أحداث لبنان 1975 - 1990

في العدد الماضي من مجلة المُسلح تناولنا الجزء الأول من الأحداث المؤلمة التي وقعت في لبنان في الفترة من 1975 و 1990 ووقفنا على نقاط مهمة كان لها الأثر البالغ في تفجر هذه الحرب وعَرَّفْنَّا الحرب الأهلية تعريفاً مبسطاً كما قدمنا سرداً تاريخياً عن تأسيس دولة لبنان وعن علاقة الثورة الفلسطينية بلبنان وأطراف الصراع الداخلي كما تكلمنا عن الشرارة التي تسببت في إندلاع الحرب .

وعن جبهات القتال والتدخل السوري وعن الغزو الصهيوني لجنوب لبنان عام 1978 وإجتياح العدو الصهيوني للبنان عام 1982 وفي هذا العدد نستكمل موضوع أحداث لبنان المؤلمة التي لم يُعرف فيها رابح أو خاسر بين الأطراف المُتقاتِلة. مع بداية يوم الثلاثاء 8 من شهر يونيو وسع العدو من عملياته العسكرية لتشمل مناطق الشوف ، مع استمرار في قصف مدينة بيروت شاملا الشريط الساحلي بين بيروت والسعديات ، وفي يوم 9 من شهر يونيو كانت قوات العدو على بعد 20 كلم عن مدينة بيروت .

في هذه الأجواء المضطربة ، تقدمت أسبانيا بمشروع قرار إلى مجلـس الأمــنالدولي يطالب مجدداً العـــــدو الصهيوني بالإنسحاب فوراً من لبنان ، ولكن هذا المشـروع أجهـضه الفيتـو الأمريكـي (الغير مستغرب " طبعاً " ) .

فأستمر العدو في عملياته العسكرية ضد القوات المشتركة الفلسطينية واللبنانية مع أن المبعوث الأميركي ( فليب حبيب ) توصل في دمشق إلى اتفاق يقضي بوقـــف إطلاق النار ابتداء من الساعة الثانية عشر من ظهر يوم الجمعة 11 من شهر يونيو ، وبالفعل أعلنت من سوريا والكيان الصهيوني قبولهما بالإتفاق وأعلن العدو الصهيوني بأن هذا الإتفاق لايشمل منظمة التحرير الفلسطينية !! .

بعد هذا الإتفاق شهدت خطوط المواجهة قتالاً عنيفاً بين القوات المشتركة والعدو الصهيوني ولقد أحبطت القوات المشتركة 5 محاولات إنزال في خلدة والأوزاعـي ، وبسبـب المقاومة الباسلة عاد العدو ،وأعلن قبوله لوقف اطلاق النار وكان ذلك يوم 12 / 6 / 1982 بحلوليوم 15 / 6 / 1982 كانت القوات الصهيونية تعسكر خارج بيروت وفي هذا الوقت طالبت الولايات المتحدة الأمريكية منظمة التحرير بالخروج من لبنان، وصدرت الأوامر لجيش العدو بشن غارات على بيروت الغربية لاستهداف القوات الفلسطنية المحصنة في المدينة.

استمر حصار بيروت لمدة 7 اسابيع قطع خلالها العدو الكهرباء والماء والطعام عن المدينة، وعانى فيها السكان من ويلات الحصار والجوع والعطش .
استأنـف العـدو هجومـه عـلى بيـروت الغربيـة عـن طريـق البــر والبحـر والجـو وأدى القصـف العشـوائي إلى مقتـل آلاف مـن الأبريــاء .
في هذه الأثناء أزدادت حركـة المبعوث الأمريكي للمنطقة فيليب حبيب مع الصهاينة ومنظمة التحرير الفلسطينية لانهاء الحصار.
في 12 من شهرأغسطس توصل حبيب إلى هدنة تقتضي خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانسحاب القوات الصهيونية ، ودخول قوات أمريكية وفرنسية وايطالية للاشراف على خروج مقاتلي منظمة التحرير وتأمين الحماية للمدنيين العزل من الفلسطينين المتواجدين في لبنان .
في يوم 21 من شهرأغسطس بدآت طلائع القوات الفرنسية والأمريكية والإيطالية تصل تباعاً ، وقامت هذه القوات بالإشرآف على خروج منظمة التحريـــر من بيروت بحــراً إلى اليونان ثم إلى سوريا وتونس والاردن والجزائر.
رغم التأكد من خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من الأراضي اللبنانية إلاَّ أن العــــدو الصهيونـــي أدعـى ان 2000 من الفدائيـن مازالـوا يختبؤون في مخيمات اللاجئين على أطراف بيروت.
وحـدث شيـئاً غريـباً حيـر المراقبـين وساهــم في تغيير مجريات الأمور ، وهو إنسحاب القوات متعددة الجنسيات بعد اسبوعين فقط من وصولها وقبل انسحاب القوات الصهيونية ، على غير ما أتفق عليه في إتفاقية وقف إطلاق النار ، كــــان من المفترض أن تبقى القوات متعددة الجنسيات لمدة شهر، إلى أن تنسحب قوات العدو الصهيوني .

