ترجمة عن مجلة Jane's الدفاعية
إذا كانت الحرب خدعة كما قال (صن تزو) في نظرياته عن فنون الحرب ، فإن الصين و مع مرور السنوات أصبحت قوة يجب أن يخشى منها. ظاهرياً على الأقل يبدو بشكل واضح أن للصين نوايا حسنة فى مسيرة تقدمها في المجالات الدفاعية.
في آخر إصدار لما يسمى بالورقة البيضاء و هي النشرة التي تصدرها وزارة الدفاع الصينية باللغة الانجليزية و التي أفتتحت بعبارة "من أجل إرساء دعائم السلام العالمي" متبوعة بوعد بعدم الدخول في سباقات التسلح العالمي أو تشكيل أي تهديد عسكري لأي دولة في العالم. و إتخذت الصين لها مبدأ "التقدم السلمي" على الصعيد الرسمي و كانت آخر حرب دخلتها الصين هي الصراع مع تايوان و التي انتهت عام 1979 و هي اليوم بعيدة عن الذاكرة كبعد ماوتسي تونع عن تصدير الثورة الماركسية للخارج ، بحسب المصدر.
و بالرغم من لغة التطمين الجديدة التي تنتهجها الصين , فإن حجم الصين الكبير يكفي لأن يشعر الغرب بعدم الإرتياح حيال التقدم الصيني الملحوظ كما أن عبارة "صنع في الصين" التي تزداد إنتشاراً تذكر بأن التنين النائم لم يستيقظ فحسب بل أنه شرع في إلتهام كل شي في طريقه.
و الان و بعد مرور ما يزيد عن عقد من الزمن على التقدم المضطرد و تحقيق انجازات تقنية ملفتة للنظر توجت بإرسال رائد فضاء صيني بتقنية صينية خالصة الى الفضاء سنة 2003 و إتباعه بثلاثة رواد فضاء سنة 2008 و إسقاط قمر صناعي سنة 2007 ، أصبحت نظرية التهديد الصيني أكثر شيوعاً مع أن كثير من الخبراء العسكريين يقللون من أهمية ذلك التهديد.
من بين التصريحات حول القوة الصينية القادمة كانت التصريحات القادمة من واشنطن التي تظهر قلقاً متصاعداً من القوة المتنامية للصين و التهديدات المحتملة التي قد تنتج عنها.
في شهر مايو حذر قائد القوات الامريكية في المحيط الهادئ الادميرال تيموثي كيتينج الصين من عدم تضييع المزيد من الوقت و الجهد و المال في أهدافها العسكرية الخاصة و التركيز على التعاون مع الولايات المتحدة الامريكية لارساء دعائم الامن و الاستقرار في المحيط الهادئ.
في الشهر الماضي صرح مدير وكالة الاستخبارات الاميريكية مايكل هايدن بأن التطور العسكري الصيني يمثل (إزعاج) للولايات المتحدة الاميريكية و بان الصين على ما يبدو تقوم بإستعراض عضلاتها. كما ان أخر تقرير لوزارة الدفاع الامريكية عن القوة العسكرية لجمهورية الصين الشعبية سلط الضوء على الخطر المحتمل القادم من الصين و كيفية الحيلولة دون إنتشار نشاطها العسكري في المنطقة و عن ما يمكن إستعمال تلك القوة من أجله.
الرد الصيني جاء غير مبالي و ثابت و يحمل توضيحاً بان الصين دولة مسالمة و لا تحمل اي نوايا عدائية و بأن برنامجها العسكري و مع أنه متطور فهو يعتمد على مبدأ الدفاع و ليس الهجوم ، كما ان وسائل الاعلام الصينية الرسمية حملت وسائل الاعلام الغربية مسؤلية صناعت نظرية "التهديد الصيني".
الصين من جانبها و جدت أن هناك حملة دعائية مضادة عليها من الغرب و قد يكون عليها في المستقبل ان تعمل على تطوير نفسها عسكريا تحت غطاء من السرية كما أنها ستسعى إلى إظهار أن التهديد الصيني المحتمل ما هو إلا نظرية إخترعها الغرب. و كما قال ديفيد فينكيلستاين مدير المركز المستقل للدراسات الصينية في الولايات المتحدة أن " الصين عندها مشكلة في صورتها الاعلامية" و أن حقيقة المشكلة تكمن في التعتيم الاعلامي لوسائل الاعلام الرسمية الصينية , و أضاف أن الصين على علم بالمخاوف التي تسببها في المنطقة بسبب تطور قدراتها العسكرية و انها تسعى لتطمين حلفائها في المنطقة.
كما أن الصين نالت مكاسب سياسية من دورها في المباحثات مع كوريا الشمالية لإثنائها عن عزمها إمتلاك أسلحة نووية و كذلك من التبادل التجاري البحري مع اليابان و الدور الذي لعبته مع الامم المتحدة في مهام حفظ السلام في العالم و إعادة تفعيل الخط الساخن الخاص بالامور الدفاعية مع الولايات المتحدة في أبريل الماضي، كما أضيفت بعض المكاسب للصين بدخولها بعض التمارين المتمثلة في مباريات حربية مع روسيا و الهند و نهاية بمناورات عسكرية مع ثايلند تعد الاولي من نوعها للجيش الصيني خارج التراب الصيني.
وفي نفس السياق صرح مصدر صيني أنه من غير الممكن للصين أن تتراجع للخلف و أنه من الطبيعى لأي دولة أن تستمر في تطوير قدراتها لاسيما الدفاعية منها حيث أن الصين تطور جيشها بالتوازى مع ما تشهده الدولة من تطور على المسار الاجتماعي و الاقتصادي.
حملت السنوات القليلة الماضية الكثير من التغيرات في جمهورية ماو لاسيما بعض الانفراج الذي تشهده الديمقراطية في الصين و التي قد تظهر بتخفيف قبضة الحزب الشيوعي الحاكم على مقاليد السلطة و التي تنعكس بشكل واضح على الاعلام الرسمي الذي لطالما تميز بالتعتيم ، حيث أن الحكومة وافقت على إمداد الامم المتحدة بكل نشاطاتها العسكرية و سلمت معلومات عن أسلحتها التقليدية لغرض تسجيلها. و في نفس السياق صرح مصدر مسؤول من وزارة الدفاع الامريكية و الذي ساهم في وضع تقرير عن نشاط الصين العسكري أن المعلومات المنشورة من قبل جيش الصين الشعبي لا تمثل اى إضافة للمعلومات المتوفرة أصلاً و أضاف أنه مع ذلك توجد بعض الخطوات الايجابية و التي أتت نتيجة ضغط متزايد علي الصين و لكنها لم تفي بالمتطلبات الغربية بعد على حد تعبيره.
تمويل جيش التحرير الشعبي (الجيش الصيني)
لقد صنعت ما سميت بالمعجزة الاقتصادية الصينية المعجزات لجيش التحرير الشعبي الصيني حيث تم مضاعفة الميزانية المخصصة للشؤون الدفاعية من 20.78 مليار دولار أمريكي إلى 46.21 مليار دولار في الخطة الخمسية المنتهية في سنة 2007 و ليس هذا فحسب بل و بحسب مؤسسة جينس للتوقعات الدفاعية زادت الميزانية السنوية بنسبة 8.3 % سنة 2008 و زادت بنسبة 9.6 % لسنة 2009 و بنسبة 11.7 % لسنة 2010 حيث سيصل الدعم المالي لميزانية الدفاع إلى 78.81 مليار دولار.
إن حجم و سرعة النمو المضطرد العسكري للصين قد يكون مقلقاً على عكس ما يصر مصدر صيني مطًلع بأنه ليس هناك ما يدعو للخوف أو الريبة، حيث بين أن الزيادة الكبيرة في الموازنة الدفاعية هي فقط لتحسين رواتب العسكريين التي كانت منخفضة كما ان جزء كبير من الميزانية خصص للسكن و البنية التحتية و التموين و أضاف المصدر أننا يجب أن نجعل الالتحاق بالقوات المسلحة أمر جاذب للشباب. حيث تسابق الصين الزمن لتحسين نوعية المجندين الذين يرغبون بالعمل في جيش التحرير الشعبي حيث تم تنظيم مقابلات في أكبر الجامعات الصينية لحث طلاب الجامعات المتفوقين للدخول للجيش تحت شعار "أحضر قلمك إلى الجيش و كن أكثر مهارة ".
و من الجانب الأمريكي و من خلال تصريح لمسؤول في وزارة الدفاع الامريكية قال أنه صحيح أن التحسينات الحاصلة في الجيش الصيني إلتهمت جانب كبير من الميزانية خاصة ما يتعلق بزيادة الرواتب كما أن الدخول في مشاريع تطوير ضخمة و متكاملة من عهد الرئيس السابق (جيانج) و حتي عهد الرئيس الحالي (هوو) زادت من الطموحات الشخصية للعديد من المهتمين من الشباب حيث أن الاستثمار الحقيقي كان في بناء الانسان ببناء القدرات البشرية في جيش التحرير و التدريب و الاعداد للتعامل مع التقنية المتطورة التي تتطلبها المرحلة القادمة. و لكن ليس هذا فحسب بل أن البرنامج الاستراتيجي الذين وضعه الصينيون لتطوير المعدات التي تم وضعها في قائمة طويلة و تحتاج للكثير من المال حيث ان الرواتب المنخفضة للجنود الصينيون تجعل من الممكن تخصيص جزء أكبر من الميزانية الدفاعية الضخمة للابحاث و التطويرو إقتناء المعدات كما ان تعداد الجيش الصيني أيضاً تم تقليصه من 4 مليون فرد في منتصف الثمانينات إلى 2.3 مليون حالياً و هناك المزيد من التخفيضات المتوقعة هذا طبعاً بفضل إقتناء تقنية متطورة توفر في تعداد الجنود.
في تقديرات لوزارة الدفاع الامريكية هناك إشارة إلى ان ميزانية الصين الدفاعية للعام 2010 قد تكون أكبر من المتوقع بكثير حيث رجحت مصادر في البنتاغون إن الرقم المعلن لميزانية 2007 و المقدر بـ 46.21 مليار دولار هو في الواقع بين 97 و 139 مليار دولار.
حيث يُعتقد أن المبالغ الإضافية التي تم إنفاقها خارج المصرح به إستخدمت لأغراض منها بعض المتطلبات الخارجية و الاسلحة النووية كما ان مبالغ إضافية دخلت إلي موازنة الدفاع كناتج محلي من الصناعات العسكرية لم تضاف لأرقام الميزانية.
قد لا يختلف إثنان ان الميزانية الدفاعية للصين تمر (بحسب تعبير الكاتب) خارج جيوب الجنود ، حيث انها تستخدم لتطوير بنية تحتية صلبة ذات طابع عسكري و مثال ذلك بحسب مصدر من البتاغون تطوير صورايخ مضادة للسفن يصل مداها إلى 1500 كم و هو الامر الذي يسبب عدم ارتياح عالمي مع أن نفس المصدر إعترف بأن النوايا الصينية يظهر أنها دفاعية و ليست ذات نوايا عدائية. ولكن من جانبه قال فينكستاين أنه من الواضح ان للصين أهداف أكبر من مجرد الدفاع عن أراضيها بجيشها الذي يفوق تعداده 2 مليون جندي حيث أن الصين لا تخشي على نفسها من كوريا الشمالية او من التيبت بل أن استراتيجيتها أبعد من ذلك.
