ترجمة: مقدم بحار/ عبد الله محمد ضو
مند ظهور الجيوش البدائية وجدت أقدم مهنة على وجه الأرض (المحارب، الجندي)، وكلمة جندي مشتقة من الكلمة الألمانية (sold)، وهم مرتزقة يعملون لحساب الجيش، ومنذ العصور القديمة والي يومنا هذا يوجد من هم على استعداد للقتال والموت من أجل المال.يوجد من هو مسجل في جيش نظامي في بلده، ومن يسمح باًن يسمى مرتزقاً (كلب حرب).
المرتزقة كانوا في مصر، وبمساعدة الكاريبيين واليونانيين تمت الهيمنة على مصر.بعض الشعوب والأمم متخصصون في عملية توريد المرتزقة، وهكذا في العالم القديم عمل hoplites اليونانية في جميع أنحاء البحر الأبيضالمتوسط على بناء أسلحة المشاة الثقيلة.وعلى سبيل المثال عندما بدأ الإسكندر الأكبر في غزو الإمبراطورية الفارسية (جيشه لم يضم المقدونيين فقط، بل ضم العديد من المدن اليونانية).في معركة (جرانيكوس) صدرت التعليمات بسحق المرتزقة اليونانيين الذين خدموا المرزبان (حاكم ولاية فارس)، كما حرص الإسكندر على أسر المقاتلين من الفرس وأمر بقتل كل رجال قبائل السجناء.في نهاية القرن الثالث عشر بدأت ملحمة المرتزقة السويسرية (المشاة السويسرية المسلحة بالحراب بطول 5 أمتار) أظهرت القدرة على مقاومة سلاح الفرسان حيث كان سلاح الفرسان في ذلك الوقت سلاح حسم المعارك، كما زودت العديد من المحاكم الأوروبية و لقرون عديدة بالجنود السويسريين لحمايتها.شكلت المرتزقة قوات النخبة لعديد من الدول وعلى سبيل المثال المهاجرون من الدول الإسكندنافية والبريطانية يقومون بتوفير الأمن للأباطرة البيزنطينيين، والحرس الأسكتلندي يوفر الأمن لملوك فرنسا.مند سنة 1506 الحرس السويسري يعتبر جيش الفاتيكان (الآن حوالي 130 من الجنود لحماية البابا)، ملك فرنسا شارل السابع نظم أول جيش نظامي في أوروبا في القرون الوسطى الذين يخدمون في وقت السلم وكان أساسه من المرتزقة.
المرتزقة دائماً يخدمون من أجل المال، وكان ولاؤهم لقائدهم (من يدفع لهم) وليس لوطنهم.
بطل إسبانيا الوطني (سيد الفولكور) كان كنموذج للفارس النبيل الذي قاتل من أجل تحرير الوطن من قوة المغاربة، بينما كان (سيد) ورجاله يدخلون أحيانا في خدمة الحكام المسلمين، ويشتبكون مع إخوانهم من نفس الديانة (المسيحية) في عام 1632 جرت معركة حيث شارك العديد من المرتزقة، وكان من بينها فوج (cuirassiers) السوداء التي نظمت الهجوم ولكن بعد وفاة قائدهم الذي يدفع لهم خرجوا من المعركة.حقيقة المرتزقة أصبحت واضحة مند زمن المصريين وقدامى اليو نانيين، المال لعب دوراً رئيسياً في حياتهم،اليوم هم على استعداد لبيع أرواحهم وأجسادهم لشخص آخر.وهل يستحق إثبات أن المرتزق قادر على نكران الذات في العمليات العسكرية، إذا لم يكن في الورق فهو في الرأس من وقت تجنيده وضع له حساب على جميع خدماته العسكرية، في هذا الحساب لم يتم التوضيح على العمليات العسكرية أو التضحية بالنفس في سبيل بلدهم، وإذا لم يكن منصوصاً عليها في العقد فإنه ليس جزءاً من واجباته.
العالم اليوم بات تحقيق الأمن للدول الصغيرة عن طريق الاتفاقيات الدولية ورغبة الدول الكبرى للحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية؛ لأن انتهاك هذا التوازن يؤدي إلى خروج الوضع عن السيطرة.
العالم اليوم مقتنع بأن هناك ثروات سياسية لخدمة مصالحهم، وهم مستعدون لقتل الأبرياء، هذا القياس التاريخي أصبح واضحاً، ولا يوجد له مكان اليوم.
ليبيا دولة محبة للسلام تسعي لضمان سلامة مواطنيها ولا تنوي الاعتداء على أي أحد، ولكن حتى الدولة المحبة للسلام يجب أن تكون لها قوة قادرة على حمايتها.
الكل يعرف القول الشهير لقدامى الرومان (تريد السلام- استعد للحرب) ليبيا اليوم تواجه معضلة كبيرة ألا وهي الجيش كيف ومتى يصبح جاهزاً، وما هي الوسائل الضرورية للحفاظ على جيش محترف وكيفية التعامل مع المجندين دون خلق توتر اجتماعي بين المجندين.
المتطوع (للخدمة العسكرية) والمرتزق كلمتان مختلفتان تطلقان على الجندي، ولكن أين يكمن الاختلاف في المظهر الخارجي؟ يوجد تشابه بينهما، فكلاهما يذهب للخدمة بمحض إرادته، ولكن الفرق بينهما أن المتطوع لم يتلقى مبلغاً من المال مقابل خدمات يقوم بها حسب رغبة صاحب المال، ويكون راضياً تمام الرضى على ما يقوم به، ويقاتل من أجل وطنه وشعبه ودينه، أما المرتزق فهو يقاتل من أجل المال، وينبغي أن يقال: إنه في الظروف الحالية لأي دولة ترغب في الحفاظ على سيادة حقيقية ناهيك عن اتباع سياسة خارجية نشطة لا تكون بجيش من المرتزقة.
كان أقوى جيش من المرتزقة في القرن 18 وأوائل القرن 19 الجيش (البروسي)، ولكن مثل هذا الجيش يمكن أن يقاتل بنجاح فقط ضد جيش مثله من المرتزقة.ولهذا في جيش (البروس) يركزون على التحريض والتخويف المستمر للوصول للتقنيات القتالية.في ساحة المعركة الجنود البروس (مثل جنود الجيوش الأخرى من المرتزقه) يتحركون في تشكيلات تتكون من عدة صفوف، وكان ضباط الصف من الخلف يضربون بلا رحمة الجنود المتخلفين ويضغطون عليهم بالحراب من ظهورهم؛ لكي يتقدموا إلى الصفوف الأمامية، وهكذا يتقدم الجنود المتخلفون للأمام لمواجهة العدو، ولكن الجنود(البروس) ونتيجة لدفع تقدمهم بالقوة أصبحوا غير موجهين وفقدوا السيطرة. عانى هذا الجيش هزيمة في حرب السنوات السبع من قبل الجيش الروسي ومن قبل الجيش الفرنسي الثوري، ثم دمر بالكامل من قبل جيش نابليون بونابرت.
في الظروف الحالية الجيوش المستأجرة (المرتزقة) يمكن أن تكون فعالة وتحقق انتصارات في حالة التفوق على العدو، وعندما تكون المخاطر نسبياً بسيطة.
عند تكوين جيش فعال ومحترف لا يمكن أن يكون التجنيد بالإكراه ولكن يكون بالتطوع وبالرغبة لخدمة الوطن على أكمل وجه، وعلى العموم فإن تحريك الجيش للقتال مع انخفاض الدافع للمقاتلين يعتبر شيئاً خطيراً بالنسبة للدولة.
الاعتماد على جيش محترف ومهني أبعد ما يكون عن الحقيقة.
أولاً- من 189 دولة هناك فقط 59 دولة الجيش فيها مرتزق (مأجور) وكذلك في 6 دول الغالب مبدأ الاختلاط، وفي 10 دول ليس بها أي تفاصيل، وفي 114 دولة المتبقية الجيش محصور على المجندين. في أوروبا يتم تجهيز الجيوش على مبدأ المهنية في7 دول (بلجيكا - بريطانيا -أيسلندا - إيرلندا - لوكسمبورغ - هو لندا - مالطا). 4 دول عتمد على مبدأ الاختلاط (ألمانيا -الدنمارك- فرنسا - ملدافيا)، وفي الـ25 دولة المتبقية على الاستدعاء.
ثانياً- الدول الا نفصالية من الناحية التاريخية وجدت نفسها مهددة بالغزو، واضطرت لأن يكون لديها جيش من المرتزقة تدفع له المال من أجل حمايتها.هذا إذا كانت الميزانية للدولة تسمح، علاوة على أن جيش المرتزقة يكلف أكثر بعشرات المرات من الجيش النظامي بالإضافة إلى أنه في التاريخ الحديث لم يتغلب أي جيش من المرتزقة على جيش نظامي محترف، لجيش الأمريكي مرتزق منذ نهاية حرب فيتنام.
