أستحوذت دراسات القيادة على اهتمام بالغ ، ويرجع ذلك الى توسع حجم البني التنظيمية وتعقيدها الأمر الذي يستوجب امتلاك المهارة والثقافة

من قبل أولئك الذين يتولون مناصب القيادة ويجعل كل المؤسسات على اختلاف أنواعها تبحث مسائل متعددة تؤدي إلي تنمية مهارات القادة واكتشافهم وتطوير شخصياتهم وهناك مجموعة من العلوم أهمها علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الإنسان والعلوم السياسية وعلم التربية والإدارة وقد أحدث هذا الأسلوب تعديلاً جوهرياً في المفاهيم التقليدية ، وانشات العديد من الأكاديميات العسكرية فى العالم شعبة خاصة تسمي علم النفس العسكري والقيادة في محاولة لجمع مزيج من المعرفة النظرية والتجربة العملية والأساليب الإدارية فيما يمكن تسميته " فن القيادة " .
وفي هذا الكتاب يحاول المحرران أن يقدما تجارب وأراء لثلاثة عشر ضابطاً خاضوا غمار تجربة القيادة ، والمحرران خبيران في هذا المجال ، العقيد صامويل هيز مدير سابق لشعبة علم النفس العسكري والقيادة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية ،والمقدم وليم توماس وهو أستاذ مساعد للقيادة في نفس الأكاديمية . يقول المحرران عن هذه المساهمات أنها جهد متراكم حول القيادة حاولا جمعه وتقديمه من اجل تعليم العسكريين في المستقبل وهو ليس نتاج فرد واحد ، بل مجموعة من الآراء تمت مناقشتها في الأكاديمية مع خبراء متخصصين .
يأتي الكتاب في مقدمة وثلاثة أجزاء يتناول الجزء الأول القائد في السمات والأساليب ، والجزء الثاني الجماعة من حيث السلوك والعلاقات ، والثالث الموقف في حالات مختلفـة وذيـل الكتـاب بمجموعة من الخبرات والمواقف وشـرح للمصطلـحات
- تنناول المقدمة فن القيادة عبر أراء الفلاسفة منذ القدم ولكلٌ رأيه وقد بنيت كل نظرية على ملاحظة الحقيقة التاريخية ولم تنجح أياً منها في تفسير جميع الحقائق.
يري المحرران أن ممارسة القيادة بالرغم من كونها معقدة فهي ظاهرة سلوكية شائعة طبيعية ويضربان لذلك عدة أمثلة، وأنها تحدث كلما أثر أنسان في سلوك الآخرين ويؤكد ان أن هناك متطلبات خاصة للقيادة العسكرية فهي شاملة لنواحي عديدة بالنظر الى تعقد المواقف والتطورات التي جرت على الحروب الحديثة ويطرحان سؤالا هو ما إذا كان من الممكن تعليم القيادة ؟ أم ما ينبغي أن يتعلمه قائد اليوم ليعد نفسه للمهمات التي تنتظره في المستقبل ؟ يتناول الفصل الأول مفهوم القيادة ويري أن الطريقة لفهم هذه المشكـلات هـو البحث في ثلاثة عوامل هي : القائد - الجماعة - النواحي المتعلقة بهم ، ويوردان عدة تعار يف للقيادة منها " أنها = فن التأثير في الأفراد ويفرقان بين القيادة والإدارة والآمرة ، ولكل صفاته وشروطه ويصنفان القادة إلى فئات متعددة وفقاً للأسلوب والصدفة والشخصية ، وقد قامت معظم محاولات دراسة القيادة بالبحث في القواعد الأساسية للقيادة وقد حددت في : الفلسفة والقانون والأخلاق والعلم ويخرجان باستنتاج بان القيادة هي فن التأثير في السلوك الإنساني بغية أنجاز المهمة بالأسلوب الذي يرغب فيه القائد ويمكن تصنيف ذلك إلي ، ميزات شخصية ، آثار المواقف، والقوي المحركة للمجموعة ، ويمثل كل عامل طريقة للمعالجة .

- يتناول الجزء الأول القائد وذلك من خلال السلوك ، ويتوقف ذلك على ما يظن أن الآخرين يتوقعونه منه ويبرزان صفات يعتقدان أنها أساسية وهي : القدرة على الاحتمال الأمانة الشجاعة ، القدرة على التمييز والحسم العدل والثبات وروح المبادرة ، المعرفة ويتعرضـان لعـدة دراسـات أجريـت بالخصوص ويؤكدان أن الأسلوب المميز للقيادة أو طريق إنجازها يتعلق بصورة محدودة بعلاقة السلطة التي يوطدها القائد بينه وبين مرؤوسيه ويتعرضان للسمات الخلقية للقائد وأثرها في جعله قائداً يحوز على رضا وثقة مرؤوسيه وتأتي الشجاعة على رأس هذه الخصال وهوما حدا بالعديد من المؤسسات العسكرية بجعلها شعاراً "اتبعنى " ويعددان الطاعة والولاء والأمانة وكافة المزايا الإنسانية الحميدة التي تكون الشخصية . ويذكران أن القائد العسكري مطلوبً منه أن يكون ملتزماً بمقاييس أعلي من تلك التي يتطلبها المجتمع العام نظراً لخصوصية المهمة ، حيث يتولى المسؤولية الخلقية عن الوسائل المستعملة والأهداف المطلوبة ، وعن اختيار القائد وتطويره يذكران أن المؤهل الأساسي للقائد الكفء هو المقدرة على التعرف على القادة من مرؤوسيه واختيارهم وتطويرهم ويناقشان مسألتين بالخصوص،أيهما أهم:الاختيارأو التطوير ويعـــدد ان عوامـــل ستة ترتبــــط بالقيادة ( المقدرة - الإنجاز - المسؤولية - المشاركـــة - الرتـــبة - الموقف ) كعوامل أساسية دالة على المقدرة القيادية . يري المحرران أن الاتصال بين الأشخاص أساسي لممارسة القيادة وهو الوسيلة التي يستطيع بواسطتها القائد أن يوصل رغباته للجماعة ويقوم بدوره القيادىفي تنسيق نشاطاتهم ويؤكدان أن الإدارة هي عنصر أساسي في ممارسة القائد العسكري للقيادة وتعتبر الإدارة علم استخدام الأفراد والمواد في الإنجاز الاقتصادي الفعال لمهمة فكل قائد هو مدير إلى حد ما . ويؤكدان أن التخطيط هو الوسيلة التي يتم بها توجيه التنظيم من الحاضر إلى المستقبل بغية أنجاز مهمة أو هدف ، وعند تسلم مهمة يستقبل القادة المرؤوسون تخطيطهم ساعيين لتحديد ما سيتحقق ولماذا وأين ومن المسؤول عن تحقيقه ومتي ؟ ، ويمر التخطيط بخطوات ثلاثه التنبؤ - التقدير - إعداد الخطط ، وبرغم تسلسل هذه الخطوات إلا أنها على علاقة متبادلة لدرجة أنها تحصل في نفس الوقت فمثلاً ربما تؤدي المعلومات المكتشفة في خطوة التقدير إلي تعديل التنبؤ قبل إعداد الخطة النهائية ، وفهم القائد لهذه الخطوات أساسى بالنسبة لمقدرته على التخطيط . ومن ضمن أساسيات القيادة أن يكون القائد منظماً لأنه لابد أن ينظم جماعته ويكيفها على أحسن وجه لتحقيق الواجب أو المهمة ويتم التنظيم من أجل تحقيق الأهداف وتشتمل عملية التنظيم على ثلاث خطوات مبدئية هي : تحديد المهمات - وإقامة البنية - وتوزيع الموارد ويأتي التوجيه والسيطرة بتتابع منطقي وعلى التعاقب من أعمال التخطيط والتنظيم والتنسيق وعند تنفيذ التخطيط تصبح السيطرة والتوجيه مهمة، فالتوجيه معناه أن يبلغ القائد مرؤوسيه ما يريد تنفيذه ، والسيطرة هو الوسيلة التي يستعملها لتقرير ما إذا كانت تعليماته يجري وضعها موضع التطبيق ،وتتحقق السيطرة في خطوات ثلاثة تحديد المقاييس ، ومقارنه الإنجاز الحقيقي بالمقاييس ، واتخاذ الإجراءات التصحيحية

- يتناول الجزء الثاني الجماعة من كونها جزء مهم في العملية القيادية ويمكن من خلالها دراسة القيادة بوصفها ظاهرة للتفاعل الاجتماعي . يمكن بناء القيادة الفعالة فقط على أساس الفهم التام للأفراد ثم يدرسان تكوين الجماعة وطبيعتها ومفهموها والعوامل المؤثرة فيها ويخلصان إلي أن كل جندي سواء كان قائداً أو تابعاً هو فرد داخل جماعة في موقف معين ، بوصفه فرداً يجلب عدداً من المواقف ومجموعة من الأفكار . يتطرقان لروح الجماعة وتضامنها والتحفيزوالمعنويات ويذكران أن روح الجماعة تتألف من تضامن الجماعة والاندماج الشديد بالتنظيم الرسمي . ويعتقدان أن أحد المميزات المشتركة لكافة القادة الناجحين هو المقدرة على تحفيزالأتباع على العمل من أجل تحقيق الأهداف ، أما المعنويات فهي تمثل تلبية حاجات الفرد ومدي الرضا الذي يراه الفرد نابعاً من عمله . يتوقف التحفيزعلى المعنويات الحسنة ومن ثم يجب على القائد أن يكون قادراً على تقييم أسباب المعنويات المنخفضة وتشخيصها وتصحيحيها ويجب أن يهتم القائد بمعنويات أتباعه وتحفيزهم على إنتاج المنجزات الأفضل . وفي خلاصة لهذا الجزء يذكر المحرران أن القائد مسؤول عن تحقيق مهمته وتوفر سعادة رجاله وتتوقف مقدرته على تحقيق هذه الأعمال لدرجة كبيرة على فعاليته كمستشار ، وبالرغم من وجود العديد من الطرق النظرية في معالجة تقديم المشورة إلا أن هناك ثلاثة أصناف ملائمة هي : التوجيهي وغير ألتوجيهى والانتقائي، ويمكن تخفيض التناقض بين دور القائد كفارض للانضباط ودوره كمستشار في حل للمشاكل من خلال إدراك الأهداف التي يجب تحقيقها والطرق الفنية المتاحة للاستخدام في تقديم المشورة . - يتناول الجزء الثالث الموقف ، حيث يري علم السلوك أن الموقف هو أحد الأبعاد الهامة التي تؤثر في عملية القيادة ، وربما يتعين على نفس القائد الذي يقود نفس الجماعة أن يسلك سلوكاً مختلفاً في مواقف مختلفة . ويتعرض للقيادة في التدريب من حيث فلسفة التدريب وأسس وإدارة الأفراد أثناء التدريب ، ثم القيادة في القتـــــال وهي  الاختبار النهائي للقيادة العسكرية إذ يضع القائد وجنوده تحت وطأة الإجهاد الشديد بينما يقدم لهم تحديات كبيرة.

يطرح القتال المشاكل في بيئة لا يمكن نسخها بصورة تامة في التدريب ، ولا يستطيع المرء أن يصطنع الخوف المنتشر في الدمار الوشيك الذي يسيطر على قدر كبير من مشاعر كل فرد في القتال . يقول الجنرال جورج بأتون في كتابه ( الحرب كما عرفتها ) " ليس هناك رجل عاقل لا يشعر بالخوف في المعركة " سوف يبقي الخوف في ميدان القتال موجوداً بصورة دائمة ، لكن بالأمكان قهره من قبل الجندي المتزن عاطفياً ، والموجه توجيهاً حسناً والذي يتم إعداده لمواجهته . وتبني الإدارة أثناء القتال على أن الاحتياطي لابد أن ينفذ مهما كان ، فالموارد غير كافية لدرجة بالغة ، في مواقف القتال الكثيرة المطالب ، لذلك يجب أن يكون القائد مديراً للقتال وعليه أن يعرف علم استخدام الرجال والمعدات في أنجاز المهمة الاقتصادي والفعال , ويتطلب القتال الحديث مرونة عالية من القائد لتنظيم وحدته بصورة تلائم الموقف . -ويختم المحرران الكتاب بجملة من المواقف " المشاكل " الحقيقية والتجارب الميدانية مع ذكر الحلول لها وذلك تعميماً للفائدة وإيضاح طريقة دراسة المشكلات والتسلسل المنطقي المفترض . هذا الكتاب مرجع مهم يتناول أمورا عديدة تتعلق بفن القيادة العسكرية من خلال تعرضه لصفات القائد ومقوماته باعتباره مسؤولاً عن وحدته وهو يتحدث عن علم القيادة بأي مستوي كان وقد توسع المحرران فى شرح وتناول الصفات حيث أن موضوع القيادة هو قديم جديد ،وهونتاج خبرات طويلة لمجوعة من القادة العسكريين فيها الكثير من الأسترشادات الواضحة التفصيل لقضايا مهمة تؤدي إلي صقل الخبرات وتعميق الفهم بالعديد من القضايا المؤدية إلي قيادة ناجحة وبناء قادة المستقبل وتطوير قدراتهم.

تقييم المستخدم: 3 / 5

Star ActiveStar ActiveStar ActiveStar InactiveStar Inactive