المجاهيل المعلومة
مازالت موجة التطوير العسكري الصيني تعد لغزاً سمي بلغز (المجاهيل المعلومة) حيث يتم إعتماد مبدا (المعرفة على قدر الحاجة) لكل الذين يعملون ضمن مشاريع التطوير العسكرية و خاصة منها المشاريع السرية التي قد تكون معروفة بأسمائها و لكنها مجهولة بتفاصيلها حتي للعاملين فيها حتي أن المشاريع ذات الطابع الامني و البالغ عددها 998 مشروع و الذي بدأ العمل عليها في عهد (جيانج زيمين) أصبحت معلومة و لكن التفاصيل الدقيقة للاسلحة المتقدمة ليست واضحة حتي الآن مع ذلك هناك بعض المعلومات عن البرامج المتقدمة و التي هى في طور العمل على تجهيزها أو انه تخلت فعلياً في خطط التطوير و منها:-
- الصاروخ الجوال YJ-62C المضاد للسفن ، مدى الصاروخ حتي الان غير معروف على وجه الدقه و لكن يُتوقع ان يبلغ 300 كم .
- صواريخ S-300 PMU3 و التي تتمركز في منطقة فوجيان و التي بوسعها ضرب أهداف جوية تحلق فوق شمال تايوان.
- الصاروخ الجديد العابر للقارات Dong Feng -31 A و التي لا يعرف مداه بدقة و لكن من المتوقع ان يصل الى 7200 كم ، بالإضافة إلي تطوير صواريخها العابرة للقارات تسعى الصين لتطوير تقنيات مضادة لتضليل للصواريخ العابرة للقارات. "
- الصاروخ المضاد للأقمار الصناعية KT-1 و الذي نجع في تدمير قمر صناعي مخصص للارصاد الجوية في يناير 2007 ، و تعد قدرة الصين على ما يسمي بإزعاج الاقمار الصناعية الامريكية أو التشويش عليها من أكثر ما يشكل تهديداً بحسب وجهة النظر الامريكية و الذي قد يمنعها من التدخل في أي نشاط عسكري صيني ضد تايوان. كما تطور الصين حالياً صاروخ KT-2 المضاد للأقمار الصناعية و كذلك إستخدام منظومات الليزر لتعميتها ، حتى أن وزير الدفاع الامريكي السابق دونالد رامسفيلد حذر من أن التقنية الفضائية الصينية قد تسبب في وقوع (بيرل هاربر فضائي) ضد أمريكا.
- طائرة التفوق الجوي الثقيلة J-11B و التي تعتقد مؤسسة جينس أنها أكثر الطائرات الصينة العاملة قدرة مقارنة بطائرات الجيل الرابع الغربية ، حيث أن هناك تقارير عن أن حوالي 95 طائرة J-11B تم تجميعها حتى منتصف 2007 ، كما ان هناك طائرات متطورة أخري ذات قدره عالية مثل 200 طائرة سوخوى 27 و J-11 و سوخوي 30 MKK.
- تطوير طائرة مقاتلة من الجيل الخامس في مؤسسة شينيانج التي تنتج المقاتلة J-11B و مجموعة مصانع الطائرات تشينجدو و التي من المعلوم أنها تعمل على تطوير برامج من الجيل الخامس منذ خمس سنوات على الاقل و لكن لم يتم الاعلان عن موعد انتهاء اى من تلك البرامج.
- تزايد طموحات تطوير أنظمة التوزود بالوقود جواً حيث أن الصين تمتلك تنقنية التزود بالوقود جواً من سنة 1994 و لكن طلب 5 طائرات إليوشن 78 معدة لهذا الغرض من روسيا سنة 1995 أعطى إنطباع برغبة الصين في تطوير هذا البرامج.
- بعد سنوات من التكهنات أعلنت الصين على عزمها إدخال من 4 إلى 6 حاملات طائرات بحلول 2010 و بحسب مصادر أخري قد يمتد هذا التاريخ حتي 2020 و كان العمل على هذا البرنامج قد بدأ بشكل فعلي منذ اكثر من 10 سنوات.
- أول غواصتين نوويتين من طراز 094 فئة جين و التي تحمل صواريخ نووية و التي سيتم إضافتهما لثمانية غواصات من فئة كيلو الروسية الصنع و تم إقتنائها في سنة 2002 بالإضافة إلى غواصاتها القديمة القادرة على حمل صواريخ نووية.
