مسألة حماية منظومة الدفاع الجوى من الاسلحة ذات الدقة العالية تعتبر اليوم من اهم المشاكل التى يجب الاهتمام بها وايجاد الحلول الناجعة لتمكين منظومة الدفاع الجوى من اداء دورها بكفاءة عالية ،ان الحروب الاخيره تشهد على الاستخدام الواسع لاسلحة التدمير عالية الدقة ضد منظومات الدفاع الجوى ففى يوغسلافيا 90 % من الضربات التى تم توجيهها لمواقع الدفاع الجوى تم فيها استخدام اسلحة عالية الدقة . وهذا يعطى مؤشرا على ضرورة اتخاد التدابير اللازمة لحماية منظومات الدفاع الجوى .
اسلحة التدمير عالية الدقة تختلف عن الاسلحة الاخري بانها تمتلك دقة تدمير عالية جدا وذلك بفضل منظومة ا لتوجيه والتى بدورها تؤمن توجيه وتصحيح مسار طيران المقدوف نحو الهدف ويمكن تقسيم منظومات توجيه الاسلحة عالية الدقة التى تم استخدامها في الحروب الاخيرة الى ثلات مجموعات : منظومة التوجيه الذاتى , القصور الذاتى مع التصحيح بالاقمار الاصطناعية .والمختلط الذى يجمع الاسلوبين،منظومة التوجيه الذاتى هي احد اساليب التوجيه للصواريخ والقنابل وتنقسم الى عدة اساليب: ايجابى , نصف ايجابى, سلبي.
اسلوب التوجيه الايجابي يتلخص في ارسال اشارة الى الهدف واستقبال الاشارة المنعكسة من الهدف بواسطة راس التوجيه الذاتى .
اسلوب التوجيه نصف ايجابى يتلخص فى ارسال اشارة من مرسل الانارة الى الهدف واستقبال الاشارة المنعكسة من الهدف عن طريق راس التوجيه الذاتى .اما التوجيه السلبى يتلخص في استقبال راس التوجيه الذاتى للاشارة الي يرسلها الهدف ،اما اسلوب التوجيه بالقصور الذاتى فهو يؤمن طيران الصاروخ مع تصحيح مسار طيرانه بواسطة اجهزة GPS الملاحة عن طريق معلومات منظومة الملاحة ولكن في المرحلة الاخيره من الطيران تقل دقة تحديد الهدف وهذه احدي عيوب هذا الاسلوب ,لذلك تم دمج الاسلوبين في بعض الصواريخ وذلك لزيادة دقة التدمير .
ان رؤوس التوجيه الذاتى الحديثة تقسم الي مجموعتين :وسائل راديو والوسائل البصرية الالكترونية .
وسائل الراديوهي مايخص الرادارات اما الوسائل البصرية الالكترونية هى الاشعة تحت الحمراء ,الروية التليفزيونية و الليزرية ،لتوجيه المقدوف نحو الهدف يجب توفر طاقة كهرو مغناطيسية او حرارية .
فمثلا لتوجيه صاروخ مضاد للرادارات من مسافة 8-10كم توجيها دقيقا نحو الرادار يكفي وجود جهاز هاتف محمول بجانب الهدف .
ان استخدام اسلحة التدمير عالية الدقة الموجهة بواسطة الاجهزة البصرية الالكترونية يمكن استخدامها من اي اتجاه لذلك تحديد لحظة بداية الهجوم في ظروف التشويش تعتبر مهمة صعبة للطاقم القتالى .
حيث لا يستطيع الطاقم التحكم في الحرارة المنبعثة والانارة والخلفية حيث انها عوامل ثاثير خارجية ،وهذا مااكدته الحرب علي يوغسلافيا حيث 56% من منظومات الدفاع الجوى التى دمرت تم تدميرها بواسطة اسلحة التدمير عالية الدقة الموجهة بواسطة الاجهزة البصرية الالكترونية مثل الصواريخ , GBU-24-GBU-32 والقنابل الموجهة نوع AGM-, 130 ،G-65 اما نسـبة المنظومات التى تـم تدميرهـا بواسـطة صواريخ 35GBU- فكانت 12 -30 % وكانت النسبة اكبر بكثير في الحرب ضد العراق.
وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو هذه الاسلحة بشكل واسع لتدمير منظومات الدفاع الجوى وغيرهامن الاهداف ،ففي عملية عاصفة الصحراء1991 ف تم استخدام 20500 مقدوف في يوغوسلافيا 1999 أستخدم عدد8000 مقذوف،في افغنستان 2001ف كما استخدم عدد 12500 اما فى العراق 2003 ف فقد أستخدام 20000 مقذوف .
وهكذا أن أحد الاسباب الرئيسية لاسكات منظومات الدفاع الجوى في العراق ويوغسلافيا هو ضعف التصدي لاسلحة التدمير عالية الدقة الموجهة بالنظام البصري الالكترونى ومن ذلك يمكن ان نستخلص بانه على الاطقم القتالية ان تتفهم درجات الخطر الحتمية من استخدام هذه الاسلحة في حالة عدم اتخاد الاجراءات اللازمة لاجراء الاستطلاع البصري والتلفزيونى واستخدام وسائل التمويه حيث اثبتث الحرب ضد يوغسلافيا بان ا لتنظيم الجيد لاجراءات الحماية تقلل من ثاثير هذه الاسلحة على عمل وحدات الدفاع الجوى.
لذلك يقع على الامر عبء كبير لتنظيم اجراءات الحماية لوحداته ,وهذه الاجراءات يجب ان تتخد مسبقا حيث يجب على الامر ان يضع خطة لتعريف وتدريب الاطقم القتالية بخطورة استخدام هذه الاسلحة وكيفية مقاومتها اثناء
استخدامها من قبل العدو ,ويتم ذلك في وقت السلم .ولكي يتم ذلك يجب ان يكون الآمر ملما الماما كاملا بانواع وخواص وطرق واساليب استخدام هذه الاسلحة من قبل العدو ,وان يدرس امكانيات وحدته دراسة جيدة حيث يجب ان تشمل امكانية ا لوسائل النارية للتصدي لها , قدرة وسائل الاستطلاع لكشفها فى الوقت المناسب و قدرة الاطقم القتالية للتعامل معها.
لغرض حماية منظومات الدفاع الجوى يجب الاستفادة من الحروب والنزاعات وذلك بدراسة وتحليل اساليب وطرق استخدام اسلحة التدمير عالية الدقة ,واليوم احاول ان اقدم للقارئ الكريم بعض الدروس المستفادة من هذه الحروب والنزاعات فيما يخص استخدام هـذه الاسلـحة ضـد منظـومات الدفـاع الجوى ، كما هو معروف بان الحروب الاخيرة شهدت تطورا فى وسائل الهجوم الجوى وطرق واساليب استخدام هذه الوسائل لغرض اسكات وحدات الدفاع الجوى وفرض السيطرة الجوية ان لم نقل السيادة الجوية وخصوصا بعد ظهور مفهوم الضربة الاستباقية الجوية , كذلك استخدام الحملات الجوية والتى قد تستغرق لفترات طويلة قبل الزج بالقوات البرية كما حدثفى العراق .
لحماية منظومة الدفاع الجوى من اسلحة التدمير عالية الدقة والتى يتم توجيهها على الاشارة المرسلة ، من المهم جدا ان يكون الطاقم القتالي لمحطة الرادار قادرا على تحديد لحظة الاطلاق ,اتجاه الطيران وزمن طيران الصاروخ المضاد للرادارات الى الهدف ,حيت يعتمد الصـاروخ عـلى الاشعاعات الجانبية للهوائى ، ان ا طلاق الصاروخ عادة يتم من خارج منطقة التدمير لذلك يقع على اطقم وسائل الاستطلاع الرادارى مهمة تحديد لحظة الاطلاق او كشفه اثناء الطيران فهنا عامل الوقت مهم جدا فى اتخاد الاجراءت المضادة .
وللتقليل من فاعلية استخدام الاسلحة عالية الدقة يجب اتخاد التدابير الاتية :
- التجهيز الهندسى الجيد لمرابض النيران , مراكز السيطرة و مواقع وسائل الاستطلاع الراداري بحيث تكون محصنة تحصينا جيدا .
- عدم تشغيل الجهد العالى للمرسلات الا فى حالة الضرورة,ويتم الاستطلاع الراداري بتكليف جزء من الوسائل بواجب الخفارة .
- استخدام وسائل الاخفاء والتمويه وذلك بانشاء مواقع هيكلية واستخدام مرسلات الطاقة الكهرومغناطيسية وتغير المعالم حول المواقع .
- المناورة وذلك بتغيير المواقع واعداد مواقع احتياطية يتم اعدادها مسبقا والانتقال اليها خاصة بعد صد الهجوم الجوى مباشرة وذلك لان البقاء في المواقع لمدة طويلة يعرض وحدات الدفاع الجوى الى التدمير فقد قام اليوغسلاف بتغيير مواقع صواريخ الفولقا والبتشورا كل يومين اما الكوادرات مرتين في اليوم.
كذلك يجب ان يتم حماية منظومات الصواريخ بالمدفعية م\ط حيث انها تلعب دوراً مهماً فى التصدي لاسلحة التدمير عالية الدقة حيث سجل في هذه الحرب تدمير صواريخ توماهوك بواسطة المدفعية م / ط.
- نشر عدد من وسائل م / ط ذاتية الحركة حول المواقع ويحدد لها محاور تحرك وتعمل ككمائن وتمويه للعدو.
- استخدام الصوارخ م / ط المحمولة ككمائن حيث انها تمتاز بخفة الوزن ولها راس توجيه ذاتى سلبى .
- اعداد نقاط المراقبة البصرية وتزويدها بوسائل الاتصال حتى يتسنى لها التبليغ فى الوقت المناسب .
- اعداد منظومة الرواصد لتامين الكشف على الارتفاعات المنخفضة جدا.
كذلك يجب التركيز اثناء بناء منظومة الاستطلاع بان تكون وسائل الاستطلاع تعمل بموجات مختلفة وان تؤمن الكشف على جميع الارتفاعات وخاصة على الارتفاعا ت المنخفضة جدا .
واخيرا يمكن ان نستخلص من دروس الحروب السابقة بانه فقط بالتدريب الجيد للضباط والافراد والتخطيط الجيد من قبل الامر ومعاونيه يمكن ان تقوم منظومة الدفاع الجوى بتنفيذ المهام المنوطة بها بكفاءة وفاعلية عالية .