هناك عدة مصادر أتفق على كونها مراجع محتملة يمكن الإستعانة بها لإتخاذ العقيدة العسكرية لكننا سنأخذ مثالاً وهو الجيش الليبي لمحاولة الوصول لفكرة أوضح حول الموضوع فقد ظهرت فكرة الشعب المسلح كمحاولة تنظيمية وعقائدية لكن تطبيق تلك الفكرة لم يكن له

صورة واضحة ومحددة من حيث تبنيها كعقيدة لقوات الجيش وفي الحقيقة كانت العقيدة العسكرية من منظور علمي وعملي في الجيش الليبي هجين مختلط من عقائد الجيوش الأخرى وجاء ذلك نتيجة لأن الجيش الليبي يمتلك قدرات بشرية تلقت تعليماً راقياً وعالياً ضمن المدارس والأكاديميات العسكرية في مختلف دول العالم ( على سبيل المثال : أمريكا ، فرنسا ، بريطانيا ، ألمانيا ، السويد ، بولندا ، بلغاريا ، اليونان ، تركيا ، إيطاليا ، أسبانيا ، روسيا ، مصر ، العراق ، السودان ، الجزائر ، ماليزيا ، كوريا ، الصين ، الباكستان ، الأرجنتين ..... ألخ ) ما أدى إلى تكوين شبكة من الخبراء العسكريين الوطنيين من خلال تنوع مشاربهم التعليمية وهؤلاء تعرفوا عن كثب على العقائد العسكرية المدرسة والمطبقة في دول العالم التي تلقوا تعليمهم العسكري بها ، وتأثروا بذلك تلقائياً بحكم الدراسة والإختلاط فمن تلقى تعليمه في الدول التي تعتمد العقيدة العسكرية الغربية التي تقوم في المقام الأول على التكنولوجيا العلمية وترتكز على مبدأ قليل من المقاتلين مزيداً من النيران لابد وأن يتأثر بذلك فعلياً من خلال الممارسة والتطبيق العملي للعلوم العسكرية التي تلقاها والتي تأخذ بشكل عملي تطبيق المبدأ الأساسي في تلك العقيدة والذي لم يتغير حتى اليوم بل طالته الكثير من التعديلات بما يتوافق وظروف ومستجدات السياسة العالمية ، ويكون على العكس منه تماماً من تلقى تعليمه في الدول التي تعتمد العقيدة العسكرية الشرقية التي تقوم أساساً على مبدأ مزيد من المقاتلين وقليل من النيران ومن خلال الإختلاف بين العقيدتين وغياب عقيدة عسكرية ليبية واضحة وجدوا أنفسهم يتأرجحون بين تطبيق ما تعلموه من عقيدتين عسكريتين في آن واحد ومن تلقى تعليمه العسكري في الداخل كان في الحقيقة يتبع نهج العقيدة الشرقية بإعتبار أن غالبية الأسلحة التي تم التدريب عليها ذات مصدر شرقي فاختلاف مصادر العلم العسكري الذي اعتمد عليه في تعليم القادة والأفراد أثر بشكل مباشر على إختيار عقيدة مناسبة للجيش خصوصا وأن الأقطار التي أستقت منها ليبيا علومها العسكرية لاقت هي الأخرى درجات متفاوتة من النجاح والفشل في أداء مهامها الدفاعية والأمنية وغيرت من عقائدها بما يتناسب وأوضاعها الداخلية وعلاقتها الخارجية.

وفي تقديري فإن ذلك ليس عيباً بالقدر الذي يمكن أن نذمه ونقلل من شأنه فهذا المزيج من العقائد ومناهج التدريب أنتج كفاءات عالية وقيادات ناجحة ومع تداخل معنى ومفهوم العقيدة مع الواجب الوطني المعروف مهنياً لأي جيش في العالم وهو الولاء للوطن والإخلاص في الدفاع عنه غاب المعنى الكامل للعقيدة وأهمية إتخاذها كمصدر أساسي كمنهج تدريبي وعملياتي للجيش .

هناك عدة مصادر يتوقف عليها إختيار العقيدة المناسبة لأي جيش وتعتبر دليل أساسي للدول لتبني عقيدة عسكرية خاصة بها ومن الممكن الإسترشاد بها لإختيار عقيدة مناسبة للجيش الليبي وهي كما يلي :

  1. العقيدة الدينية والإيديولوجيات الفكرية والأسس والمبادئ التي يضعها القادة السياسيون وفي ليبيا يتفق الجميع على العقيدة الدينية كأساس محترم في المجتمع وتدور جميع المعاملات اليومية في كنفها ويأتي ذلك كون الليبيين يدينون بدين واحد ويتمسكون بعقيدة دينية واحدة وهي ميزة غير متوفرة في الكثير من دول العالم.
  2. التاريخ الحربي للدولة والدروس المستفادة منه : وهذه أيضاً من الأساسات التي تبنى عليها العقيدة العسكرية على مختلف مستوياتها فالعقائد العسكرية تتأثر بالأحداث التاريخية ، وترتبط بالشعارات التي تلتزم بها الدولة أو الأمة في فترات نضالها وكفاحها العسكري أو السلمي.
  3. الظروف السياسية المحيطة والمتغيرة ومصادر التهديد للدولة : وهذه ينعكس أثرها بشكل واضح ومباشر على العقيدة العسكرية وينبغي الأخذ بها كمعيار أساسي عند إتخاذ العقيدة العسكرية للدولة
  4. ماهية وطبيعة الحرب التي من الممكن أن تخوضها الدولة : أي نوع وشكل ومستوى ومشروعية ووسائل الحرب المتوقع أن تخوضها الدولة لتأمين كيانها وحدودها وأمنها وليبيا حالياً تعتبر دولة غير مستقرة أمنية وسيادتها مهددة وهي أيضاً دولة حباها الله بالعديد من الميزات والخيرات التي تجعلها عرضة في أي وقت لأطماع دول أخرى وبالتالي فتوقع حدوث الأسوأ يجنب الدولة الكثير ويساعدها عملياً على إتباع عقيدة مناسبة تحقق لها السيادة والإستقرار.
  5. الإستراتيجية العسكرية للدولة : ينعكس تأثير ذلك بشكل مباشر على اتخاذ وتنفيذ ووضع العقيدة العسكرية التي يجب تطويرها بشكل مستمر بما يلائم متطلبات الإستراتيجية العسكرية للدولة من أسلحة ومعدات ووسائط مساندة.
  6. جغرافية الدولة وطبيعة أراضيها: وتنعكس ذلك أيضاً على العقيدة العسكرية فموقع الدولة وطبيعة وتضاريس أقاليمها يحدد حجم تنظيماتها العسكرية ونوعيتها وطريقة استخدامها، وكذلك سياساتها الداخلية والخارجية.
  7. الواجبات والمهام العسكرية والأمنية : وهذه تلعب دوراً رئيسياً في وضع وتطوير العقيدة العسكرية والأمنية على مختلف مستوياتها وفي ليبيا يعتبر تأمين الحدود والأمن داخل البلاد من أهم الأولويات التي ينتظر الجميع من الجيش تحقيقها وبإختيار العقيدة المناسبة يستطيع الجيش العمل بفعالية لتحقيق مهامه وواجباته.

 

تقييم المستخدم: 3 / 5

Star ActiveStar ActiveStar ActiveStar InactiveStar Inactive