في العدد الأول قدمنا نبذة مختصرة عن الغلاف الجوي ومكوناته ومسمياته ومعناها والمساحة التي يشغلها أوضحنا بإيجاز التغير والثبوت في الضغط الجوي ودرجات الحرارة .وفي هذا العدد وكما وعدناكم سوف نسلط الضوء على أكثر هذه الطبقات أهمية عموما وخصوصا
لعلم الطيران لأن أكثر من 95 % من العمليات الجوية تجري في هذه الطبقة والباقي للمركبات الفضائية والصواريخ ومناطيد الرصد العالية وغيرها . من هنا تتضح الأهمية الكبرى لضرورة معرفة ودراسة خصائص هذه الطبقة ومتغيراتها .
نذكر هنا أننا قدمنا عرضا موجزا عنها سنذكره لضمان تسلسل المعلومات لدي القارئ العزيز حيث تسمي هذه الطبقة ( تروبوسفير وهي كلمة إغريقية من شقين تروبو وتعني متغير - سفير مصطلح يطلق على الشكل الكروي لأن هذه الطبقات تأخذ شكل الكرة الأرضية لأحاطتها بها . وهي رقيقة عند الأقطاب ( 7 كم ) وتزداد سمكا عند خط الإستواء لتصل إلي ( 17 كم ) تقريبا . كما ( 80 % ) من كتلة الهواء في الغلاف الجوي عموما توجد بهذه الطبقة . وفيها تتكون الحالات الجوية ( المناخ ) عموما والطقس تحديدا وهنا نوضح أن المناخ ( climate ) يعني الحالة الجوية لمدة طويلة قد تكون شهرا أو فصلا أو سنة أو عدة سنوات بعد أخذ الطقوس اليومية بجميع عناصرها وعمل متوسطات لها لمعرفة الحالة الجوية السائدة بها مثلا أم الطقس ( weather ) فتعني الحالة الجوية في لحظة أو يوم معين من حيث الحرارة والضغط والرياح والرطوبة والسحب والضباب إلخ ....
الحــــرارة :ــ
ونبدأ أولا بدرجات الحرارة وتأثيرها في تكوين المناخ فمصدر الحرارة الرئيسي هو أشعة الشمس التي تتسبب في تسخين سطح الأرض عندما تصل إليه فتنعكس الحرارة على الغلاف الغازي المحيط بالأرض فترفع حرارته وتكون الحرارة قريبا من سطح الأرض أكبر وتقل كلما إرتفعنا عنها وهو ما يفسر إنخفاض الحرارة كلما زاد الإرتفاع عن الأرض وقد سميت نسبة التناقص في درجات الحرارة ( lapse rate ) وتساوي ( - 2 دم / 1000 قدم ) 5 . 6 دم / 1 كم ) .
وأعلم عزيزي القارئ أن أشعة الشمس تقطع ( 93 ) مليون ميل من الفضاء لتصل إلي سطح الأرض بعد زمن قدره حوالي 8:30 دقائق وترتفع حرارة لمناطق التي تقع عليها الشمس عموديا أو شبه عمودي أكثر من المناطق التي تقع عليها أشعة الشمس بزاوية مائلة ولهذا كانت المناطق الأشد حرارة عند خط الاستواء ثم المناطق المعتدلة المدارية ثم الباردة والمتجمدة عند القطبين الشمالي والجنوبي وقريبا منهما . كما تقاس الحرارة بجهاز يسمي بالترمومتر ( thermometer ) وهو نوعان ( ترمومترمئوي وترمومتر فهرنهيايتي ) الأول يعطي القراء بالدرجة المئوية والثاني بالفهرنهايت وقد تم إختيار اليوم الذي تكون فيه الحرارة عند سطح البحر ( 15 ) درجة مئوية بعناصره الضغط الجوي والرطوبة والكثافة الجوية هو المقياس العالمي أو اليوم العالمي الثابت ( standard day ) وسنوضح ذلك في نهاية موضوعنا هذا بعد أن نعرف تأثير عناصر المناخ ببعضها البعض .
