منذ نشأة الدوله وظهورها قبل حوالي 5000 سنه شهد النشاط العسكرى تزايدا مثيرا ونموا مضطردا خاصة بعد اكتشاف البارود والتسارع المثير في وتيرة التقدم التكنلوجي الامر الذي عانت منه البشريه الويلات جراء الصراعات والنزاعات المسلحه هنا وهناك ما أدي الي التأثير الكبير الذي لحق بالبشريه ناهيك عن ما لحق بالجنود ورجالات الحرب من اضرار طالت كافة الشرائح

ما ولد مآسى وكوارث انسانيه في أماكن عدة من أصقاع الارض والتي في الاغلب ما يتخللها ويعقبها الدمار والخراب وانتشار الاوبئه وغيرها ' ما أرتقي بالتفكير البشرى وأمام استمرار التطاحن والحروب والصراعات المسلحه للمبادره ببعض المحاولات الناجعه لسن القوانين والتشريعات التى تحاول تنظيم ذلك خاصة الاضرار التي تلحق لغير المشاركين في هذه النزاعات . وكما اسلفنا فقد عجت الساحه العالميه بالعديد من الصراعات وأشتعلت بيئة الحروب وخاض العالم مداً وجزرا مسلحا يمتد وينمكش علي أنقاض جثث القتلى والجرحى من الجنود والمدنين ' فمثلا زخر أواخر القرن الثامن عشر بأكثر من 150 صراعآ امتد لهيبه ليشمل اكثر من 600 مكان وازد هرت تجارة الحرب ولمع الفاتحون والقادة وأعملوا الدمار والقتل ولحق المدنيون الجزء الأكبر من هذه التبعات دونما أسباب وتفشت الأمراض وانتهت حياة الآلاف المؤلفة من الناس ' فمثلا خلال تراجع نابليون من موسكو توفي من جنوده نتيجة إصابتهم بالتيفوس أكثر من الذين قتلوا في المعارك امام الروس كما يعتقد المؤرخ فيليكس ماركهام أن حوالي 450.000 جندي حاولوا عبور نهر النيمان في العقد الأول من القرن التاسع عشر لم ينجح إلا أقل من 40.000 منهم في النجاه والعبور.