- تقوية الترسانة النووية بإستثمار 10 مليار دولار بحسب تقارير وكالة الإستخبارات الأمريكية و التي قد تصل إلى 500 رأس نووي بحلول سنة 2015.
قضية تايوان
طالما كان إجتياح تايوان القضية المركزية للصين و الذي تحضي بأكبر قدر من إهتمام العسكر وبعني أخر تطوير القدرات العسكرية قد يمنع الولايات المتحدة من التدخل في قضية تايوان و تجنب استدراج الصين في صدام مباشر مع أمريكا.
كان تدمير قمر صناعي في الفضاء من قبل الجيش الصيني سنة 2007 يمثل علامة فارقة في إستعراض قوة الصين العسكرية حيث وصلت إلى إمكانية التشويش على الاقمار الاصطناعية الامريكية بل و حتى تدميرها ، و علق أحد الخبراء العسكريين على هذا الحدث بأنه كان متوقع الحدوث و علق مصدر من البتاجون أن هذا الامر هو "حدث ملموس" و لكنه قلل من أهمية أن يشكل تهديداً للقوة العسكرية الامريكية.
من الواضح أن الجيش الصيني طور من قدراته أكثر من أي وقت مضى و انه سيزيد من تلك القدرات مستقبلاً و بالتالى إحتمال حدوث إجتياح لتايوان قد يسبب حرجاً كبيراً للولايات المتحدة و لكن هناك عاملان قد يمنعان الصين من التدخل في تايوان ، الاول الدخول في محادثات سلام مع حكومة تايوان الجديدة و الثاني توسيع الافاق امام الصين لاغرائها بالنظر إلى خارج حدودها التقليدية لتشتيت إنباهها عن تايوان.
يعتقد(أندريو يانج) أمين عام المجلس المتقدم للدراسات الصينية أن تايوان قد أسقطت من قائمة الاولويات العسكرية للصين و أن على تايوان أن تركز حالياً على الدخول في مباحثات سلام ثنائية و السعى للتكامل الاقتصادى مع الصين بدل التفكير في الاحتمالات العسكرية حيث انه ليس هناك خيار امام تايوان سوي التسليم لهذه العملية البطيئة للتكامل المتبادل بين البلدين وبهذا سوف لن تكون مهدده من قبل الصين حتى انه و في إستطلاع للرأي في تايوان إعتقد 75 % من التايوانيين أن الصين لا تمثل أى تهديد لبلادهم و علق احد المسؤلين في الصين ان هذا الانطباع بالتهديد الصيني هو فقط عند السياسيين في تايوان و لأغراض سياسية محضه. و هناك وجهة نظر اخري ترى أن تايوان نفسها لن ترضي بهذا الوضع الغير مستقر و لكنها لا تملك بدائل عنه نظراً للنزعة الاستقلالية الموجودة و أن الوضع هو وضع إنتظار حتى حدوث تغيرات سياسية أو فرص قد تجعل من تايوان مرة اخرى جزء من الصين. بل ذهب بعض المحللين بعيداً بوصفهم التركيز الصيني على تايوان بأنه للتضليل فقط و ان الاهداف الصينية هى أبعد من ذلك كثيراً ويبدوا ذلك جلياً من التركيز على الابحاث في الفضاء و البحرية للسيطرة على مناطق بحرية واسعة و فرض سطوة على الفضاء الخارجي.
هناك عدم إرتياح في دول شرق آسيا من إحتمال توسع الصين إلى ما بعد تايوان , حتى ان الهند مهتمة جداً بالتقدم العسكري الصيني خاصة مع حالة التوتر المبطن الموجود بين الدولتين و الذي تغذيه المنافسة الاقتصادية خاصة مع حجم التبادل التجاري الضخم البالغ 40 مليار دولار سنوياً الذي يجعل الصدام المسلح بينها امراً مستبعداً مع ان هناك نوع من التوتر بسبب الصراع على مكامن النفط و الغاز في المنطقة ، حتى ان الهند حددت خطوط حمراء واضحة لن تسمح للجيش الصيني بتجاوزها.