الضغط الجوي للغلاف الجوي ضغط يساوي ثقله على وحدة المساحة مثل الأجسام الأخرى أما الدليل على ذلك التجربة الشهيرة بأننا إذا أفرغنا وعاء من الهواء بواسطة آلات التفريغ فإن الضغط الجوي المحيط بالوعاء سيحطم جدرانه إذا كانت ضعيفة أو أقل من قوة الضغط الواقع عليها . ويعرف الضغط الجوي بأته وزن عمود الهواء الممتد من سطح البحر إلي نهاية الغلاف الجوي الغازي على البوصة المربعة والذي يقدر في الأحوال العادية ( في يوم العالمي الثابـــت ) ( 6 . 6 ) كجم وهذا يعادل عمودا من الزئبق إرتفاعه ( 76 ) سم على البوصة المربعة ويقاس الضغط الجوي بالبارومتر الزئبقي أو بالبارومتر المعدني ( aneroid ) أو الباروجراف . وقد أمكن تقسيم الكرة الأرضية إلي مناطق ضغط منخفض نتج عن إرتفاع الحرارة وكثرة الأبخرة وتصاعد الهواء إلي الطبقات العليا لقلة كثافته وإنخفاض وزنه ، وأخذت قياسات عدة من مختلف البقاع بالكرة الأرضية على مستوي سطح البحر بإختلاف معطيات الطقس اليومي من ( حرارة ورطوبة وضغط جوي وكثافة الهواء) وقد تم إختيار يوم ليكون اليوم العالمي الثابت للمعايرة والمقاييس : ـ والذي كانت فيه الحرارة ( 15 درجة مئوية والضغط الجوي على مستوي سطح البحر 25 . 1013 ملليبار 29 . 92 إنش ) ومعدل الرطوبة والكثافة أيضا. وبزيادة الإرتفاع حتى ( 11 كم - 000 .36 قدم ) كان الضغط الجوي ( 226 ملليبار ) وتناقصت الحرارة بمعدل 2 د م لكل 000 . 1 قدم - 5 . 6 د م لكل 1 كم . من 11 كم حتى 20 كم الضغط الجوي ( 7 .54 ملليبار ) والحرارة ثابتة تقريبا عند ( - 56 د م) م 20 كم حتى 32 الضغط الجوي ( 68 . 8 ملليبار ) تزداد الحرارة بمعدل ( 1 د م / 1 كم ) لتصل إلي ( - 044 د م ) على إرتفاع 32 كم . ومعدل إنخفاض الضغط الجوي كالآتي : يقل الضغط الجوي بمقدار 1 ملليبار لكل 30 قدم إرتفاع من سطح الأرض حتى إرتفاع 20000 قدم . ويقل الضغط الجوي بمقدار 1 مللليبار لكل 50 قدم إرتفاع من إرتفاع 000 . 20 قدم فما
فوق . وأخيرا نقول أن هذه الأرقام تقريبية لأنها تعتمد على حالة الطقس على سطح البحر من حرارة وضغط جوي ورطوبة وكثافة الهواء فالصعود 000 . 1 قدم في الهواء البارد يسبب في زيادة معدل التناقص في الضغط الجوي عنه أثناء الصعود 000 . 1 قدم في الهواء الساخن وهذه الحقائق مهمة جدا في تصميم ومعايرة أجهزة قياس الإرتفاع بالطائرات (ALTIMETER ) . ومعرفة علاقة الضغط الجوي والحرارة بالإرتفاع أمكن من دراسة الفرق في الطقس بين محطات الرصد والمهابط والطقس على مستوي سطح البحر ( SEA LEVEL.WX ) عندما تكون المحطة أعلي أو أقل من مستوي سطح البحر فسمي بطقس المحطة ( ST.WX ) أو ( STATION WETHER ) وطبعا نفهم هنا الفرق بين ضغط المحطة ( ST. PRESS ) وضغط سطح البحر ( SL.PRESS ) فإذا زاد إراتفاع المحطة عن مستوي سطح البحر قل ضغطها والعكس صحيح ومن هنا تمت دراسة وضع المهابط وإرتفاعها أو إنخفاضها على سطح البحر وأمكن معرفة المناخ وتحديد الطول اللازم للمهبط لإقلاع الطائرات وهنا وجب زيادة طول المهبط كلما ارتفعنا أكثر عن سطح البحر ويقل الطول اللازم للإقلاع إذا انخفضنا عن سطح البحر . نذكر هنا أن الضغط الجوي المستخدم في الطيران كمعيار لجهاز الإرتفاع تختلف حسب نوع الطيران : الطيران داخل منطقة تدريب المطار نستخدم الضغط الجوي على المهبط المسمي ( QFE ) ليقرأ العداد الإرتفاع من مستوي المهبط . الطيران على إرتفاع4000. قدم نستخدم الضغط الجوي على مستوي سطح البحر لذلك اليوم ليعطينا الإرتفاع من سطح البحر . الطيران على إرتفاع 4000> قدم نستخدم الضغط الجوي العالمي الثابت 52 . 