تحقق النجاح في معركة الأسلحة الحديثة الـمشتركة بتضافر الجهود الـمشتركة لجميع الصنوف والقوي ويعتبر التعاون فيما بينها الشرط الأساسي لتحقـيق النصر في المعركة و تعتبر المدفعية صنف أساسي من صنوف القوات البرية وهي التي تحقق القدرة النيرانية العالية لتلك القوات عند خوضها الأعمال القتالية.
يعتبر عنصر النيران من المكونات الرئيسية لمعركة الأسلحة المشتركة الحديثة لذا فـإن المدفعية تعتبر القوة النارية الضاربة الرئيسية للقـوات البرية لما تتميز به من مدي رمي كبير وقوة نيرانية عالية وحشد وتجميع النيران في أقل وقت علي أهم أهداف العدو وقدرة كبيرة علي المناورة .
حيث تقوم المدفعية في الهجوم بتمهيد الطريق لهجوم المشاة والدبابات وذلك بإسكات أسلحة نيران العدو وإبادة قوته البشرية وتدمير تحصيناته الدفاعية وتقديم المعاونة المستمرة لهجوم المشاة والدبابات وفي الدفاع تستطيع المدفعية بنيرانها إنزال ضربات حاسمة ومؤثرة علي طرق اقترابه البعيدة وعلي خطوط فتحه وأمام الحد الأمامي كما يمكنها بالتعاون مع المشاة والدبابات إحباط هجوم العدو .
ونظرا لإعتبار المدفعية هي القوة النيرانية الرئيسية في المعركة فكان لابد من ضرورة تحديث سلاح الـمدفعية وتطوير المنظومات المتكاملة بمفهومها الشامل من حيث التسليح والذخائر وكذلك معدات ووسائل السيطرة وإدارة النيران وكذلك التطوير في أسلوب الإستخدام.
ولقد فرضت مبادئ الحرب الحديثة تطوير المدفعية لتكون أكثر خفة في الحركة والـمناورة الـسريعة بالنيران في أقل وقت ممكن وبمعدلات نيرانية ودقـة عالية ولأبعد المديات.
و يتلخص هـذا التطور في زيادة مدي الرمي و الـقدرة علي المناورة و إنتاجية النيران و خفة الحركة و تأميـن الحماية لأفراد الطاقم المدفعي من تأثير الأسلحة التقليدية بشكل عام و أسلحة التدمير الشامل بشكل خاص .
ـ لذلـك تسعـي الدول للحصول علي مدفعية من الأنواع الحديثة والأجيال الجديدة وخاصة المدفعية ذاتية الحركة لما تتميز به من المرونة وخفة الحركة.
وتركزت إتجاهات التطوير لكل عناصر التكوين لسلاح المدفعية وذلك بتطوير الآتـي :
- زيادة حجم المدفعية المستخدمة و كذلك أنواع تسليحها .
- التطوير في أسلوب تنظيم المدفعية طبقا للحجم والنوع .
- التطوير في أسلوب إستخدام المدفعية بما يتمشي مع طبيعة ومهام العمليات المختلفة لها.
ـ وقد حظت الذخائر بتطورات متقدمة بغرض تحسين قدراتها ومواكبة التطور فـي نظـم المدفعية المختلفـة و تتركز أبحاث التطوير في مجال الذخائر علي ثلاثة عناصر رئيسية هي :
1. زيادة القوة التدميريــة .
2. إطالة المــدى.
3. دقة الإصابة .
يعتبـر تحديـث ذخائر المدفعية أحد الـطرق والأسـاليب الأساسية لزيادة الإمكانيات النيرانية للمدفعيـة ولذلـك فإن الجهود الكبري تركزت علي تحديث قذائف المدفعية والهاونات التي تؤمن التأثير علي العدو في عمق دفاعاته و بنسبة إستهلاك أقل .
الاستخدام القتالي للمدفعية. إن المدفعية قادرة على تنفيذ المهات التالية:-
- تدمير وإسكات مدفعية وهاونات العدو والوسائل النارية الأخرى والقوة البشرية المعادية.
- تدمير الدبابات والعربات المدرعة المعادية.
- تدمير المنشآت الدفاعية الميدانية والحصينة.
- شل قيادة قوات العدو بتدمير مراكز القيادة والسيطرة .
- منع العدو من تحقيق المناورة والقيام بالأعمال الدفاعية .
وتتحقق النتائج الحاسمة والسريعة لأعمال المدفعية بما يلي:
- حشد التجميع الرئيسي للمدفعية في الوقت المناسب على اتجاه الضربة الرئيسة في الهجوم، وعلى أهم اتجاهات الجهود الرئيسية في الدفاع.
- تكثيف وتركيز نيران المدفعية على أهم الأهداف وتجمعات العدو.
- الاعتماد على المفاجأة بالنيران الفعالة.
- القيادة المرنة لنيران المدفعية في المعركة .
- التعاون المستمر مع الصنوف الأخرى، والقوات الجوية ، البحرية ، والجوار، أثناء سير الأعمال القتالية.
- الحصول على معلومات الاستطلاع في حينه.
كانت أهم التطورات التي أجريت على المدفعية من أجل زيادة قدرتها على المناورة باتجاه إعطاء المدفع إمكانية الحركة الذاتية، دون الحاجة إلى الجر، وذلك بتركيبها على عربات مدرعة مجنزرة، وهذه الميزة تمكن المدفعية من مرافقة الدبابات في ميدان المعركة، وتمكنها من القيام بسرعة رد الفعل، حيث تستطيع فتح النيران من الحركة أو بعد حوالي دقيقة من الوقوف. ويستطيع بعضها تنفيذ الرماية الدائرية، والمناورة مباشرةً بعد الرمي (إتباع أسلوب أرمى وانسحب) وقابلية التمويه بسهولة، بينما يحتاج المدفع المجرور إلى حوالي نصف ساعة لتجهيزه بعد الوقوف. وتقدم المدافع الذاتية الحركة الحماية للأطقم من شظايا الأسلحة الخفيفة، وبعضها يقدم الحماية ضد الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.
المدفعية ذاتية الحركة
بدأ تطور المدفعية ذاتية الحركة قبيل الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها، حيث ركبت المدافع على هياكل الدبابات لتسمح للدعم الناري والمحافظة على مرافقة الهجوم السريع للأسلحة المشتركة، حيث دخل المدفع السوفيتي ذاتي الحركة (سو -14) المركب على الدبابة الروسية (ت -34) في المعركة في عام 1940م، كما دخل المدفع الأمريكي الذاتي الحركة (م -7) المركب على الدبابة الأمريكية (م -2) في الخدمة عام 1942م، ومنذ ذلك الحين أخذت المدفعية ذاتية الحركة في التطور بعد الحرب العالمية الثانية بوتيرة عالية، وتم تصنيعها بأعداد كبيرة، ودخلت في تسليح القوات المسلحة في معظم دول العالم، وحلت محل المدفعية المقطورة؛ وبالرغم من ذلك فقد أبقت غالبية الدول على قطع من المدفعية المقطورة حتى الآن.
ولعل أشهر تلك الأنواع هما: المدفع الأمريكي نوع (إم- 109) عيار 155 ملم، والمدفع الأمريكي الآخر نوع (إم - 110) عيار203.2 ملم. وهما الأوسع انتشاراً في العالم .
المدفعية الصاروخية
المدفعية الصاروخية التـي تتميز بالكثافة النيرانية العالية والمناورة العالية شمل تطويرها بزيادة المدي نسبيا وهي تستخدم لتوفير معاونة نيرانية كثيفة لـلتشكيلات البرية وتوفر للقوات البرية قدرات عالية للنيران والرمي المساحي لتدمير مواقع النيران المعادية ومواقع الدفاع الجوي والتشكيلات المدرعة والأهداف الهامة في الأعماق التعبوية لميدان القتال وهـو سلاح متعدد الإمكانيات يكمل وحدات المدفعية بتوجيه كم هائل من النيران في فترة زمنية وجيزة وقدرة عالية علي المناورة تسمح لها بالتحرك إلي موقع جديد فور الإنتهاء من تنفيذ مهامها . - تستخدم للرمي المساحي للأهداف الهامة مثل مراكز القيادة والسيطرة / التجهيزات الهندسية المختلفة / القواعد/ المطارات , مثل القاذف الروسي سميرش بمدى 70كيلومتر ومن المنتظر أن يصل إلى 130 كيلومتر ، وكذلك القاذف الأمريكي الميلرز الذي يمكنه حمل عدد 336 لغم مضاد للدبابات في القصفة الواحدة .وهو نظام الراجمـات ( MRLS 270 ) المجهـز عـلي مـركبـة قـتـال مـن النـوع ( BFV ) هـو النظـام الأمـريكـي الأسـاسـي لإطـلاق صـواريخ المدفعية أرض/ أرض وهي مركبة مدرعة ذات جنـزيـر ومصمـم ليطـلـق إثنـي عشـر صـاروخـا وإعادة التمركز في موقع جديد قبـل أن يحدد العـدو مـوقعـه ويتكـون الصـف الـواحد مـن مصفوفـة القواذف من ستـة سبطانات ويمكـن التحـكـم فـي زاويـة الـميـل الرأسيـة والأفـقيـة وهـو مـزود بنـظـام تحكـم آلي يتـولي إدراج الـتـصـحيـح الـلازم لـتعـويض تـآكـل السبطانات وتـأثيـرات الأحـوال الجويـة ويـمكـن الإطلاق بنظام فردي أو مجمع .
