ومن أهم التكتيكات التي تعمل وفقها الدبابات أنها لا تعمل عادة وهى منفردة بل هي تعمل على شكل مجموعات تضم الواحدة ما بين ثلاثة إلى خمسة دبابات، ودوما ما تساند دبابات المجموعة بعضها البعض بالنيران، كما أنها تكون على اتصال مستمر ومباشر مع بعضها لتبادل المعلومات أولا بأول، وذلك يعني أن أي هدفٍ معادٍ قد تكتشفه أي دبابة من دبابات المجموعة يصبح أمرًا طبيعيا هدفا موحداً لكل دبابات نفس المجموعة.
علما بأن أي شخص يقترب من الدبابة لمهاجمتها أو اصطيادها عن قرب بأي نوع من الأسلحة، يمكن أن يصبح هدفا للدبابة التي تساندها إلا إذا كانت طبيعة الأرض أو وضع الدبابة التي يهاجمها يخفيه عن الدبابات الأخرى للمجموعة التي تعمل ضمنها.
كما أن الدبابة تختفي قبل الرمي وراء ساتر جدار أو تنزل في حفرة غير عميقة قبل الاشتباك مع الهدف وذلك لكي تحمي نفسها من نيران الأسلحة المضادة، وهي تتصرف إذن كالرامي العادي الذي يختفي وراء الساتر قبل استخدام بندقيته، وتحتاج الدبابات لحماية المشاة في المناطق الوعرة والغابات والمدن وفي حالات القتال في الليل أو الرؤية السيئة، ويرجع ذلك إلى أن الدبابات تكون في هذه الحالات شبه عمياء، وتكون المشاة عيونها، ويسير المشاة وراء الدبابة أو يركبون على ظهرها أو يتحركون بالعربات المدرعة وراءها، ثم يترجلون عندما تعترض الدبابة نقطة خطرة يمكن أن يختفي فيها قانصى الدبابات، وتكون مهمة المشاة الكشف والتعامل مع الأسلحة المضادة والدلالة على الأهداف بواسطة الرصاص الخطاط الذي يرسم خطا يدل الدبابة على الهدف، وهناك دبابات مزودة بهاتف خارجي يستخدمه مشاة المرافقة للتخاطب مع طاقم الدبابة أثناء القتال، كما تطلب الدبابات الدعم الناري من قوات المدفعية أو الطيران عندما تتعرض لمقاومة تفوق إمكاناتها، وعندها تقوم المدفعية أو الطائرات بالتعامل معها بإسكات تلك الأهداف، وتقدم المدفعية للدبابات خدمة أخرى وذلك بأن ترمي أمامها في الليل قنابل مضيئة تحدد لها اتجاهها، وأن ترمي أمامها في النهار قنابل دخانية ملونة للغرض نفسه، وفي حالة وجود عدة مجموعات من الدبابات تتقدم نحو الهدف فإن القنابل الدخانية تكون ملونة متعددة الألوان ويكون اللون الأخضر للمجموعة الأولى واللون الأحمر للمجموعة الثانية ..الخ.
الجوانب والمؤخرة قليلة التدريع:
على الرغم من قوة تدريع البرج ومقدمة الدبابة، إلا أن جوانبها ومؤخرتها قليلة التدريع، ويمكن بالتالي خرقها بسهولة بالأسلحة المضادة للدبابات وإرهاق الطاقم لأن العمل مدة طويلة في حيز ضيق داخل الدبابة وارتفاع الحرارة داخل هذا الحيز والاهتزازات الناجمة عن المسير في مناطق وعرة ترهق أفراد الطاقم وتفقدهم جزءا من القدرة على التركيز الفكري أو استخدام الحواس، كما أنها تقلل من درجة تنبههم واحتراسهم وتسهل عمل قانص الدبابات.
هذا وتصدر الدبابة خلال سيرها ضجيجاً كبيراً الأمر الذي يعد بمثابة إنذار لقانص الدبابات بل ويساعده على توقع عددها واتجاه تقدمها، بجانب الوقت المحتمل لوصولها إلى منطقة القتال، ومن اللحظات الحرجة التي تمر بها الدبابة أثناء القتال والتي يمكن أيضا استغلالها هي التوقف أمام مانع طبيعي أو آخر صناعي، وكذلك عند توقف طاقمها ونزوله لإصلاح الجنازير التي قد تنقطع أو تنزلق بسبب شظايا القنابل أو وعورة الأرض بجانب الانزلاق إلى جانب الطريق وتعذر الخروج بسبب طبيعة الأرض، وفترة الدخول إلى المأوى الليلي، ومرحلة الصيانة اليومية وإعادة ملء الدبابة بالذخيرة، وفترة خروج الطاقم منها للاستراحة وتناول الوجبات الغذائية، فكل تلك المواقف من اللحظات الحرجة التي تسهل قنصها.
