مجلة ليبية متخصصة في الشؤون الدفاعية

تركيا | شركة

تركيا | شركة "بايكار BAYRAKTAR " تُطلق صاروخ "كمنكش2" الذكي الصغير الموجه لتعزيز قدرات الطائرة المسيرة بيرقدار تي بي2.

كشفت شركة “بايكار” التركية الرائدة في مجال الصناعات الدفاعية عن عن بدء اختبار صاروخها الذكي صاروخ كروز ذكي صغير طورته بإمكانات محلية وأطلقت عليه اسم “بيرقدار كمنكش (BAYRAKTAR KEMANKEŞ) في…

للمزيد

اليونان | تعرض مقاتلاتها من طراز ميراج البالغة من العمر 25 عامًا وتقترح بيعها لوزارة الدفاع الهندية.

اليونان | تعرض مقاتلاتها من طراز ميراج البالغة من العمر 25 عامًا وتقترح بيعها لوزارة الدفاع الهندية.

تدرس الهند شراء الطائرات المقاتلة القديمة من طراز ميراج 2000-5 من اليونان، والتي يبلغ عمرها حوالي 25 عامًا. يأتي هذا الخبر المثير للاهتمام من موقع idrw.org، وهو منفذ إعلامي هندي،…

للمزيد

روسيا | شركة UralVagonZavod يحول سيارة سوفيتية VAZ-2104 إلى عربة عسكرية.

روسيا | شركة UralVagonZavod يحول سيارة سوفيتية VAZ-2104 إلى عربة عسكرية.

من المثير للدهشة أن شركة Vityaz التابعة لشركة Uralvagonzavod، وهي شركة تابعة للشركة المشهورة بمهاراتها الهندسية العسكرية، تتجه نحو تعديل السيارات المدنية. وينصب التركيز على السيارة VAZ-2104 الشهيرة التي تعود…

للمزيد

ألمانيا | إتفاق توريد أكثر من 4700 قاذفة قنابل يدوية من طراز Steyr GL40 للجيش الألماني.

ألمانيا | إتفاق توريد أكثر من 4700 قاذفة قنابل يدوية من طراز Steyr GL40 للجيش الألماني.

أبرم الجيش الألماني، المعروف أيضًا باسم Bundeswehr، اتفاقية لتوريد 4776 قاذفة قنابل يدوية من طراز Steyr GL40، والتي سيتم تركيبها على أسلحته. تأتي هذه المعلومات من المنفذ الألماني Hart Punkt،…

للمزيد

    أيُّ حياة تُقضى داخل القبور؟ وأي سمة يُمكن أن تُنعت بها حياة من هذا القبيل؟ أوضاع تكتنفها ظروف هالكة بامتياز، ذلك أقل ما يمكن أن توصف به أحوال الإقامة داخل خنادق الحرب العالمية الأولى.. بيئة مُزرية، المعيشة فيها تعطي الإنطباع بحالة متردّية للغاية

يساورها القلق العميق والمخاوف ويغمرها اليأس والإحباط، ناهيك عن الملل والقذارة وسوء الأحوال الصحية..

لعل الكتب التي أرّخت للحروب لم تحفل كثيرا بالظروف الحياتية والإجتماعية والسيكولوجية للجنود وهم قابعون داخل الخنادق، بل غالبا ما كانت تتناول المسارات العملياتية والتكتيكية في خضم القتال.. لكن من الواضح أن جلّ من اهتمّوا بالظروف الحياتية الآنفة الذكر هم المعنيّون بالعلوم الإنسانية كعلم النفس والإجتماع أو المتخصّصون في الطب العضوي أو النفسي.هذا المقال يتناول جوانب من صميم الحياة داخل خنادق الحرب وحواليها.

من المعلوم أن إنشاء خنادق الحرب فكرة قديمة، فهنالك يتمركز الجنود في مواقعهم ويستعدون لمواجهة الأعداء. لذا فإن حرب الخنادق هي شكل من أشكال الحرب البرية، يتّخذ المقاتلون من خلالها مواقع محصّنة، تحتوي على عدد كبير من الملاجئ التي توفر الحماية للمقاتلين من نيران الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وإلى حد ما من المدفعية. لكن أشهر حروب الخنادق كانت على الجبهة الغربية أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث أصبح هذا المصطلح مرتبطاً بحالة الترقّب والجمود والإستنزاف.

كانت معارك الحرب العالمية الأولى من الإتساع بحيث غدت مناطق مختلفة في العديد من بلدان العالم جبهات للقتال، لكن الحديث هنا يتمحور حول الجبهة الغربية في أوروبا. في أول الأمر ما من أحد كان يتوقّع أن الحرب التي بدأت في صائفة 1914، ستستمرّ أربع سنوات، إذ كان متوقّعاً ألّا يتجاوز أمدها بضعة أشهر، واعتقد القادة حينها والجنود أيضا أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرّد نزهة تنقضي قُبيل حلول فصل الشتاء..غير أن الظروف كشفت في ما بعد أن ذلك لم يكن إلّا أملا بعيد المنال.. ومع تطور الموقف تبددت أحلام الحسم السريع، واقتنعت الأطراف المتحاربة، على مختلف الجبهات،بأنه لا مفر من طول أمد المواجهة.

حالة الجمود والترقب

في الساحة الأوروبية كانت الملاجئ،غداة اندلاع هذه الحرب،عبارة عن حفر متصلة أو على هيئة سواتر ترابية مدعّمة بحواجز من أكياس الرمل، وصفوف من الأسلاك الشائكة لعرقلة أو إبطاء أي تقدم في المنطقة العازلة التي كانت أحيانا لعشرات الأمتار فقط.. ومع الأيام تم تطوير هذه الملاجئ لتتحول إلى خطوط دفاعية منيعة تتميّز بالعمق والتحصين الجيد،وقد روعي فيها اشتراطات الحماية للجنود ومراكز القيادة والعمليات ونقاط الحراسة ومنصات الرشاشات، وكانت بعمق مترين وبعرض متر أو أقل. وتدعم الجدران بجذوع الأشجار لمنع انهيارها. وكانت خنادق الخط الأمامي تتصل بالخنادق الخلفية عبر أخاديد تشكل دهاليز وسراديب ملتوية..

إنطلقت الشرارة على الجبهة الغربية بهجوم ألماني كاسح يستهدف الوصول إلى باريس عبر بلجيكا، للإلتفاف على فرنسا والوصول إلى عاصمتها من الشمال، إلا أن أداء الجيش البلجيكي كان فعّالا في التصدّي، ممّا هيّأ فرصة سانحة للفرنسيين لتدارك الموقف وتحصين دفاعاتهم على الجبهة المتسعة تدريجياً.

وحاول كل من الطرفين(الألماني والفرنسي) الإلتفاف على خصمه والوصول إلى خطوطه الخلفية، لكن الخنادق شكلت الأسلوب الأمثل لتثبيت خطوط الدفاع ومنع العدو من القيام بأي اختراق، فبدأ الطرفان بمدّ الخنادق عند خط التماس حتى الوصول إلى خط مُتتابع من الحدود السويسرية جنوباً وحتى بحر الشمال، دون وجود أي سبيل آخر للإلتفاف أو التقدّم سوى الإعتماد على المواجهة المباشرة، التي كانت كفتها ترجح دوماً لفائدة الطرف المدافع، ممّا خلق حالة من الجمود والمراوحة استمرت أربع سنوات، قبل أن يتسنّى لقوى التحالف حسم الوقف في نهاية المطاف وإجبار ألمانيا على الإستسلام.

الجانب الألماني أعدّ نفسه منذ البداية للبقاء طويلا داخل الخنادق، فقد استخدم الإسمنت في تشييد ملاجىء خرسانية أكثر عددا وأقل مساحة للحدّ من الخسائر أثناء القصف.وكانت هذه الخنادق تضم خنادق مواصلات أكثر جودة، وأخرى للإمداد وزوّدت بخطوط الهواتف علاوة على تمديدات كهربائية أحياناً. فيما اعتبر الحلفاء في البداية أن الأمر مؤقت وقاموا بالحفر في خط التماس على استعجال متوقعين أنهم سيتجاوزون هذا الخط ويقتحمون الأراضي المعادية في غضون فترة وجيزة.

كانت عمليات التناوب بالنسبة للجنود تجري كل يومين أو ثلاثة للذهاب إلى الخط الأمامي، في عملية شاقة جدّا يتحركون خلالها بمنتهى الصعوبة عبر خنادق المواصلات الضيقة، مثقلين بالأسلحة والذخائر والأمتعة والمؤن..

وضمن هذه المنطقة، تمتد خطوط طويلة من الأسلاك الشائكة المتقابلة، إضافة إلى خنادق صغيرة هجومية يحفرها الطرفان للتغلغل من أجل التنصت، أو لتشكيل غطاء تعبره القوات المهاجمة وتخرج فوراً إلى أماكن متقدمة من منطقة الموت لاختصار هذه المسافة الخطيرة.

أوضاع القتال

كانت الفترة بين 1914 و1918 فترة استثنائية في التاريخ العسكري لأسباب عديدة، منها تغيّر الوضع من حروب الحركة والزحف إلى التمترس والتحصّن، ولئن حاول الأطراف على الجبهات المتقابلة الإطاحة بالتوازن بشتى الطرق، كاستخدام الغازات السامة، والدبابات التي باغت بها الجيش البريطاني أعداءه.. إضافة إلى الغواصات الألمانية والحرب الجوية..غير أن ما من وسيلة من هذه الوسائل كانت جديرة بما يكفي بترجيح كفة طرف علىالآخر، بينما بقيت كلمة الفصل لدى جحافل المشاة المتواجدة على الأرض.

كان الهجوم يتم عادة بوتيرة موحّدة، مع بعض الإختلافات الطفيفة، حيث يبدأ بقصف تمهيدي جوي ومدفعي لبضع ساعات وقد يتواصل أحيانا حتى أكثر من أسبوع، وذلك بحسب مهارة الخصم في التوقّي وإخفاء أسلحته الثقيلة ومدافعه الرشاشة، ويتلو ذلك هجوم بري لجحافل المشاة.

بالرغم من أن المسافة، التي يتعيّن على الجندي عبورها، قد لا تزيد عن بضع عشرات من الأمتار، إلا أنها محفوفة ببالغ المخاطر، فعليه عبور الأسلاك الشائكة والتنقل بأسرع ما يمكن عبر منطقة الموت لدخول الخندق الأمامي المعادي، مع مراعاة تفادي نيران المدافع الرشاشة المعادية، والتي غالباً ما توجه إلى أماكن محددة، كثغرات العبور بين الأسلاك الشائكة التي تتحول أحيانا إلى مصيدة للعابرين.. ودائما يتكبّد الطرف المهاجم خسائر كبيرة بسبب التطور النّسبي في وسائل الدفاع. لذلك فقد استمر الوضع على ما هو عليه فترة طويلة، حدثت فيها اشتباكات ومعارك كثيرة وعمليات كر وفر دون تحقيق أي تقدم حقيقي، سوى بضعة أمتار أو كيلومترات في أفضل الأحوال.

الأحوال الصحية

يمكن تشبيه الحياة الإعتيادية داخل الخنادق بالموت المُرتقب. أمّا الأحوال الصحية فهي بالغة السوء بسببالأمراض المتفشية وانتشار الطفيليات، كل ذلك جعل من الحرب العالمية الأولى إحدى أكثر الحروب فتكاً بالجنود في التاريخ.

كانت الخنادق مكاناً عديم النظافة وأجواؤها كريهة، يربض فيها جنود لا يحصلون، بسبب الظروف، على فرص الإستحمام إلّا نادراً، لذا فقد أصاب الجرب أجسادهم، واكتسحت حشرة القمل ملابسهم متلائمة مع أجواء الرطوبة والحرارة المتفشية خلال الصيف. إضافة إلى ظاهرة انتشار الآلاف من الجثث المدفونة في قبور شبه مفتوحة أو ضمن جدران الخندق، ناهيك عن الجثث المتحلّلة والأشلاء البشرية المُلقاة في منطقة الموت، والتي يتعذّر الوصول إليها غالباً لانتشالها.وعلى الرغم من عقد هدنة من حين لآخر بين القادة من كلا الطرفين لانتشال الموتى ودفنهم، غير أن حالات الموت هي الأكثر شيوعاً. في خضم هذا المشهد أمسى الجنود يفضّلون أن تصيبهم مصيبة الموت لتختزل أمد معاناتهم، ذلك أهون عليهم من مرارة الترقّب وانتظار البلاء.. فالبقاء على قيد الحياة بات بالنسبة لهم أملا بعيدا، إذ لم يعد ثمّة ما يذكرهم بالحياة، وما من أحد منهم إلا ويفكر في المنيّة، إذ لا شيء يُخيّم في الأجواء التي يعيشون فيها إلّا هدير المدافع وأزيز الرصاص والموت المُرتقب، ولا شيء آخر سوى العذاب والأسى والبؤس..

يضطر الإطبّاء إزاء كثرة الإصابات، إلى إعطاء أسبقية العلاج للجريح القادر على الوقوف، بينما الإصابات البليغة فيترك أصحابها لمواجهة المصير المحتوم، وكأن الطبيب أصبح يقرّر من يجب أن ينجو من الموت ومن هو غير ذلك، خيارات قاسية لكن هكذا كان هو طب الحروب في ذلك الوقت.

وغالبا لا تأتي المصائب فرادى، فظاهرة الجرذان على سبيل الخصوص شكّلت بدورها مصيبة حقيقية صحيّة ونفسية للجنود، حيث انتشر العديد من أنواعها في أرجاء المكان، إلا أنّ فصيلة الجرذ الأسمر أو النرويجي تأتي في المقدّمة من حيث سوء السّمعة والوحشية، حيث كانت وجبته المفضّلة تعتمد على عيون وأكباد الجنود القتلى أو حتّى المحتضرين، جاعلاً من بقايا الجثث الممزّقة منظرا مرعبا لزملائهم الأحياء، مما زاد في تدنّي معنوياتهم، حتى أصبحوا على شبه يقين أنهم سيلاقون نفس المصير في القريب العاجل. كان الجرذ الواحد يصل أحياناً إلى حجم الأرنب البرّي، وعلى الرغم من قيام الحكومة في باريس بإرسال 2700 كلب مدرّب، لمحاربة هذه الجرذان وملاحقتها في جحورها أو خارجها واصطيادها، لكن محاولات التخلص هذه لم تكن من الجدوى بما يكفي، نظرا لما يتميّز به هذا الصنف من القوارض من قدرة فائقة على التكاثر خلال فترة وجيزة.

كما انتشرت جائحة صحية أطلق عليها الأطبّاء قدم الخندق وهي إصابة فطرية تأتي بسبب الرطوبة والقذارة والوحل الذي يغمر القدم بشكل مستمر، ما قد يصيبها الغانغرينا الذي كثيرا ما تستوجب بتر القدم المصابة.

ومع بداية 1915 عانى الجنود من حُمّى الخنادق الذي ارتبط بحشرة قملة الجسم المسببة للمرض، وهي تصيب الذين يعيشون في ظروف تفتقر إلى أبسط قواعد النظافة الشخصية حيث تعشّش في ثيابهم المتّسخة وتتغذى على دمائهم، مسببة لهم حكة شديدة وتنقل إليهم الجرثومة المسببة للمرض. وحيث كثيرا ما يضطر الجنود للتقارب والنوم متلاصقين في محاولة للتغلّب على موجات الطقس البارد، وهو ما يزيد في انتشار العدوى. وسجّلت قملة الجسم حضورها بكثافة بين مختلف جنود الأطراف المتحاربة ما بين 1915 و1918 وكان (20%) من أفراد القوات الألمانية والنمساوية قد أصيبوا بالمرض جرّاءها، بينما أصيب به نحو ثلث الجيش البريطاني تقريباً.

البرنامج اليومي

علاوة على مختلف الشواغل، كان الجنود لدى الطرفين يتوجّسون خيفة من هاجس الإختناق بالغازات السامة الحربية، ففي البداية لم تكن القيادات تتوقع ذلك ولم يخطر لها أن تتخذ تدابير وقائية، فتساقط عشرات الآلاف من الجنود صرعى أو مصابين بالإعياء والعجز، ثم بدأ توزيع الأقنعة الواقية وظهرت وسائل الإنذار البدائية للتحذير بالغازات السامة.

كماعانى الجنود من الملل والضجر المُميت، إذا كان من المألوف أن يقضي الجندي نهاراً كاملاً على أتم الاستعداد في انتظار الهجوم المرتقب من العدوّ دون وجود أي إشارة بقرب ذلك الهجوم أو بعده. واللافت أن بعض الجنود لم يلههم ما هم فيه عن ممارسة بعض الهوايات كالرسم والعزف والكتابة.

تضمن الروتين اليومي للجنود المناوبين على الخط الأمامي التفقد اليومي للأسلحة والذخائر وإصلاح التصدّع في الأنفاق والأسلاك الشائكة بسبب القصف المدفعي المعادي أحياناً، أو بسبب الأمطار والعواصف في أحيان أخرى. ويُشار إلى أن هناك اتفاقا غير مكتوب في معظم الجبهات سمّي بـهدنة الإفطار حيث يتوقف الرّمي لوقت محدّد للسماح لموزّعي التموين بالوصول إلى الجنود المرابطين في الخط الأمامي.

إضافة إلى ذلك، كان من المُعتاد خروج الجنود في دوريات لتفقد منطقة الموت في الأيام الضبابية أو حين تكون المسافة بينهم وبين الجيش المعادي كافية بما يسمح لهم بالتجول، وكثيراً ما كان جنود الطرفين في تلك المنطقة يتواجهون ليقع عليهم الخيار الصعب، إما أن يسمحوا لبعضهم البعض بالمرور، أو قد يتبادلون الشتائم ويتشاجرون بالأيادي والعصي ونادراً جداً بإطلاق النار.