الذخائر الذكية فائقة القدرة
الذخائر الذكية التي يمكن توجيهها بدقة نحو أهدافها بعد إطلاقها ولها القدرة على إختراق وتدمير الأهداف والمنشآت الهندسية بدقة إصابة عالية هي أحد مجالات تطبيق الذكاء الإصطناعي في المجال العسكري من خلال تزويد الصاروخ أو القذيفة بحاسب آلي مبرمج لتحقيق القدرة على التصرف الذاتي في المواقف المختلفة ودقة عالية في التوجيه إلى الأهداف وإصابته بصورة ذاتية وبقوة تدميرية عالية ، سواء الأهداف الثابتة منها أو المتحركة في مختلف الظروف الجوية .
قذائف المدفعية الموجهة الأكثر شهرةً وتداولاً، وهي
1. القذيفة الموجهة الصاروخية طراز "كوبر هيد" -712:-
النوع: قذيفة copper head M-712 صاروخية موجهة، أمريكية الصنع، تاريخ الصنع: 1986م، العيار: 155 ملم، مدى الرمي الأقصى: حتى 40 كم، وزن القذيفة: 3ر62 كلغ، الطول: 1380 ملم، نوع نظام التوجيه: نصف إيجابي، ليزري، نوع الهدف الذي يمكن التأثير عليه: أهداف مدرعة مختلفة، واسطة إيصال القذيفة "كوبر هيد" إلى الهدف: المدافع الأمريكية عيار 155 ملم، وبخاصة المدفع الهاوتزر نوع (إم - 109 أ-6) عيار 155 ملم ذاتي الحركة .
2. القذيفة الصاروخية الموجهة طراز "ساد زرم" المجتمع - 836: -
النوع: قذيفة sadarm M-836 صاروخية موجهة، أمريكية الصنع، تاريخ الصنع: 1987م، العيار: 2ر203 ملم، مدى الرمي الأقصى: 22 كم، الوزن: 92 كلغ، طول القذيفة: 1140 ملم، نوع نظام توجيه القذيفة: سلبي- راديو متري، نوع الهدف الذي يمكن التأثير عليه: دبابات وعربات مدرعة، واسطة إيصال القذيفة "ساد زرم" إلى الهدف: الهاوتزر الأمريكي نوع (إم - 110) عيار203,2 ذاتي الحركة.
آفاق تطور المدفعية وذخائرها :
إن أعمال تحديث سلاح المدفعية تتجه بشكل عام نحو خمسة اتجاهات متلازمة، هي: القوة النارية، والحركية، والحيوية، والديمومة، والاستقلالية التكتيكية. ويُعطى التركيز أو الأولوية في التحديث إلى مسألة "زيادة القوة النارية"، حيث أن زيادة ملحوظة في القوة النارية لسلاح المدفعية ستتحقق من خلال زيادة مدى الرمي، وسرعة الرمي، ودقة الرمي. كما أن إمكانية الرمي لمسافات بعيدة قد تتحقق في المستقبل القريب عن طريق استخدام قذائف ذات أشكال (طيرانية) مُحسَّنة مزودة بمولدات غازية وقذائف صاروخية إيجابية، لكن الاتجاه المستقبلي الأكثر نجاحا" وجدوى في زيارة مدى الرمي وهي: استخدام طرق القذف غير التقليدية، إذ إن مدى الرمي في عام 2015م من المدافع ذات السبطانات المحدثة سوف يصل إلى 30-40 كلم (وحتى 50 كلم بالنسبة لبعض أنواع المدافع)، وذلك حسب نوع القذيفة. أما الزيادة الملحوظة في سرعة الرمي فإنها سوف تتحقق - بصورة عامة - بنتيجة استخدام تكنولوجيا مواد القذف السائلة ( قد تصل سرعة الرمي القصوى من 16:12 قذيفة في الدقيقة)، إضافة إلى بقية الاتجاهات كالحركية، والحيوية، والاستقلالية التكتيكية .