في هذه الأثناء وبالتحديد يوم 23 من شــهر اغسطس وتحت مظلة الاحتلال الصهيوني للبنان ، تم إنتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية اللبنانية وقاطع النواب المسلمون هذه الإنتخابات، فقد كانت الدوائــــر المسلمــة تتخــــوف من علاقـــة بشير الجميل بالعدو الصهيوني ودعمها له بالسلاح أثناء الحرب.
في 11 من شهر سبتمبر تقابل بشير الجميل مع رئيس الوزراء الصهيوني مناحم بيجين في فلسطين المحتلة ووعده باتخاذ الخطوات لبدء علاقات دبلوماسية بين لبنان والكيان الصهيوني بمجرد أن يتسلم رئاسة الجمهورية اللبنانية.
ولكن القدر لم يمهله فقد تم اغتيال بشير الجميل بعد 3 أيام من هذه المقابلة المشؤومة ، فقد تم تفجير مبنى حزب الكتائب في بيروت الشرقية في 14 من شهر سبتمبر 1982 وقبل أيام من الموعد المحدد لتسلمه الرئاسة .

مجزرة صبرا وشاتيلا قامت قوات العدو الصهيوني بالدخول لبيروت الغربية في خرق لاتفاقية وقف إطلاق النار التي أشرفت عليها الولايات المتحدة الأمريكية ! ، وقامت تلك القوات بنقل 200 مقاتل من ميليشيا القوات اللبنانية بقيادة إيلي حبيقة إلى المخيـــــمات بحجة القضاء على مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية التي ادعت بأنهم مختبؤن في المخيمات... قتحمت القوات اللبنانية مخيمي صبرا وشاتيلا في السادسة من مساء يوم 16 من شهر سبتمبر 1982 بغطاء كامل من قوات العدو الصهيوني التي قدمت كل الدعم للمجرمين حيث قام الجيش الصهيوني بمحاصرة المخيمين وكان يطلق القنابل المضيئة في السماء ليتمكن مقاتلي القوات اللبنانية من الرؤية طوال الليل .

كـان قـادة جيـش العـدو الصهيـوني وعلى رأسهم الإرهابي شارون يتابعون المجزرة من فوق سطح مبنى سفارة الكويــت المطل على المخيمين. ووفقاً للتقارير الصهيونية لم يكن في المخيمات أي مقاتل من اعضاء منظمة التحرير الفلسطينية"، وتم في هذه المجزرة قتل أكثر من 3500 من المدنيين الفلسطينيين.... كانت نتائج المجازر في صبرا وشاتيلا قد أدت إلى سخط دولي على الصهاينة ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخـل وتحت هـذا الضغـط الدولــي عــادت القوات متعـددة الجنسـيات كــقوات حفظ سلام ( بعد أن وقع الفأس في الرأس !).

في 22 من سبتمبر أنتخب البرلمان اللبناني أمين الجميل ليخلف أخاه في رئاسة الجمهورية اللبنانية.

معاهدة 17 أيار في 17 من شهر مايو 1982 وقع أمين الجميل و الولايات المتحدة والصهاينة على اتفاق ينص على انسحاب قوات العدو الصهيوني من لبنان بشرط أن تنسحب القوات السورية ، كما نص الاتفاق ان "حالة الحرب بين لبنان و الصهاينة قد انتهت ولم يعد لها وجود" وهو ما جعل هذه الاتفاقية بمثابة اتفاقية سلام ، ولكن اللبنانيون المسلمون أعتبروا الاتفاقية محاولــة من الـــعدو الصهيونــي للسيطرة الدائمة على جنوب لبنان ، كما أعتبر البعض أن أمين الجميل خائن وإن الاتفاقية هي اتفاقية استسلام وليست إتفاقية سلام وفي المقابل رفضت سوريا الانسحاب.