تتوزع نوبات الحراسة الليلية على الجنود بواقع ساعتين فقط لكل جندي يقضيها في واجب الحراسة إلا في حالات الطوارئ، وروعي ألّا يكون الزمن المحدّد طويلا بشكل ينهك الجندي الذي يجب أن يظل صاحياً، لأن عقوبة النوم أثناء نوبة الحراسة هي الإعدام في الميدان رمياً بالرصاص.

الوضع النفسي والإنساني للحياة في الخندق

من الواضح أن الظروف العصيبة آنفة الذكر، كلها تفوقالقدرة على التحمّل، لذا فإن الإضطرابات النفسية لم تجد أي مشكلة في أن تنتاب الجنود وتجعلهم في وضع نفسي يرثى له، حيث لاحقت العقد النفسية الكثير منهم سنين طويلة حتى بعد عودة الناجين منهم إلى ديارهم بعد الحرب. ولا شك أن كل شيء يمكن أن يسبب التّأزّم النفسي في هذه الأوضاع غير المسبوقة.. ففي الحروب السابقة، كان الجندي يعمل مععدد كبير من رفاقه قبل بدء المعركة، ويحارب ضمن الزملاء المحيطين به. أمّا في هذه الحرب، فيتعيّن على الجندي أن يقضي أياماً طويلة في خندق بائس، وسط غياب أي أمل يلوح في الأفق ، برفقة عدد قليل من الجنود تحيط بهم أشلاء رفاقهم الممزقة، تنهشها القوارض والجوارح والغربان والحشرات..

الجانب المعنوي

لا يمكن النظر إلى المشاركين في الحرب إلا من زاوية محدّدة؛ ففي الطرف الألماني، كان الجنود مقتنعين أنهم يتصدّون لمحاولات قوى التحالف الرامية لكسر شوكة الإمبراطورية الألمانية وحرمانها من الأمل في زعامة العالم.أما في الجانب الآخرمن الجبهة يحارب الجنود دفاعاً عن حدود أوطانهم التي بسقوطها ستنتهي الحرب ولا يبقى شيء في أوروبا يمكن أن يوقف تقدّم القوة الألمانية الغاشمة.

ومن هذا المنطلق، صمد المقاتلون في الحرب الكبرى مدة طويلة في خنادقهم وسط ظروف مُرعبة..وعلى الرغم من كل شيء، كانت تساورهم قناعة راسخة بأن وجودهم لم يكن إلا من أجل تحقيق الأهداف السياسية والإستراتيجية لأوطانهم التي تستحق التضحية في سبيلها، لذا فإن الأمر لم يكن يخلو من الروح الوطنية. وبالتأكيد فإن الانضباط وعامل الحزم والضغط لعب دورًا بارزاً في ترسيخ هذا الصمود القسري.

واستخلاصا لما سلف، يعلم الجميع أن للحرب ويلات شنيعة، وتخلف دماراً بشريّا ونفسياً وماديا، وتداعيات سيّئة طويلة الأمد..وحيث كان من الأجدى أخذ العبرة من الحرب العالمية الأولى التي بظروفها الإستثنائية اعتُبرت إحدى أسوأ التجارب التي خاضتها الإنسانية في تاريخها الطويل، وأظهرت الجانب المشين للتطور التكنولوجي وآثاره المدمرة. لكن الأيام أظهرت أن الوطيس حمي من جديد لتشتعل حرب عالمية ثانية أشد عنفا وتدميراً، ولم يكد يمضي عقدان من الزمن على انتهاء سابقها الأولى.

 

 
Pin It

Star InactiveStar InactiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive
 

 

 

المتواجدون بالموقع

1534 زائر، وعضو واحد داخل الموقع

خدمة التغذية الأخبارية لمجلة المسلح

 

 

 

 

 

  

قائمة البريد

أشترك فى القائمة البريدية لأستقبال جديد المجلة

 

كلمة رئيس التحرير

جيش بلادي

جيش بلادي

من جغرافيا متناثرة لوطن مُمزّق.. بعدما دبّ اليأس في النفوس وانحسرت المقاومة باستشهاد رمزها، واستباحة…

للمزيد

الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30

 

 

كلمة مدير التحرير

على هامش الذكرى...

على هامش الذكرى...

الحياة مليئة بالتجارب التي غالبا ما تترك آثارا عميقة في دنيا الشعوب، إذ ليس غريبا…

للمزيد