كشفت إيران مؤخراً عن عضو جديد في عائلة صواريخ أرض - أرض "فاتح" المصنعة محلياً يحمل اسم "ذو الفقار" ليكون ترتيبه العضو التاسع في عائلة الصواريخ الباليستية والثالث في حقل الصواريخ البعيدة المدى، العاملة بالوقود الصلب المركب يعد صاروخ ذو الفقار الباليستي نموذجاً متطوراً وحديثاً للجيل الجديد
من صواريخ فاتح 110 حيث يبلغ مدى هذا الصاروخ أكثر من 700 كيلومتر وهو صاروخ يعمل بتقنية المرحلة الواحدة، ويستخدم الوقود الصلب المركب وللتوضيح حول ماهية الوقود الصلب ينبغي الإشارة إلى أن هذا النوع من الوقود الصاروخي أنتج لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي من قبل بحاث اميركيين، ومنذ ذلك الحين تمت اضافة مواد جديدة لهذه النوع من الوقود وشهد الكثير من التغييرات الدائمة والمستمرة للمواد المستخدمة في انتاجه.
يستخدم هذا النوع من الوقود غالباً في الصواريخ التي تحمل المركبات الفضائية أو في الصواريخ الباليستية العملاقة والبعيدة المدى وطريقة عمل هذا النوع من الوقود هي ان يتم تخزينه به في القسم الخلفي من الصاروخ حيث توجد هناك غرفة الاحتراق، وعلى عكس الوقود الصلب التقليدي، يتم تركيب هذا النوع من وقود الصلب مع مادة مؤكسدة على شكل بلورات صغيرة يؤدي احتراقها التدريجي الى تحريك الصاروخ.
ويتميز هذا النوع من الوقود بايجاد المزيد من الاستقرار للصاروخ خلال فترة انطلاقه وطيرانه ، لان الصواريخ التي تستخدم الوقود الصلب التقليدي تعاني من عدم الاستقرار خلال فترة طيران الصاروخ لاسباب مختلفة تتعلق بعملية احتراق وقودها وتتميز أيضاً بالإنخفاض الكبير لنسبة الدخان الناتج من احتراق هذا النوع من الوقود مقارنة بالوقود الصلب التقليدي وهذا امر قد يكون له اهمية كبيرة أثناء استخدام هذا النوع من الصواريخ في العمليات القتالية.
وبإستخدام ايران لهذا النوع من الوقود الصاروخي تكون قد انضمت الى الدول القليلة التي تستخدم تقنية الوقود الصلب المركب في اطلاق صواريخها البالستية وتكون صناعتها الصاروخية أدق من حيث الآداء وأكثر فعالية من سابقاتها
وكانت صواريخ سجيل وفاتح 313 فقط تستخدم الوقود الصلب المركب والآن ومع انتاج صواريخ ذوالفقار البعيدة المدى فقد انضم هذا الصاروخ الى هذا الجيل من الصواريخ الايرانية التي تعمل محركاتها بالوقود الصلب المركب.
ومن أهم مميزات صواريخ "فاتح" الدقة العالية في الإستهداف فضلا عن ان هذا الصاروخ يعمل على الوقود الصلب، الأمر الذي يمنحه سرعة في الإطلاق دون الحاجة إلى تحضيرات مسبقة، وعدم الحاجة إلى عمليات الاختبار قبل الإطلاق أيضا، والحصول على سرعة الأداء في الإطلاق والقوة التدميرية العالية إلى جانب منظومات استشعار متطورة تتابع الهدف حتى النهاية.
وتبلغ دائرة احتمال الخطأ للصاروخ "فاتح" اقل من 10 أمتار، في حين الميزة تعتبر بالنسبة الى النسخة البحرية لهذا الصاروخ الذي يطلق عليه إسم "خليج فارس" أكثر اهمية لانها تستخدم لتدمير الاهداف البحرية المتحركة، ولهذا فان احتمال الخطأ قليل جدا وهي بذلك تقترب من انظمة الصواريخ أرض-أرض للدول المتقدمة في هذا المجال، وهذا في الواقع يشير الى التطور الكبير الحاصل لايران في مجال تقليل احتمالات نسبة الخطأ في اصابة الأهداف .
في الحقيقة أن قلة احتمال خطأ الاصابة بالنسبة لصاروخ "فاتح أرض – أرض" أو "خليج فارس أرض – بحر" وإمكانية إصابة أهداف نقطية، يجعل من تلك الصواريخ أكثر أهمية ويضع الصواريخ الإيرانية في نفس المرتبة مع الدول المتقدمة ذات التاريخ التصنيعي للصواريخ البالستية والتي تحافظ على الكثير من أسرارها وهذا دليل كبير على نجاحها وعلى الإمكانات العلمية والعملية لدى الخبراء والعلماء الإيرانيين حيث أصبح بالإمكان من خلال استخدام أساليب التوجيه الحديثة، وتجهيز الصاروخ بنظام استهداف الأهداف النقطية، دون حصول أي انحراف في المسار، وفي جميع الظروف الجوية
يطلق صاروخ ذو الفقار من منصة متحركة ويتمتع بقابلية الافلات من الرادارات بإمكانه اصابة اهدافا نقطية مما يعزز من القدرات القتالية للقوات المسلحة الايرانية بشكل ملحوظ كما أن تزويده برأس حربي انشطاري يعزز من فاعليته في تدمير مساحة كبيرة من الأرض ويذكر ان جميع مراحل التحقيق والتصميم وانتاج هذا الصاروخ تم على يد المتخصصين والخبراء والمهندسين الايرانيين المحليين العاملين في مؤسسة الصناعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في إيران.
