السودان بلد رحب مضياف وكريم بأهله الشرفاء، تمتد جذوره عراقة وآصاله وعروبهٌ ، كان وسيظل منبعآ للقيم ومدرسة للمبادئ ، تعرض ويتعرض لعديد المؤامرات التى تحاول إضعافه والنيل من وحدته لكنه كافح وقاوم طيله عقود ، يتميز شعبه بالطيبه وولعه بالقراءة والاستزاده ، مر بمطبات عديده قبيل ربيع الثورات العربيه وتم التآمر عليه بتقسيمه سعيآ للإجهاز عليه صوتا عربيآ وإراده صلبه
تتربع على النيلين ،إلا أنه وبالرغم من ذلك كان مبادرآ لمؤازره ثورتنا المباركه بما يملك قياسآ بإمكانياته لم يتردد في دعم ثورتنا بكل الأدوات والمعنويات.
يسرنا أن يطالعنا رمز من رموزه الأبطال وهو الملحق العسكرى الذى شئ له العمل فى بلادنا تزامنا مع الثورة وبقى معنا حتى التحرير متحملآ كل أنواع وصنوف الضغوطات بقصته التى صاغها بقلمه.
التحية والتهنئة لرجال الجيش الوطني الأبطال الأوفياء علي نجاح ثورة 17 فبراير وتحرير كامل الترابي الليبي.
فالتحية للسيد المستشار مصطفي عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي القائد الاعلي للجيش الوطني الليبي والسيد وزير الدفاع العقيد مهندس أسامة عبد السلام جويلي والسيد رئيس هيئة الأركان العامة اللواء الركن يوسف أحمد محمد المنقوش ومعاونه السيد العميد الركن عبد السلام الحاسي والسادة رؤساء الهيئات وقادة القوات الرئيسية وضباط وضابط الصف وجنود الجيش الوطني الليبي.
الحمد لله الذي جعلني حاضراً وشاهداً ( رقم الحظ) لنصر ثورة 17 فبراير الليبية بصفة خاصة والثورات العربية بصفة عامة، حيث أقلعت طائرتي من الخرطوم إلي طرابلس ليلاً بالتزامن مع إقلاع طائرة هروب الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي ، فأصبح الصبح علينا بطرابلس وشاشات القنوات الفضائية تحمل في مقدمة نشراتها الصباحية نبأ هروب زين العابدين.
وصلت طرابلس في منتصف يناير 2011 م، استلمت مهام عملي كملحق عسكري لجمهورية السودان بليبيا آنذاك يوم الخميس 10 فبراير 2011 م، قمت بوداع الملحق العسكري السابق السيد العميد مهندس ركن صالح يسن يوم الأحد 15/2/2011م، هو نفس اليوم الذي انطلقت فيه شرارة ثورة 17 فبراير عقب مباراة المريخ السوداني في منطقة البيضاء مسقط رأس المستشار
مصطفي عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي راعي الثورة وقدوتها الحسنة بأخلاقه الكريمة الفاضلة وعدله وزهده وورعه وتواضعه ، فسبحان الله الذي جعل وقود الشرارة الأولي سوداني ورجل حظ النصر سوداني ،لعل بعض زملائي وقادتي كانوا يودعونني بعبارة استراحة محارب بليبيا في أجواء دبلوماسية بعد أن شاركت وقدت معارك ناجحة بتوفيق من الله وتم تكريمي خلالها
بوسام الشجاعة من الطبقة الأولي والطبقة الثانية ونوط الواجب، فالحمد لله الذي جعلني منتصراً وشاهداً للنصر أينما ذهبت.
سبحان الله التاريخ يعيد نفسه فالسودان الذي كان أول الداعمين لثورة 17 فبراير سبق أن قام بدعم نجدة أهل شرق ليبيا منطقة المرج في كارثة زلزال عام 1963م بكوادر فنية قاموا بتشييد مساكن مدينة المرج وخلال فترة التشييد تم تشكيل فريق كرة القدم مشترك وطلبوا فريق المريخ السوداني للتباري وتمكنوا من التغلب عليه بروح وحدة الشعبين الليبي والسوداني.
العلاقات السودانية الليبية عريقة عراقة شعبي البلدين ، حيث تم تخصيص احد رآيات الثورة الليبية للإمام السنوسي في ليبيا من قبل الإمام محمد احمد المهدي زعيم الثورة المهدية الذي قاد ثوار السودان في العام 1821م من أقصي غرب السودان وهو من أقصي شماله ، تمكن من تحرير السودان في معركة الخرطوم عام 1885م بقطع رأس الجنرال الانجليزي غردون باشا ( المسيحي المتعصب) الذي تسلل تحت ساتر الحكم التركي المصري الإسلامي إلي منصب حاكم عام السودان بعد أن تم اختيـــاره بعناية مــــــــــــن قبل الاستعمار الانجليـــزي ( احدي اذرع الصهيونية العالمية) لنجاحه في تنفيذ سياستهم في الصين والهند ، لكن بفضل وحدة شعب السودان شماله وغربه وشرقه وجنوبه والتفاهم حول أمامهم المهدي والتعاون بين الاماميين السنوسي والمهدي وشعب البلدين نجحت الثورة المهدية في تحرير السودان آنذاك، كما تجسد مقابر أكثر من أربعين شهيد من شهداء القوات المسلحة السودانية في مقابر الحرب العالمية بطرابلس والذين استشهدوا إبان مشاركتهم في الحرب بليبيا نتجة قتالهم بشجاعة وإخلاص
،كذلك نجحت ثورة 17 فبراير الليبية بفضل تعاون الشعبين ولعل ذلك يعبر عن مدي استعداد الشعبين لنجدة بعضهم عند الضرورة الشئ الذي يقود إلي النصر متي ماتحقق التعاون والدعم.
أنا سعيد جداً لمشاهدتي كل جولات بطولات ثوار ليبيا منذ انطلاق الشرارة الأولي إلي تحرير كامل التراب الليبي اثر ملاحم بطولية أكدت أن أحفاد الأمام السنوسي والمجاهد عمر المختار علي العهد باقون، رغم فوارق الزمن والإمكانيات مؤكدون أن جذورهم من أصل طيب وان رفاهية النفط لم تؤثر عليهم،لعل ذلك إضافة إلي رصيد قوة الشعب الليبي يردع كل طامع علي ثرواته ويظهر تعداد الشعب الليبي وكأنه 60مليون وليس فقط 6 ميلون.
نسال الله أن يحفظ ليبيا من كيد الأعداء والطامعين في ثرواتها خاصة وان تعداد الشعب الليبي ضعيف بالمقاومة إلي المساحة والثروات الشئ الذي يغري المستعمرين إلي التسلل تحت مختلف السواتر للتغلغل إلي ليبيا لنهب الثروات بعد بسط نفوذهم، لكن معطيات مكونات الشعب (القبلية) والدين (الإسلام) تبشر بوقوف الشعب الليبي المسلم بكل صمود وصلابة أمام كيد الأعداء ومحاولات المستعمرين إلا إذا نجحوا في زرع الفتنة القبلية لهزم الروح الجهادية الإسلامية المتأصلة في جذور الشعب الليبي كما أسلفنا ، لعل مايجعل ذلك التهديد قائماً هي خشية الصهيونية العالمية مسنودة من لوبياتها من وقوف وحدة وعزيمة الشعب الليبي حائلاً أمام طريق عودتهم تسللاً إلي ليبيا ، خاصة وان الشعبين الليبي و السوداني مرشحان لقيادة مايعرف اصطلاحاً بمعارك نهاية الدنيا والانتصار فيها وقد تناول ذلك بعض المثقفين الليبيين بوضوح في محاضراتهم، معلوم أن الحركات الصهيونية أبعدت من ليبيا في ستينيات القرن الماضي قبل
أنقلاب سبتمبر وتسعي الان لاستعادة نفوذها.
دعواتنا أن يوفق الله قيادة الجيش الوطني الليبي للإسراع في إعادة هيكلة القوات المسلحة الليبية لأنها الركيزة التي ترتكز عليها كل قوي الأمن الوطنية في بسط الأمن والأمان في ربوع البلاد وان حالة فراغ أي بلد من الجيش الذي يحميه يغري كل طامع للتدخل ، لعل إعجابي الشديد بالعادات والتقاليد الليبية العريقة والمجتمع الاسري الإسلامي الوسطي المحافظ يجعلنا نكرر الدعوة إلي الإسراع في بناء المؤسسات العسكرية ورفع مستوي التعاون الأمني بين بلدينا لأننا نأمل فقط أن تكون حدودنا معبراً لتبادل المصالح عقب ذهاب الطاغية الداعم الرئيسي لحركات التمرد السودانية بالسلاح.
ختاماً أخي العقيد طيار عبد الغني رئيس التحرير اشكر لكم مبادرتكم باختيارنا كأول ملحق عسكري يكتب لمجلتكم المسلح بثوبها الجديد ويسعدني أن أكتب إلي رجل في قامة وطنه ليبيا لأنني شاهد علي أنك من ضباط الجيش الليبي الثوريين قبل انطلاق شرارة ثورة 17 فبراير وظهر ذلك خلال زيارتنا لرئاسة مجلة المسلح مع الملحق العسكري السابق العميد مهندس ركن صالح يسن عقب زيارة وزير الدفاع السوداني إلي ليبيا في بداية فبراير 2011 م حيث لمسنا الروح الثورية من اجل الوطن رغم حساسية عملكم تحت أنظار النظام ووضعكم الشخصي المميز وللأمانة خرجنا من مكتبكم ونحن علي قناعة بان ثورتكم قادمة لامحال من خلال موقفكم المشرف الذي تستحقون عليه الشكر و الثناء.
اللهم اجعل ليبيا آمنة مستقرة وارزق أهلها من الثمرات والطيبات وبارك في ثرواتهم وأحفظ بلدينا وسائر بلاد المسلمين.