وعلينا الأخد في الاعتبار أنه لا يوجد ولو نظرياً أي تهديد من دول الجوار للولايات المتحدة.
التهديد العسكري السوفييتي للولايات المتحدة في وقت ازدهار الاتحاد السوفييتي كان وهمياً؛ لأن سحب عبر المحيط وتزويده ليس أقل من مليون جندي للغزو من دون أي حليف في القارة ولا قواعد لها هذا مجرد هراء.لتحقيق ضربة للدول الصغيرة بجيوشها الضعيفة التي تعرقل الهيمنة الأمريكية يمكن أن يتحقق بواسطة جيش من المرتزقة، ومع ذلك العراق وأفغانستان أظهرتا غير ذلك.الإنفاق على العمليات العسكرية في هذه البلدان أصبح قليلاً بعض الشئ، فمثلاً الجيش الأمريكي يواجه الآن صعوبات كبيرة في الإنفاق على الأفراد، حتى عمليات الاحتلال الصغيرة نسبياً أصبحت مكلفة للغاية.في بريطانيا العظمى جيش المرتزقة من أقدم الجيوش في العالم لما كان الخطر كبيراً على الجزر البريطانية من غزو البلدان المجاورة منذ غزو النورماندي في العصورالوسطى شكلت القناة الإنجليزية مانعاً طبيعياً في كل الأوقات.في الحرب العالمية الثانية الجيش الإنجليزي المحترف جنباً إلى جنب مع أحد أقوى جيوش أوروبا الجيش الفرنسي، وفي عام1940 وخلال بضعة أسابيع هزم من قبل الجيش الألماني الذي تكون في سنة 1935 فقط والذي تأسس على أساس قانو هتلر بالالتزام العسكري العام.هذا لا يعني أن الجيش الألماني جيش محترف.بعد إخلاء الجيش الإنجليزي من ( دونكيرك) عبر القناة الإنجليزية بقية إحدى المجموعات المنظمة، وعن هذا كتب من بقي في إمرة هذه المجموعة المشير (مونتيقيمري) أن الجيش الإنجليزي غير قادر على حماية البلاد من الغزو.عند الاطلاع علي مدكرة المشير (مونتيقمري) بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وعند السؤال ما هو الجيش المطلوب في وقت السلم لبريطانيا العظمى؟ كان الجواب بلا شك (التجنيد المنظم) حيث كانت كتابة منذ خريف 1945 إلى نهاية عملية (النضال من أجل قانون الخدمة العسكرية العالمية).بعد انتهاء الحروب العالمية الأولى والثانية وخبرته بالنسبة للجيش المأجور (المرتزقة) مونتيقمرى خرج باستنتاج وحيد وهذا الاستنتاج لا يخدم مصالح الطبقة البرجوازية الكبيرة وهو كجندي شريف كان مهتماً بشئ وحيد ألا وهو قدرة الجيش على الدفاع عن الوطن.
نعم اليوم في بريطانيا جيش من المرتزقة من يستطيع اليوم تهديد السلام في بريطانيا؟ الروس طبعا لا، المسلمون ليس لديهم جيش قوى وموحد.فرنسا وألمانيا الجيش لديهم عن طريق الا ستدعاء يسمح 70% من الرجال، كما أن القانون يسمح للحكومة وعند الضرورة باستدعاء الجيش بأكمله.في البلدان التي من النصف الثاني من القرن العشرين تحت التهديد المستمر من الهجمات العسكرية وبشكل متكرر حصلت حروب، مثل إسرائيل (الجيش فيها يضم النساء)، مصر وسوريا حيث التجنيد من سن 3 سنوات (السن المناسب لإعداد جندي محترف) الجيش المأجور (المرتزقة) لن يكون قادراً على حماية أي جزء من الوطن من هجوم أجنبي؛ لأنه لن يكون قادراً على خوض حرب طويلة الأمد.يمكن النظر إلى ليبيا كمثال، جيش صغير محترف ولكنه قادر على خوض معركة مهما طالت من أجل تحرير شعبه ووطنه من الظلمة والطغاة.هذا ما كتب المؤرخ الألماني verner pichit عن انتقال الجيش البروسي من المرتزق إلى جيش نظامي (الجندي جندى كل الشعب)، وكذا ولدت فكرة الجيش الشعبي المبدأ الأساسي فيه التجنيد الطوعي حيث يعطى المجند حق حمل السلاح لخدمة وطنه.