في شهر اغسطس 1983 انسحب العدو الصهيوني من جبل الشوف وبذلـك زال الفاصـل ما بيــــن الــــدروز والمسيحيين لتندلع معارك عنيفة ودامية بين الحزب التقدمي الإشتراكي مدعوماً من بعض القوة الفلسطينية في مواجهة القوات اللبنانية والجيش اللبناني.
وأزدادت المـعارك حـدة على مختلـف الجبهات لترتفع معها أعداد القتلى بصورة مرعبة ، إذ كان يسقط مئات المقاتلين من الطرفين كل بضعة أيام ، واعتبر المراقبون حرب الجبل إحدىأعنف فصول الحرب اللبنانية وانتهت هذه المعـــارك بهزيمــــة القــوات اللبنانية وانسحاب المقاتلين المسحيين إلى بلدة دير القمر وبعدها إلى بيروت الشرقية ، كانت حصيلة المعارك سقوط المئات من الأبرياء من الطرفين .

من أهم نتائج حرب الجبل انها فتحت للمقاومة الطريق نحو الجنوب وأصبحت القوات السورية قادرة على دعم المقاومة وسبباً مهماً لسقوط اتفاق 17 ايار.

الهجمات على الأهـــداف الأمريكية
ما بيـن عامـي 1983 و 1984 تـم استـهداف العديـد من المصـالح الأمريكية في لبنان ، ففي شهرأبريل 1983 قتل 63 شخصاً في انفجار انتحاري أستهدف السفارة الأمريكية في بيروت ، وفي شهر أكتوبر 1983 قتل 241 جندياً أمريكاً و 58 جندياً فرنسياً في هجوم انتحاري استهدف معسكر القوات الأمريكية و الفرنسية في بيروت. في شهر يناير 1984 قتـل رئيـس الجامعة الأمريكيـة في بيـــروت وفي شهر سبتمر 1984 تكرر الهجوم على السفارة الأمريكية في بيروت في مبناها الجديد الأكثر تحصينا ، وأدى التفجيـر إلـى مقتـل 7 لبنانييــــــن وأمريكيين أثنين .

عروس الجنــوب الشهيدة سناء يوسف محيدلي (1985-1968)

سناء محيدلي هي فتاة لبنانية من مواليد عنقون بقضاء زهراني في جنوب لبنان وهي أحدى أبناء هذا الوطن الرافض للذل والهوان ، قدمت روحها فــداءً لــهذا الوطـن ، حتـى يعـرف العــدو بأن الشباب العربي رافـض لكـل أنـواع الخنــوع وهـــاهــي (الشهيدة سناء محيدلي) أبنة الثامنة عشر ربيعاً تعطي أروع الأمثلة في التضحية بالغالي والنفيس .
وهـــي أول فــــتاة استشهاديـة على أرض لبنـــان ضد جيش الاحتلال الصهيونــي صباح يوم الثلاثاء 9 من شهر أبريل عام 1985، اقتحمت (الشهيدة سناء محيدلي) وعمرها لم يتجاوز الثامنـة عشر ، بسيارة نوع بيجو 504 بيضاء اللون ، مفخخة بأكثر من 200 كلغ من ( T N T ) شديدة الإنفجار ،تجمعاً لآليات جيش الاحتلال الصهيوني على معبر باتر- جزين، مفجرة نفســـها وسط التجمع الذي كان ينظم المرحـــلة الثانية من الانسحاب من القطاع الشرقي لجنوب لبنان، تناقلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية أنباء عمليتـها الاستشهاديـة، كـما اعتـرف العـدو الصهيوني بالعملية وتناولت وسائل إعلامه الخبر وحذرت جنـودها مـن عمليـات أخـرى قـد تستهدفهـم .

حيـث أعلنـت إذاعـة الجيـش الصهيوني خبراً عاجلاً مفاده أن ضابطين من الجيش الصهيوني قتلا وأن جنديين أصيبا بجروح ، وهذا الخبر لم يكن ذا مصداقية حيث قال شهود عيان بأن أعداد القتلى والجرحى يعد بالعشرات وليس كما جاء في إذاعة جيش العدو.
وقد طلبت سناء في وصيتها الأخيرة قبل تنفيذ عمليتـها أن يطلـق عليـها لقـب "عروس الجنوب" وشاع إستعمال هذا اللقب عنها وصارت أحد رموز المقاومة الشعبية اللبنانية والعربية وسميت باسمها الشوارع والساحات والمدارس .

أحتفظ العـدو الصهيونـي بجثمانـها الطاهـر حتى شهر يوليو 2008 حيـــن تمــت إعادة رفاتها في عملية تبادل الأسرى بين المقاومة اللبنانية وحكومة العدو لتبادل الأسرى وجثامين المقاتلين .
وهكذا رجعت عروس الجنوب إلى مسقط رأسها في 21 من شهر يوليو 2008 لتدفن في الأرض التي أحبتها وضحت من أجلها .

حرب المخيمات
بعد إنسحاب القوات المتعددة الجنسيات من لبنان، سيطرت حركة أمل في شهر أبريل 1985 على بيروت الغربية ، في شهر مايو 1985 هاجمت حركة أمل و الحزب التقدمي الاشتراكي القوة الفلسطينية في صبرا وشاتيلا و برج البراجنة ، واستمرت حرب المخيمات ما بين عامي 1985 و 1986 تم خلالها حصار المخيمات ومنع المساعدات من الوصول اليها وتدمير المخيمات تدميراً شبه كامل .

المناضلة سهى بشارة
فتاة لبنانية أنخرطت في النضال الوطني اللبناني مبكراً ، مصممة على مقاومة العدو الغاصب بكل ما أوتيت من قوة ، عازمة على استئصال هذا الوجود الغريب من أرض لبنان ، ودفعت من حريتها ثمناً غالياً فقد أودعت في زنزانة بلا محاكمة، ومن دون أن يتسنى لها معرفة سنــوات العقوبـــة المفروضــــة عليها" ، هذه هي سهى بشارة .. ( زهرة الجنوب ) التي ولدت في الجنوب اللبناني عام 1967، قررت ترك الدراسة والتوجه للجنوب ، تمهيدا لاغتيال العميل أنطوان لحد قائد ما سمي وقتها بجيش لبنان الجنوبي الموالي للعدو الصهيوني ، بعد فترة قصيرة من وجودها في مرجعيون، وطدت سهى علاقتها بزوجه العميل أنطوان لحد ، وفـــي مساء الاثنين 17 من شهر نوفمبر 1988، دعت زوجة العميل لحد ، سهى بشارة لشرب الشاي معها، رأت سهى في هذه الدعوة اللحظة المناسبة لتنفيذ مهمتها، وبالفعل توجهت ســــــهى إلى منزل العميل أنطوان لحد، تتذكـــر المناضلـــة تلك الفترة قائلة "كانت الساعة حوالي الثامنة مساءً ، وبدا أنطوان لحد، الجالس عن يميني، يواصل كلامه، وللحظة وقع نظره علي وأخذ يرمقني بشيء من الفضول، جذبتُ حقيبتي وكنتُ هادئة هدوءاً غريباً دسستُ يدي في الحقيبــــة وفي لمح البصر، أمسكت يدي المسدس بشدة ، وأخرجتُ المسـدس من الحقيبة، وببرودة أعصاب، صوبت مسدسي نحو العميل لحد نحو القلب.." وأفرغت رصاصاتي " وحينما سألت ،لماذا حاولت قتله ، ردت سها "إنما هو الذي يقتلنا.. " ، أعتقلت سهى .. وتم نقلها إلى الكيان الصهيوني للتحقيق معها، وبعدها تم تسليمها لعملاء الكيان الصهيوني ممن يطلق عليهم جيش لبنان الجنوبي بغرض الانتقام منها، وقضت سهى عشر سنوات في سجن الخيام، حتى تم الإفراج عنها في عام 1998.
سهى واحدة من الفتيات العربيات المقاومات اللواتي ضربن أروع أمثال البطولة والفداء، ورفض الظلم والذل والانكسار. صحيح رصاصات سهى بشارة لم تصب من العميل مقتلاً ، ولكنها أستطاعت أن تقض مضاجع العملاء وأسيادهم .

حكومة ميشيل عون
عين الرئيس اللبناني أمين الجميل العماد ميشال عون الماروني رئيساً للوزراء في مخالفة للميثاق الوطني الذي كان ينص بأن يكون رئيس الوزراء مسلم ( سني ) ورفض اللبنانيون المسلمون هذه المخالفة للميثاق الوطني وأعلنوا دعمهم لسليم الحص ليكون رئيساً للوزراء ،بذلك أصبح للبنان حكومتين، حكومة عسكرية مسيحية في بيـروت الشرقيـة و حكومـة مدنـــية مسلــــمة فـــي بيــــروت الغربيــة فـي شـهر مـارس 1989، بـدأ ميشال عون حرباً ضد الجيش السوري سماها "حرب التحرير" وادعـى انـــه يحــارب من أجل استقلال لبنان ، أدت هذه الحرب إلى تدميـر كبيـر لبيـروت الشرقيـة وهـجرة أعـداد كبيـرة للسـكان المسيحيين.

اتفاق الطائف وإنهاء الحرب
في شهرغسطس 1989 توصل النواب اللبنانيون في مدينة الطائف بوساطة سعودية إلى اتفاق كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية ، وفور عودة النواب اللبنانيون من مدينة الطائف انتخبوا ( رينيه معوض ) رئيساً للجمهورية ولكن ميشال عون رفض الاعتراف بمعوض و رفض اتفاق الطائف ذلك لأن الاتفاق يقضي بإنتشار سوري على الأراضي اللبنانية.
تم أغتيال الرئيس رينيه معوض بعد انتخابه ب 16 يوماً فقط و خلفه إلياس الهراوي ، ورفض ميشال عون مرة أخرى الاعتراف بإلياس الهراوي أيضاً تم إقصاء ميشال عون من قصر بعبدا الرئاسي في شهر أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية- سورية مشتركة حيث فر ولجاء إلى السفارة الفرنسية وتوجــــه مــــن بعدها إلى منفاه في باريس انتهت الحرب اللبنانية الأهلية باقصاء ميشال عون وتمكين حكومة إلياس الهراوي وباصدار البرلمان اللبناني في مـارس 1991 لقانـون العفـو عن كل الجرائم التي حصلت منذ 1975، في شهر مايو تم حل جميع الميليشات باستثناء حزب الله وبدأت عملية بناء الجيش اللبناني كجيش وطني غير طائفي.

مناضلون من ليبيا
بعد تأزم الأمر وإزدياد حدة الإقتتال الأهلي في لبنان، عُقدت قمة عربية في القاهرة ، تقرر فيها تشكيل قوات ردع عربية، باسم جامعة الدول العربية، لتفصل بين الفرق المتحاربة.
وفي غضون عدة أشهر، أصبحت قوات الردع العربية ، هي القوة الحقيقية في لبنان، وهذا الأمر لم ترضى عنه بعض الفصائل وعلى رأس هذه الفصائل المعارضة حزب الكتائب .
ومن هنا بدآت الطوائف المسيحية تفعيل معارضتها لوجود هذه القوات والتي أغلبها من القوات السورية وقامت مقاومة صامتة في الظل ضدها ومع الوقت تغيرت هذه المقاومة إلى مقاومة واضحة ، تمثلت في اشتباكات مسلحة، بين ميليشيات حزبي الكتائب والأحرار وقوات الردع .
بالتالي تغير موقف الأحزاب اللبنانية الإسلامية وبعض الحركات الفلسطينية ، الذين كانوا قد استاءوا من تدخل قوات الردع العربية في البداية، فأصبحوا أكثر قبولاً لها ، وهكذا تغيرت التحالفات على الساحة اللبنانية ، كما أخذت صور المعارك تأخد طابعاً طائفياً بمرور الوقت، وتفشت ظاهرة الخطف والقتل، طبقاً لبطاقات الهوية. وانتشرت الحواجز الأمنية، وكثرت الميليشيات، والهجرة القسرية ، من منطقة إلى أخرى، أو من حي سكني إلى أخر طبقاً للانتماء الطائفي. ووسط هذا الجو المشحون ، كان هناك رِجالاً يبدلون أرواحهم رخيصة فى سبيل الأمة دونما ثمن أو مكسب، الا الشهادة والثواب ،والحيـاة الحرة الكريمة ، فقد شارك العديد من العرب في قوات الردع العربية ومن بينهم مناضلين من ليبيا قدموا أرواحهم ومن بين الشهداء الليبيين /
الشهيد : علي إبراهيم نويضة.
الشهيد : خالد محمـد المعلول .
الشهيد : سعيـد عريبي خليفة .
ولقد تطوع هؤلاء الفتية للقتال فى أشرف الميادين ،وخاضوا المعارك وسطروا صفحة ناصعة فى تاريخ الوطن ،لم تغرهم الحياة بما فيها من مباهج ، كان نداء الواجب أكبر من كل شيء لديهم ، بالرغم من صغر سنهم، قاتلوا وجاهدوا وأستشهدوا .
وهو ما ينطبق عليهم قول الله تعالى "من المؤمنين رجالاٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً " صدق الله العظيم. سورة الاحزاب الاية ( 23)

Tweet