يعتبر صاروخ "فاتح 110" الأول في العائلة الصاروخية وهو صاروخ بالستي قصير المدى ازيح الستار عن الجيل الاول منه عام 2002، وقد اُعلن في حينها بان مداه يصل الى نحو 200 كلم، الا انه وبعد سنوات قليلة، تم إجراء تعديلات على الجيل الاول من هذا الصاروخ وظهر الجيل الثاني ليشمل تحسين انظمة التحكم والملاحة ثم توالت عمليات التحديث والتطوير ليظهر الجيل الثالث والرابع لهذا الصاروخ حيث تم زيادة مدى الصاروخ 50 كلم مقارنة بالجيل الاول، الا ان من الخصائص المهمة للجيل الرابع من صاروخ "فاتح 110" هو ان هذا الجيل يعمل على الوقود الصلب، الامر الذي يمنحه سرعة في الإطلاق دون الحاجة إلى تحضيرات مسبقة فضلا عن زيادة مداه ليبلغ 300 كيلومتر وامكانية اصابة اهداف نقطية، حيث اصبح من خلال استخدام اساليب التوجيه الحديثة، وتجهيز الصاروخ بنظام استهداف الاهداف النقطية، دون حصول اي انحراف في مسار طيرانه ، وفي مختلف الظروف الجوية.
ويتميز صاروخ "فاتح 110" بسرعة الاطلاق من خلال تقليل انظمة دعم عمليات الاطلاق وزيادة عمر الصاروخ وزيادة مدة بقاء الصاروخ على منصة الاطلاق، وكذلك تقليل التحضيرات المسبقة لعملية الاطلاق وعدم الحاجة الى عمليات الاختبار قبل الاطلاق ايضا، والحصول على سرعة الاداء في الاطلاق والقوة التدميرية العالية والدقة في الاستهداف العادي.
ومن المميزات المهمة لهذا الصاروخ ايضا هو تجهيزه بانظمة محلية، الامر الذي يجعل احتمال رصد هذا الصاروخ من قبل وحدات العدو، مستحيلا وان الصاروخ يمكن التحكم عليه حتى لحظة اصابته الهدف.
وكانت إيران قد بدأت في بناء وتطوير منظومتها الصاروخية خلال فترة حكم الشاه وكانت برامجها الصاروخية تتم بمعاونة دولة الكيان الصهيوني التي ساعدتها على تطوير صواريخ قصيرة المدى بعدما رفضت واشنطن منحه صواريخ لانس قدمت إيران التمويل وقدمت دولة الكيان التكنولوجيا. في ذلك الوقت كانت إيران هي القوة العسكرية الجوية الأكبر في منطقة الخليج بامتلاكها 400 طائرة مقاتلة وأستمر التركيز على تطوير الصواريخ بعد حقبة الثورة الإسلامية وبعد فترة الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي.
وبفضل طموح قادتها تمتلك إيران بالفعل واحدة من أكبر ترسانات الصواريخ الباليستية في منطقة الشرق الأوسط، إن لم تكن هي الأكبر بالفعل ومع أن غالبية الصواريخ الباليستية التي تمتلكها مصدرها كوريا الشمالية إلا أنها تمكنت من أن تكون عضو بارز في هذا المجال وكانت إيران قد أعلنت مسبقًا أن سقف قدرات صواريخ أرض- أرض التي تملكها يبلغ حوالي 2000 كيلومتر وبذلك أصبحت إيران الدولة الوحيدة التي تقوم بتطوير صاروخ باليستي بهذا المدى دون أن تملك قدرات تسليح نووي.
ويعتبر البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية أحد البرامج المتقدمة الذي تطور مع مرور السنين بشكل كبير وفعال وهو يحظى بدعم غير محدود من الحكومة الإيرانية. ويشمل هذا البرنامج فريقاً من المهندسين والفنيين الماهرين، والذين يعملون في إطار “منظمة الصناعات الجوية الفضائية” التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، والتي تملك أكثر من 20 شركة تابعة لها منذ العام 1993م ويعد الحرس الثوري الإيراني هو فرع المنظمة الأكثر نشاطًا في مجال التطوير وهو أكبر المستخدمين النهائيين لمنتجات المنظمة منذ عام 2006، وقد أنشأ الحرس الثوري مركز أبحاث للصواريخ والفضاء الخاص به بغرض تعزيز قدراته الصاروخية.
وفي إطار الإهتمام بهذا المجال الحيوي قام الحرس الثوري بعد ذلك بدمج هذا المركز مع منظمة جهاد الاكتفاء الذاتي التابعة أيضًا له بالإضافة لهذا تقدم 24 جامعة إيرانية على الأقل دورات دراسية في هندسة الطيران المتقدمة كبرامج مساندة ووفقًا لنظام تصنيفات المجلات العلمية، فإن الإيرانيين كتبوا خلال عام 2013 مقالات أكاديمية حول هندسة الطيران أكثر مما كتبه الروس، وذلك على الرغم من أن النظام الإيراني يمنع الباحثين العاملين في المشاريع العسكرية من نشر أي مقالات في الدوريات والمجلات العلمية.