كذلك ما خلفته جيوش نابليون من دمار إثناء غزوها ايطاليا وعبورها جبال الألب في 15 مايو مطلع القرن وأيضا في يونيو ومعركة مارينغو وهزيمة الجيش النمساوي وتحرير جزر مالطا من الفرنسيين على ايدى القوات البريطانية في نفس السنة والجولات التي قام بها الجنود الفرنسيون وانتصارهم على الألمان في ديسمبر وغيرها وغيرها مشاهد تركت المآسي وخلفت الكوارث ، كل هذه الأحداث وعلي خلفيتها نشأت عائلة سويسريه في جنيف امتهن الأب "جين جاكويس دونان " رجل الأعمال العناية بالأيتام ورعايتهم والأم " أنتونيت كولادون " الاعتناء بالمرضي والمصابين تمشيا مع ورعهما وتدينهما معتنقي الطريق الكالفينى المحافظ والأكثر تشددا لما ينادى به القس الألماني وعالم اللاهوت الكبير مارتن لوتر كطريق فى المذهب البروتستانتي من تفتح وليونة ، شاء القدر بأن ترزق هذه العائلة بابن اختارا له من إلا سماء هنرى 1828م والذي تربى وترعرع في وسط وبيئة عائليه لها باع طويل في العمل الخيري والإجتماعى , ولذلك ما أن بلغ عامه الثامن عشر حتى أنضم مباشرة لمنظمة خيرية كرست جهودها لإعطاء الصدقات ومساعده المحتاجين وبعد سنه من ذلك قام بتأسيس جمعية الخميس Thursday association 
لذات الغرض بل طالت إلى زيارة السجناء وأعمال خيريه أخرى في أجواء دينيه لينخرط بعدها في العمل المصرفي ومع انه لم يكمل تعليمه الثانوي إلا انه نجح كرجل أعمال رشح في 1833 م لإدارة فرع المؤسسة في الجزائر باسم ( كولونى سويس دو ستيف ) بعدها قرر بناء طاحونة قمح لم يتمكن في الحصول علي تصريح الأرض الخاص بها ' انتقل بعدها الي تونس ثم الي موطنه جينف ثانيه حيث قرر اللجوء إلي نابليون الذي كان يقود القوات الفرنسية والسردينية ضد القوات النمساوية للحصول علي الوثيقة التي يحتاجها وفي طريقه للبحث عنه ماراً بمدينة لومبارديا في الشمال الايطالي صادف مروره أنه كان الشاهد علي نهاية معركة سولفرينو الدامية والتي خلفت أكثر من 40.000 قتيل وجريح في ساحة المعركة التي لا تزيد عن كيلو متر واحد , كانت المعركة دامية وخلي المكان إلا من جثث القتلى وآهات الجرحى وأنين المصابين وسحائب الدخان والبارود ' عندها قرر الشروع بالتعاون مع الأهالي في علاج الجرحى موظفا ماله الخاص وبعض المعونات كما شارك في تحرير الأخصائيين والممرضين الأسرى لمساعدته تقديم العون للطرفين ليرجع بعدها إلي موطنه مثقلا ومتأثرا بذلك ليقوم بتأليف كتاب باسم( تذكار من سولفرينو ) 1862 م والذي يتضمن فكرتان رئيسيتان ' الأولى عن ضرورة تشكيل لجان تدريب ومتطوعين في زمن السلم للعناية بالجرحى والمصابين أثناء الحرب والثانية اتفاق دولي وقانون يعترف بهذه اللجان ويحميها ' وفي السنة الموالية أسس مع أربعه مواطنين جمعيه جنيف للمنفعة العامة لبحث إمكانية تحويل أفكاره إلي واقع والتي أثمرت ما يعرف باللجنة الدولية لإغاثة الجرحى , بعدها بادرت الحكومة السويسرية بعقد مؤتمر دبلوماسي في جنيف 1864 ضم مندوبي 18 دوله أوروبية وذلك لإضفاء الطابع الرسمي لحماية الخدمات الطبية في ميدان القتال والاعتراف الدولي بالصليب الأحمر ومثله العليا وتم اعتماد معاهده باتفاق 12 مندوب بمسمى " اتفاقيه جنيف لتحسين حال جرحى الجيوش في الميدان" وبعد العديد من المؤتمرات واللقاءات تطور نطاق القانون الأساسى ليشمل فئات أخرى من الضحايا كأسرى الحرب وبعد الحرب العالمية الثانية عقد مؤتمر دبلوماسي دامت مداولاته 4 أشهر اعتمدت فيه اتفاقيات جنيف الأربع وتكريما للدولة التي ينتمي إليها ((هنري دونان)) قرر المؤتمر أن يكون علم المنظمة عبارة عن معكوس العلم السويسري صليب أحمر علي أرضيه بيضاء وأنيطت له رئاسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حتى سنة 1867م حيث تدهورت حالته المادية وأعلن إفلاسه مدانا بحوالي مليون فرنك سويسري وقدم إستقالتة وقبلت عن منصب السكرتير والعضوية أيضا حيث لجأ بعدها إلي باريس وعاش بدون مأوي وشوهد مرارا ينام في الأماكن العامه إلا أن الأمبراطوره أوجيني قامت باستدعائه بقصر التويليرى لاستشارته في نطاق اتفاقيه جنيف لتشمل الحرب البحرية ليصبح بعدها عضوا شرفيا في جمعيات الصليب الأحمر في النمسا والسويد وروسيا وأسبانيا وهولندا , وفي إثناء حرب فرنسا وروسيا 1870م قام بزيارة ،ومواساة الجرحى كما أدخل فكره ارتداء علامات مميزه للتعرف على القتلى , سافر بعدها إلي لندن لتنظيم مؤتمر دبلوماسي لمشكله أسرى الحرب وفي سنه 1875 م أفتتح المؤتمر الدولي للقضاء علي تجارة العبيد , هام بعدها سفراً وسيرا علي الأقدام حيث أنتهي به المطاف سنة 1887 م بقرية هايدن السويسرية معتلا الصحة ونزيلا في مستشفي قروي حيث أكتشفه الصحفي ( جورج باومبرجر) 1895م حيث كتب مقالاً عنه أنتشر في عديد العواصم كان سببا في إعادة الاعتبار له وكرم في 1901م بحصوله علي أول جائزة نوبل للسلام توفي في 30 أكتوبر 1915م ، يحتفل بيوم مولده 18 مايو باعتباره اليوم العالمي للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
ما سبق أيها القراء هو المخاض والمعاناة التي واكبت ولادة القانون الدولي الانسانى والذي حاول فيه المشرع وضع لوائح وتشريعات تضفى للحرب قيما ومثل وبعدا أخلاقيا ضروريا كمحاولة انسانية جادة خاصة عندما نسلم جميعا بعدم انتهاء الحروب والصراعات تجنبا للمزيد من الأضرار المادية والمعنوية والاخلاقيه وتأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهى الثمرة التي تساهم يوما بعد يوم في تخفيف المعاناة والألم . واليوم ومنذ انبعاث اللجنة توسع نطاق إهتمامها ليشمل 80 بلدآ ويعمل بها حوالي 11000 موظف ناهيك عن 800 شخص يعملون بمقرها لسويسرا كما أسندت إليها مهمه حماية ومساعده ضحايا بالنزاعات المسلحه من خلال اتفاقيات جنيف الاربع 1949 وبروتوكوليها 1979
أما ما نريد قوله فى خاتمه هذا المقال هو التعريج و التذكير بما جاء في أيام المسلمين كسنة وقانون إلهي جاء على لسان نبيه و اعتنقه اتباعه و أمرنا بإنتهاجه مثل ما قام به رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام تجاه الاسرى في فتح مكة وكذلك نهج اتباعه من خلافاء وقادة ضربو اروع المثل في أدب التعامل و اخلاق الحروب ستضل المرجع الاوحد لما تحول البشرية سنه من قوانين في هذا الإطار .

تقييم المستخدم: 2 / 5

Star ActiveStar ActiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive