في الناحية العسكرية الثانية بغرب البلاد، أشرف رئيس أركان الجيش الجزائري على مناورة عسكرية ليلية بالذخيرة الحية، تم خلالها اختبار قدرات وجاهزية مختلف الوحدات والأسلحة المعنية بالدفاع عن السيادة الوطنية في الظروف المماثلة
وتم تنفيذ المناورة بشكل منفرد ودون مشاركة أي قوة من الدول الشريكة في المجال العسكري، الأمر الذي يضفي عليها طابع اختبار القدرات الذاتية، بعيدا عن التأويلات والتجاذبات الجيوسياسية والإستراتيجية.
وكثف الجيش الجزائري في الآونة الأخيرة من سلسلة التمارين الميدانية، بغرض اختبار القدرات الذاتية في الدفاع عن السيادة والأمن الإقليميين، فبعد مناورة "الحصن 24" التي احتضنتها الناحية العسكرية الأولى التي تشمل إقليم العاصمة وما جاورها، جاءت مناورة "شهاب 24" في الناحية العسكرية الثانية التي تشمل الناحية الغربية للبلاد، أين تم اختبار اليقظة والجاهزية اللتين يشدد عليهما خطاب القيادة العسكرية، لاسيما في ظل ما تصفه بالأخطار والتهديدات التي تحيط بالبلاد.
واللافت في سلسلة التمارين الميدانية التي شملت مختلف ربوع البلاد والوحدات والأسلحة، التوجه إلى الاختبارات الذاتية التي تمتحن قدرات مؤسسة الجيش في الدفاع عن مصالح وسلامة البلاد، مما يوحي بتفرغ القيادة العسكرية للشأن الداخلي، بعدما كانت المناورات والتمارين تجري في وقت سابق بالشراكة مع مؤسسات عسكرية مختلفة، لتعزيز التعاون والانفتاح على مختلف المدارس، كما هو الشأن بالنسبة للروس والناتو وبعض الجيوش الأوروبية.
وذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، بأن رئيس أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، أشرف خلال زيارته للناحية العسكرية الثانية (وهران) على تنفيذ تمرين تكتيكي ليلي بالذخيرة الحية، بعنوان (شهاب – 2024 )، نفذته وحدات اللواء 38 للمشاة الميكانيكية، ومشاركة وحدات من مختلف القوات ووحدات للإسناد التقني والجوي، وكذا الدفاع الجوي عن الإقليم.
وتولي القيادة العسكرية الجزائرية في السنوات الأخيرة، أهمية بالغة لتحديث وتطوير مؤسسة الجيش، بالتجهيز والمعدات والتكوين، واستحوذت وزارة الدفاع على ربع الموازنة السنوية (أكثر من 20 مليار دولار)، رغم الجدل السياسي الذي أحاط بتوزيع الموارد المالية، لكن دوائر القرار بررت ذلك بمقتضيات المرحلة والتحولات الإقليمية المتسارعة التي تستدعي تعبئة الموارد الممكنة لتحقيق الأمن الإستراتيجي.
وكانت مجلة "الجيش" وهي لسان حال المؤسسة العسكرية الجزائرية، قد أكدت في افتتاحية عددها الأخير، على أن “الجيش الجزائري يقوم في سياق وضع جيوسياسي إقليمي ودولي شديد التعقيد، بمجهودات مضنية ضمن إستراتيجية شاملة وفعالة، يسخر من خلالها كل الوسائل البشرية والمادية ويوفر كل الشروط لتطوير وتعزيز قدرات منظومتنا الدفاعية”.
ولفتت إلى أنه مع “التطور الذي شهده قطاع الطاقة والمناجم من جوانب مختلفة، لاسيما في السنوات الأخيرة وتوسع نشاطات الاستكشاف والاستغلال، وبعد أن أدرجت السلطات العليا للبلاد تأمين المنشآت الطاقية ضمن المواقع الحساسة التي ينبغي الذود عنها، أخذ الجيش الوطني الشعبي على عاتقه هذه المهمة التي ينفذها باحترافية واقتدار، خاصة مع احتمال أن تكون المنشآت النفطية والطاقية هدفا للجماعات الإرهابية التي أبيدت في معظمها من قبل وحدات الجيش الوطني الشعبي وأضحت فلولها المتبقية تبحث يائسة عن تهديدا مباشرا على هذه المؤسسات أو العاملين بها”.
وهذه رسالة واضحة من المجلة، حول التحديات الإستراتيجية التي يضطلع بها الجيش لتأمين والدفاع عن المصالح الإستراتجية للبلاد، وهو ما يتطلب ترسيخ يقظة وجاهزية دائمتين لتحييد أي سيناريو مفاجئ، كما كان الشأن مع العملية التي استهدفت العام 2013، محطة "تيغنتورين" الغازية، لما حاولت مجموعة جهادية الاستيلاء على العاملين فيها كرهائن للتفاوض مع السلطة، لكن قيادة الجيش حينها تدخلت بقوة وقضت على المجموعة وعلى عدد من الرهائن، لقطع الطريق أمام أي أطماع رغم الانتقادات التي وجهت لها آنذاك من طرف حكومات الرعايا الذين قضوا في العملية.