في بداية استخدام الأسلحة المضادة للدبابات كانت تلك الأسلحة تتسم بضآلة الأهمية في الوقت الذي زيدت فيه دروع الدبابة وتطورت فيه تلك الدروع، وأصبحت الأسلحة الفردية المضادة للدبابات تعتمد في الأساس على ضرب نقاط وأماكن الضعف في الدبابة وبالأخص منطقة السير بها (الجنزير)، وكان الجنود عندها يضعون تلك الرمانات على الجنازير وأسفلها، وعند الانفجار يؤدى ذلك إلى تمزيق جنزير الدبابة تماما ومن ثم تصبح عاجزة عن الحركة.
فى عام 1938م وقبيل الحرب العالمية الثانية بعام فقط وفى أثناء الحرب الإسبانية استخدمت بكثافة الزجاجات المليئة بالمواد الحارقة مثل البنزين لإلقائها على الدبابة التي كانت تشتعل سريعا، مما يؤدى إلى دخول المواد الحارقة إلى داخل الدبابة لتحترق تماما هي ومن فيها من جنود أو قذائف.
وبدأت الأبحاث والتطويرات لأجل القيام بإخراج الوسائط الفردية المضادة للدبابات، وظهرت نتائج التطويرات وتقدمت بشكل كبير من خلال استبدال الرمانات اليدوية البدائية بسيطة الصنع وضئيلة القدرات بأنظمة أخرى تعمل بنظام الحشوة الجوفاء شديدة التدمير لدروع الدبابة، لكن ظهرت هناك عقبة أخرى والمتمثلة في أن الجندي المستخدم لتلك الرمانات كان لزاما عليه الاقتراب مسافة أمتار قليلة من الدبابة للصق تلك الرمانات على جسم الدبابة أو لقذف الدبابة بها.
وهنا بدأت الأبحاث تجرى على قدم وساق لأجل حماية الجندي من الاقتراب من الدبابة وعدم تعريض حياته للخطر جراء ذلك، إلى أنه نتج عن تلك الأبحاث خروج الألغام المغناطيسية ذات الحشوة الجوفاء وأيضا ظهرت العبوات المغناطيسية التي كان جندي المشاة يتولى القيام بإلقائها على الدبابة وهى تتحرك، وكانت تلك المهمة تتطلب من الجندي التدريب الشاق الجدي المتواصل للنجاح في تأديتها دون تعريض حياته للأخطار.
إجبار قائد الدبابة على الاختفاء:
في حالة ما إذا وقعت مجموعة دبابات في كمين فإن عدة دبابات تأخذ مواقع رمي للاشتباك مع عناصر الكمين وتقوم الدبابات الأخرى بالتعاون مع المشاة بالالتفاف حول الكمين وقطع طريق انسحابه بينما تتولى أسلحة المشاة الخفيفة والرشاشات إجبار قائد الدبابة على الاختفاء داخلها ولتدمير المشاة والمهندسين المرافقين لها.
ويختلف حجم وتشكيل مجموعة الدبابات باختلاف المهمة الملقاة على عاتقها، مجموعة لاقتحام مأوى دبابات ومجموعة لنصب كمين ومجموعة متحركة لقنص الدبابات في قتال الشوارع بحرب المدن، ومجموعة متحركة تعمل كمفرزة قنص بالتعاون مع المهندسين، وباختلاف السلاح المستخدم ورغم هذه الاختلافات ومهما كان حجم المجموعة وتشكيلها وتسليحها فإنها تقسم إلى مفرزتين أولهما مفرزة الاقتحام أو القتال وهي المفرزة المكلفة عمليا بقنص الدبابات وتكون مسلحة بأسلحة (م/ د) حسب المهمة وتعمل بقيادة مسؤول المجموعة، ولنجاح عمل تلك المفرزة يحدد عددها وعدد الأسلحة المستخدمة بمعدل سلاحين لكل دبابة معادية ويزود عناصرها بقنابل دخانية.
