ان الضرورة تحتم علينا ان نفرد هذا المقال للحديث عن الأزمة الأمنية وخاصة ونحن نمر بظروف أمنية خطيرة ولعلنا بهذا نضع بين ايدي المهتمين ومتخذي القرار تعريفاً شاملا لمفهوم الأزمة الأمنية وطرق التعامل معها بشكل علمي مدروس
لقد تطورت الجريمة بغالبية المجتمعات في الآونة الأخيرة تطور شمل عناصرها المختلفة من فاعل وسلوك ووسيلة ، ولم يقتصر آثر ذلك التطور علي تغير شكل الجريمة أو نوعها أو حتى درجة خطورتها فحسب ،بل تعدي ذلك كله إلي آثار تلك الجريمة ودرجة ما تحدثه في المجتمع من تغير وتأثير قد ينال من مسيرة المجتمع، وشكله .
ولقد أسفر ذلك عما يمكن أن يسمى بتأزم الحدث الأمني أي وصوله إلي مستوي الأزمة ، الأمر الذي فرض علي الكوادر الأمنية المزيد من الأعباء لمواجهة تلك الأزمات منعاً لحدوثها أو محاصرتها وضبطاً لمرتكبها ،ودراسة الأزمة الأمنية وفي مقدمتها اتجاه الجريمة بصفة عامة ،والاهتمام بدراسة الجريمة المنظمة بصفة خاصة مثل جرائم الإرهاب والهجرة غير الشرعية والمخدرات الشغب، وغسيل الأموال والجرائم الاقتصادية ،والجرائم في مجال المعلومات ....وغيرها .
الأمر الذي فرض الاهتمام بدراسة الأزمات الأمنية تحسباً لما تفرزه الساحة الأمنية من متغيرات يتعين الاستعداد لمواجهتها، مع الآخذ في الاعتبار أن إي أزمة كبرى هي بدرجة أو أخرى أزمة أمنية بطبعها فلكل أزمة أبعاد أمنية لا يمكن تجاهلها أو إغفالها .ويصدق هذا علي وجه الخصوص بالنسبة للأزمات السياسية الاقتصادية .وربما أن البعد الأمني لأزمة معينة يشكل أزمة أمنية موازية فرضتها الأزمة الأم .
ويمكن تعريف الأزمة الأمنية بأنها ((الموقف أو الحدث أو مجموعة الأحداث التي تخل بالأمن الوطني والسلم الاجتماعي ، حيث تتسارع الأحداث مما يهدد بتزايد الخسائر المادية والمعنوية والفعلية أو المحتملة ،مما يستدعى استنفار كافة الأجهزة والسلطات والجهود والإمكانيات خصوصاً المؤسسات السياسية والأجهزة الأمنية للسيطرة علي الوضع وإنها المشكلة في أسرع وقت بأقل التكاليف والخسائر)). ويمكن تعريف الأزمة الأمنية ايضاً ((علي أنها تلك الحالة التي يستفحل فيها الحدث الأمني وتتصاعد فيها الأعمال المكونة له إلي مستوى التأزم الذي تتشابك فيه الأمور ويتعقد فيه الوضع إلي الحد الذي يتطلب معه ضرورة تكاتف جهود العديد من الجهات الأمنية وغير الأمنية لإمكان مواجهته بحكمة وخبرة وقدرة علي احتواء ما يترتب عليه من أضرار والحيلولة دون استفحالها ، وذلك بأمل الوصول إلى تحقيق الهدف المنشود والمتمثل في أقل قدر من الخسائر بأقل جهد وتكلفة ، وضبط الجناة للاستفادة منهم في إمكانية التعرف علي الأبعاد الحقيقية لتلك الأزمة منعاَ لتكرارها ودرءً لانتشارها )).
هي حدث أو فعل يقوم به شخص أو مجموعة أشخاص أو منظمة أو حزب أو دولة بقصد تحقيق مصلحة أو منفعة مادية أو معنوية ينتج عنه أضرار وخسائر للأشخاص والممتلكات العامة والخاصة ،حيث تتعقد الأمور وتتشابك الأمر الذي يستوجب حشد كافة جهود الدولة السياسية والأمنية للسيطرة علي الوضع بأقل قدر ممكن من الوقت والخسائر والتكاليف وإعادة الوضع إلي ما كان عليه . وتتشابك الأمر الذي يستوجب حشد كافة جهود الدولة السياسية والأمنية للسيطرة علي الوضع بأقل قدر ممكن من الوقت والخسائر والتكاليف وإعادة الوضع إلي ما كان عليه . وعرفت الأزمة الأمنية أيضا بأنها تصاعد في الأحداث وسرعة نموها نحو التعقيد بالاختلاط والتشابك بدرجة تهدد المصالح الوطنية للدولة ،وسواء كانت هذه الأحداث ومفاجئة أو متوقعة ، بفعل الإنسان أو بدونه، الأمر الذي يستلزم تكاتف الأجهزة المعنية بسياسة الأزمة ، لإيقاف نموها ومعالجة آثارها والعودة بالأمور إلي مجراها الطبيعي ، بالإضافة إلي الاستفادة من حدوث الأزمة وكيفية معالجتها في سجل الخبرات ، والتجارب والعمل علي تحقيق أعلى درجة ممكنة من المثالية في استغلال الوقت والجهد والإمكانيات.
لا تختلف إدارة الأزمة الأمنية عن إدارة الأزمات الأخرى لا فيما يتعلق بإضفاء الصفة الأمنية علي الأزمة ،وهذا يعني أن استخدام القوة أو إظهار النية باستخدامها جزء أساسيا من عملية الاستعداد لمواجهة الأزمة الأمنية ،ولعل أهم عناصر إدارة الأزمة الأمنية هو الجانب التنظيمي الذي يتعلق بتشكل فريق إدارة الأزمة الأمنية ،وقوة التدخل ومهامها وطريقة عملها ، والمهم هو أن استخدام القوة ليس محتماً ولا محبذا في معظم الأحيان ،فالحلول السياسية والإدارية والأساليب الأمنية غير العنيفة ،كالحوار والتفاوض قد تكون أجد وانفع وأقل تكلفة، وفي مجال إدارة الأزمات الأمنية يجب التأكيد علي التفريق بين الإدارة الوقائية للأزمة الأمنية والإدارة العلاجية لها، فالإدارة الوقائية للأزمات الأمنية هي مجمل الجهود التي تتخذ باستمرار لاكتشاف أسباب الأزمات الأمنية ومنع ظهورها وتطورها من خلال اتخاذ تدابير علي اكثر من صعيد بأكثر من طريقة .
بينما الإدارة العلاجية للأزمة الأمنية هي مجمل الجهود التي تتخذ للتعامل مع أزمة بعينها في مرحلة ما من مراحلها بهدف احتوائها وتقليل أضرارها وأخطارها وآثارها والاستفادة منها قدر الإمكان، والإدارة الوقائية للأزمات الأمنية قد تستدعي استخدام الدولة للقوة الأمنية والعسكرية لمعالجة أسباب نشوء الأزمات مثال ذلك العمليات الاستباقية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية كالاعتقالات ومواجهة المنظمات والأفراد قبل تفنيد أي نشاط قد يخل بالأمن. أن مواجهة الأزمات الأمنية تستدعي التزام الأجهزة الأمنية بأطر وركائز السياسة الوطنية للدولة.
عقيد / محمد شعبان الشائبي
مدير إدارة الطواري و الازمات
بالهيئة الوطنية للسلامة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.