صدر مؤخراً العدد التاسع والأربعون "السنة الرابعة عشرة" من مجلة المسلح الليبية الرائدة في شؤون الدفاع والإستراتيجيا والأمن الوطني ، والذي حمل بين طياته العديد من الملفات الإخبارية المحلية والعربية والعالمية المتنوعة ضمن حقيبة المسلح الإخبارية
في أبوابها الثابتة أبرزت المجلة العديد من المقالات ضمن دورها في تعزيز ونشر الثقافة العسكرية من خلال استضافة نخبة من الكتاب والضباط المتخصصين ، مؤكدة على أن دورها لنشر الثقافة العسكرية مستمر والتزامها البارز في نقل صورة مشرفة للجيش الليبي ترتكز على مبادئ العسكرية الليبية العريقة وقيمتها المعنوية وسيرتها السمحة باق، فضلا عن تعزيز التنوع الثقافي الذي تتميز به مجلة المسلح في مسيرتها الحافلة طوال الأربعة عشرة عاماً من عمرها والذي نلمسه من خلال أبوابها الثابتة كالفكر العسكري والتقنيات الحربية والتاريخ العسكري وقراءة في ابرز وأحدث الكتب السياسية والعسكرية ما يعكس صورة للكوادر الوطنية التي يحفل بها جيشنا العريق في كل المجالات.
في افتتاحية العدد كتب رئيس التحرير العميد طيار : عبد الغني أحمد محمد، مقالًا بعنوان / جيش بلادي/، سلط من خلاله الضوء على مخاض بناء الجيش كمولود بكر شاء له المولى والنصير أن يرى النور في مرحلة مصيرية، ليشب يافعًا فتيًّا يثأر للوطن ويطارد فلول المغتصب من شرق البلاد حتى أقصى غربها تحت مسمّى الجيش الليبي في ظروف استثنائية، والذي ما لبث ان شب عن الطوق معزّزًا للحرية ومؤكّدًا للإستقلال، وحاملا المشعل مواصلا المسيرة، مُستكملًا بنيانه، ومُستوفًىاً دعائمه مرسّخًا انحيازه الأبدي للوطن في مختلف المراحل بشهادة الأوفياء.
ويتابع رئيس التحرير في مقالته المحفزة ما يمر به جيشنا اليوم وقد مضي 82 عامًا من نشأته، وقد عايشنا وشاهدنا ما تعرّض إليه من محاولات إقصاء وتهميش إلى تشكيك وإحلال تجذّرت حتى بلغت حدّ التنكر والتخوين، ما يستوجب منا هبّة موحّدة صونًا للأمانة وحفاظًا على ما سنورثه للأجيال التي تلينا.. فالتاريخ لا يرحم..
مشيراً إلى أن مجد الشعوب وعزّتها وحصانة الأوطان وسيادتها لا يتأتّى إلا بمساندة جيوشها والوفاء بحقوق رجالها الذين لا تجارة لهم مع الوطن , يستنهض رئيس التحرير الهمم لنصرة الوطن ومُؤازرة الجيش، الزاخر بكفاءاته الفذّة المتحفّزة للعطاء، وبدعمه وتطويره وتسييل ميزانيته وإيفاء حقوق رجاله العاملين منهم والمتقاعدين، حتى يتحقق المُراد، وينعم وطننا بالأمن والأمان.
من مواضيع الغلاف الشيقة مقال /البناء الإستراتيجي للجيش الوطني/ للمرحوم عميد بحار ركن/ البهلول فرج القيزاني التي تناول فيها عملية البناء العسكري من وجهة نظر علمية وتطبيقية متعددة الجوانب تشمل كل النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية حيث يتأثر بناء الجيش بالهدف السياسي والإستراتيجي للدولة وأوضاعها الإقتصادية وأيضا بالقوى البشرية والكوادر الفنية وخصائصها وكذلك بطبيعة الصراع المتوقع وطبيعة المسرح العملياتي .
كما تضمن العدد مجموعة متنوعة من التقارير والمقالات حيث كتب د. عقيل البربار مقالا بعنوان /ليبيا والعلاقات الدولية من جامعة طرابلس/، تقوم فكرته على الاسهامات الايجابية لليبيا ودورها الايجابي في ارساء قواعد العلاقات الدولية في العصر الحديث , وكتب السيد مجدي عطية دراسة شيقة حول مقدمة في دراسات الحرب تناول ن من خلالها أهمية دراسة الحرب مستعرضاً العديد من أفكار المنظرين العسكريين الذين كتبوا في فن الحرب القدامى منهم واللاحقين .
وقدم د. عقيل البربار في باب قراءة في كتاب /قراءة لكتاب معذبو الأرض/ لمؤلفه فرانز فانون الذي يعد كتابه واحدا من الدراسات التي لم تفقد قيمتها رغم مرور اكثر من ستين عاما على صدوره حيث يقوم الكتاب على تحليل الفكر الاستعماري من خلال تكهنات صارت حقيقة واقعة ظهرت مصداقيتها لتعالج امورا برزت على الساحة لعل اهمها حقيقة العقيدة الليبرالية الديمقراطية الكاذبة التي لا تتعدى كونها مبرر للسلب والنهب
وتناول العميد دكتور محمد ابراهيم /مفهوم الأمن الوطني/ فكرة الامن في اللغة والقرآن وما تدل عليه اصل الكلمة وتوافقها مع المعنى السامي المحقق لطمأنينة الانسان , كما تناول المقومات التي يتحقق الامن بوجودها وضرورة الالتفاف لها ودعمها لينعم المجتمع بالامن والامان.
وفي مقالة ممتعة ومهمة يطالعنا الكانب المبروك سليم جليد من هيئة تحرير مجلة المسلح بمقال شيق حول /برنامج البيغاسوس للتجسس ... حصان طروادة الجديد/ وهو برنامج حديث للتجسس من تصميم شركة NSO الاسرائيلية المتخصصة في تطوير برامج الحرب الالكترونية والتجسس الرقمي , البرنامج يستهدف الهواتف المحمولة وبامكانه الدخول للهاتف وقراءة الرسائل وفتح الكاميرا وتشغيل الميكروفون واضافة وازالة الملفات ومعالجة البيانات والتحكم في الجهاز تقنيا وتشغيله عن بعد كصاحبه وربما افضل.
وضمن مساهمات الضباط الكتاب يطالعنا العميد الركن م محمد مصطفى مكراز في مقاله المعنون بـ /قوات الدفاع الجوي/ والذي يتناول من خلاله التعريف بهذا السلاح المهني الحديث نسبياً من حيث مكوناته واهم العوامل المؤثرة في تنظيم وتجهيز وحداته ومواكبته للتطور المذهل للتقنيات الحديثة كونه واجهة يومية دائمة في التعامل مع العالم في حالتي السلم والحرب.
وكتب العقيد طيار مصطفى العدولي مقالة بعنوان /يا جيش بلادي/تناول من خلالها اهمية هيبة الدولة والتي تأتي من هيبة جيشها وانه لاحصانه لدولة تفرط في قدر جيشها وقدرته مستنهضا الهمم لمساندة الجيش الذي يعتبر من أهم أسرار قوة الدولة.
كما تناول السيد أحمد حسم وليد من هيئة تحرير مجلة المسلح مقالة فنية متخصصة بعنوان /نظريات اتلاف المواد السامة الحربية والاسلحة الكيميائية/ استعرض فيها الطرق المتبعة للتخلص من المواد السامة والاسلحة الكيميائية والتي تؤثر تاثيرا بالغا على مستوى الصحة العامة والبيئة
وكتب العميد صلاح الدين الزيداني من هيئة تحرير مجلة المسلح في باب التاريخ العسكري مقالة مفصلة برؤية عسكرية حول معركة /القرضابية ملحمة الوحدة الوطنية/ تلك المعركة الوطنية التي تعزز الذاكرة التاريخية الحربية لبلادنا وتستذكر واحدة من أكبر معارك الجهاد الليبي ضد المستعمر الايطالي البغيض وما جرى فيها من احداث متعرضا نتائجها على الصعيد العسكري والسياسي على حركة المقاومة الليبية.
وكتب كلمة الختام مدير تحرير مجلة المسلح احمد حسن وليد تحت عنوان /على هامش الذكرى/ عن أن حياتنا مليئة بالتجارب ولعلّ الإنخراط في خضم التجارب هو السبيل للتمييز بين الصح والخطأ، والأداة التي تتحّسس بها الأمم الطريق إلى ما هو أفضل للخروج من الأزمات والمحن. وأن الظروف العصيبة التي مرت بها ليبيا وان هناك ظروفا محدّدة ألقت بظلال قاتمة على المؤسسة العسكرية ليست إستثناءً من تصاريف الحياة، وهناك حاجة لاقتفاء أثر الشعوب المتميّزة والواعية التي استطاعت أن تحوّل الأزمات إلى نقطة انطلاق للوصول إلى مبتغاها , هذه المؤسسة أحرزت في عقود سابقة قدرًا لا يُستهان به من الكفاءة وبناء القدرات والتسليح.. غير أن التجارب والأوضاع اللاحقة التي وجدت فيها نفسها عبر مسيرتها وسط تلك العقود السابقة، قد أدّت بها إلى العديد من المتغيّرات وحالة من عدم التوازن , ومع ذلك فمن المتاح تجاوز التأثير التراكمي، والتحلّي بفضيلة الإخلاص مع الإرادة وتكاتف الجهود، من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة التي يتطلع إليها عامة الشعب في توطيد أركان جيش وطني حقيقي قائم على أسس من الكفاءة والإقتدار والإنضباط العسكري، ويخضع لسلطة الدولة. وتكريس العمل بروح وطنية صادقة من أجل حماية الوطن والدفاع عن ترابه. وخلاصة القول فمن الأهمية بمكان التّامّل في الصفحات المُشرقة من تاريخ أمّتنا الليبية، عسى أن يتمّ الخروج منها بخلاصات ومواعظ، فالتاريخ قد يُعطي عبرا ثمينة ربّما يتعذّر تحصيلها بوسائل أخرى , وهذا الأمر ينبغي أن ننتهجه للوصول ببلادنا وجيشنا لبر الأمان.
النسخة الانجليزية تنشر مستخلصات وافية للمقالات الواردة في صفحات المجلة وتقوم على ادارتها محرر القسم الانجليزي وعضو هيئة تحرير المجلة /أميرة إسماعيل فطيس/ التي نوجه لها التحية على توليها مهمة الترجمة للغة الإنجليزية واظهار النسخة في حلتها الجديدة وشكلها الرائع والمميز.
ختاماً وفي لمسة وفاء لا ننسى جهود المخرج الفني للمجلة /ر.ع.و. على محمد الأصيبعي/ الذي قام يقوم بتنفيذ وإخراج /المسلح/ تميزت بالمهنية والحرفية العالية في عمله , حيث المظهر والتنسيق الجميل لصفحات وموضوعات المجلة له منا جزيل الشكر والتقدير.