شهدت الأراضى الليبية معارك طاحنة دارت رحاها بين العديد من القوات ولا سيما الحلفاء والمحور شوهت أوجه الحياة بما أوجدته من أعداد للقتلى الأبرياء الشهداء وتشويه وبتر لأطراف

لمزارعين والرعاة وإعاقة لمشاريع التنمية الزراعية والإسكانية والرعوية، وصارت الأرض البكر ترزخ تحت نير العمليات الحربية التي لا زالت أثارها تتربص وترصد الأبرياء من سكان الفضاءات والمتنقلين في الصحراء، وصار وصف مزارع الموت لصيقا بهذه المواقع المتغيرة المتضررة التي تنشر الدمار في كل مكان تمتد إليه أيادى صناع الحياة من المزارعين والرعاة ومهندسي المشاريع التموينية والإسكانية، وأعاقت انطلاقه الأطفال وحالت دون تمتعهم بألعابهم العفوية الصغيرة، وظل شبح الموت والبتر والتشويه يطاردهم جراء انتشار أجسام القنابل والشّراك الخداعية والألغام الموجهة للأفراد والآليات.هذه صورة تفضح جنون المستعمر في المساس بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في العيش بكرامة على أرضه والتمتع بخيراته، ولم تعطه الفرصة لملاحقة التطور المادي والمعنوي لسنين طويلة، في عيش القهر والتخلف المفروض عليه في غياب المعلومات الخرائط والمعلومات والبيانات الدالة على مواقع زراعة الألغام وعدم تقديم المساعدة إلينا والتعاون معنا لإبطال مفعولها ومنع شرورها . وقد أمعن الطاغية خلال حرب التحرير في اتباع نفس السياسة الاستعمارية بتلغيم بعض الأراضى الليبية في محاولة يائسة لإعاقة تقدم الثوار، ولجأ زبانيته وأعوانه إلى استعمال هذا الأسلوب الخسيس الرخيص لإلحاق الضرر المستمر والدائم بوجه الحياة التنموي والحضاري، وهو نمط سلوكي ينم عن حالة العجز والإحباط التي عاشها المقبور خلال مواجهته لثورة التكبير السلمية التي حولها إلى حربية دموية بفعل سياسته الدنيئة التي استعمل خلالها كافة الوسائل الغير إنسانية ومن أهمها زراعة الألغام .
شهدت الذاكرة التاريخية قيام مجموعة من القوات الغازية المعتدية وكذلك أزلام المقبور زراعة العديد من الألغام المضادة للأفراد والآليات، وقد ظهر شبح الموت بفعل عوامل التعرية على العديد من أنواع هذه الألغام حتى صارت مصيدة للأبرياء من صناع الحياة والتنمية، وأفادت مصادر مؤكدة من جهاز السلامة الوطنية بأن عمليات واسعة يجرى تنظيمها لمواجهة حالة انتشار القنابل والألغام المزروعة، وبرغم ما تم إزالته فلا زالت كميات كبيرة مدفونة في باطن الأرض من قنابل هاون ورمانات يدوية مختلفة ودانات مدفعية، ولازالت تشكل خطراً على الأرواح يهدد الحياة ويغتال الطموح.
كما أفادت المصادر أيضا بأن حقول الموتى من القنابل والألغام لم تقتصر على الأراضى بل طالت البحار والشواطئ وهى مبعثرة في العديد من المناطق ولا يزال العدو الاستعماري الخارجي وأزلام النظام الطاغي يحاربوننا برا وبحرا بوجود مثل هذه الألغام التي تشير إلى أن المعركة المباشرة مع العدو انتهت بعد انتهاء حرب المواجهة لكن الأخطار لا زالت قائمة وهو الهدف الرئيسي للعدو، وقد عملت الكفاءات الفنية والمهنية المتخصصة من رجالات الجيش الليبي بوحداته وفروعه بالتعاون مع وحدات الأمن والسلامة بوزارة الداخلية ومفارز الكشف والإزالة بجهاز السلامة الوطنية على معالجة الأوضاع والتعامل معها الأمر الذي استوجب دفع الكثير من شهداء الواجب من رجال وحدات المفرقعات بأقسام السلامة من الجيش والشرطة الذين جادو بأرواحهم فداء للوطن، وهم يطالبون بتزايد معدلات الوعي والثقافة للجمهور بموضوع القنابل والألغام المزروعة والمساعدة في الاهتداء إليها وعدم الاقتراب منها أو لمسها أو المبادرة بالإبلاغ عنها للوحدات المتخصصة بالإزالة التابعة لجهاز السلامة الوطنية في مختلف المناطق الليبية أو مراكز الأمن الوطني أو مديريات الأمن أو فروع اللجنة الأمنية العليا المؤقتة حتى يمكن الوصول إليها وإزالة خطرها، وهى مسئوليه تتولاها الشرائح الاجتماعية ومؤسساتها التنظيمية حتى يمكن تحقيق الأمن للوطن والأمان للمواطن .
قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/10/1975.
إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تذكر بمبادئ إعلان مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بالبيئة الذي عقد في استوكلهم بالسويد سنة 72م واستنادا للقرار الصادر عن الجمعية العامة. والقرار الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز الذي عقد في (البيرو) سنة 1975م الذي يدين المؤتمر فيه الدول الاستعماريه المعتديه وإهمالها في القيام بإزالت الألغام والإرشاد عنها وتقديم المساعدات الفنية في سبيل إزالتها، وإذ تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن معظم الدول النامية قد تعرضت للاحتلال الاجنبى والحروب التي كانت نتيجتها تكبيدها خسائر في الأرواح والممتلكات، وتؤكد هذه الهيئة بأن واجب المجتمع الدولي والانسانى أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية وتحصين البيئة وخاصة الحاجة إلى مواصلة وتكثيف التعاون الدولي في هذا المجال.