1013 ملليبار لتوحيد قياسات عدادات الطائرات العاملة بجميع أنحاء العالم على الارتفاعات التجارية من 000 . 4 قدم فما فوق . ونحب أن نوضح للقارئ العزيز أن الضغط الجوي على سطح البحر يختلف بإختلاف درجة الحرارة اليومية فهو يكون أكبر أو أقل من الثابت حسب الحرارة . الرياح من هنا ننتقل إلى الرياح التي تهب من المناطق ذات الضغط الجوي المرتفع إلي الاقل ضغطا وذلك لأن الهواء أكثر وزنا بالمناطق المرتفعة الضغط فتنتقل إلي المناطق المنخفضة الضغط لملئها بالهواء كي يتساوي الضغط بالمنطقتين المتجاورتين وهذا هو المسبب الرئيسي للرياح بالغلاف الجوي ومن هنا نستطيع أن نحدد إتجاه الرياح من المناطق المرتفعة الضغط إلي المناطق المنخفضة الضغط . ويمكن أن نشعر بهذه الحركة الهوائية الناتجة عن إختلاف الضغط الجوي الذي نتج عن إختلاف درجات الحرارة في ظاهرة نسيم البر ونسيم البحر : ـ نظرا للفرق اليومي الواضح في درجات الحرارة بين اليابس والبحر لإختلاف طبيعة كل منهما في إمتصاص الحرارة وفقدانها ( اليابسة تكتسب الحرارة بسرعة وتفقدها بسرعة عكس الماء الذي يكتسبه ببطء ويفقدها ببطء ) وبهذا تختلف الحرارة على اليابس البحر المتجاورين فيختلف الضغط الجوي بينهما في النهار ترتفع الحرارة على اليابس فيسخن الهواء الملامس لها يقل ضغطه الجوي وتقل كثافته ليصبح وزنه أخف فيصعد إلي أعلي كما أسلفنا ليحل محله الهواء البارد العليل من فوق سطح البحر ليعادل الضغطيين أما في الليل فيحدث العكس حيث تفقد اليابسة حرارتها أسرع الهواء فوق سطح البحر إلي أعلي ويحل محله الهواء البارد القادم من اليابسة ذات الضغط المرتفع والحرارة المنخفضة والكثافة والوزن الزائدين .
وتقـاس الريـاح بجـهاز الأنيمومتـــــــــــــــــر ( anemometr )
واتجاهــــها بجــــــــــهاز دوارة الريــــــــح ( wind vane ).
الرطوبة : ننتقل الآن إلي الرطوبة وهي رذاذ بخار الماء الموجود بالجو وهو لا يكون رطبا إلا إذا احتوي على بخار الماء والطبقات السفلي للتروبوسفير لا تخلو من الرطوبة أبدا ومصدرها المسطحات المائية التي تغطي أكثر من ثلثي سطح الكرة الأرضية , وتزداد نسبة الرطوبة في الجو كلما زادت كمية ذرات بخار الماء تزيد وتقاس الرطوبة بجهاز يسمي الهيجرومتر ( hygrometer ) . التكاثف : وهنا لابد من الوقوف على ظاهرة وعوامل التكاثف لأهميتها فالعامل الأساسي هو إنخفاض الحرارة وسببه إما حركة الهواء العمودية إلي أعلي للطبقات العليا الأقل حرارة إلي الباردة أو أنتقال الهواء الرطب من المناطق الدافئة إلي المناطق الباردة أو تكاثف ذارت البخار الماء على ذارت الغبار العالقة بالجو أو إنبعاث الحرارة من سطح الارض ليلا حتي يبرد فتتكاثف عليه ذرات بخار الماء الملاصقة لسطح الارض . ومن مظاهر التكاثف : الضباب - الندي / السحاب - المطر فهو يكون ضبابا ثم ندي قريبا من سطح الارض ونوجز هنا أن الجو الملاصق للكرة الارضية يحمل نسبة كبيرة من الغازات الموجودة في الغلاف الجوي عموما وبه تتكون الزيادة أو النقصان في الحرارة والضغط الجوي والرطوبة ومنها تتكون الظواهر الطبيعية للطقس من ضباب وندي وسحب وأمطار وثلوج والرياح التي تسير السحب والأمطار والثلوج بأمر المولي عز وجل وتؤثر بحركتها في نسبة الرطوبة . وفي العدد القادم سنسلط الضوء على أنواع السحب وكيفية تكوينها وخصائصها وذلك مساهمة منا في إثراء إشباع فضول القارئ العزيز ومده بالمعلومة التي تمكنه من معرفة هذه السحب في حله وترحاله .