شكل الأمن مرتكزا ً أساسيا ً لصنع التنمية المستدامة لكافة الشعوب والمجتمعات التي تتطلع إلى صنع المستقبل الواعدبتحقيق نجاحات تستوجبها مسيرة التحول، وهو بكل مشمولاته يعتبر الركيزة الأساسية للبناء والتقدم في جميع المجالات، ومتى صارت هذه الخيارات هدفا ً أوليا ً لصناع التنمية فإن آفاقا ً واسعة وطموحة تكون في انتظار الوطن والمواطن.

وقد شكل هذا المبدأ نقلة نوعية متقدمة في مسيرة التفاعلات التي صاحبت الثورة، وسعت بها إلى اعتبار مطلب الأمن يقع ضمن الأولويات التي تستهدفها الحكومة المؤقتة لهذه المرحلة الدقيقة في حياة الشعب الليبي الذي يتطلع إلى وضع التدابير وتفعيل الإجراءات التي تكفل التوصل إلى وضع خطط وبرامج داعمة لخيار الأمن وفق ملامح رؤية استباقية متنامية لمؤسسات حكومية وأهلية تكون قادرة على ضبط الأمن، وفرض سلطة القانون وإظهار هيبة الدولة بأسلوب يتناغم وينسجم مع مبدأ تعزيز الحريات العامة وحقوق الإنسان وفقاً للمعايير التي يعتمدها الدستور بإشراك فاعل وملتزم لمؤسسات المجتمع المدني بما يؤسس لاعتماد الكفاءة والفاعلية معياراً لتولي وظائف الشأن العام، واعتبار النزاهة والوطنية انتماء حقيقياً للوطن، وتجسيداً فعلياً لترابه وثرواته وإمكانياته المادية والمعنوية التي يقع ضمن مشمولاتها مجموعة المواطنين الذين يشكلون المجتمع بكل أطيافه، ولا يقف في مواجهة هذا الاندفاع نحو الوطن في مجال العمل الذي ينتسب إليه من يمارس هذا الشعور، وقد شهدنا خلال العمليات البطولية لثورة السابع عشر من فبراير وفي الجبهات القتالية وجود الطلاب والمهندسين والأطباء والفنيين في مختلف المواقع الخدمية والإنتاجية يقاتلون بشراسة وانتماء جنبا ً إلى جنب مع إخوانهم من رجالات الجيش الوطني والشرطة، ودفعت هذه الشرائح العديد من الشهداء الأبرار والجرحى والمفقودين الذين جسدوا بتضحياتهم صورة رائعة للقتال الذي صنع الانتصار العظيم لثورة التحرير المجيدة.كانت اللحمة الوطنية متعاظمة ونشطة خلال أحداث الثورة، ونريدها متكاملة ومستمرة في بناء الوطن الذي افتدته مكونات المجتمع الليبي بالروح والدم، وجسدت بخيارها بطولة فبراير الرائعة.الاعتصام مشروع... ولكن يشكل الاعتصام مظهرا ً حضاريا ً متفوقا ً وديمقراطيا ً عند الشعوب التي تمارسه برقي وفقا ً لأحكام الإجراءات المنظمة له، وهو يعني موقفاً احتجاجياً أو مطلباً يستدعي إعادة النظر فيه من قبل الجهة التي اتخذته، ويكون هذا الاعتصام أو الموقف الاحتجاجي المطالب بشئ ما سواء بالتغيير أو التعديل أو الإلغاء محقاً وشرعياً ينبغي الانتباه له من خلال الحوارات والتفاهمات متى كان هذا الاعتصام مأذوناً به مسبقاً، ولم يلحق الضرر ببقية الشرائح الاجتماعية التي لم تكن ضمن منظميه، ولم يعمد إلى تعطيل المصالح العامة بالحرق أو القفل للمحلات والشوارع أو التحطيم والتكسير والإتلاف، فهذه جميعاً مظاهر تنم عن حالة إفلاس وإحباط وتدن في مستوى السلوك الحضاري والاجتماعي عندما يمارسه.ويشكل الاعتصام ممارسة ديمقراطية يجب احترامها والاستماع لها لما تحمله من ردود أفعال من حق المحتج أن يمارسها في جو شرعي وحر وشفاف، وهذه (التغذية المرتدة) التي يبديها من يمارسها لا بد أن تلتزم بالضوابط الموضوعة كاختيار الوقت المناسب والمكان المحدد للاعتصام فيه وتحديد القياديين والمطالب المنادى بها، وقبل كل ذلك أخذ الإذن  مديرية الأمن الوطني التي يقع في نطاقها الاعتصام؛ حتى يكون مطلباً حضارياً مشروعاً.وقد عشنا لحظة تاريخية متفوقة عندما استعرض المؤتمر الوطني العام قانوناً بشأن تنظيم كيفية إجراء الاعتصام والتظاهر مبرزاً الضوابط والإجراءات والعقوبات المصاحبة، وشاهدنا التأييد المطلق الذي صاحب هذا العرض في موقف متقدم لأطياف الشعب الليبي التي صارت بفعل هذه النقلات الحضارية تمارس أسلوباً ينم عن قدرتها على التفوق على كافة المظاهر السلبية السابقة، وتمارس حقاً بكل كفاءة واقتدار.. إن إصدار وتنفيذ هذه الإجراءات المصاحبة لا يعد انتقاصاً من الحقوق بقدر ماهو تنظيم لممارسة حق شرعي ووطني لا ينبغي اختراقه أو الاعتداء عليه بسلوك مختلف .. وهذه مجرد دعوة للفهم واستعراض لصور الديمقراطية والحرية التي كفلتها ثورة التكبير للتحول من الثورة إلى بناء الركائز الثابتة للدولة .

تقييم المستخدم: 1 / 5

Star ActiveStar InactiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive