تاريخ التاسع من أغسطس يعيدنا إلى مرحلة من أهم مراحل تاريخ بلادنا ليبيا. مرحلة قد بلغ فيها اليأس مداه, وكانت التحديات فيها كبيرة وبدون شك فإن الإعلان عن تكوين جيش ليبي في ديار الغربة قد أعاد الأمل إلى الشعب الليبي في تحرير أرض الوطن السليب. لكن خطوات التأسيس كانت شاقة ومضنية خاصة مع انعدام الإمكانات وقلة العدد. كما كانت خطوات التأسيس صعبة لما واجهها من عقبات نجمت عن اختلاف في الرأي.
وقد شرع في تشكيل الجيش بعد صدور قرار التأسيس, وافتتح مكتب لقبول المتطوعين في القاهرة بتاريخ 12 أغسطس 1940, وكان من أوائل ما اتخذ من ترتيبات هو ضرورة إصدار الأوامر إلى قطعات الجيش باسم الأمير السيد ادريس السنوسي, كما اتخذ الجيش راية قتالية له مستقلة عن بقية تشكيلات الجيش الثامن. وأنشئ معسكر للتدريب في منطقة أبي رواش.
ولقد ثمّن كثير من الخبراء والساسة دور الجيش الثامن, نورد منها مايلي:
في الثاني من أكتوبر 1943 نشرت (مجلة المنتدى الفلسطينية) مقالاً بعنوان "صفحة جديدة من تاريخ ليبيا) كتبه Mr. H.M. Foot الذي عرف فيما بعد باسم اللورد كارادون قال فيه: "إن تلك الشجاعة التي اشتهر بها الليبييون من جدارة واستحقاق قد تبدت مرة أخرى في الحملات الأخيرة. فنحن لا نزال نجهل قسطا كبيراً من المساعدة التي قدموها لنا خلف خطوط الأعداء".
وبتاريخ 31 مايو 1947 قال "بانيكوف" في تصريح أذيع من لندن: "إني لا أعدو الحقيقة حين أقول بأن الليبيين كانوا معبر النصر للحلفاء في هذه الحرب وأن جميع أفراد الجيش الثامن مدينون بحياتهم لليبيين."
ولعل أبلغ وصف لجهد الجيش السنوسي واعتراف به هو ما ورد في تصريح وزير خارجية بريطانيا أنذاك "أنتوني أيدن" في مجلس العموم والذي جاء فيه "... وقام هذا الجيش بمساعدات قيمة أثناء القيام بتلك العمليات الموفقة في الصحراء الغربية في شتاء 1940 – 1941, وهو الأن يقوم بنصيب قيم في الحملة العسكرية الحالية."
الجيش السنوسي بعد التحرير
ولم تقتصر أهمية دور رجال الجيش السنوسي خلال الحرب وإنما امتدت هذه الأهمية بعد الحرب, فلقد تكونت به كوادر مدربة أمكنها أن تضطلع بمهام إدارية في بلد كان يعاني فقراً مدقعا في الخبرات, وكان ينفض تراكمات أعوام طويلة من الإستعمار الإيطالي الغاشم. كما تحولت وحدات من الجيش إلى قوات شرطة عهد إليها حماية الأمن وعرفت باسم "قوة دفاع برقة" ومن الجيش السنوسي أيضاص كانت نواة الجيش الليبي.
Powered by iCagenda