أما عن مفرزة الحماية فهي المفرزة المكلفة بحماية مفرزة القتال وتكون مسلحة بأسلحة رشاشة مثل البنادق والرشاشات الخفيفة، والتي تعمل بقيادة نائب مسؤول المجموعة، ويطبق الكمين المضاد للدبابات في أماكن المرور الإجبارية وتطبق فيه كافة التدابير المطبقة في الكمائن من ناحية التخطيط والاستعداد والتنفيذ والانسحاب، بالإضافة إلى استخدام الألغام (م / د) على نطاق واسع لسد الطريق أمام الدبابات، فقد تستخدم الألغام (م/ د) على جانبي الممر لتدمير الدبابات التي تحاول الخروج منه وتوضع في بداية منطقة الكمين ونهايتها عبوات محشوة تحت الأرض يجرى تفجيرها كهربائيا لحصر الدبابة بين حفرتين ومنعها من التقهقر أو الانسحاب.
حالات يسهل فيها قنص الدبابات:
وتكون الأسلحة الأساسية في الكمين هي الأسلحة م/ د بينما تقوم مجموعة القنص بالانقضاض على الدبابات بالقواذف ثم تكون مهمة الأسلحة الرشاشة والبنادق التعامل مع المشاة المرافقة وقتل طواقم الدبابات عندما تحاول الخروج منها، علما بأن الكمين والإغارة حالتان خاصتان من حالات القتال وهما تستخدمان لقنص الدبابات والأهداف الأخرى، ولكنهما تتطلبان وسائط كبيرة قد لا تتوفر للقوات المقاتلة دائما ورغم عدم توفر الإمكانات فانه بالإمكان قنص الدبابات في كل مراحل القتال، والحالات التي يسهل فيها قنص الدبابات المتحركة عندما يكون الرتل مسرعا، وتتباعد الدبابات عن بعضها عند المرور في قرية أو دغل أو منطقة وعرة دون استطلاع كافٍ، وفى الأراضي الصحراوية التي يثير فيها سير الدبابات غبارا كثيفا يسمح بالاقتراب من الدبابة في حالة تخلف دبابة نتيجة عطل ميكانيكي عندما يتعرض رتل الدبابات المعادي لقصف جوى صديق، يتفكك ذلك الرتل ويضطرب نظامه ويصبح بإمكان القوات العاملة وراء الخطوط اصطياد بعضها.
وعندما يتوقف الرتل للقيام باستراحة ليلية طويلة من الضروري الانتباه إلى أن الدبابات السائرة في مؤخرة الرتل هي هدف أسهل بكثير من الدبابات السائرة في مقدمة الرتل أو وسطه، وعلى ذلك الأساس يكون التركيز على مؤخرة الرتل المتحرك دون التخلي عن فكرة ضرب مقدمة الرتل أو وسطه عندما تسمح الظروف بذلك.
ومن الحالات التي يسهل فيها قنص الدبابات المهاجمة عندما يفقد الهجوم زخمه وتصبح الدبابات متباعدة عن بعضها حوالي مائتي إلى أربعمائة متر وعند الوصول إلى المواقع الدفاعية الصديقة والتغلغل بين الخنادق وعند التورط في الأشجار والمناطق المبنية وعند متابعة التقدم رغم حلول الظلام أو في حالات الهجوم الليلي، وأيضا الدبابات المجمعة في منطقة التجمع أو قاعدة الانطلاق تصبح هدفا ثمينا وكبيرا بالنسبة إلى القوات العاملة وراء الخطوط، وبعد السيطرة على الهدف تستطيع مجموعات القنص أن تبقى مختبئة.
ثغرات وسلبيات للعدو المدرع:
إن للعدو المدرع كما هو معلوم ثغرات وسلبيات يمكن استغلالها، والتي تعتبر حالات مثالية لعمل مجموعة قنص الدبابات، ومن المهم في هذا النوع من القتال وجود الروح الصدامية لدى المقاتل ليكون جاهزا لقنص الدبابات والعمل داخل المجموعات الصغيرة المخصصة لهذا الغرض ومتابعة العمل ضد الدبابة حتى ولو بقي وحيدا.
أما عن مجموعة قنص الدبابات، فهي مجموعة من المقاتلين المؤهلين نفسيا للتعامل مع الدبابات والتسلل إلى مسافة قريبة منها مع الاستخدام الجيد للأرض واستغلال اللحظة المناسبة للانقضاض عليها وتدميرها، ويكون عدد المجموعة عادةً من خمسة إلى ستة أفراد ويمكن أن ينخفض العدد إلى أربعة أو اثنين فقط، ويمكن لفرد واحد أن يقنص دبابة، وإذا كانت الأهداف المدرعة المراد قنصها كثيرة فمن الممكن تشكيل عدة مجموعات قنص تعمل منفردة وبصورة مستقلة لتأمين المرونة.
وتحمل مجموعة القنص قاذفين أو ثلاثة قواذف (م/د) ( ر ب ج - 7 ) وقنابل يدوية مضادة للدبابات وقنابل دخانية وأسلحة فردية، ويمكن أن تدعم بعنصرين لحمل الألغام م / د ، ومهمة هذه المجموعة التقدم من الدبابات والوصول إلى أقرب مسافة منها والتعامل مع المشاة المرافقة لها وإعماء الدبابات القريبة لمنعها من مساندة الدبابة الهدف، وضرب الدبابة الهدف بعدة أسلحه دفعة واحدة، ومن أهم مبادئ القنص الاختفاء عن الدبابة وعن المشاة المرافقة أطول مدة ممكنة والاقتراب من الهدف أو ترك الهدف يقترب إلى أقصر مسافة ممكنة.
الاختفاء يؤمن بالتسلل الليلي:
تعمل مجموعة القنص وفق مبادئ محددة، وهي تطبق تلك المبادئ في جميع الحالات بغية تحقيق أمنها الذاتي والتمكن من تنفيذ المهمة، وتطبق المجموعة مبدأ الاختفاء في الدفاع بالامتناع عن استخدام أسلحتها والبقاء داخل المكمن أو الحفرة أو البيت دون حركة حتى في حالة قيام العدو بتوجيه نيرانه إلى هذا المكمن، ولا تتورط المجموعة بالرمي على المشاة المرافقة للدبابة طالما أن هذه المشاة لم تراها وإذا كان المكمن جيدا وخاصة في الغابات والمدن فيمكن أن تتجاوزه مشاة المرافقة دون أن تكتشفه ، وعندئذ تتقدم الدبابة لتتلقى القذيفة .
أما في الهجوم فان الاختفاء يؤمن بالتسلل الليلي أو في الممرات المخفية، مع إحداث الحد الأدنى من الصوت، وتتسلل المجموعة نحو الهدف للاقتراب منه مستخدمه أفضل المسالك وظروف الرؤية السيئة، ففي المدن يتم التسلل عبر خرق جدران كما يتم في الغابات عبر المناطق كثيفة الأشجار، أما الهدف المتحرك فهو يقترب بنفسه من السلاح (م/د)، والأهم هو ضبط النفس والأعصاب انتظارا للهدف حتى يصل إلى مسافة المدى المؤثر للسلاح، كما توجد علاقة وثيقة بين عمليتي الاختفاء والاقتراب، فكلما زادت الدقة على الاختفاء كلما سهل الاقتراب من الهدف والقيام بقنصه.
الإعماء شرط أساسي:
كما يشمل الإعماء هنا الدبابات المجاورة والدبابة الهدف والمشاة المرافقة فإذا تحقق الإعماء لهذه العناصر الثلاثة تمت عملية القنص في ظروف مثاليه للغاية ، وإذا تعذر حدوث ذلك كان على مجموعة القنص الاكتفاء بإحاطة الدبابة الهدف بغلالة دخانية تخفي الدبابة ومجموعة القنص بآنٍ واحد، وذلك عن طريق استخدام القنابل الدخانية والرمي على قائد الدبابة لقتله أو لإجباره على الاختفاء داخل الدبابة، كما أن الدبابة البطيئة أسهل قنصا من الدبابة السريعة، لذلك ينبغي استغلال توقف الدبابة أو لحظات إبطاء حركتها للقيام بالقنص .
وسواء كان الإبطاء ناجما عن طبيعة الأرض أو عن الألغام التي تضعها مجموعة القنص في المكان الذي ستتقدم منه الدبابة فان على مجموعة القنص استغلاله بسرعة للقيام بمهمتها، وعلى مجموعة القنص أن تأخذ بالاعتبار أن الأسلحة (م/د) التي تستخدمها لا تتمتع بدقة إصابة كبيره وان انزلاق القذيفة على الهدف أمر محتمل حدوثه ، وان ظروف المعركة تقلل من إمكانيات الإصابة وان إعادة تزويد القواذف بالقذائف المضادة للدبابات عمليه تستغرق زمنا قصيرا ولكنه حساس في لحظة المجابهة، وان أي هدف لا يتم تدميره بالطلقة الأولى يصبح أكثر خطورة على المجموعة نفسها.
واعتمادا على كل تلك الأسباب تخصص المجموعة سلاحين أو أكثر من ذلك أن أمكن الضمان الإصابة المؤكدة من أول طلقه قدر الإمكان، ويتم ذلك الرمي بالسلاحين في آن واحد حتى لا يحجب الدخان الناجم عن انفجار القذيفة والذي في حالة حدوثه يتعذر على السلاح الثاني رؤية الهدف لضربه، ولكن تطبيق ذلك المبدأ لا يعنى الامتناع عن قنص الدبابة، كما يقوم حملة البنادق الرشاشة بالانقضاض على الدبابة مع الرمي على فتحة البرج لمنع طاقمها من تركها وضربهم في حالة هروبهم.
وعند الوصول إلى مسافة أربعة أمتار يتعذر على رامي الرشاش في الدبابة استخدام سلاحه ضد المنقضين الذين يصبح بإمكانهم قتل الطاقم بإلقاء قنبلة يدوية من فتحة البرج، وفى حالة ما إذا حاولت مشاة المرافقة المعادية تعطيل المهمة، تتجمع مجموعة القنص عقب الانسحاب إلى نقطه قريبه لتبدأ البحث عن هدف جديد لتقوم بقنصه وهى تتحرك من الأمام إلى الخلف ومن الخلف إلى الأمام باستمرار، ولا تنتهي مهمته بتدمير هدف معاد واحد فقط ، ولكنها تستمر إلى أن يتم إيقاف الهجوم المعادى وتدميره وإجباره على الانسحاب في النهاية.
الأسلحة (م/د) في الطوابق والأسطح:
وهناك حالات في الدفاع يجد فيها المقاتل نفسه فردا وحيدا مقابل دبابة ، فإذا كان يملك الجرأة وقنبلة مدخنه وقاذفا م / د أو كميه من المتفجرات ، كان بإمكانه تدمير الدبابة كما يمكن للمقاتل الاستغناء عن القنبلة المدخنة في الليل وفى المدن والغابات والاستفادة من الاختفاء الطبيعي والتسلل إلى اقرب مسافة واستخدام السلاح المتوفر معه لتدمير الهدف .
وعند تحديد مواقع الأسلحة المضادة للدروع يتم اختيار المكان الملائم للأسلحة المضادة للدروع بحيث يؤمن المكان ميادين رمي جيــده تسمح بتبادل الإسناد مع بعضها البعض للاشتباك مع مدرعات العدو من الجوانب واستغلال طول مدى الأسلحة م / د .
كما أن أفضل موقع للأسلحة م / د، هو وضعها في الطوابق العليا من المبنى أو في الأسطح لتغطي اكبر قطاع على أن يقوم الرامي بضرب هدفه بكل وضوح كما يمكن أن توضع الأسلحة م / د على قمة أو بجانب المبنى أو أي مكان يوفر الساتر الكافي والجيد ويجب معرفة اقصر مدى للأسلحة م / د ، حتى لا تستخدم ألا في مداها المؤثر فعلى سبيل المثال اقصر مدى للقذيفة الـ ( آر بي جي ) هو عشرين متر دون نسيان تأثير الانفجار الخلفي للأسلحة م / د .
لذلك فلا بد عند إنشاء المواقع أن تكون المنطقة الخلفية مفتوحة ولا تستخدم داخل الغرف المغلقة ، ولا بد من ملاحظة حجم الغرفة وأن يكون فيها عشرين متر مربع كما يجب أن تكون منطقة الانفجار الخلفي على إحدى فتحات التهوية حتى يتم خروج الغاز الخلفي، وتثبت مقدمة الصاروخ على إحدى الفتحات الأمامية حتى لا يحدث أية أضرار على الرامي أو على من بجانبه.