خيار "مالقا" الصعب
ربما يكون خيار مالقا الصعب من أكثر ما يسبب صدعاً لبيجين فهو مشكلتها الصعبة التي تحتاج إلى تدبير خاصة مع مرور أكثر من 80% من النفط الخام المصدر لها عبر مالقا خلال خط أنابيب واحد ، ودعا الحزب الحاكم في الصين سنة 2003 إلى مناقشة ذلك و كان السؤال المطروح هل يمكن ان يكون هناك دور للقوة العسكرية في حماية ذلك الخط و بحسب مصدر مطلع في البنتاجون قال انه لهذا السبب تسعى الصين لإمتلاك حاملات طائرات و طائرات تفوق جوي و من وجهة النظر الهندية قضية مالقا تشكل نوع من الاستقرار لانها تلوى ذراع الصين و تجعلها معتمدة بشكل كبير على المحيط الهندى و لكنها إذا حلت معضلة مالقا ستكون الصين مصدر تهديد في المنطقة ، الصين من جهتها إنتهجت إستراتيجية "عقد اللؤلؤ" للتغلب على نطقة الضعف هذه، السياسة تتضمن تامين ممرات ونقاط عبور على شكل عقد اللؤلؤ لتربط بها مناطق نفوذها و مصادر الطاقة من منطقة الخليج العربي و حتى بحر الصين، و لا ينتهي الطموح عند هذا الحد بل هناك إقتراحات لشق قناة بقيمة 20 مليار دولار عبر تايوان و بعمق 60 كم داخل أراضيها في أضيق نقطة و التي توفر ممر مختصر من المحيط الهندي إلى الصين مما يمكنها من الاستغناء عن خط مالقا و ما يسببه للصين من عقبات لعدم تمكنها من السيطرة عليه و حمايته بشكل مستمر.
قضية الثقة طالما كانت السرية و الانغلاق التي تحيط الصين بها نفسها أمراً يصورها بأنها دولة عدائية و خاصة عملياتها الموثقة و الخاصة بالتجسس الصناعي و العسكري على الولايات المتحدة و غيرهاو كذلك من إستيراد تقنيات يمكن إستخدامها في نشاطات عسكرية و مدنية من اوروبا و أمريكا. و يعتقد البعض انه لا يمكن بناء ثقة مع الحكومة الصينية بسبب كون نظام الحكم فيها يعتمد على الحزب الواحد. و أضاف مصدر من وزارة الدفاع الامريكية أن الصين تحاول بشكل عدائي الحصول على تقنيات متقدمة تدعم بها قواتها المسلحة و تسعى للحصول على تلك التقنيات بشى الطرق المشروعة وغير المشروعة و لكن مع ذلك و بحسب نفس المصدر "نحن لا نعتبر الصين حتى هذه اللحظة تهديداً إستراتيجياً لانها لا تملك حتى الان القوة لبسط سيطرتها على خطوط المواصلات البحرية و الارضية البعيدة عن حدودها الجغرافية ".
لعب الساسة الصينيون السياسة بشكل جيد جداً الامر الذي قد يبعد فكرة نظرية التهديد على الانطباع العام المتكون عن التوجهات الصينية خاصة بعد زلزال سيشوان الذي صور رئيس الوزراء الصيني و من ورائه الصين كضحية مثيرة للشفقة مما أكسب الصين الكثير التعاطف العالمي.
و من المواقف السياسة التي تراها الولايات المتحدة عدائية هو استخدام الصين وقف العقوبات التى فرضتها الامم المتحدة على زيمبابوي و كذلك السودان و بحسب وجهة النظر الامريكية فإن المشاكل لا تأتي من الصين وحدها حيث وجدت امريكا نفسها في ما سمي بعالم ما بعد الولايات المتحدة حيث ستتلاشي سيطرة أمريكا على العالم بظهور اقطاب جديدة من بينها الصين حيث من الواضح ان الاخيرة تعد العدة للعب دور اكثر فاعلية على الساحة الدولية وتغيير سياسة حماية و تأمين الحدود بسياسة ذات اهداف إستراتيجية وليس مجرد إقليمية.