- أداته القوى الاستعمارية التي أهملت في إزالتة مخلفات تلك الحروب وخاصة الألغام وتعتبرها مسئولة عما أصاب البلاد والعباد من أضرار مادية ومعنوية .
- مطالبة الدول والجهات المسببة في نشوء هذه الحالة المرعبة أن تبادر إلى تعويض البلاد التي زرعت فيها الألغام عما لحقها من ضرر مادي ومعنوي وأن تقوم بصورة مباشرة وعاجلة بتقديم المساعدة.
- مطالبة مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بدراسة ظاهرة مخلفات الحروب وأهمها (الألغام) ومدى تأثيراتها على البيئة.
قرار المؤتمر الإسلامى السابع لوزراء الخارجية بتركيا بتاريخ 1976/5/15.
-يذكر بالقرارات التي تدين العدوان الوارد عبر زراعة حقول الألغام ويبدى اقتناعه بأن الحل الفعال لمشكلة الألغام يكون بالتزام الدول المسببة في نشؤ هذه المشكلة بدفع التعويضات وإمداد المساعدات الفنية المؤدية لإزالة تلك المخاطر وإعطاء المعلومات والخرائط الدالة عن أماكن زراعتها مع ازدياد عمليات الوعي الشعبي عنها .
- قرارات وزراء الداخلية العرب وإفادة الشرطة والأمن وتوصيات الفرق القطاعية العاملة في مجال السلامة الوطنية خلال كل اجتماعاتها العادية والطارئة .
أكدت على جملة المبادئ التي أوردتها الأمم المتحدة في شأن انتقادها الشديد لأسلوب الدول الاستعمارية في زراعة الألغام في أراضيها نظراً لما يشكله من إلحاق الضرر بالإنسان والحيوان على مدى طويل ويعيق كذلك المشاريع الزراعية والرعوية والإسكانية. وهذا الضرر الإنسانى تجرمه كافة القوانين المحلية والإقليمية والدولية، وطالبت بضرورة تقديم المساعدة الفنية والأدبية للدول المتضررة وأكدت بأن أسلوب زراعة الألغام يستنفر معه كافة الفعاليات الفنية في الدول لتعمل معا للوصول إليها وإبطال مفعولها ومنع شرورها المحتملة وان طال أمدها.

- تلك نماذج وعينات من التفاهمات الدولية بشأن مشكلة زراعة الألغام وهى بذلك قضية جوهرية أساسية ينبغي التصدي لها ومحاصرة مخاطرها على الإنسان والأوطان.
وهى إدانة دولية جماعية تفضح أساليب العدوان ضد الإنسانية وتصنيفها في قائمة الجرائم الماسة. بها ويأتى هذا الاعتراف بضرورة إدانتها وفضحها ليعطى صفعة موجعة على الوجه الصفيق للنظام السابق الذي لجأ إلى الاعتماد وعلى إتباع طريق الشر والطغيان وعمل على تلغيم الأراضى الليبية خلال حرب التحرير، منها ما تم اكتشافه والتعامل معه وإبطال مفعوله ومنها مالم يتم بعد، وهذه الألغام الحديثة كما ذكرنا مختلفة ومتطورة وأكثر من غيرها القديمة لذا يتطلب الأمر تعزيز القدرات الفنية والإجراءات في الكشف عنها والاستعانة بالقدرات والكفاءات العالمية كما يتطلب الموقف تقديم المساعدة من المواطن بعدم الاقتراب منها والإبلاغ عنها للجهات الأمنية المختصة التي أشرنا إليها حتى تجتاز ليبيا هذه المرحلة من تاريخها وهى أكثر إصرار على صنع الحياة الآمنة المستقرة بعد أن صنعت بأيدى أحرارها ثورة التكبير المجيدة.
إن عمليات الكشف والتجميع والإزالة للألغام المزروعة يتطلب جهدا بشريا وفنيا مضنيا تتولاها عناصر تواجه الموت مع كل حالة تعامل يقومون بها في مختلف المناطق الصحراوية والنائية، وهى عمليات وطنية شجاعة وجريئة تتطلب تقديرا عاليا، ونقدر دور المهندسين والفنيين ومساعديهم في عمليات الكشف والإزالة بجيشنا الوطني بوزارة الدفاع وأقسام السلامة الوطنية بوزارة الداخلية ونشكر دورهم في البحث عن الألغام وخاصة المتعددة الطوابق والبلاستيكية التى يصعب التعرف عليها بالمعدات الفنية التقليدية والغير المتطورة مع تطور الألغام الحديثة، ونشد على أيدى فرق الإزالة ونطبع على جباههم قبلة إعجاب لما يؤذونه من عمل وطني لا يقل عن صنع الملاحم الثورية للأبطال التاريخيين من أحرار وحرائر ثورة 17 فبراير . 

تقييم المستخدم: 2 / 5

Star ActiveStar ActiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive